تكريم جلاله الملك لثلاثة من ممثلي الديانات السماوية «الإسلام واليهودية والمسيحية» في فرنسا : احتفت العاصمة الفرنسية باريس الأحد الماضي بمعهد العالم العربي بقيم التنوع والتسامح. وجسد إشراف صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، مساء الأحد الماضي بباريس، على تسليم أوسمة أنعم بها جلالة الملك محمد السادس على ثلاثة من ممثلي الديانات السماوية «الإسلام واليهودية والمسيحية» في فرنسا تفرد المغرب، البلد الذي يتميز بتشبثه بقيم التنوع والتسامح والذي يشكل بوتقة تنصهر فيها روافد مختلفة. خلال هذه الالتفاتة الملكية الكريمة وشحت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم بوسام العرش من درجة ضابط كلا من خليل مرون إمام مسجد إيفري، وميشيل سرفاتي حاخام ريس أورانجيس، وميشيل دوبوست أسقف إيفري. الإمام خليل مرون، والحاخام ميشيل سرفاتي والأسقف ميشيل دوبوست ثلاث شخصيات فرنسية، قاسمها مشترك أنها ازدادت بالمغرب وبرهنت، وهي تقيم بالديار الفرنسية، عن تشبثها بالقيم التي يسعى المغرب إلى النهوض بها. حط الإمام خليل مرون الرحال بفرنسا، قادما إليها من مسقط رأسه، مدينة سبة المحتلة، سنوات الستينيات من أجل اكتساب مزيد من التجربة في التعامل واستعمال الآليات الفلاحية ونقل خبرته إلى بلده حال عودته من أجل المساهمة في مسارها التنموي في المجال الفلاحي الذي أطلقته حينها. غير أن الإمام خليل مرون، عميد مسجد إيفري منذ 1994 ، الذي كان أول مسجد يحصل المغرب على ملكيته، والحاصل على وسام الجوقة الشرفية الفرنسي، عوض العودة ألى المغرب اختار أن يستقر بالديار الفرنسية، ويشتغل عاملا في معمل للحديد الصلب بمدينة نانسي، حيث مكنته الظروف أن يتقاسم منزله مع كاهن في جو من التعايش والتسامح.. ولد الحاخام ميشيل سرفاتي في مدينة مراكش سنة 1943من أسرة ثرية وذات امتداد ديني عريق، فيختار أن يغادر المغرب نحو فرنسا بعد حصول الرباط على الاستقلال وخروج المستعمر الفرنسي من الأراضي المغربية. حل حينها الحاخام ميشيل سرفاتي بمدينة ستراسبورغ، التي تحتضن اليوم مسجد ستراسبورغ الكبير، الذي ساهم المغرب في تدشينه بعد 20 سنة من العمل والمثابرة لمؤسسيه المغاربة على الخصوص وعلى رأسهم عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية، ليكتشف فيها الحاخام مباهج المسرح والرقص والغناء قبل أن يحول مساره نحو الجامعة ليتابع دراسته في الآداب العبري. كان هجوما تعرض له الحاخام ميشيل سرفاتي، الذي سبق أن أسس ناديا يجمع اليهود السفارديم والإشكناز، سنة 2003 وهو في طريقه لكنيس ريس أورانجيس بستراسبورغ، دافعا رئيسيا ليؤسس جمعية الصداقة اليهودية - المسلمة في فرنسا. ولد الأسقف ميشيل دوبوست، الذي عينه جون بول الثاني قبل 14 سنة أسقفا بمدينة إيفري، بمدينة آسفي منتصف شهر أبريل من سنة 1942، ويعد واحدا من رجال الدين الفرنسيين الذي حافظ على روابط التسامح الديني والتعايش في مدينة إيفري، التي كان ذات يوم رئيس الوزراء الفرنسي الحالي ووزير الداخلية السابق، عمدة لها. واصل الأسقف ميشيل دوبوست، الذي تميز مساره الديني بكتابات متنوعة وإصدار عدد من الكتب في المجال الديني، زيارته باستمرار لصديقه المسلم خليل مرون إمام مسجد إيفري الكبير، ذلك لأنه من المدافعين عن فكرة الحوار بين الأديان و الجاليات من أصول دينية مختلفة خاصة بين المسلمين والمسيحيين، الأمر الذي جعل منه رجل دين على رأس مجلس من أجل علاقات بين الأديان والتيارات الدينية الحديثة سنة 2011 . وهكذا فقد اعتبر أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية تكريم المغرب للإمام خليل مرون، والحاخام ميشيل سرفاتي والأسقف ميشيل دوبوست تشجيع لمهامها في التأطير الروحي. وقال إن هذه الشخصيات تشرف بلدها الأصلي في المقام الأول، ذلك أنها ظلت في صلب المغرب المعروف بتشبثه بقيم التعايش، مضيفا أنها تتقاسم هم التقارب مع الآخر والانخراط في الحياة الجمعوية، ولاسيما بايفري. كما تشترك هذه الشخصيات يقول التوفيق في قيم السلام والسخاء والتسامح، مؤكدا أن هذه الالتفاتة الملكية تبرز النموذج المغربي حيث يحفز الدين على فعل الخير.