نستضيف في هذا العدد وجها بارز من وجوه المقاومة، وجه ارتبط اسمه بتشكيل أهم خلايا المقاومة بالدارالبيضاء ولعب دوراً أساسياً في العديد من العمليات التي هزت أركان الاستعمار الفرنسي. الأخ محمد منصور، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لزم الصمت لوقت طويل، وحين حديثنا معه، كان يتكلم ببساطة ويخجل من الحديث عن نفسه، وهو الذي خبر سجون الاستعمار ومعتقلات الاستقلال.. ولقد خرجت لحظتها بالفعل صحبة بونعيلات، حجاج واخوان آخرون لم أعد أذكر اسماءهم.. خرجت من السجن، كيف؟ ضحك.... المهم أننا تمكنا من الخروج دون كثير عناء والحراس؟ لم تحصل لنا معهم مشاكل... ولقد توجهت صحبة هؤلاء الاخوة إلى أحد المنازل بعين الشق. وبعد يومين من ذلك، خرجنا للقيام بجولة استطلاعية، لكن ونحن نتأهب لامتطاء السيارة، فاجأنا أحد الجنود المغاربة مصوبا سلاحه نحونا وطالبنا بالتوقف. فقام أحد مساعديه بتفتيشنا فوجد عند الأخ سعيد بونعيلات مسدسا صادره منه، وتجمهر الناس بشكل لا يتصور حولنا وأحاطوا بنا من كل جانب، بل أن أحدهم أحضر البنزين لاحراقنا ظنا منهم أننا خونة أو عصابة إجرامية، نظرا لأجواء الفوضى وانتشار الجريمة وقتها. إلا أن تعرف أحد المتجمهرين علينا وسط ذلك الحشد حال دون وقوع المصيبة.. هذه هي قصة الخروج من السجن. ومن مباشرة إلى منصب عامل الاقليم بالحسيمة، فكيف و...؟ لا، ليس مباشرة، فبعد مغادرتي السجن كلفني إخواني في المقاومة رفقة محمد بوراس (الفقيه الفكيكي)، التهامي نعمان، وسعيد بونعيلات واخوة آخرون بمهمة في مدينة الناظور من أجل حل بعض المشاكل وهيكلة تنظيمات المقاومة وجيش التحرير. وبعد قضائنا عدة أسابيع هناك، تعرفنا على طبيعة المشاكل، فقمنا بمعالجة بعض القضايا وانتخاب مكتب المقاومة بالناظور بعد توافق كافة الأطراف التي كان بينها خلاف. كما قمنا بزيارات تفقدية لكافة المعسكرات والمخيمات التي كانت تعد لمواصلة معركة التحرير، غير أن مقتل عباس المسعدي رحمه الله كان له أثر كبير على تواجد جيش التحرير بالشمال الذي كانت تنتظره عدة مهام، خاصة فيما يرتبط بدعم ومساندة الاخوة بالجزائر ودعمهم بالسلاح. فعند تواجدنا بالشمال، كنا قد أشرفنا على نقل ثلاث شاحنات محملة بالعتاد والثوار صوب الجزائر. لكن الأمر لم يطل وإذا أنت رجل سلطة (عامل إقليم). فكيف كانت البداية مع ممارسة السلطة وكيف وجدتها، أقصد السلطة؟ البداية كانت عندما تلقيت دعوة الالتحاق بالرباط، حيث قابلت ادريس المحمدي (وزير الداخلية) الذي أخبرني بأنه تم تعييني عاملا على إقليمالحسيمة. أما كيف وجدتها، فلقد وجدتها غير قابلة للهضم. ولذلك. رفضت المنصب وإن هناك من يستطيع تحمل المسؤولية أفضل مني... الوزير لم يقبل مني ذلك الموقف وحاول إقناعي بقوله أن الظرفية تقتضي المساهمة في بناء البلاد, وأن ذلك واجب لا يقل أهمية وإلحاحا عن واجب التحرير... الخ، لكنني تشبثت برأيي. وعندها، طلب مني مقابلة ولي العهد وإخباره بذلك. وعند مقابلتي ولي العهد، شرحت له موقفي وطلب إعفائي من تحمل تلك المسؤولية. وماذا كان الجواب؟ قال: عندما تقابل جلالة الملك (محمد الخامس رحمه الله) قل له ذلك! وماذا بعد؟ بالفعل، توجهت إلى القصر الملكي لأعتذر عن المسؤولية وكنت أرتدي لباس المقاومة العادي (الكاكي) فوجدت باقي العمال الذين تم تعيينهم بلبساهم الرسمي، حينها قصدني الحاج أحمد بناني مدير التشريفات, فاستفسرني عن لباسي وقلت له هو الآخر نفس الشيء، وعندما عزمنا دخول قبة النصر, جاءني الحاج بناني وفي يده ربطة عنق، ترجاني أن استعملها ففعلت رأفة به. بعد ذلك دخل محمد الخامس رحمه الله، فخاطبنا كعمال وحدثنا عن طبيعة مهامنا وضرورة تحمل المسؤولية. وانتهى الحفل البرتوكولي بما يشبه الأمر الواقع المحفوف بالإحراج. وهكذا، عدت إلى المنزل وتقبلت تلك المسؤولية على مضض. ولم يمض وقت طويل على تحملك للمسؤولية حتى وقع تمرد »عدي اوبهي« بإقليم تافيلالت (الراشيدية حاليا) ثم بعده تمرد مماثل أو ما يسمى أحداث جبل العروي بالشمال. كيف عايشت هذه الأخيرة بصفتك عاملا على أحد الأقاليم المعنية بها؟ قبل اندلاع الأحداث التي تحدثت عنها، سواء بتافيلالت أو بالشمال، كنت بعثت بتقرير للحكومة (ولا شك ما يزال شاهدا بأرشيفاتها). هذا التقرير كان موضوع نقاش مجلس للحكومة، حيث دعيت لأعطي مزيدا من التوضيحات, إلا أن الأمور لم تؤخذ مأخذ الجد. ماذا كان مضمون التقرير؟ دعه للتاريخ حين يحين حينه. اما عن اندلاع أحداث 1958 بجبل العروي بالناظوروتازة، فلقد كنت آنذاك بالبيضاء، حيث طلبت رخصة من أجل التفرغ لتحضير مؤتمر الحزب (حزب الاستقلال) إذ تم اختياري عضوا في اللجنة التحضيرية. وعقب تلك الأحداث اجتمعت الحكومة وتم تشكيل لجنة تتكون من المرحوم إحمد اليزيدي (وزير الدفاع) والجنرال امزيان وعبد ربه. وكانت مهمتنا تتمثل في التعرف عن قرب على أسباب الأحداث. فتوجهنا بالطائرة نحو تازة في أول الأمر. وصولنا إلى العمالة استقبلنا أحد المسؤولين والذي قال لنا أن الأسواق أصبحت فارغة وأن الناس يمتنعون عن الحرث وأنهم يمنعون الحافلات والمرور... إلخ. استفسرت المسؤول عن دور السلطة في حماية أمن المواطنين، فأجاب بأنه لن يقوم بأي شيء دون أمر من السلطات العليا. فقلت له بأن الأوامر تعطى لوزير الدفاع وأن مهمته كممثل للسلطة في عين المكان تقتضي إخبار السلطات المركزية وطلب دعمها. فتدخل المرحوم أحمد اليزيدي وأكد نفس الشيء، بينما لم ينطق الجنرال امزيان بأي شيء. بعد ذلك، التحق بنا نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله، فاستغرب بدوره لكيفية معالجة المشكل, ولماذا لم تتحمل السلطات مسؤولياتها في الحفاظ على أمن المواطنين في عين المكان... ولكن ماهي الأسباب الحقيقية وراء هذه الأحداث؟ بعد زيارتنا لمدينة تازة، توجهنا نحو مدينة الناظور، استفسرنا عامل الاقليم الكومندار بنكيران الذي نفى وقوع أي أحداث بالناظور، ثم الكومندار علوش عامل الحسيمة الذي قال بأن الأحداث لا تهم إلا تازة وحدها وأنه توجه إلى هناك لاستقصاء الأمر... وعندما سألناه عن مطالب المواطنين هناك، أجابنا بأنهم يطالبون بذهاب حزب الاستقلال وحل الحكومة وعدم دفع الضرائب... وعند اجتماعنا مع قياد وأعيان الحسيمة بمركز اجدير، وقفنا على حقيقة مطالب الناس بالشمال والتي كانت تتلخص في الشغل وإصلاح الطرق والسماح لهم بالرعي داخل الغابة ولم يكن أحد منهم يطالب برحيل حزب الاستقلال ولا الحكومة. عندها، واجهنا الكومندار علوش بهذه الحقائق، فقال بأن الناس يكذبون عليه ويتهمونه... وفي الغد، اجتمعنا بالعمالة مع القياد لوحدهم بحضور الكومندار علوش، وعندما استفسرناهم أجابوا بأن المواطنين لم يفعلوا أي شيء وأن القياد العسكريين هم الذين كانوا يطوفون بالأسواق ويقولون للناس إن الحكومة تغيرت، وأنهم كانوا يطالبون المواطنين بالصعود إلى الجبال والاعتصام بها وأن من خالف ذلك »لا يلومن إلا نفسه...«. إثر كل ذلك اضطرت، وبإلحاح من المرحوم اليزيدي، لاستئناف مهامي على رأس عمالة الحسيمة، لأن الأمر أخطر وأهم من التحضير لمؤتمر الحزب، إلا أنني ما لبثت أن عدت إلى الدارالبيضاء بصفة نهائية. استقلت يعني؟ لم أقدم استقالتي ولا أي شيء.. لقد جمعت حقائبي وعدت إلى الدارالبيضاء. ومن ذلك اليوم، لم يسألني أحد ولا أنا شرحت لأحد سبب مغادرتي . بنفس المنطق، انسحبت من البرلمان خلال الولايتين السابقتين، وسوف نعود لهذا فيما بعد، ولكن قبل ذلك، نود أن نسألك بخصوص المقاومة وجيش التحرير أو بالضبط بخصوص المندوبية السامية لقدماء المقاومين وحل جيش التحرير. كيف استقبلت قرار الحل وإجراءات تطبيقه؟ لقد تم حل جيش التحرير بشكل مفاجئ رغم المهام التي كانت تنتظره، خاصة دعم ومساندة الإخوة الجزائريين، فآنذاك كنا نرفع شعارات »لا تحرير لأي طرف إلا بتحرير الطرف الآخر«. والمؤكد أن المكانة والاعتبار الذي كان لجيش التحرير ضايقا المسؤولين وأثار مخاوفهم، ولذلك توالت الضغوطات التي انتهت بحله و إلحاقه بالقوات المسلحة. ولقد استقبلت القرار، كما استقبله كل المقاومين,بمرارة لما سيترتب عن ذلك فيما بعد, وها نحن نعيش حتى اليوم مخلفات ذلك فيما يتعلق بوحدتنا الترابية شمالا وجنوبا على السواء. والمندوبية السامية، كيف تقيم أداءها ؟ كنت دائما أمتنع عن الخوض في هذه المسألة لعدة أسباب... فهناك عدد من المقاومين الأجلاء، وهناك أيتام وأرامل ومقاومون مستضعفون.. فمن دخل تلك المؤسسة من أجل خدمة هؤلاء، فهذا ما نريده ونحث عليه, ومن دخلها من أجل مصلحته الشخصية, فلا يلومن إلا نفسه الفانية أمام التاريخ وأمام الله, وصدق الرسول الكريم في حديثه, »من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته دنيا يملكها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر إليه. ألم تبادر لتحمل المسؤولية في هذه المؤسسة؟ ضحك.. بل إنني لا أتوفر حتى على بطاقة مقاوم التي لم أسع الى الحصول عليها يوما. لماذا؟ لانني اعتبرت دوما أن النضال من أجل تحرير البلاد، بالمعنى الواسع للتحرير، من الاستعمار ومن الاستغلال لا يتوقف على بطاقة مقاوم أو مناضل أو أي شيء... ومما يؤسف له ان العديد ممن حازوا على هذه البطاقة لا تربطهم بالمقاومة أية صلة.. ولقد سنحت لي الفرص أكثر من مرة أن أقف على عدة حالات تبعث على الخجل. الاخ منصور، لنعرج قليلا وسريعا على بعض محطات المقاومة من أجل الديمقراطية، ولنبدأ بانقلاب ماي 1960 كيف تتذكر هذا المنعطف؟ في هذه الفترة، سيعرف المغرب أول انتخابات مهنية، ونظرا لنزاهتها، أطلق عليها المغاربة اسم الانتخابات السويسرية, آنذاك, كان حزب القوات الشعبية بأغلب وأهم الغرف المهنية، الشيء الذي ضايق أقطاب الرجعية الذين سيعملون على إلغاء انتخابات الغرفة المهنية للدار البيضاء اعتبارا لأهميتها وحساسيتها. وهو ما تم بالفعل عقب الانقلاب الذي ذكرت, كنا نشتغل داخل غرفة الدارالبيضاء (كان منصور رئيسها) وهي مطوقة ومحاصرة من طرف البوليس، حيث كنا نتناول ساندويتشات، ونبيت هناك. وبعد إعادة الانتخابات بالغرفة المهنية بالبيضاء، فاجأنا الجميع، إذ فاز مرشحو الاتحاد بأغلبية مطلقة فاقت نتائج الانتخابات الاولى.. بعد ذلك جاءت المعركة حول الدستور وجاءت الانتخابات الجماعية والبرلمانية. ونظرا للحملة الهائلة التي قام بها الاتحاد والنتائج الكاسحة التي حصل عليها والالتفاف الجماهيري حوله, تحركت آلية الانتقام، فبدأت الاعتقالات والمحاكمات على إثر ما دعوه ب »»المؤامرة» لسنة 1963«. كنت قد اعتقلت مع المعتقلين مع أنك نائب برلماني؟ نعم، قد فزت في الانتخابات البرلمانية كنائب عن دائرة بوشنتوف بالبيضاء. وعند انطلاق حملة الاعتقالات، لم أفلت منها. والحصانة؟ أين الضمانات المفروض توفرها لممثل الأمة؟ ضحك ..آش من حصانة واش من ضمانات؟ لقد قضيت سبعين يوما بدار المقري حيث كان أوفقير يباشر ويشرف شخصيا على التعذيب بشكل وحشي. وهناك، انفجرت أذناي تحت التعذيب وفقدت حاسة السمع. ولقد بذل الدكتور عبد الهادي مسواك جهدا كبيرا في معالجتي، الا أنني لم أواصل الاستشفاء لديه، لانه لم يتقبل أن يأخذ أتعابه مني. وبعد مغادرتنا للسجن، كانت معركة ملتمس الرقابة الذي اعتبر إدانة حقيقية لرموز تلك المرحلة... وللتاريخ، يجب أن نسجل بالمناسبة أن مهندس ملتمس الرقابة (وهذا ما لا يعرفه الكثيرون) كان هو الاخ عبد الرحمان اليوسفي.. ولقد كانت مساهمة النواب فعالة وايجابية، لدرجة ان النواب الأخرين كانوا لا يتملكون أنفسهم ويساندوننا في بعض الاحيان قبل ان يتم زجرهم.. فلقد كان نواب الاحزاب الاخرى آنذاك يتمتعون ببعض الحس الوطني ليس مثل الامعات الحالية (عموما يمكن القول إنني في خضم النضال من أجل دولة المؤسسات، لم أعش تجربة أكثر جدية وفعالية (على علة طريقة تأسيسها المرتبطة بضرورات كل البدايات) من تجربة المجلس الاستشاري الذي كان يرأسه الشهيد المهدي بن بركة. ذلك ان المغاربة بعد ذلك، رغم بهرجة الانتخابات المزينة بمساحيق خادعة، لم يكونوا - لا سيما منذ انطلاق ما أصبح يصطلح عليه بالمسلسل الديمقراطي - الا بإزاء تجارب وحدة كاتنسيك في الأخرى«. هل يمكن اعتبار هذا الفهم او هذه المقاربة للتجارب التي تحدث عنها . وراء انسحابك من البرلمان في الولاية التشريعية الأولى »للمسلسل الديمقراطي«؟ انك أثرت حكاية لا أود الخوض فيها. حسب علمنا فقد انسحبت في الولاية الثانية كذلك، بل انك - اذا صحت معلوماتنا - رفضت تسلم تعويضك كبرلماني. فما هي دواعي الانسحاب الثاني من البرلمان؟ ونرجو أن تخوض في هذه. أتذكر ان من بين ما كان يسخن النقاش ويرفعه لدرجات من الاحتداد خلال الولاية التشريعية الاولى، قبل حل البرلمان وإعلان حالة الاستثناء، إلحاحنا كبرلمانيين في المعارضة (وكنت حينها عضوا في لجنة المالية) على الاطلاع على كشوفات المؤسسات العمومية، ويذكر المغاربة مشاداتنا وقتها مع محمد الغزاوي حول محاسبة المكتب الشريف للفوسفاط الذي كان يديره. لكن المصيبة، بعد عقدين من ذلك,تبين أن الأمر لم يعد يقتصر على التملص من كشف طرق تدبير المؤسسات العمومية، بل ان الزمان طال بنا حتى أن المؤسسات العمومية، التي تعتبر الدعائم الاساسية لاقتصادنا الوطني تباع وتفوت بأبخس الاثمان أمام أعيننا. لقد شرع في قرصنة ثروات البلاد وممتلكات الشعب التي قدم من أجلها كل التضحيات، وأريد لنا أن نكون شهودا على هذه السرقات. فما كان علي شخصيا إلا أن انسحبت احتجاجا على هذه لاسيما بعد ان بدا فتور معركة الدفاع لفائدة نوع من التساهل بإزاء القضية. دواعي الانسحاب اذن كانت احتجاجا على الاستيلاء والترامي على ممتلكات الشعب تحت ذرائع الترشيد والتقويم في إطار ما يدعى الخوصصة«.وهل امتنعت حقا عن صرف التعويضات؟ صحيح، لاني بذلك ارضيت ضميري. الاخ منصور، يلاحظ المراقبون والمتتبعون لمسار حزب القوات الشعبية أنك عمدت الى تجميد عضويتك بالمكتب السياسي للحزب لمدة غير قصيرة، قبل أن تعود لاستئناف مسؤوليتك بهذا الموقع القيادي بعد عودة الاخ اليوسفي من فرنسا وقبوله التراجع عن استقالتك. فما هي دواعي هذا التجميد؟ وماهي دوافع العودة للمسؤولية؟ عشية الاستحقاقات الانتخابية الاخيرة، أعطينا الضمانات أو التطمينات على مستوى عال بأن الاستشارات الشعبية ستتم في أحسن الشروط وانها لن تشوبها شائبة وانه سيتم احترام ارادة الشعب.. الخ. وكان طبيعيا أن يكون تجاوبنا مع هذه الالتزامات بحماس وحسن نية، لأن ذلك كان أقصى ما نناضل من أجله, الديمقراطية الحق، التي تعنى ترك المغاربة يختارون من يمثلهم في المجالس والمؤسسات المهنية والجماعية ومن ينوب عنهم في البرلمان لسن التشريعات وإعداد المشاريع واتخاذ القرارات وتدبير الشأن العام. وجاءت الاستحقاقات فشهدت تزويرا فاضحا لا سيما في شقها غير المباشر الذي لم يكن انتخابا في الحقيقة, وانما تعيين أشبه بمباشر مغلف بمساحيق مسطرة الانتخابات »المخدومة«. وإذن، فلقد نكثوا عهدهم مرة أخرى. الشيء الذي يعني أننا مستمرون في العبث، العبث الذي رد عليه أخونا الكاتب الاول باستقالته. فتضامنت معه فيها بأن قدمت استقالتي بدوري, استصراخا للحق وللوقوف في وجه قافلة المنكر: ، استقلت تضامنا مع أخي عبد الرحمان اليوسفي ولنفس الاسباب والدواعي التي اضطرته الى تقديم استقالته الاحتجاجية. ولما عاد أخونا اليوسفي لاستئناف مهامه ككاتب أول للحزب، لم يعد أمامي من خيار آخر إلا أن أكون الى جانبه.هذه هي الدواعي وراء الاستقالة والعودة. الاخ منصور، نترك لك الكلمة الاخيرة للشباب ولقراء »النشرة«. أدعو الشباب لإيلاء الأخلاق أهمية خاصة. الأخلاق. لأن الأخلاق هي أساس المعنويات والمعنويات هي كل شيء. وكل الأمور مرتبطة بمدى انهيار أو ارتفاع المعنويات. عن اسبوعية النشرة 224/30 يونيو 1996 العدد 71