(ومع) يحتفل العالم يومه الثلاثاء، باليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة (3 دجنبر) وهي مناسبة سنوية للوقوف على الجهود الدولية لتعزيز اندماج هذه الفئة المجتمعية في محيطها العام، وتمكينها من العيش بشكل مستقل وإشراكها بشكل كامل في جميع جوانب الحياة. وقد اختارت الأممالمتحدة هذه السنة أن تحتفل بهذا اليوم تحت شعار «أهمية تعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وقيادتهم واتخاذ إجراءات بشأن خطة التنمية لعام 2030»، الذي يعكس حرص هذه المنظمة الأممية على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من أجل تحقيق التنمية الشاملة المنصفة والمستدامة كما هو متوقع في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تتعهد «بعدم ترك أي شخص خلف الركب». وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في رسالة بهذه المناسبة، التزام الأممالمتحدة بالعمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة لبناء مستقبل مستدام وشامل يستطيع فيه الجميع تحقيق إمكاناتهم، بما في ذلك النساء والرجال والفتيات والفتيان ذوو الإعاقة. وبعدما أشاد بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة على المستوى الدولي، أبرز غوتيريس أن «الطريق لا تزال طويلة» لتحقيق كافة الأهداف التي رسمتها منظمة الأممالمتحدة لتمكين هذه الفئة التي تشكل جزءا لا يتجزأ من المجتمع، مضيفا أنه «بضماننا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ندنو أكثر من وفائنا بالهدف الرئيسي لخطة عام 2030 المتمثل في عدم ترك أحد خلف الركب». وفي هذا السياق، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة باتخاذ مجلس الأمن، للمرة الأولى، أول قرار له يكرس حماية الأشخاص في وضعية إعاقة في حالات النزاع المسلح. من جهة أخرى، حث الأمين العام الدول التي لم تصادق بعد على اتفاقية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة إلى المصادقة عليها دون أي تأخير. وتضم هذه الاتفاقية عدة مواد مهمة، لعل أبرزها المادة 28، التي تطالب الدول الأطراف باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية وتعزيز ضمان الحق في مستوى معيشي لائق والحماية الاجتماعية، بما في ذلك ضمان «وصول الأشخاص المعاقين وأسرهم الذين يعيشون في حالات الفقر لمساعدة من الدولة لتغطية النفقات المتعلقة بالإعاقة، بما يكفي من التدريب والمشورة والمساعدة المالية والرعاية». وكان المغرب قد صادق على هذه الاتفاقية في دجنبر 2008، بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لينضم بعدها إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية سنة 2009، وتتوالى بعدها المشاريع والأوراش الرامية إلى ضمان حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بأوضاعهم الصحية، والمجتمعية والاقتصادية. وقد تأتى ذلك بشكل كبير من خلال دستور سنة 2011، الذي نص بشكل جلي على منع التمييز على أساس الإعاقة، وعمل على دسترة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص في وضعية إعاقة، بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع والبرامج المهيكلة التي تم إطلاقها والتي أحدثت تطورا نوعيا في مقاربة قضية الإعاقة بالمملكة. ومن أبرز هذه المشاريع، مشروع إرساء النظام الجديد لتقييم الإعاقة الذي تم إطلاقه مؤخرا، والذي يهدف إلى ترشيد العرض الاجتماعي للخدمات من خلال استهداف دقيق وفردي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، عبر إنشاء مرجعية وطنية لتقييم الإعاقة تتلاءم مع مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومقتضيات القانون الإطار رقم 13-97 . ويروم المشروع إصدار البطاقة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، والتي ستتيح لهم الاستفادة من مختلف أوجه الدعم وحقوق الأولوية المنصوص عليها قانونيا، وستمكن من تجاوز الإكراهات التي يعرفها النظام الحالي والمرتبطة بثقل المساطر الخاصة بالحصول على شهادة الإعاقة وتعدد الأنظمة التقييمية والكلفة الباهظة المترتبة عن ذلك. ويتزامن إرساء هذا المشروع مع إشراف الحكومة على تنفيذ مجموعة من الأوراش والبرامج الوطنية في هذا المجال، منها على الخصوص مشروع إرساء «سجل اجتماعي موحد» ونظام لدعم وتشجيع ومساندة الأشخاص في وضعية إعاقة. وتصب في اتجاه تحقيق هذا الهدف أيضا، مجموعة من الأوراش المهيكلة التي تباشرها وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، مثل العمل على دعم الاندماج المهني للأشخاص في وضعية إعاقة في القطاع العام، حيث يتم العمل على تسريع تنظيم ثاني مباراة موحدة خاصة بهذه الفئة، ستعرف توظيف 200 شخص في إطار المناصب المدرجة في قانون المالية 2020، بعد أن تم تنظيم أول مباراة موحدة عبر تخصيص 50 منصبا في دجنبر 2018. كما قامت الوزارة بإعطاء انطلاقة أول برنامج وطني لتأهيل مهنيي التكفل بالأشخاص ذوي إعاقة التوحد «رفيق»، وتفعيل خدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي، إلى جانب بلورة البرنامج الوطني «مدن ولوجة» الذي يهدف إلى إرساء الولوجيات المادية في أهم المدن المغربية. مما لا شك فيه أن المغرب حقق إنجازات هامة وأطلق أوراشا متعددة من أجل تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وتمكينهم على كافة المستويات، لكن لابد من متابعة العمل لتجاوز بعض التحديات التي لاتزال مطروحة من أجل اندماج شامل ومتكامل لهذه الفئة داخل المجتمع.