أكد المجتمع الدولي مجددا وبصوت مسموع، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دعمه القوي ومتعدد الأوجه لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة بوصفه حلا دائما وتوافقيا لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وتوجت المناقشات على مستوى هذه اللجنة الأممية بشأن قضية الصحراء المغربية باعتماد قرار، دون تصويت، جدد الدعم للمسار السياسي الذي تقوده الأممالمتحدة على أساس قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2007، وذلك في أفق التوصل إلى حل «عادل ودائم ومقبول من الأطراف» لهذا النزاع الاقليمي. وشكلت مداولات اللجنة الرابعة فرصة لمختلف المتحدثين، سواء تعلق الأمر بالملتمسين أو بممثلي الدول أو المجموعات الإقليمية، للتعبير عن دعمهم القوي للوحدة الترابية للمغرب ولسيادته الكاملة على صحرائه. في هذا الصدد، ركز المتحدثون بشكل خاص على مظاهر التنمية الشاملة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية بفضل الاستثمارات الضخمة للمغرب في المنطقة، كما يتضح ذلك من خلال النموذج الجديد للتنمية في الصحراء الذي أطلقته المملكة سنة 2015 بميزانية قدرها ثمانية مليارات دولار. وأبرز مختلف المتدخلين الطابع الديمقراطي للانتخابات في الأقاليم الجنوبية، وكذا شرعية المنتخبين عن هذه الأقاليم، باعتبارهم الممثلين الحقيقيين لساكنة الصحراء. في هذا السياق، تمت الاشادة بمشاركة منتخبين عن جهتين من الصحراء المغربية في الندوة الإقليمية للجنة ال 24 في غرينادا، للسنة الثانية على التوالي، وكذا في دورتها التي انعقدت بنيويورك في يونيو الماضي، فضلا عن مشاركة ممثلي الأقاليم الجنوبية في اجتماعي المائدة المستديرة في جنيف. ومن منبر اللجنة الرابعة، شدد المتدخلون من بلدان إفريقيا والعالم العربي والاتحاد الأوروبي ومنطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية وكذا دول المحيط الهادي، على ضرورة استلهام توصيات مجلس الأمن الواردة في القرارين 2440 و 2468، اللذين يدعوان إلى التقدم في إيجاد حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق. ويحدد القراران أيضا، بشكل نهائي، المشاركين في العملية السياسية بشأن هذا النزاع الإقليمي، أي المغرب والجزائر وموريتانيا و+البوليساريو+. وشكلت جلسات المناقشة العامة للجنة والتدخلات التي تقدم بها العديد من الملتمسين، مناسبة للتذكير بأن قرارات مجلس الأمن المعتمدة منذ سنة 2007 أكدت جميعها وجاهة مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء التي تقدم بها المغرب، مشددين على أن هذا المقترح يتجاوز المواقف التقليدية ويستجيب للمعايير الدولية في مجال تفويض السلطة للساكنة المحلية. في هذا الإطار، شددت بلدان الخليج إلى جانب كل من الأردن واليمن على دعمها المبدئي ، الحازم والثابت لمبادرة الحكم الذاتي في منطقة الصحراء المغربية، معربة عن «رفضها لأي مساس بالمصالح العليا للمغرب أو التعدي على سيادته ووحدته الترابية»، كما استحضرت الموقف المشترك لهذه الدول بخصوص موضوع الصحراء المغربية، والذي تم التعبير عنه بشكل خاص خلال قمة المغرب وبلدان الخليج في الرياض في 20 أبريل 2016 مثمنة مساهمة المغرب «بجدية وحسن نية في الجهود المبذولة تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة لإيجاد حل دائم لقضية الصحراء». وأكدت أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل «خيارا بناء» يهدف إلى التوصل لحل واقعي ومنصف، مبرزة أنها تأخذ بعين الاعتبار «الخصوصيات التي تنفرد بها منطقة الصحراء المغربية، وتستجيب للمعايير الدولية المتعلقة بمنح سلطات أوسع لساكنيها، فضلا عن أنها تعد حلا توافقيا متماشيا مع القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وتستجيب لمبدأ حق تقرير المصير». من جانبها، انتهزت العديد من البلدان الإفريقية فرصة انعقاد اجتماعات اللجنة الرابعة للترحيب بالتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده منطقة الصحراء، لا سيما المشاريع الكبرى التي أنجزت بالمنطقة في إطار النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، وكذلك الجهود المبذولة لتعزيز حقوق الإنسان. واعتبرت هذه البلدان أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تشكل الحل التوافقي الأساسي لحل النزاع حول الصحراء المغربية، حيث «تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة وتتبع منطق التسوية وتفي بأعلى المعايير الدولية لنقل السلطة للسكان المحليين». وعلى صعيد جيو استراتيجي أوسع ، أكدت البلدان الأفريقية على ضرورة التوصل بسرعة إلى حل نهائي لقضية الصحراء من أجل مجابهة التحديات الأمنية في المنطقة. وقالت بهذا الخصوص، «كمجتمع دولي، يجب أن نضع في الحسبان الإمكانات الكبيرة لتسوية نهائية لهذا النزاع، ليس فقط في ما يتعلق بالتعاون والتنمية، ولكن أيضا في التصدي للتحديات المهمة التي تواجه المنطقة ومعها منطقة الساحل»،كما حرصت هذه البلدان على الإعراب عن قلقها العميق إزاء اوضاع حقوق الانسان في مخيمات تندوف. وبدورها، جددت مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي (سيلاك)، وهو تجمع إقليمي قوي يضم 33 دولة من أمريكا اللاتينية ومجموعة الكاريبي (كاريكوم)، تأكيد دعمها القوي للمسار السياسي تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة من أجل التوصل الى حل سياسي للنزاع حول الصحراء المغربية. وأكدت أنها «ستواصل دعمها القوي لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة ودائمة ومقبولة من الاطراف» لقضية الصحراء، وفقا لميثاق الأمم والقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن. وأعربت مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي عن دعمها «للجهود المتعددة الأطراف لتكثيف المفاوضات بين الأطراف، تحت رعاية الأمين العام، ووفقا للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الذي عمر طويلا». وجددوا بالمناسبة دعمهم لمبادرة الحكم الذاتي، التي وصفوها بأنها «قابلة للتطبيق وجادة وذات مصداقية» لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وفي هذا الصدد، شددوا على ضرورة المضي قدما نحو حل سياسي واقعي وعملي ومستدام لقضية الصحراء، على أساس التوافق، على النحو المنصوص عليه في قراري مجلس الأمن 2440 و 2468. ورحبت هذه الدول، أيضا، بعقد اجتماعي المائدة المستديرة في جنيف بمشاركة كاملة وفعالة من المغرب والجزائر وموريتانيا و+البوليساريو+ ، وبالتزام جميع المشاركين بحضور اجتماع المائدة المستديرة الثالثة. وحرص ممثلو دول الكاريبي على الدعوة إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف وفقا للقانون الإنساني الدولي، وولاية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة وجميع قرارات مجلس الأمن منذ عام 2011. من جهتهم، أبرز الملتمسون، في مداخلاتهم أمام اللجنة، أهمية مبادرة الحكم الذاتي كحل دائم لقضية الصحراء المغربية وتماشيها مع المبادئ والمعايير الدولية في مجال حل النزاعات. واستشهدوا بآراء الخبراء القانونيين الدولين الذين يؤكدون أن الحكم الذاتي يمثل «أكثر أشكال تقرير المصير حداثة وديمقراطية» لأنه يتيح التوصل إلى «حل توافقي يحافظ على وحدة الدول وسيادتها، مع مأسسة حق السكان المعنيين في الإدارة الذاتية لشؤونهم بطريقة ديمقراطية وفي احترام تام لحقوقهم الإنسانية وخصوصياتهم الثقافية واللغوية». واعتبروا أن مخطط الحكم الذاتي المغربي يمثل «الحل العملي الامثل» لوضع حد نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية مبرزين ان الامر يتعلق بمشروع «منصف ومرن واستشراف»، يضمن «درجة كبيرة من تقرير المصير» لسكان الصحراء. من جهتهم، تطرق المنتخبون والملتمسون المنحدرون من الأقاليم الجنوبية للمملكة، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة، الى التقدم والإنجازات السوسيو اقتصادية التي تحققت في هذه الاقاليم. وأبرزوا مظاهر الوضع الاقتصادي والاجتماعي «الحقيقي» في الصحراء المغربية، مسجلين أن التقدم المحرز يندرج في إطار برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، للفترة 2015-2021. وأوضحو أن هذا البرنامج الاستباقي الجديد يولي اهتماما خاصا لمشاركة السكان المحليين في معالجة واحدة من القضايا الأساسية ألا وهي الحق في العيش في رخاء وسلم اجتماعي. وفي كلمة له في ختام أشغال اللجنة الرابعة، جدد السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة ،عمر هلال، التأكيد على أن مسلسل إنهاء الاستعمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة تم استكماله سنة 1975، وأن إنهاء الاستعمار بالصحراء المغربية تم طبقا للقانون الدولي. وخاطب هلال أعضاء اللجنة قائلا، «لم تعد الصحراء قضية إنهاء للاستعمار، بل استكمال للوحدة الترابية، وذلك منذ عودتها الى البلد الأم، المملكة المغربية وفقا للمرتكزات الثلاثة للشرعية الدولية»، ألا وهي المبادئ الكونية والأممية، والمعاهدات ثم الأعراف. وأضاف»لكل هذه الأسباب، يجدد المغرب، بقوة، دعوته الملحة للجنة الرابعة وأجهزتها الفرعية بأن ترفع يدها بشكل نهائي عن النزاع حول الصحراء المغربية والسماح لمجلس الأمن بالاضطلاع بمهمته في هذا الصدد». و جدد الدبلوماسي المغربي التزام المملكة بالعملية السياسية، تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم يقوم على التوافق لقضية الصحراء المغربية، مبرزا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي في إطار السيادة والوحدة الترابية للمغرب «هي التجسيد الوحيد والأوحد لهذا الحل». وأكد السفير أن استئناف هذه العملية ينبغي أن يتم على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، والتي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2468، لاسيما الموائد المستديرة، «بمشاركة كاملة ونشطة ومسؤولة لجميع الأطراف». وعرج هلال في معرض حديثه على التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده الأقاليم الجنوبية للمملكة بفضل الاستثمارات الكبرى التي أنجزها المغرب. وقال هلال مخاطبا أعضاء اللجنة، «إن أهالي الصحراء المغربية يشاركون مشاركة كاملة في الحياة السياسية في المنطقة، لا سيما من خلال الانخراط القوي في العمليات الانتخابية على الصعيدين الجهوي والوطني. وقد مكنت هذه الانتخابات من بروز ممثلين منتخبين ديمقراطيا في مختلف الهيئات بالمنطقة، ينحدرون جميعهم من الصحراء». من جهة أخرى، قام السفير بفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها +البوليساريو+ في مخيمات تندوف معتبرا انه «لا يمكن للمجتمع الدولي التزام الصمت حيال انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف من قبل الحركة الانفصالية المسلحة، +البوليساريو+». ولفت السفير المغربي إلى أن هذه المخيمات، التي تخضع لحصار عسكري وأمني، تشهد منذ أشهر مظاهرات واحتجاجات وانتفاضات شعبية مدنية ضد +البوليساريو+، مضيفا أن هذه الحركة الانفصالية تلجأ باستمرار إلى القمع العنيف واستخدام الآليات العسكرية الثقيلة لقمع المتظاهرين. مرة أخرى خلال هذه السنة، أظهر عمل اللجنة الرابعة الدعم الثابت الذي يحظى به المغرب ووحدة أراضيه، والذي يعد تتويجا للعمل الدبلوماسي للمملكة على جميع المستويات تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس. وعلى النقيض من ذلك ، يتلاشى دعم الأطروحات المغرضة والمنحازة للجزائر سنة تلو أخرى ، كما يتضح ذلك من العدد الكبير من البلدان الداعمة لموقف المغرب والذي يفوق بثلاث مرات أولئك الذين دعموا الجزائر.