ليست سياسات بعض البلدان الأوروبية ، في تعاملها مع القضية الفلسطينية ، مجرد تطور طارىء ، حصل فجأة ، بل هو تطور طبيعي أملاه تطور الأحداث ، نحو طرفي الصراع إسرائيل وفلسطين ، فالمجموعة الأوروبية ، هي التي أثرت على التطور النوعي بل هي التي صنعت الحدث ، فيما يتعلق بولادة المشروع الإستعماري الصهيوني الإسرائيلي على أرض فلسطين ، سواء من حيث إضطهادهم للطوائف اليهودية في أوروبا ودفعهم نحو الهروب والهجرة ، أو من حيث ولادة الحركة الصهيونية برئاسة هيرتسل في أوروبا ، أو من حيث الدعم المادي والسياسي لولادة إسرائيل ، عبر القرارات البريطانية بدءاً من وعد بلفور, مروراً لخلق الوقائع على الأرض ، بهدف إقامة الدولة اليهودية ، والدعم التسليحي الفرنسي لإسرائيل ، والمال الألماني الذي تم تقديمه لإسرائيل تعويضاً عن مذابح النازية لليهود . التطرف الإسرائيلي ، لعب دوراً في دفع أوروبا ، نحو التراجع التدريجي عن إسناد سياسات حكومات تل أبيب المتعاقبة ، بينما الواقعية والعقلانية الفلسطينية لعبت دوراً أساسياً في التقدم الأوروبي نحو التعامل الإيجابي مع فلسطين ، وقد بدأ ذلك من أقصى الشمال الأوروبي ، من السويد ، فالقرار السويدي يوم الخميس 30 أكتوبر 2014 ، بالإعتراف الرسمي بدولة فلسطين ، رسالة سياسية مزدوجة باتجاهين : الأول: نحو المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، الذي بذل جهوداً مكثفة مع واشنطن بهدف تعطيل القرار ، ولجم التوجه ، ووقف المبادرة السويدية ، وهذا يضاعف حجم التقدير للقرار السويدي ، أنه لم يأت منفعلاً أو متسرعاً ، بل جاء بناء على قرار مسبق ودراسة متأنية ، الأمر الذي لم يترك للإسرائيليين وللأميركيين أثراً كي يُعطلوا أو يُعرقلوا اتخاذ القرار وإعلانه . والثاني : باتجاه المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، ودعمه على الطريق الطويل لإستعادة الشعب العربي الفلسطيني ، 1- حقه في العودة إلى وطنه واستعادة ممتلكاته ، و2- في قيام دولته الوطنية المستقلة ، ولذلك جاء القرار بمثابة مكافأة للنضال الفلسطيني ، ورافعة مادية ومعنوية له ، لتعزيز نضاله واستمراريته ، بشكل واقعي وعملي وحكيم ، فالنضال مهم ، ولكن لا يقل عنه أهمية مضمون النضال وأهدافه وأدواته المستعملة . مناسبة القرار ، لا يقل أهمية ، عن مضمونه ، فهو تم على خلفية الإقرار الدولي بانحياز 138 دولة لصالح عضوية فلسطين في الجمعية العامة يوم 29/11/2012 ، وهزيمة تل أبيب وواشنطن بتسعة دول فقط ضد المشروع الفلسطيني ، مثلما جاء على خلفية فشل واشنطن على يد حكومة نتنياهو العنصرية الإستيطانية المتطرفة ، حول إستئناف المفاوضات ومبادرة الوزير جون كيري في تموز 2013 ، كما سجل القرار زمن إصداره مع توجهات منظمة التحرير المستقبلية لتقديم طلب العضوية الكاملة والعاملة في الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن ، ذلك الطلب الذي ما زال معلقاً منذ 23/9/2011 ، بسبب عدم توفر نصاب التسعة الدول التي تسمح بعرض الطلب الفلسطيني على طاولة مجلس الأمن بأعضائه الخمسة عشر ، واليوم يتوفر النصاب بانضمام فنزويلا وأنغولا لعضوية مجلس الأمن . كما لا يستطيع المراقب إلا أن يسجل أن القرار السويدي ، تم اتخاذه في ذروة بسالة أهل القدس لمواجهة التطرف اليهودي ، والعنصرية الإسرائيلية ، والتوسعية الإستعمارية الصهيونية لتهويد القدس العربية الفلسطينية الإسلامية المسيحية والعمل على أسرلتها ، بما يتعارض مع الواقع ، ومع التاريخ ، وضد قرارات الأمم المتحدة والإخلال بالشرعية الدولية . قرار السويد كرة الثلج الأولى ، التي ستدحرج أمام المجموعة الأوروبية تمهيداً لتسهيل الطريق لتطوير مواقفها ، والذي يزداد تفهمها لمعاناة الشعب العربي الفلسطيني بجزئيه المطرود من وطنه خارج فلسطين ، والمتبقي داخل وطنه يواجه العنصرية وقوانينها وإجراءاتها في مناطق 48 ، في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ، ويواجه الإحتلال والإستيطان والتوسع ومنع الحياة في مناطق 67 ، في الضفة والقدس والقطاع. أوروبا ، وها هي السويد في طليعتها ، ضاقت من السياسات الإحتلالية العنصرية والإستعمارية الإسرائيلية ، فوجهت لها صفعة سياسية حادة ، مما يعكس تراجع مكانة الطوائف اليهودية المتنفذة في أوروبا ، وسيزداد هذا التراجع بشكل تدريجي ، مع كل خطوة مماثلة تقدم عليها دولة أوروبية كما فعلت السويد في خطوتها الأخلاقية الشجاعة ، مع التأكيد على أن القرار السويدي سبقته سلسلة من القرارات والإجراءات الأوروبية ، التي تعكس التحذير الأوروبي نحو السياسات الإسرائيلية ، بدءاً من مقاطعة المستوطنات وقياداتها والعاملين بها ولنشاطاتها الإقتصادية ومنتوجاتها الصناعية ، إضافة إلى مقاطعة الأكاديميين في عدد من الدول الأوروبية للجامعات الإسرائيلية وللعاملين بها ، وتتويجاً لسياسة الخطوط الحمر التي وضع مسودتها سفراء أوروبا في فلسطين . في 21 يناير 2013، استجابت الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي، الذي يضم 47 دولة، لطلب المجلس الوطني الفلسطيني، باعتماد اسم دولة فلسطين، نيابة عن الوفد الفلسطيني المشارك برئاسة رئيس المجلس سليم الزعنون أبو الأديب وتم ذلك على إثر قبول فلسطين دولة مراقباً لدى الأمم المتحدة، بعد تصويت الجمعية العامة يوم 29/11/2012 وفي شهر شباط 2013، رفع قناصل وممثلو دول الاتحاد الأوروبي في فلسطين، مجموعة من التوصيات لرئاسة الاتحاد الأوروبي ودولهم، أكدوا فيها وجوب تعامل الاتحاد الأوروبي مع الاستيطان التوسعي الاستعماري الإسرائيلي، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس، وفقاً للقانون الدولي، ويمكن تلخيص التوصيات الأوروبية، كما جاءت في تقارير دائرة المفاوضات، في منظمة التحرير الفلسطينية كما يلي: 1 - تكثيف جهود الاتحاد الأوروبي لمواجهة النشاطات الاستيطانية في القدس الشرقية وحولها، والتي تُشكل تهديداً لحل الدولتين، وبما يشمل التدخل الحثيث لدى إسرائيل. 2 - تنسيق المراقبة الأوروبية. ورد الفعل الأوروبي القوي بهدف منع بناء مستوطنة (E1)، وبما يشمل ترحيل البدو من المنطقة. 3 - ضمان تطبيق بنود اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وبما يضمن عدم حصول منتوجات المستوطنات على الأفضلية في التعامل. 4 - تنفيذ القوانين الأوروبية المعمول بها وكذلك الترتيبات الثنائية المتوجب تطبيقها فيما يتعلق بمنتوجات المستوطنات. 5 - التأكد من عدم استخدام أي من برامج الاتحاد الأوروبي لمساعدة المستوطنات، وبما يشمل تمويل الأبحاث والتعليم، والتعاون التقني. 6 - منع نقل الأموال، أو الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة من الاتحاد الأوروبي للمستوطنات وبما يشمل الخدمات والبنى التحتية. 7 - إعلام مواطني الاتحاد الأوروبي وشركاتها، بالمخاطر المادية والقانونية المترتبة على شراء ممتلكات أو تقديم خدمات من أي نوع في المستوطنات، والتذكير بأن الاستيطان غير شرعي تحت القانون الدولي. 8 - منع أي دعم للمنشآت الاستيطانية. 9 - زيادة الرقابة الأوروبية على النشاطات الاستيطانية، وبحث إمكانية منع دخول المستوطنين الذين يرتكبون أعمال عنف إلى الدول الأوروبية. 10 - ضرورة فتح المؤسسات الفلسطينية المغلقة في القدس الشرقية، كما جاء في خارطة الطريق. 11 - دعم القيادة الفلسطينية في مجالات التطوير الاقتصادية، السياسية، والاجتماعية والثقافية في القدس الشرقية. 12 - تجنب قيام رجال أمن إسرائيليين وموظفي بروتوكول حكوميين إسرائيليين بمرافقة كبار الزوار الأوروبيين عند زيارتهم للبلدة القديمة في القدس الشرقية. 13 - تكثيف التنسيق الأوروبي لدعم المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية وخاصة تلك العاملة في المجال الاجتماعي - الاقتصادي، وذلك للحفاظ على حل الدولتين، على أن تكون القدس عاصمة لدولتين. 14 - العمل على توفير الدعم للفلسطينيين وخاصة في مجال الإسكان في القدس الشرقية وبما يشمل البلدة القديمة. 15 - إبداء القلق الأوروبي من سياسات إسرائيل تجاه سحب الهويات وطرد السكان وهدم البيوت وسياسة تهجير الفلسطينيين من القدس الشرقية. 16 - الإشارة في كل البيانات والاجتماعات رفيعة المستوى للقلق الأوروبي من عدم توفير الخدمات المطلوبة في مجال سيارات الإسعاف، وإطفاء الحرائق والبوليس للفلسطينيين في القدس الشرقية. 17 - دعم القطاع الصحي كطريق لتوفير الخدمات الاجتماعية للسكان الفلسطينيين في القدس الشرقية. 18 - المراقبة وتقديم التقارير عما ينفق على الأحياء في القدس الشرقية مقارنة بما ينفق على الأحياء في القدس الغربية. 19 - التأكيد على ضرورة المحافظة على المناهج الفلسطينية في مؤسسات التعليم للسكان الفلسطينيين في القدس الشرقية. 20 - دعم قطاع التعليم العالي في القدس الشرقية، وإبداء القلق من عدم اعتراف إسرائيل بجامعة القدس. 21 - التأكيد على قيام إسرائيل بتحويل أموال الضرائب الفلسطينية للسلطة الفلسطينية، وأن منعها يؤثر سلباً على المستشفيات في القدس الشرقية، وحث السلطة الفلسطينية على دفع ما عليها من مستحقات. 22 - الإعراب عن قلق الاتحاد الأوروبي من عدم تمكن أبناء الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى أماكن العبادة في القدس الشرقية. 23 - التعبير عن القلق الأوروبي البالغ في محاولات عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية، والعمل على تعزيز السياحة الفلسطينية بين الضفة الغربيةوالقدس الشرقية. 24 - دعم القطاع الخاص الفلسطيني في القدس الشرقية، ودعم الاستثمار في مجال البنى التحتية والفنادق والسياحة. 25 - دعم الفنانين الفلسطينيين والمؤسسات الثقافية في القدس الشرقية. 26 - المحافظة على التراث الثقافي للقدس الشرقية من خلال صيانة الأماكن التاريخية وحماية الهوية الفلسطينية. 27 - التعاون مع الأوقاف للمحافظة على الحرم الشريف وصيانته والحفاظ على مكانته. في 12ابريل بعث 13 وزير خارجية أوروبياً من دول الاتحاد، رسالة إلى البارونة كاثرين أشتون المفوضة السامية للعلاقات الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي نصت على ما يلي: «البارونة أشتون المفوضة السامية للعلاقات الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي. العزيزة المفوضة السامية: «شكراً على رسالتك المؤرخة في تاريخ 22 فبراير والمستندة إلى الالتزام العلني لدول الاتحاد في مجلس العلاقات الخارجية وقراراته بتاريخ 12 مايو و10 ديسمبر 2012. نُرحب بحرارة بالتزامك بالعمل مع زملائك المفوضين لإعداد سياسات واسعة ومحددة للاتحاد الأوروبي حول وضع العلامات لمنتوجات المستوطنات. هذه خطوة مهمة للتأكد من التنفيذ الدقيق لحماية المستهلك الأوروبي والقوانين المتعلقة لعلامات الإنتاج. إن هذا يعتبر تنفيذاً للالتزامات السابقة المتوافقة تماماً مع سياسة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إن للمستهلكين في أوروبا الحق في المعرفة لتحديد الخيار، وهذه المبادرة سوف تمكن البائع والمستهلك من القيام بذلك. إن وضع العلامات الصحيحة على المنتوجات ضروري لعدم خداع المستهلك بمعلومات غير صحيحة، وإذا ما كان المستهلك الأوروبي يعرف مصدر المنتوجات التي سوف يشتريها، فإن منتوجات إسرائيل (داخل الخط الأخضر) والمنتوجات الفلسطينية سوف تستفيد من ذلك، ونحن على استعداد لمساعدتك في إنجاز هذا العمل. وطلبتي أيضاً أن تبذل السلطات المختصة من الدول الأعضاء جهوداً حثيثة للتنفيذ الفعال لهذه القوانين، ولذلك سوف نقوم بتعميم رسالتك على وزاراتنا والجهات المختصة بين دول ومؤسسات الاتحاد الأوروبي كافة». الموقعون: مايكل سبنجلدلاجر، نائب المستشار وزير الخارجية النمسا، فيلي سوفندال وزير خارجية الدنمارك، ديدر ريندرز نائب رئيس الوزراء وزير خارجية بلجيكا، خوزيه مانويل جارسيا مارجولو مارفيل وزير خارجية إسبانيا، اريك توموجا وزير خارجية فنلندا، لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا، اماسون جيلور وزير خارجية ايرلندا، جين اسبيليرون وزير خارجية لوكسمبروغ، جورج فيلا وزير خارجية مالطا، فرانز تيمر مانز وزير خارجية هولندا، باولو ساسدور بورتاس وزير خارجية البرتغال، كارل أجريفي وزير خارجية سلوفانيا، ويليام هيغ وزير خارجية بريطانيا. وفي 20 ابريل، بعث 25 شخصية رفيعة المستوى، من الشخصيات الأوروبية المنضوية كأعضاء في مجموعة الشخصيات المهمة لعملية السلام في الشرق الأوسط والذين سبق لهم أن شغلوا مواقع رئيس وزراء، وزراء خارجية، رسالة إلى البارونة أشتون جاء فيها: «ان استمرار الأوضاع على ما هي عليه أمر مستحيل، وأن استمرار السلطة الفلسطينية في الوضع الحالي من الممارسات الإسرائيلية وخاصة استمرار النشاطات الاستيطانية وفرض الحقائق على الأرض، وبما يشمل القدس الشرقية، ورفض مبدأ الدولتين على حدود الرابع من يونيو العام 1967، يشكل مخالفة صريحة للقانون الدولي، وعليه ندعو إلى اتخاذ عدد من الخطوات: - اعتبار جميع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967 غير شرعية، وأن الاتحاد الأوروبي لن يعترف أبداً بهذه الإملاءات. - الاعتراف بالأراضي الفلسطينية كدولة تحت الاحتلال. - تحقيق المصالحة الفلسطينية. - التمسك بحدود 1967 وتحقيق مبدأ الدولتين على هذه الحدود. - أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً سياسياً وليس فقط دوراً في الدعم المالي. - أن يبدأ الاتحاد الأوروبي حواراً استراتيجياً مع القيادة الفلسطينية. - يجب على أوروبا ألا تسمح لإسرائيل بتدمير حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. ووقع على هذه الرسالة 25 رئيساً ورئيس وزراء ووزير خارجية سابق من معظم دول الاتحاد الأوروبي. وعلى ضوء استئناف المفاوضات تم أنشاء لجنة متابعة مشتركة بين رئاسة الاتحاد الأوروبي ودائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، لمتابعة كافة القضايا المتعلقة بالمفاوضات وخاصة المستوطنات بشكل يومي، وقد وصفت الحكومة الإسرائيلية التوجهات الأوروبية بشأن المستوطنات على أنها «هزة أرضية». وقد رحب مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي باستئناف مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وثمنوا عالياً جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وجهود جامعة الدول العربية الكبيرة في هذا المجال وتمسك الدول العربية بمبادرة السلام العربية، وأعاد مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي تأكيد مواقفه بوجوب تحقيق مبدأ الدولتين على حدود 1967، وحل كافة قضايا الوضع النهائي، ودعا الطرفان على الامتناع عن القيام بأي أعمال من شأنها إضعاف عملية السلام والمفاوضات. لقد تطورت المواقف الأوروبية بشكل كبير ومنطقي وعلى الرغم من وجود 28 سياسة خارجية لدول الاتحاد الأوروبي، وما بينها من خلافات حول قضايا إقليمية ودولية، إلا أن المواقف الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية أصبحت أساساً ومقياساً لكل دول الاتحاد، كما يخلص إلى ذلك صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مسؤول دائرة المفاوضات فيها. نشاط الجاليات الفلسطينية في أوروبا ، ما زال محدوداً ، بسبب إنقسام هذه الجاليات على خلفية الإنقلاب الذي اقترفته حماس ضد نفسها وشعبها ، وضد المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، وبسبب تطرف فصائل حركة الإخوان المسلمين وتمددهم على حساب التيارات اليسارية والقومية والليبرالية التقدمية الفلسطينية ، ومن هنا يكمن أهمية تراجع حركة حماس عن مظاهر الإنقلاب وإستعادة الوحدة والإحتكام مرة أخرى إلى صناديق الإقتراع ، والإلتزام بالبرنامج الوطني الديمقراطي الفلسطيني التعددي ، وبمؤسسة تمثيلية واحدة موحدة ، منظمة التحرير ، والتمسك بأدوات كفاحية ، تجعل من مشروع الإحتلال مكلفاً ، وتجعل من النضال الفلسطيني عنواناً للعدالة والإنسانية ولحق الفلسطينيين في العودة أولاً إلى بيوتهم التي طردوا منها عام 1948 ، وفق القرار الدولي 194 ، وثانياً بإقامة دولتهم المستقلة على تراب وطنهم وفق القرار الدولي 181 ، ولذلك ستنعكس حصيلة التراجع عن سياسة الإنقلاب والإنقسام ، باتجاه سياسة الوحدة والتماسك والإقرار بالتعددية والقواسم المشتركة إلى تعزيز مكانة الجاليات الفلسطينية ومعها الجاليات العربية والإسلامية ليشكلوا معاً مظلة ، مدعومة من قوى التقدم والسلام والحرية في أوروبا لصالح الشعب الفلسطيني وإختزال عوامل الزمن لتحقيق الإنتصار في العودة وفي الإستقلال معاً.