صدر عن دار «لارماطان» الفرنسية كتاب يضمّ أشغال الملتقى الدولي الثاني الذي نظمته على مدى يومين، 21 و22 نونبر 2013، جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية حول موضوع «دينامية الاندماج الجهوي وآفاق التطور الترابي في ظل العولمة، تجارب دولية مقارنة.» ويتناول هذا الكتاب الهام، الذي أشرف عليه كل من إدريس الكراوي، رئيس جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية،وفيليب كليرك وكزافيي ريشي، بالتحليل العديدَ من القضايا التي تلامس إشكاليات الاندماج الاقتصادي والبعد التنموي في علاقته بتحديات العولمة. كما يتضمّن الكتاب البيان الختامي (إعلان الداخلة) الذي توج أشغال هذه التظاهرة الدولية، التي شارك فيها مسؤولون عن مؤسسات وطنية وجهوية ودولية، وباحثون ومختصون في قضايا الاندماج الجهوي في علاقاته بآفاق تطور المجالات الترابية يمثلون القارات الخمس. وتعتبر الدراسات التي يتضمنها الكتاب أنّ العولمة، التي تعيش في أزمة، هي بصدد إنتاج آثار غير مسبوقة على تراتبية الفضاءات الاقتصادية. كما أن بروز البلدان الصاعدة قد عمل، دون أن يخلق ذلك بالضرورة مناطق تجارية محددة، قد ساهم في تشكّل مناطق ذات جاذبية خاصة، مع العمل في الوقت ذاته على خلق أشكال جديدة أصلية من التبعية والارتباط. مثل هذه التطورات تدعو إلى إعادة طرح جديدة للديناميات الحالية التي تعرفها الاندماجات الجهوية، وذلك انطلاقاً مما تطرحه إعادة تشكّل التحالفات الجيو-استراتيجية والجيو -اقتصادية في العالم. ومن الدراسات الهامة التي يشتمل عليها هذا الكتاب، دراسة الأستاذ ادريس الكراوي التي يحلّل فيها، من موقعه كمتخصّص، كيف أنّ المشروع الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، يروم جعل المنطقة نموذجا ناجحا للاندماج الجهوي. من ثمّ يشدد في مقاله الذي يحمل عنوان: «الدور المستقبلي للأقاليم الجنوبية للمغرب في إطار الدينامية الجديدة للاندماج الجهوي في إفريقيا»، على أهمية اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتوفير الظروف المناسبة لتمكين هذه الأقاليم من تحقيق هذا الهدف والإسهام في إرساء آليات تعاون جديد بين المغرب وإفريقيا. ويشير إلى أنه من ضمن هذه الإجراءات تعزيز الربط الدولي للأقاليم الجنوبية للمملكة، وتطوير بنياتها التحتية في مجال التجارة واللوجستيك وتنمية الطاقات المتجددة. وفي نفس السياق يدعو إلى إقامة مركز للبحث ذي بعد جهوي وتطوير المهن والأنشطة ذات الصلة بالمجال الثقافي في تناغم مع النهوض بالقطاع السياحي. وفي هذا الصدد، ذكر السيد الكراوي، بأن الاهتمام الذي يوليه المغرب لاندماجه الجهوي على المستوى الإفريقي، «ليس وليد اللحظة، ذلك أن المبادلات التجارية والعلاقات التاريخية بين الجانبين ضاربة في القدم». وأشار إلى أن المغرب الذي يرتبط بعلاقات تجارية عريقة مع البلدان الإفريقية، «عرف كيف يرسخ روابطه مع هذه الدول، متخذا أقاليمه الجنوبية «معبرا حتميا» بين إفريقيا وأوروبا، مما أسهم في تطوير مراكز للتبادل بين مختلف هذه الأطراف». كما يبرز إدريس الكراوي أنّ الأقاليم الجنوبية كانت تشكل في الماضي، قطبا جهويا للتبادل مع الدول الإفريقية، مشيرا إلى أن هذا الدور التاريخي يمكن أن يعطي دفعة قوية لهذه المنطقة من الجنوب المغربي، لكي تصبح فضاء للاندماج الجهوي، مع إفريقيا وأوروبا. من جهة أخرى، قدم رئيس جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية لمحمة موجزة عن النموذج الجهوي الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية والتصورات المنهجية التي اعتمدت في إعداده وكذا محاوره الرئيسية.