صادق مجلس الحكومة يوم الخميس الفارط 15 يناير 2015 على مشروع قانون رقم 13-70 الذي يتعلق بالمراكز الاستشفائية الجامعية، وذلك بعد تدارسه وإدخال التعديلات المطروحة، وفقا لما تم الإعلان عنه عقب هذا المجلس، لينضاف إلى سلسلة مشاريع قوانين بعضها يتم إخراجها بوتيرة جد سريعة، رغم ارتفاع موجة الاحتجاجات والانتقادات لمضامينها، كما هو الحال بالنسبة لمشروع قانون كليات الطب الخاصة، وفتح رأسمال المصحات الخاصة على المستثمرين من غير الأطباء الذي صادق عليه البرلمان في غرفته الأولى، دون انتظار رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي طلب منه ذلك، والذي وقف بالفعل على العديد من نقاط الضعف، بل إنه اعتبره سيعمق التفاوتات وسيمس بالاستقرار الاجتماعي ويكرس الهشاشة والعوز، ووصف هذا المشروع بكونه لا ينخرط في إطار سياسة وطنية للصحة، مندمجة، منصفة اجتماعيا، ومستدامة اقتصاديا. وزير الصحة الذي ترك عددا من مشاريع القوانين مجمدة لسنوات طوال ومن بينها قانون المراكز الاستشفائية الجامعية الذي قام بتحريره دون أخذ ملاحظات باقي المتدخلين بعين الاعتبار، وفقا لما أكده عدد منهم لملحق "الاتحاد الاشتراكي" الطبي، كان قد شدّد على أن هذا القانون الجديد/القديم الذي سيلغي القانون السابق الذي عمّر لمدة 35 سنة، يهدف إلى مواكبة التطورات والمستجدات العلمية والتدبيرية المتعلقة بمجالات تدخل المراكز الاستشفائية الجامعية، والذي تتمحور أحكامه حول مجموعة من المواضيع، تتعلق أساسا بتسمية تلك المراكز"بالمراكز الاستشفائية الجامعية" لإبراز دورها في التكوين الطبي والصيدلي وفي طب الأسنان، وتمكينها من التفاعل مع محيطها الجامعي، وكذا مراجعة وتفصيل مهامها ومراجعة تركيبة المجالس الإدارية لهذه المراكز، تم حذف عضوية بعض القطاعات الوزارية التي ليست لها علاقة مباشرة بأنشطة هذه المراكز، وإضافة ممثلي المستخدمين الإداريين وشبه الطبيين والتقنيين العاملين بهذه المراكز، إلى جانب ممثلي الأساتذة الباحثين في الطب والصيدلة وطب الأسنان الممثلين وفقا للقانون الحالي، وكذا مراجعة اختصاصات المجالس الإدارية وتوسيعها لكي تشمل بعض المجالات غير المنصوص عليها في القانون الجاري به العمل. كما ينص هذا المشروع على مراجعة تسمية مجلس التسيير وتركيبته ومجال اختصاصاته وكيفيات اشتغاله، وتغيير شروط تعيين المسؤولين عن المراكز الاستشفائية والمؤسسات الاستشفائية والعلاجية المكونة لها وفقا للتشريع والتنظيم الجديدين في مجال التعيين في المناصب العليا، مع مراجعة اختصاصات هؤلاء المسؤولين. قانون وإن رحبّ به باقي المتدخلين، إلا أنهم شددوا على النقائص التي اعترته، متوقفين عند الاختلالات التي كشفت الرغبة الاستفرادية التي تحكمت في إخراجه والتي تمنح مزيدا من الهيمنة للإدارة، فضلا عن كونه يعتبرا ناقصا في غياب إجراءات عملية ملموسة، «بعيدا عن الشعارات الفضفاضة التي تطلقها وزارة الصحة»، وفقا لعدد من المتدخلين، الذين أكدوا على أن الترسانة التشريعية هي جد مهمة ويجب ان تحظى بالتشاور من جهة، وان تتلوها تدابير عملية من جهة أخرى، ليستمر بذلك مسلسل الأخذ والرد بين الفاعلين وبين وزارة الصحة، التي تنعت بكونها «تنهج سياسة النعامة»، وهي مستمرة في تنفيذ أجندة خاصة لن تخدم بأي شكل من الأشكال صحة المغاربة؟ البروفسور أحمد بلحوس* مشروع القانون يحمل في طياته نقاطا سلبية وتراجعا عن وعود وحوارات سابقة لقد طالب الأساتذة الباحثون بكليات الطب والصيدلة، وأطباء الأسنان، مرارا بتعديل القانون 80-37 المتعلق بالمراكز الاستشفائية الجامعية الصادر سنة 1983، وذلك حتى تحظى هذه الأخيرة بالدور الريادي المنوط بها في تقديم العلاجات المتخصصة والعامة، وفي التكوين الطبي والصيدلي، وطب الأسنان، وشبه الطبي، وفي البحث العلمي. وكانت هناك عدة جولات للحوار مع وزيرة الصحة السابقة ، حيث اتفقنا على معظم النقاط التي يجب أن يتضمنها مشروع القانون الجديد ووصلنا إلى صيغة شبه نهائية. وكان يكفي فقط من السيد الوزير الحالي قليل من الوقت لإخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود. إلا أنه انتظرنا مرور 3 سنوات، ليبادر بذلك بهذا المشروع في مقابل تحمسه الشديد لتمرير مشروع القانون 13-131 المتعلق بمزاولة مهنة الطب والذي صادق عليه مجلس النواب ، والذي سيفتح المجال للمتاجرة في صحة المواطنين من طرف لوبيات متنفذة، وقبل كل هذا صدر قانون 14-28 وقانون 14-29 في وقت جد وجيز وبدون مناقشة فعلية، واللذان يسمحان لمؤسستي الشيخ زايد والشيخ خليفة بإنشاء كليات طب خاصة رغم الترويج الرسمي بأنها كليات عمومية. إذن إخراج هذا القانون كان مطلبا ملحا للأساتذة منذ سنوات عديدة، صحيح أن مشروع هذا القانون يتضمن نقاطا ايجابية تم الاتفاق بشأنها مع وزارة الصحة لكن يحمل في طياته نقاطا سلبية وتراجعا عن وعود وحوارات سابقة، وهنا أذكر المادة الخامسة المتعلقة بتركيبة المجلس الإداري الذي يدير هذه المراكز الاستشفائية، إذ نلاحظ تراجعا في تمثيلية الأعضاء المنتخبين وهذا ما سيكرس النظرة الإدارية المتحجرة في التسيير عكس ما يروج إليه السيد الوزير، بالإضافة إلى التراجع الملحوظ والمقصود في تمثيلية الأساتذة، إذ انتقل العدد من 9 أساتذة إلى 3 فقط وهذا ما سيؤدي إلى افتعال أزمة جديدة داخل هذه المراكز هي في غنى عنها. لقد طالبنا بإضافة ممثلين عن جميع الفئات الأخرى من موظفي المراكز الاستشفائية الجامعية بهذا المجلس الإداري وهذا ما استجاب له المشروع نسبيا ، إلا أنه نسجل الإقصاء المتكرر لفئة هامة، وهي فئة «الأطباء المقيمون والداخليون»، والتي تقوم بدور فعال بالمراكز الاستشفائية الجامعية. فالمادة 20 من هذا المشروع والتي تتحدث عن مستخدمي هذه المراكز لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى هذه الفئة الهامة، فهم ، وحسب هذا المشروع، لا يعتبرون من موظفي المراكز الاستشفائية الجامعية، وكأنهم يشتغلون في مؤسسات صحية أخرى غير هذه المراكز؟ كما أن هذه المادة (20)، تتحدث عن مستخدمي المركز، وهو نعت لا يليق بالأساتذة ولا بالفئات الأخرى من ممرضين وإداريين وتقنيين ومساعدي التقنيين! نعم مشروع هذا القانون كان سيكون له دور ايجابي في تطوير هذه المراكز إن سبق القوانين السالفة الذكر، والتي تم تمريرها في وقت قياسي وفي غياب نقاش حقيقي وواسع. فكيف سيحقق هذا المشروع نتائجه (وخاصة النقاط الإيجابية التي يحتوي عليها)؟ وكيف سيكون له تأثير إيجابي على مراكز استشفائية جامعية يراد لها أن تفرغ من أهم أطرها؟ وذلك في ظل تزايد أعداد المرضى مع مشروع نظام المساعدة الطبية «راميد»، وفي ظل غياب مواكبة هذا التزايد بموارد مالية مناسبة وبنية تحتية ملائمة، ومع ظروف عمل مزرية، وعدم توسيع أماكن التداريب السريرية، رغم التزايد المهول في عدد الطلبة والأطباء في طور التخصص؟! * عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، نائب الكاتب العام للمكتب المحلي بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء بلعيد حوليش* التمثيلية داخل مجلس الإدارة يجب أن تكون متوازنة وبدون تمييز في البداية أود أن أشير إلى أننا تفاجأنا ، في المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، بتقديم مشروع القانون المتعلق بالمراكز الاستشفائية الجامعية يوم الخميس 15 يناير الجاري، وذلك بعد مسلسل من التأخر، آخره يمتد لحوالي سنة على توصلنا بمراسلة من وزير الصحة في يناير من السنة الفارطة 2014، طلبا لرأينا في الموضوع، وهو ما بادرنا إلى القيام به، حيث أعددنا تقريرا في هذا الصدد يتضمن جملة من الملاحظات وسلمناه للوزير بعد قرابة 20 يوما، فكان أن قوبلت ملاحظاتنا بكونها جاءت متأخرة وبأنه لن يتم الأخذ بها في حينه، ولايمكن الرجوع إليها إلا حين إحالته على مجلس النواب، واليوم نجد بأن هذا المشروع قدم في صيغته القديمة رغم كل هذا التعطل الزمني، متجاهلا مقترحاتنا ودون أية إضافة تذكر؟ ولعل من بين أبرز النقاط الخلافية بالنسبة لنا والتي رافعنا من اجل تغييرها، تلك التي تهمّ تركيبة مجلس الإدارة الذي كان يتكون في السابق من قرابة 45 ممثلا، ضمنهم 7 أساتذة وأستاذان مساعدان، إضافة إلى تمثيليات أخرى تهم قطاعات وزارية ومجتمع مدني، بمن في ذلك متدخلون بعيدون كل البعد عن مجال الصحة، فدافعنا عن مقترح تمثيلية من يشتغلون بالمؤسسات الاستشفائية الجامعية مهما كانت صفاتهم، وذلك بكيفية تضمن التوازن وألا يكون فيها أي حيف أو تمييز أو إقصاء، سواء تعلق الأمر بالأساتذة أو بالممرضين والإداريين والتقنيين، وغيرهم، هذه التمثيلية التي يجب أن تكون للجميع وبمساهمة الكلّ ضمانا للمساواة، في إطار مقاربة تشاركية، عكس الصيغة الفارطة للقانون وحتى الصيغة الحالية المعدلة في المشروع الجديد التي غاب عنها هذا النفس التشاركي والروح الجماعية. وارتباطا بذات النقطة، وفيما يخص المادة 5 المتعلقة بتركيبة مجلس الإدارة وإلى جانب التمثيلية الجماعية لكل المتدخلين بالمراكز الاستشفائية الجامعية والتي تخص المهنيين، اقترحنا أن تنضاف إليها كذلك عضوية النقابات الأكثر تمثيلية، وشددنا على أن كل من يشتغل بالمركز يجب أن يسري عليه نفس القانون بدون تمييز، إضافة إلى مقترحات تهم سلط واختصاصات مجلس الإدارة، وبعض الملاحظات التقنية الأخرى، والتي لا يسع المجال للخوض في تفاصيلها لكونها متعددة، ونحن من خلال مساهمتنا هاته لم نتطرق إلا لبعضها، والذي يشكل موضع جدل كبير. وختاما فإننا نشدد على أهمية التأطير القانوني الذي يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المجتمعية، لا أن نظل حبيسي مواد قانونية تعود لسنوات عدة، تم اعتمادها في إطار سياقات مختلفة، لكن نشدد على ضرورة المقاربة التشاركية، وعلى الأخذ باقتراحات كل الفاعلين والمتدخلين ضمانا لقانون يخرج إلى حيز الوجود هو ثمرة اشتغال جماعي لا فردي أو جزئي. * نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية، عضو المكتب المركزي للفدرالية الديمقراطية للشغل