يعتبر الأدب مرآة الشعوب التي ينعكس عليها واقعها الثقافي، فهو من يمثل الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية، وأيضا هو المحيط الذي يشكل طبائع وأذواق ومواقف المجتمع الصادر عنه هذا الأدب. أكاديميا احتل/ يحتل تاريخ الأدب أهمية قصوى في الدراسات الأكاديمية، باعتباره ضابط التطورات التاريخية للكتابة الأدبية (شعر وقصة ورواية ومسرحية ونقد) وغيرها من آليات التفكير التي تتحول عبر التاريخ إلى مثل وقيم إنسانية، من خلالها يفهم الإنسان نفسه وتاريخه ومكانته في التاريخ. لأجل ذلك يعتبر من الظلم في تاريخنا الأدبي، أن يتنكر التاريخ لأي أديب / كاتب/ مبدع، وأن يطمس حقه في التعريف به وبإنتاجه الإبداعي،فكيف إذا كان الأمر يتعلق برائد من رواد كتابة الرواية بالمغرب الراهن. الظلم هنا نزل على الأديب الشاعر والروائي الطنجاوي بنعزوز الشاط (1900-1996) الذي نشر أول رواية مغربية باللغة الفرنسية سنة 1932 بعنوان «فسيفساء باهتة»، قام بترجمتها الأديب المترجم ذ.عثمان بن شقرون، هذه السنة بدار سليكي أخوان/ طنجة. تاريخيا تعتبر هذه الرواية التي احتفل بها بعض النقاد الفرنسيين، أول نص روائي مغربي، كتب حسب قرائه، بلغة فرنسية راقية وبأسلوب فني متقن. موضوعيا، يلقي هذا النص الضوء الكاشف على المجتمع البسيط بمدينة طنجة، مسقط رأس الكاتب، خلال فترة الحماية الأجنبية، يستحضر التراث الشعبي من خلال نصوص سيدي قدور العلمي وعبد الرحمان المجذوب، إضافة إلى نحت عدد من الشخصيات التي أعطت لهذا النص الروائي شخصيته الإبداعية. يدلنا هذا النص الذي تجاهله مؤرخو الأدب المغربي الحديث، على أن مؤلفه شخصية جدلية، أدبية، مخضرمة، وأنه كاتب، أديب ومفكر حكيم، مارس الكتابة الإبداعية بأربع لغات:العربية والفرنسية والانجليزية والاسبانية، تفاعلت كتابته مع ظروف الواقع، لم يمارس العهر الثقافي، ولم يعمل مأجورا لأية جهة، ولم يكن هناك أي سبب لمصادرة حقه في التاريخ الأدبي. السؤال الذي يطرحه تغييب الأديب بنعزوز الشاط عن تاريخ الأدب المغربي الحديث هو: ماهي مقاييس الذين يؤرخون للإبداع في المغرب الراهن… ؟»وهل يخضع تاريخهم إلى الاخوانية و الزبونية كما هو الشأن لدى بعض السياسيين.؟ لا يمكن أن نعتقد هذا، ولكن حالة التجاهل التي تعرض لها هذا الكاتب الرائد، تطرح علينا ألف سؤال وسؤال.