في الوقت الذي يئن فيه العالم – وبلدنا جزء منه – من وقع صدمة الحرائق التي أتت على مخزون هام من الغطاء الغابوي، مما يهدد مستقبل الأرض والكائنات الحية ، وأمام ظرفية يتنادى فيها الجميع لتكثيف عملية الغرس والتشجير، يفاجأ المجتمع المدني بفاس ليلة 26 غشت بمباشرة اجتثاث أشجار شارع محمد الخامس، مما أعاد إلى الذاكرة ما حدث بالأمس القريب من اقتلاع شجرة الدردار التاريخية بشارع الجيش الملكي التي عوضت بنخيل يزحم البنايات، دون أن يضفي جمالاً أو ينشر ظلا في مدينة تميزت في ماضيها بالخضرة والظلال، وصارت اليوم تحت رحمة الحر اللافح، واستهدفت أشجارها للاجتثاث. أمام ما حدث ويحدث، يأبى المجتمع المدني ممثلا في الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة بجهة فاسمكناس والجمعيات البيئية الممثلة فيه، إلا أن ينددوا بالطريقة التي تتم بها عملية الاجتثاث، بعد أن تأكد وجود تقنيات وآليات تيسر نقل الأشجار وإعادة غرسها مع الحفاظ عليها من الضياع. وكمجتمع مدني واع بحاجة المدينة إلى إعادة تهيئة شوارعها وكثير من المواقع فيها استجابة للمستجدات وضمانا للاستدامة، نأبى إلا أن نسجل ما يلي: ضرورة توفير آليات الحفاظ على الأشجار عند الاضطرار إلى تحويلها عن مواقعها أثناء تنفيذ مشاريع أو إعادة تهيئة، عن طريق الاقتناء أو الكراء، أياً كانت الكلفة، فقيمة الأشجار المعمرة لا تقدر بثمن. تعويض ما قد يضيع من الأشجار بوحدات في الحجم الكبير من نفس النوع، مع إخضاعها للتعهد والعناية الفائقة نؤكد الدعوة إلى إطلاق عملية تشجير واسعة داخل المدينة وفي محيطها القريب ببرنامج مدروس وشتائل وآليات ميسرة، ومواقع محددة، وتعبئة ينخرط فيها الجميع تأكيداً لأهمية حضور الشجرة، وإشراكاً للجميع في نشر المجال الأخضر، والوعي بضرورة صيانته واستدامتها.