قال تقرير للبنك الدولي، إن العالم يواجه أزمة غير منظورة في جودة المياه تتسبب في ضياع ثلث النمو الاقتصادي المحتمل في المناطق شديدة التلوُّث، وتعرض للخطر رفاهية البشر وسلامة البيئة. وكشف التقرير، أن المغرب من بين الدول التي يرتفع فيها معدل تلوث المياه، لأسباب متعددة متعلقة أساسا باستعمال الأسمدة الزراعية وكذا مشكل الصرف الصحي، مشيرا إلى أن حوالي 20 بالمئة من المغاربة يقضون حاجتهم بالعراء. ويظهر التقرير المعنون «مجهول الجودة: أزمة المياه غير المنظورة» صدر في 20 غشت 2019، بناء على بيانات وأساليب جديدة، كيف أن عوامل البكتيريا والصرف الصحي والكيماويات والمواد البلاستيكية، يمكن أن تمتص الأوكسجين من إمدادات المياه، ويحول المياه إلى مادة سامة للبشر وللمنظومة البيئية، ولتسليط الضوء على هذه المشكلة، قام البنك بتجميع أكبر قاعدة بيانات في العالم عن جودة المياه من محطات رصد ميدانية، وتكنولوجيا الاستشعار عن بُعد، والتعلم الآلي. وأوضح المصدر ذاته، أن المغرب من بين الدول التي يرتفع فيها خطر تلوث المياه، مشيرا إلى أن خسائر المغرب في القطاع الزراعي الناتجة عن ملوحة المياه تصل إلى حوالي 2500 مليار سعرة حرارية تضيع بشكل سنوي في الفترة بين 2001 و2013. وبشكل عام تظهر بيانات البنك الدولي التي جرى تجميعها عبر معطيات المحطات الميدانية وكذا عبر بيانات الأقمار الصناعية، أن المغرب وشمال إفريقيا عموما من أكثر المناطق عرضة للمخاطر العاملية الشاملة لجودة المياه. ويخلص التقرير إلى أن نقص إمدادات المياه النظيفة يحد من النمو الاقتصادي بمقدار الثلث، ويدعو إلى إيلاء اهتمام فوري على المستويات العالمية والوطنية والمحلية لهذه المخاطر التي تواجهها البلدان المتقدمة والنامية على السواء. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس، «مياه الشرب النظيفة عامل أساسي في النمو الاقتصادي. ويؤدي تدهور جودة المياه إلى وقف النمو الاقتصادي، وتفاقم الأوضاع الصحية، وتراجع إنتاج الأغذية، وتفاقم أوضاع الفقر في العديد من البلدان. ويجب على حكومات هذه البلدان اتخاذ إجراءات عاجلة للمساعدة في التصدي لتلوث المياه حتى يتسنَّى لها تحقيق معدلات نمو أسرع على نحو منصف ومستدام من الناحية البيئية.» وحينما يتجاوز الطلب البيولوجي على الأوكسجين – وهو مقياس لحجم التلوث العضوي في المياه ومقياس بديل لجودة المياه بوجه عام – حدا مُعيَّنا، ينخفض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في المناطق الواقعة عند مصاب الأنهار بمقدار الثلث بسبب آثاره على الصحة والزراعة والمنظومة البيئية. وأبرز التقرير، أن النيتروجين يشكل أحد العوامل المهمة المسببة لتدهور جودة المياه، ويرجع ذلك إلى أنه عند استخدامه كسماد في الزراعة فإنه يدخل في نهاية المطاف الأنهار والبحيرات والمحيطات ويتحول إلى نترات. وأضاف، ويؤثر تعرض الأطفال في سن مبكرة للنترات على نمو أجسامهم وأدمغتهم، فيُضعِف صحتهم، وقدرتهم على كسب الدخل في مرحلة البلوغ، ويمكن أن تؤدي زيادة كمية الأسمدة النيتروجينية المُستخدمة بواقع كيلوغرام لكل هكتار وذوبانها في المياه إلى زيادة مستوى التقزُّم لدى الأطفال بنسبة تصل إلى 19%، وخفض قدرتهم على كسب الدخل في مرحلة البلوغ بما يصل إلى 2% بالمقارنة مع من لا يتعرضون للنترات. ووجد التقرير أيضا أنه مع زيادة ملوحة المياه والتربة بسبب اشتداد نوبات الجفاف والعواصف وازدياد معدلات استخراج المياه، تتناقص الغلات الزراعية، ويفقد العالم بسبب ملوحة المياه كل عام أغذية تكفي لإطعام 170 مليون نسمة. وأوصى التقرير بمجموعة من الإجراءات يمكن للبلدان اتخاذها لتحسين جودة المياه، منها، تحسين السياسات والمعايير البيئية، والرصد الدقيق لحجم التلوث، وتبني أنظمة فعَّالة لإنفاذ القوانين، وإنشاء بنية تحتية لمعالجة المياه تدعمها حوافز للاستثمارات الخاصة، والإفصاح الدقيق الذي يمكن التعويل عليه عن المعلومات للأسر للتحفيز على مشاركة المواطنين.