توقعت صحيفة "إندبندنت" البريطانية في تقرير نشرته الثلاثاء 28-2-2006 أن يكون من بين الدول المرشحة للصراع حول المياه مصر وإثيوبيا ونامبيا وأنجولا، سوريا وتركيا، بجانب إسرائيل والأردن وفلسطين والصين والهند وبنجلاديش.و حذر وزير الدفاع البريطاني جون ريد حسب ما اوره موقع إسلام أون لاين.نت من أن التغير في مناخ الكرة الأرضية بسبب الاحتباس الحراري سوف يؤجج الصراعات في أكثر من مكان في العالم، خاصة بين الدول ذات النمو السكاني الكبير؛ نظرًا لما سيسببه هذا الاحتباس من نقص في موارد المياه، فضلاً عن سوء توزيع موارد المياه وسوء استخدامها. حيث اضافت صحيفة "إندبندنت" في تقريرها: إن الوزير البريطاني أبرز في مداخلته ليوم الإثنين 27-2-2006 قبيل القمة التي استضفها الثلاثاء 28-2-2006 مقر رئاسة الحكومة البريطانية بلندن تحت عنوان "أكبر خطر يهدد كوكبنا على المدى البعيد"عامل الاحتباس الحراري كأحد العوامل المغذية لصراعات القرن الحالي، مما أثار أصداء واسعة لدى الناشطين ومنظمي الحملات الداعية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أحد المسببات الرئيسية لزيادة درجة حرارة الأرض.وقال ريد: "الفيضانات وذوبان الجليد في القطبين (الشمالي والجنوب)، والتصحر قد تؤدي إلى نقص الأراضي الصالحة للاستزراع، وتسميم إمدادات المياه، وتدمير البنى التحتية للاقتصاد".وتابع: "أكثر من 300 مليون شخص في إفريقيا يعانون الآن من نقص في المياه وتغير المناخ سوف يزيد الوضع سوءًا".وأضاف ريد شارحا: "هذه التغيرات سوف تزيد من الصراعات الناشئة، والعامل الأبرز في الإسهام في ذلك هو نقص المياه وانحسار الرقعة الزراعية، وما نشاهده في دارفور مجرد تحذير".مناطق الصراعات وأفردت من جانبها "إندبندنت" تقريرًا مطولاً عن مناطق الصراعات المتوقع نشوبها بسبب المياه، ويتركز معظمها في دول العالم الثالث، والقليل منها في دول العالم الثاني.وقالت: إنه في الشرق الأوسط أسهمت المياه في حرب 1967، وهذا الوضع قد يغذي المزيد من الحروب العسكرية، خاصة مع استمرار الاحتباس الحراري.ففي إسرائيل والأردن وفلسطين تعتمد البلدان الثلاثة على نهر الأردن الذي تتحكم في مياهه إسرائيل، ودائمًا ما تقطع إمدادات المياه في أوقات نقص المياه، وبذلك تتأثر على نحو خطير الإمدادات الفلسطينية من المياه التي تتحكم فيها إسرائيل حصريًّا.تركيا وسورياوأشارت الصحيفة إلى أن الخطط التركية لبناء سدود على نهر الفرات تسببت في جعل تركيا وسوريا على شفير الحرب عام 1998، حيث اتهمت دمشقأنقرة بأنها تطفلت على مواردها المائية عن عمد؛ إذ تقع سوريا كدولة مصب بالنسبة لتركيا التي تُعَدّ دولة منبع بالنسبة للأنهار التي تخترق البلدين.واتهمت أنقرةدمشق حينها بأنها تأوي انفصاليين أكراد، ومن ثَم فإن نقص إمدادات المياه بسبب الاحتباس الحراري سوف يراكم الضغوط على هذه المنطقة الساخنة الثائرة، بحسب الصحيفة.الصين والهند وفي القارة الآسيوية أيضًا، تسبب نهر براهمابوترا في توتر العلاقات بين الهند والصين، ويمكن أن يكون بؤرة احتكاك بين أكبر جيشين في العالم.ففي عام 2000 اتهمت الهند الصين بأنها لا تشاركها المعلومات عن حالة الأنهار التي تجري في هضبة التبت مما تسبب في انهيارات أرضية نتج عنها فيضانات في شمال شرق الهند وبنجلاديش، كما أن المشاريع الصينية لتحويل مجرى أنهار أثارت الاهتمام في دلهي.كما أن فيضانات نهر الجانج المتزايدة التي يتسبب فيها ذوبان الثلوج في جبال الهيمالايا، على خلفية ظاهرة الاحتباس الحراري، بدأت تنشر الفوضى في بنجلاديش، وتثير التوتر مع نيودلهي، حيث تسببت في تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية إلى الهند، مما دفع الأخيرة إلى بناء سور عازل كثيف لمنع محاولات الوافدين الجدد، حيث يعبر كل يوم ما يصل لنحو 6000 شخص إليها يوميًّا.بوتسوانا ونامبيا وأنجولاوتوقعت تقرير الصحيفة أيضًا أن تشتعل التوترات بين بوتسوانا وأنجولا ونامبيا بسبب حوض أوكافانجو، وما يصيبه من جفاف، فيما يهدد نمو السكان في كل من مصر والسودان وإثيوبيا بنشوب صراعات حول وادي النيل.فبينما تضغط إثيوبيا للحصول على حصة أكبر من مياه النيل الأزرق المتفرع من نهر النيل، تنتاب مصر حالة قلق فيما يتعلق بمياه النيل الأبيض المتفرع من نهر النيل أيضًا والذي يمر بالسودان وأوغندا، وقد تجف مياهه أيضًا قبل أن تصل إلى مصر.ومن بين إجمالي كمية المياه الموجودة على سطح كوكب الأرض توجد 97.5% مياهًا مالحة غير صالحة للاستخدام الآدمي، والنسبة الباقية مياه عذبة.وفي حين أن احتياجات المياه للفرد تصل لحوالي 50 لترًا يوميًّا على أقل تقدير، فإن الكثير من البلدان لا يستخدم الفرد فيها سوى 30 لترًا، وفي بلدان أخرى يقل عن 10 لترات يوميًّا مثل جامبيا (4.5 لترات) ومالي (8 لترات)، والصومال (8.9 لترات)، وموزمبيق (9.3 لترات).وفي المقابل فإن متوسط ما يستخدمه الفرد في الولاياتالمتحدةالأمريكية يصل لنحو 500 لتر، وبريطانيا 200 لتر. وتحدثت الإندبندنت عن الفائض الكبير في الدول الغربية والأوروبية حتى إن الشخص يستخدم 8 لترات لغسل أسنانه، 10 إلى 35 لترًا لتنظيف المرحاض، ومن 100 إلى 200 لتر للاستحمام، بحسب الصحيفة. تحذيرويحذر الخبراء منذ سنوات طويلة من أخطار وقوع حرب جديدة في الشرق الأوسط نتيجة شح في المياه تعاني منه غالبية الدول في المنطقة. كما يعتبر الأردن إحدى الدول العشر الأكثر فقرا بالموارد المائية في العالم.وتم تنظيم المؤتمر بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي أنفقت عشرات ملايين الدولارات على مشاريع مائية في الأردن خلال السنوات العشرين الماضية.وكانت دراسة صدرت عن منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) بمناسبة اليوم العالمي للمياه في 22-3-2002 حذرت من أن أكثر من ثلثي سكان الأرض سيعانون نقصا حادا في المياه مع اقتراب عام 2025، بينما سيضرب نقص المياه بعد ذلك العام كل مناطق العالم مع استمرار النمو السكاني بمعدلاته الحالية.وأوضحت الدراسة أن أزمة المياه هي أحد أبرز التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم، وأن 0.25% من المياه العذبة التي يحتوي عليها كوكبنا يمكن للإنسان أن يصل إليها، بينما تكمن الكميات الأخرى المتبقية في أعماق الأرض أو في أعمق المحيطات المتجمدة.كما أشارت المنظمة الأممية إلى أن نحو ربع سكان العالم يعانون في الوقت الحالي من عدم القدرة على الوصول إلى مياه الشرب، بينما يعاني نصف السكان من عدم وجود منشآت صحية معقولة، وأيضا يعاني نصف سكان الأرض من الأمراض الناتجة عن تلوث الماء مثل الإسهال والأمراض الطفيلية والملاريا. وتقتل هذه الأمراض كل عام حوالي 5 ملايين شخص. ويعاني في الوقت الحالي نحو ربع سكان العالم من عدم القدرة على الوصول إلى مياه الشرب، ونحو نصف البشرية من عدم وجود منشآت صحية معقولة، كما يعاني نصف سكان الأرض من الأمراض الناتجة عن الماء مثل الإسهال والأمراض الطفيلية والملاريا، وتقتل هذه الأمراض كل عام حوالي خمسة ملايين شخص. وواصلت الدراسة: تشكل مسألة الوصول إلى المياه العذبة واحدة من التحديات التي تواجه الدول النامية؛ لأنها تلقى صعوبات كبيرة في الحفاظ على نظم توزيع المياه الموجودة لديها حاليا، وتوجد حالات كثيرة تذهب معها المياه هدرا من خلال سبل التوزيع المتهالكة، ويضاف إلى ذلك أن المياه المستعملة –التي يندر معالجتها وتنقيتها- غالبا ما تجد طريقها إلى الأنهار والسواقي والآبار الارتوازية. والمعروف علميا أن متر مكعب واحدا من المياه المستعملة يكفي لتلويث عشرة أمتار مكعبة من المياه النقية. وحذرت الدراسة أيضا من أن الدول الصناعية ليست في مأمن من هذه الأزمة؛ لأن أكثر من 25% من المياه التي يضخها عبر قنوات التوزيع العامة يذهب هدرا، وعلى الرغم من وجود قوانين في هذه الدول تفرض معالجة المياه المستعملة فإنها غير محمية من التلوث الصناعي الموروث على مدى عقود عديدة. وهناك مواد سامة كيميائية ومعادن ثقيلة كالرصاص والزئبق والزرنيخ تراكمت في ترسبات مجاري المياه، تهدد بشكل خطير النظم البيئية، ويمكن أن تلوث السلسلة الغذائية. واعتبرت الدراسة أن الزراعة هي الأخرى مصدر كبير للتلوث؛ فمادة النترات الناجمة عن الاستخدام المفرط للأسمدة تشكل اليوم أحد أخطر العوامل التي تهدد نوعية المياه في الدول الصناعية وفي الدول النامية على حد سواء، وفي الولاياتالمتحدة على سبيل المثال هناك 45% من الآبار الارتوازية في كاليفورنيا ملوثة بالنترات والمبيدات الحشرية والملوحة الزائدة الناجمة عن الإفراط في استخدام هذه الموارد زراعيا. وكشفت الدراسة عن أن الزراعة هي المستهلك الأكبر للمياه بمعدل 80% من إجمالي الاستهلاك العام، ولكن 60% من المياه الزراعية تذهب هدرا بسبب التسرب والتبخر في قنوات الري، ويساهم هذا الأمر في إفقار التربة والمحاصيل الزراعية، خاصة في المناطق الجافة. وقد ركزت اليونيسكو منذ عشرات السنين على أزمة المياه وجعلتها من أهم أولوياتها، وخصصت برنامجا دوليا للمياه عام 1975، بهدف تشجيع الجهود العلمية من أجل تقييم الموارد العامة للمياه وتطوير المبادئ الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية لإدارة المياه. ويضم البرنامج 23 وكالة من وكالات الأممالمتحدة. ويعنى البرنامج في الوقت الحاضر بإعداد تقرير عن المياه في العالم، ستصدر النسخة الأولى منه في المنتدى العالمي الثالث للمياه الذي سيعقد في كيوتو في اليابان في مارس 2002. وتنبه منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم إلى مخاطر حروب تلوح في الأفق من جراء التنافس على مصادر المياه، فهناك أكثر من 260 نهرا في العالم تجتاز الحدود من بلد إلى آخر، وعند حياض هذه الأنهار يعيش أكثر من 40% من سكان العالم. والمعروف تاريخيا أن أشهر الحروب التي عرفها الإنسان بسبب المياه اندلعت حول نهري دجلة والفرات قبل 4500 عام، المغرب / محمد أنيق