نشر موقع «ذا إنترسبت» تقريرا أعده نيك تيرس، يتحدث فيه عن زيادة العنف في أفريقيا منذ إعلان الولايات المتحدة عن إنشاء «القيادة الأفريقية». ويشير التقريرإلى دراسة أجراها المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الدفاع «البنتاغون»، وقدمت أرقاما ومعلومات حول توسع العمليات الأمريكية في القارة ومستوى الوجود العسكري وقدرات الجهاديين. ويلفت تيرس إلى أن عدد الجنود الأمريكيين ارتفع منذ بداية القيادة المركزية لأفريقيا أو «أفريكوم» إلى 170%، أي من 2600 إلى 7 آلاف جندي، فيما زادت العمليات العسكرية وبرامج التدريب والمناورات العسكرية بنسبة 1900% من 73 برنامجا ومناورة إلى 3500، مشيرا إلى أن عمليات الدرون وعدد وحدات الكوماندوز التي نشرت حول القارة ارتفعت أضعافا مضاعفة، إلى جانب حجم ونطاق القيادة المركزية وقواعدها العسكرية. ويكشف الموقع عن أن الولايات المتحدة أطلقت في الفترة الماضية 36 عملية ونشاطا في أفريقيا، أكثر من أي مكان في المنطقة أو العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط الكبير، مشيرا إلى أن القوات الأمريكية المنتشرة حول القارة تقوم بتقديم استشارات وتدريب القوات المحلية والمشاركة معها، وجمع المعلومات الاستخباراتية، والقيام بعمليات مراقبة، وشن غارات جوية وأرضية، تركز على «التطرف العنيف» في القارة الأفريقية. ويورد التقرير نقلا عن بيان مهمة وأهداف «أفريكوم»، قوله إنها تعمل على تفكيك وتحييد التهديدات العابرة للحدود، ومن أجل «تعزيز الأمن الإقليمي والاستقرار والازدهار»، مستدركا بأنه خلافا لهذا الهدف، فإن هناك إشارات إلى تراجع الأمن والاستقرار في أفريقيا منذ بداية القيادة المركزية عملها، بحسب ما أورد تقرير المركز الأفريقي في وزارة الدفاع، وقال تحليل للمركز إن «مجمل نشاطات الجماعات الإسلامية المتشددة في أفريقيا زاد الضعف منذ عام 2012». وينوه الكاتب إلى أن هناك 24 جماعة إسلامية متشددة ناشطة في القارة، بعدما كان عددها في عام 2010 خمس جماعات، مشيرا إلى أن هناك 13 دولة أفريقية أصبحت معرضة لخطر هجمات من هذه الجماعات، أي بزيادة 160% في المدة ذاتها. ويذكر الموقع أن «أحداث العنف» في القارة ارتفعت بنسبة 960%، من 288 حادثا عام 2009 إلى 3050 حادثا في عام 2018، مشيرا إلى أنه رغم حديث الخبراء عن عوامل أخرى، أسهمت في زيادة أحداث العنف في أفريقيا، إلا أن التداخل بينها وبين وجود القيادة المركزية الأمريكية ليس مصادفة. وينقل التقرير عن مدير مشروع التسليح والأمن في مركز السياسة الدولية ويليام هارتونغ، قوله إن «الزيادة الحادة في الحوادث في أفريقيا تؤكد حقيقة أن نهج البنتاغون العسكري المفرط في مواجهة المشكلة كان فشلا ذريعا»، وأضاف أن «محاولة سحق مشكلة الإرهاب بالقوة ربما أسهمت في مفاقمة المشكلة، وأدت إلى استفزاز ردة فعل إرهابية، وخدمت بصفتها وسيلة للتجنيد لدى الجماعات المتطرفة». ويقول تيرس: «خذ مثلا الصومال، فعلى مدى العقد الماضي شنت (أفريكوم) مئات الغارات وعمليات الكوماندوز هناك، وقالت إنها قتلت 800 من الإرهابيين، معظمهم من حركة الشباب، وزاد عدد الغارات الجوية أضعافا، من 14 غارة عام 2016 في ظل باراك أوباما، إلى 47 غارة في ظل دونالد ترامب العام الماضي، إلا أن تحليل البنتاغون يشير إلى أن حصة حركة الشباب من الحوادث العنيفة في القارة هي 50% من مجمل العمليات كلها، وأن هذه النسبة لم تتغير منذ العقد الماضي». ويشير الموقع إلى أن عناصر تابعين لتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى قاموا في أكتوبر 2017 بمداهمة القوات الأمريكية قرب الحدود بين مالي والنيجر، وقتلوا أربعة من الجنود الأمريكيين، وجرحوا اثنين، وقالت واشنطن في البداية إن القتلى كانوا ضمن فرقة تقدم الاستشارة والتدريب للقوات المحلية، إلا أن ما كشف لاحقا أشار إلى أن الجنود كانوا يعملون مع القوات في النيجر، وكانوا يأملون بالاتصال مع فرقة كوماندو أمريكية أخرى لقتل أو اعتقال قائد تنظيم الدولة دوندون شيفو، لكن الظروف الجوية حالت دون ذلك، حيث تم عزل القوات القادمة من النيجر. ويستدرك التقرير بأنه رغم هذه الجهود وعدد آخر من العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، إلا أن الجماعات الجهادية في منطقة الساحل والصحراء زادت عددا ونشاطا، بحسب المركز الأفريقي، مؤكدا أن العمليات المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى، زادت من 192 عملية في عام 2017 إلى 464 العام الماضي، بالإضافة إلى أن عدد القتلى جراء هذه العمليات تضاعف من 529 إلى 1112. ويجد الكاتب أن هذا تطور مهم في ضوء التقرير الذي أعده مركز الدراسات الاستراتيجية في كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي عام 2000، وهي الدراسة التي فحصت «المناخ الأمني الأفريقي»، ولاحظت وجود جماعات انفصالية وحركات تمرد في «الدول الضعيفة» إلى جانب «جيوش أمراء الحرب»، لكنها لم تذكر شيئا عن الجماعات الإسلامية المتطرفة باعتبارها أكبر تهديد إرهابي عابر للحدود. ويختم «ذا إنترسبت» تقريره بالإشارة إلى أن المركز الأفريقي يتحدث الآن عن 24 جماعة إسلامية متشددة ناشطة، فيما قدرت قوائم رسمية أخرى العدد ب50 جماعة تضم تلك التي تقوم بنشاطات غير شرعية. التغول في غرب إفريقيا وسبق للقيادة العسكرية الأمريكية فى إفريقيا «أفريكوم» أن أكدت أن هناك مؤشرات قوية على تغلغل نفوذ تنظيم الدولة داعش فى منطقة غرب افريقيا من الناحية السياسية والمجتمعية. واعتبرت «أفريكوم» فى تقرير لها أن تنظيم داعش فى غرب أفريقيا المنسلخ عن عباءة حركة بوكوحرام المتطرفة فى نيجيريا قد تحول شيئا فشىء الى «قوة متوسعة ذات طموح سياسى وثقل مجتمعي» برغم كل النجاحات العسكرية التى حققتها القوات النيجيرية لمكافحة انشطة التنظيم وحلفائه وفى مقدمتهم بوكو حرام خلال الاعوام الثلاثة الماضية، الامر الذى يؤكد أن مواجهة ارهاب هذا التنظيم لن يتم بقوة السلاح فقط بل بقوة التحصين الفكرى والتعليمى والتنموى ايضا . ويرى الجنرال توماس والدوزر قائد القوات الأمريكية فى افريقيا أن مكافحة ارهاب تنظيم داعش وتمدده فى غرب افريقيا يحتاج الى ما هو ابعد من العمل العسكرى والقتالى، وشدد على ضرورة ايلاء حكومات غرب افريقيا ومنطقة الحوض التشادى اهتماما اكبر بتقديم الخدمات الصحية والتعليمية لابناء المناطق النائية فى دولهم وعدم ترك الفراغ الخدمى والرعائى للحكومات الوطنية ليشغله داعش، والعمل على افقاد هذا التنظيم الارهابى جاذبيته فى اعين السكان المحليين وذلك قبل ان يتحول الى قوة سياسية موازية للحكومات الوطنية ذات تأثير بفضل ما تقدمه لهم من فرص للتشغيل وكسب الرزق لاخراجهم من دائرة الفقر الذى يعيشونه بسبب غياب أدوار حكومات الدول تجاه مواطنيها فى هذا الجزء من القارة السمراء. ورصدت أفريكوم تمددا لنشاط تنظيم داعش انطلاقا من مناطق شمال شرق نيجيريا باتجاه دول الحوض التشادى العظيم فى غرب افريقيا وعلى رأسها جمهورية النيجر التى استطاع مقاتلو التنظيم الهاب شريط حدودها مع نيجيريا بعمليات قتالية متوالية منذ مطلع العام الجارى . وقالت سامنثا ريو الناطقة باسم «أفريكوم» فى معرض تقديم التقرير التقييمى نصف السنوى لانشطة الارهاب فى افريقيا للعام 2019 ان تنظيم الدولة يحاول الحلول محل مؤسسات الدولة فى المناطق التى استطاع بسط سيطرته عليها فى غرب افريقيا، وإنه من خلال هذا النهج صار التنظيم قادرا على حشد الاتباع وشراء الذمم والولاءات وتهريب الاسلحة و الذخائر لمقاتليه وتأمين الملاذات الآمنة لهم والحاضنات الاجتماعية اللازمة لذلك. والتقى تقرير «أفريكوم» فى هذا المنحى مع تقرير تقييمى آخر صدر مطلع الشهر الماضى عن مجموعة الأزمات الدولية وهى مؤسسة بحثية تتخذ من واشنطن مقرا لها أكد فيه نجاح تنظيم داعش فى اعطاء سمة مميزة لنفسه عن باقى الحركات المسلحة التى تعج بها افريقيا وأن السر فى ذلك هو نجاح التنظيم فى كسب ولاءات السكان المحليين من خلال أنشطة تنموية تصب فى حياة السكان المحليين اليومية عجزت الحكومات عن تقديمها مثل حفر ابار مياه الشرب النقية وتقديم الخدمات الطبية بل وتقديم الخدمات ذات الطابع القضائى فى التحكيم فيما ينشب بين القبائل المحلية الافريقية من خلافات على المراعى والاراضى والاملاك، وتقديم التعليم الأولى لاطفالهم وهو الباب الذى استطاع التنظيم من خلاله النفاذ الى افكار الناشئة والصغار مثلما استطاع تثبيت مكانته فى نفوس الكبار. كما نبه تقرير «أفريكوم» الى خطورة ممارسات تنظيم داعش فى مناطق سيطرته فى غرب افريقيا فى مجال الرعاية الاجتماعية للفقراء وذلك من خلال جمع الاتاوات المالية من وجهاء القبائل وأثريائها ورجال أعمالها وتقديم المساعدات المالية لفقراء مناطق سيطرته الأمر الذى خلق ارتباطا قويا بين التنظيم وعموم أبناء المناطق فى غرب افريقيا وغالبيتهم من الفقراء وهو ما مكنه من تجنيد معظمهم كمقاتلين او اجتذاب الباحثين عن فرصة عمل ايا ما كانت ولو وصل الأمر الى العمل كمسلحين لحسابه. وقدرت «أفريكوم» إجمالى القوة العسكرية لتنظيم الدولة (داعش) فى غرب افريقيا بما يتراوح بين 3500 الى 5000 مسلح، وكشفت عن أن الجانب الاعظم من تسليحهم لا يعدو كونه «غنائم حرب» فى مواجهات مجموعات التنظيم مع التشكيلات العسكرية والأمنية التى تلاحقه. وأكدت «أفريكوم» فى تقريرها استمرارها فى تقديم الدعم اللازم لمكافحة ارهاب داعش للقوات المسلحة وقوى الأمن فى بلدان غرب افريقيا وفى مقدمتها نيجيريا ودول الحوض التشادى، مشيرا الى ان بناء قواعد لتشغيل الطائرات المسيرة فى جمهورية النيجر تصب فى هذا الاتجاه بهدف تحسين الخدمات الاستطلاعية اللازمة لمكافحى الارهاب.. كما ألمح التقرير فى هذا الصدد الى امكانية انشاء مزيد من قواعد تشغيل الطائرات المسيرة فى عدد من بلدان الإقليم. وكانت القيادة الافريقية فى القوات المسلحة الامريكية قد قللت من تواجد افراد الجيش الأمريكى فى منطقة غرب افريقيا لمهام مكافحة الارهاب، وذلك على خلفية كمين النيجر فى العام 2017 والذى اوقع سبعة قتلى من العسكريين الأمريكيين برصاص المتشددين المسلحين، وعلى اثر هذه العملية وازاء ضغوط الرأى العام الامريكى فى الداخل قررت «أفريكوم» سحب 300 من افراد مشاة البحرية المتخصصين فى مكافحة الارهاب من منطقة غرب افريقيا وفى المقابل تعزيز انشطة التدريب ونقل الخبرة الى الشركاء فى الجيوش وقوى الأمن فى القارة. توسيع نشاط الأفريكوم كشفت نقاشات مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع حول حالة الأمن فى لأفريقيا عن تهديدات إرهابية حقيقية تواجهها دول أفريقيا وفى مقدمتها دول الساحل و الصحراء ومن بينها جمهورية مالي التي طالبت الأممالمتحدة بالعدول عن سياساتها الانسحابية من عمليات مكافحة الإرهاب و القرصنة في القارة بل وتكثيف عملياتها على هذا الصعيد مهما كانت كلفتها. وتعد الكلفة الباهظة لفاتورة تشغيل قوات حفظ السلام الدولية في أفريقيا أحد الاعتبارات الأساسية التى دفعت الولايات المتحدة وقيادتها العسكرية لأفريقيا «أفريكوم» إلى تعظيم دورها لمكافحة الإرهاب فى القارة الأفريقية تفاديا لحدوث فراغ أمنى يسمح بتعاظم أنشطة الإرهاب و القرصنة فى القارة . ومع توجه الأممالمتحدة إلى خفض أعداد تلك القوات وترشيد الإنفاق عليها بدأت واشنطن اتجاها معاكسا لتعزيز دور القيادة الأفريقية «أفريكوم» وبناء شراكات فعالة مع جيوش و بحريات الدول الأفريقية الصديقة ، فعلى سبيل المثال تلتهم الكونغو الديمقراطية وهى إحدى الدول الأفريقية التى تشهد موجات اضطراب شديدة الجانب الأعظم من موازنة حفظ السلام بالأممالمتحدة ، فخلال عقدين من الزمان انخرطت فيها الأممالمتحدة فى عملية حفظ السلام فى الكونغو MONUSCO بلغت فاتورة تمويل تلك العملية 11ر1 مليار دولار سنويا ، وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة الشهر الماضى إلى إعلان نيته خفض عدد قوات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة البالغ عددهم 16 ألفا بواقع ألفى فرد فى أقرب وقت ممكن بما فى ذلك قوات الشرطة الأممية و عناصر المراقبة المدنية. وتلعب القوات الأمريكية فى أفريقيا دورا كبيرا في مكافحة الإرهاب بالمشاركة مع الدول الغربية الكبرى ذات النفوذ فى القارة وفى مقدمتها فرنسا التى كانت صاحبة أكبر مستعمرات غربية فى القارة السوداء ، وذلك بالإضافة إلى حكومات القارة ، ففي منطقة الساحل و الصحراء حيث تمركزات جماعات الإرهاب فى مالى و النيجر تلعب القوات الفرنسية دورها مهما بالتعاون مع القيادة الأفريقية فى الجيش الأمريكي «أفريكوم» لمواجهة أنشطة المتطرفين المسلحين فى هذه المناطق و القفز على أية مشكلات قد تعيق توسيع نشاط «افريكوم» فى القارة وفى مقدمتها معادلة الحفاظ على التوازن بين حرية عمل وحدات مكافحة الإرهاب الأمريكية واعتبارات عدم المساس بالسيادة الوطنية للدول الأفريقية. فعلى سبيل المثال وضعت الكاميرون ضوابط لعمل قوات مكافحة الإرهاب الغربية على أراضيها بما فى ذلك قوات افريكوم التى طلبت تدريب قوات مكافحة الإرهاب الكاميرونية ، و قد شهد قائد افريكوم الجنرال توماس والدوسر بذلك أمام لجنة الخدمات المسلحة فى الكونجرس الأمريكي هذا الشهر، وقال إن الرئيس الكاميرونى يرى فى نفسه القدرة الكافية على دحر الإرهاب اعتمادا على قواته. وبحسب الخبراء تبين الحالة الكاميرونية جانبا من المشاكل العملياتية التى تواجه القوات الأمريكية التابعة للافريكوم فى منطقة غرب أفريقيا ، فالدول الأفريقية الحساسة لسيادتها و لتواجد قوات أجنبية على أراضيها بعد عقود طويلة من الحكم الاستعماري عادة لا تخول للقوات الأمريكية صلاحية شن الهجمات دونما تنسيق مسبق مع الجيوش الوطنية حتى ولوكان المبرر هو الدفاع عن النفس ، بينما ترى قيادة افريكوم أن ترك قواتها تصول و تجول بحرية فى ميادين منازلة الإرهاب هو الأمر المطلوب الذى تحتمه مقتضيات المواجهة. ورغم موازنتها بين اعتبارات السيادة الوطنية و متطلبات التعاون مع الغرب فى مكافحة الإرهاب بقيت الكاميرون إحدي أهم دول أفريقيا جنوب الصحراء المتعاونة بقوة مع جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية وهو ما شهد بهد السفير الأمريكى فى ياوندى بيتر هنرى فى مؤتمر صحفي هذا الأسبوع مؤكدا اعتزاز بلاده بمواصلة دعم جهود الكاميرون فى التصدى لمسلحي بوكوحرام فى شمالها الأقصى و مواجهة الجرائم الإنسانية التي يرتكبها منتسبو هذا التنظيم المتطرف ضد المدنيين الكاميرونيين الرافضين لأفكارهم ، وقدرت الأممالمتحدة إعداد النازحين من مناطق شمال الكاميرون الفارين من بطش جماعات التطرف التى تقودها بوكوحرام بنحو 430 الف قروى ، بينما يتمركز فى الكاميرون نحو 300 خبير و مستشار مكافحة إرهاب أمريكي يعاونون الجيش الكاميرونى فى التصدى للجماعات المسلحة ، كما وافقت الولايات المتحدة هذا الشهر على تزويد الكاميرون بعربات مدرعة و سيارات مطاردة ومعدات لكشف الألغام ، كذلك حصلت الكاميرون على دعم سخى لمكافحة الارهاب من كل من الصين و إسرائيل و ألمانيا. وتعد اعتبارات سلامة القوات الأمريكية أحد المشكلات التي تواجه توسيع نشاط «أفريكوم» فى أفريقيا ، ففي منتصف فبراير الماضي ، أعاد الوضع الأمني المضطرب فى بوركينا فاسو الي صدارة الجدل قضية « مأمونية عمل القوات الأمريكية في أفريقيا « حيث كان مقررا مشاركة قوات امريكية فى تدريبات Flintlock 2019 « القفل الفولاذى 2019 « التى أجريت في الفترة من 15 فبراير وحتى الثالث من مارس الماضين فى بوركينا فاسو و مناطق من موريتانيا بمشاركة 34 دولة أفريقية وغربية وبإجمالى قوات يبلغ 2000 جنديا من مكافحي الإرهاب ، و أبدى مشرعون أمريكيون آنذاك قلقهم من تعرض العسكريين الأمريكيين المشاركين فى «القفل الفولاذى» لأعمال استهداف انتقامية من منظمات الإرهاب في بوركينا فاسو ثأرا من الدور الأمريكى النشط فى التصدي لتلك الجماعات . وتجدر الإشارة إلي أن القوات الأمريكية قد اعتقلت ألفا من منتسبى تنظيم «داعش» ممن كانوا فى سوريا و منهم من حاول التسلل إلى أفريقيا لشن هجمات مضادة ذات طابع انتقامى من العسكريين الأمريكيين ، كما أن قرار الاتحاد الأفريقي بسحب قوات «أميصوم» من الصومال و التى تشكل القوات البوروندية قوتها الضاربة قد طرح تساؤلات عن احتمالية استئناف جماعات الإرهاب الصومالية المتحالفة مع القاعدة و داعش لأنشطتها بقوة ضد الأهداف الغربية ، و يذكر فى هذا الصدد أن الرئيس البوروندى الذى تتقاضى بلاده مبالغ مالية طائلة مقابل نشر 5700 من قواتها لحفظ السلام فى الصومال منذ العام 2015 كان قد عارض قرار سحب قوات اميصوم . وتتطلع قيادة «أفريكوم» الى استكمال بناء قاعدتين جويتين فى أفريقيا قبل نهاية العام الجارى 2019 إحداهما تقع في جمهورية النيجر و الثانية تقع في الصومال ، وقالت افريكوم التى تتخذ من مدينة شتوتجارت الألمانية مقرا لها فى بيان صادر عنها إن الأوضاع فى أفريقيا يتطلب بناء ارتكازات عملياتية قوية لقوات افريكوم فى القارة وفى الوقت ذاته بناء شراكات تدريبية مع جيوش القارة و العمل بصورة مشتركة و نشطة لمكافحة الإرهاب. وتواجه قوات افريكوم جنبا إلى جنب مع جيوش البلدان الأفريقية تحديات الإرهاب والتطرف العنيف فى كل من منطقة القرن الافريقى و منطقة الساحل و الصحراء ، كما أبرمت الإدارة الأمريكية مطلع العام الجارى اتفاق تعاون عسكريا وشراكة لمكافحة الإهاب مع بوركينا فاسو تتضمن تدريبات أمريكية لقوات الجيش و مكافحة الإرهاب البوركينية. وتعد بوكوحرام و داعش من اخطر التنظيمات الإرهابية المتطرفة التى تتشارك الحكومات الأفريقية و الولايات المتحدة الجهد فى مواجهتها على الأرض الأفريقية ، و تقدر الاستخبارات الأمريكية عدد العناصر المسلحة لهما فى أفريقيا بنحو خمسة آلاف مسلح يتمركز معظمهم فى صحراء النيجر و امتداداتها فى شمال نيجيريا وهى المنطقة التي شهدت مصرع عناصر دورية عسكرية أمريكية راكبة مؤلفة من أربعة أفراد قبل عامين فى كمين نصبه لهم الإرهابيون ، وأثار فى حينه جدلا داخل المجتمع الأمريكى حول فاتورة مكافحة الإرهاب فى أفريقيا التى يتحملها الأمريكيون ، لكن الرأي العام الأمريكى والمشرعين انتهوا إلى أن هذه المشاركة هي خط دفاع أول عن الداخل الأمريكى ضد مخاطر الإرهابيين و معاقلهم حول العالم. وشهد شهر مارس الماضى نشاطا تدريبيا مكثفا على مكافحة القرصنة قادته الولايات المتحدة بالاشتراك مع دول من منطقة غرب أفريقيا وذلك لتعزيز حالة المواجهة و التصدى لأنشطة التهريب و القرصنة فى خليج غينيا و سواحل غرب القارة الأفريقية وهى الأنشطة التى تغذى جماعات الإرهاب و تموله و تقوى شوكة عصابات تهريب النفط و مقاولى الهجرة غير الشرعية و غيرها من جماعات الإجرام المنظم فى أفريقيا. التدريبات التى أطلق عليها اسم «اوبانجيم اكسبريس» أثمرت بناء قدرات متناغمة للبحرية الأمريكية و نظيراتها فى دول غرب أفريقيا على صعيد عمليات المطاردة البحرية و الدهم للسفن المشكوك فى أمرها ، و ما يتصل بذلك من عمليات تفتيش و اعتقال للعناصر الإجرامية وذلك بمشاركة تشكيلات بحرية من جامبيا و نيجيريا و السنغال وساحل العاج و توجو و جمهورية بينين. وتتكامل تلك التدريبات مع تدريبات مماثلة تقودها « افريكوم» فى شرق أفريقيا تحت مسمى «كتلاس اكسبريس» بدأت فى العام 2010 بالتعاون مع القوات البحرية وقوات خفر السواحل فى دول الشرق الافريقى، وتعد مسارات الملاحة بين الموانىء الأمريكية و موانىء خليج غينيا فى غرب أفريقيا من أهم مسارات الملاحة العالمية للتجارة و نقل النفط و توازيا مع ذلك تعد مسارا أساسيا لتهريب المخدرات من مناطق إنتاجها فى أمريكا اللاتينية إلى السواحل الأفريقية و منها إلى أسواق البيع فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و أوروبا. وقد شهدت مياه خليج غينيا فى غرب أفريقيا خلال العام الماضى 48 حادث قرصنة مقابل 33 عملية فى العام 2017 و 14 عملية فى العام 2014 وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن مكتب مكافحة القرصنة التابع للاتحاد الدولى للملاحة الذى وصف نشاط القراصنة فى غرب أفريقيا بأنه الأبشع على مستوى العالم حيث شهد العام الماضى وحدة ست عمليات اختطاف لرهائن من على متن سفن ملاحية طلبا للفدية و إحراق انتقامي ل 13 سفينة من أصل 18 سفينة هاجمها القراصنة رفضت دفع الفدية فضلا عن عمليات اختطاف طالت 141 فردا استطاعات بحريات دول الإقليم إنقاذ 130 منهم. عرقلة التهديد العابر للقارات منذ بدء القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، «أفريكوم»، عملياتها في أكتوبر 2008، ارتفع عديد القوات المسلحة الأميركية في هذه القارة بنسبة 170 % (من 2600 إلى 7000) جندي، وارتفع كذلك عدد المهمات العسكرية والأنشطة والبرامج والتدريبات هناك بنسبة 1900 % (من 172 إلى 3500)، وازدادت وتيرة عمليات القصف للطائرات من دون طيار، وانتشرت قوات «الكوماندوس» توازياً مع اتساع حجم قواعد «أفريكوم» العسكرية ونطاقها. ونفذت القوات الأميركية، أخيراً، 36 عملية محدّدة في أفريقيا، وهو عددٌ يفوق عددَ عملياتها في أيّ منطقة أخرى في العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط، وفق ما يفيد به تقرير أعدّه موقع «ذي إنترسبت» الاستقصائي. بحسب تعريفها، فإن «أفريكوم» «تعرقل التهديدات العابرة للحدود وتحيّدها»، من أجل «تعزيز الأمن الإقليمي والاستقرار والازدهار». ولكن منذ بدأت عملياتها، تراجعت المؤشرات الرئيسة للأمن والاستقرار في أفريقيا، وفقاً ل»مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية» التابع لوزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون». وبحسب تحليل جديد أجراه المركز، فإن «نشاط الجماعات الإسلامية المتشددة في أفريقيا تضاعف منذ عام 2012». ووجد التحليل أن هناك نحو 24 «جماعة إسلامية مسلحة» تنشط في القارة، مقارنة بخمس جماعات في عام 2010. وتواجه 13 دولة أفريقية، في الوقت الراهن، هجمات على أيدي هذه الجماعات بزيادة 160 %، مقارنةً بالفترة الزمنية نفسها في 2010. وازداد عدد «الأحداث العنيفة» في جميع أنحاء القارة بواقع 960 % (من 288 في عام 2009، إلى 3050 في عام 2018)، وفقاً لتحليل المركز. وفيما أسهمت مجموعة عوامل في تصاعد العنف، يرى بعض الخبراء أن التداخل بين وجود القيادة العسكرية الأميركية، والاضطرابات المتزايدة، ليس مِن قبيل الصدفة. في هذا الإطار، يقول مدير مشروع الأسلحة والأمن في «مركز السياسة الدولية»، وليام هارتونغ، إن «الزيادة الحادة في الحوادث الإرهابية في أفريقيا تؤكد أن النهج العسكري المفرط في تعامل البنتاغون مع المشكلة، كان بمثابة فشل محزن». ارتفع عدد الجنود الأمريكيين خلال العقد الماضي، مثلاً، تعرّضت الصومال لمئات الغارات الجوية، إلى جانب مهمات «الكوماندوس»، وادعت «أفريكوم» أنها «قتلت نحو 800 إرهابي»، معظمهم من «حركة الشباب» الصومالية. وارتفع عدد الهجمات الجوية الأميركية في هذا البلد في الآونة الأخيرة، إذ قفز من 14 في عهد الرئيس باراك أوباما في عام 2016، إلى 47 تحت إدارة دونالد ترامب العام الماضي. ومع ذلك، وجد تحليل «البنتاغون» أنّ الحوادث العنيفة التي تحمل بصمات «حركة الشباب» تمثل نحو 50 % من جميع أنشطة الجماعات الإسلامية المتشددة في أفريقيا، وأنّ هذا «المعدل ظلّ ثابتاً خلال العقد الماضي». في أكتوبر 2017، نصب عناصر من تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى كميناً للقوات الأميركية بالقرب من حدود دولَتي مالي والنيجر، ما أدى إلى مقتل أربعة جنود أميركيين وجرح اثنين آخرين. بعد ذلك مباشرة، زعمت «أفريكوم» أن الجنود كانوا يقدمون «المشورة والمساعدة» إلى الشركاء المحليين، ولكن كُشف لاحقاً عن أن قوات «الكوماندوس» الأمريكية التي تعمل إلى جانب قوة نيجيرية كانت تأمل الارتباط بفرقة أخرى من القوات الأميركية الخاصة، المشغولة بمحاولة القبض على زعيم «داعش» في الصحراء الكبرى، دوندون شيفو، أو قتله. وعلى رغم جهود واشنطن العسكرية الطويلة الأمد في المنطقة، إلا أن الجماعات المسلحة في الساحل أصبحت أكثر نشاطاً وباتت هجماتها أكثر تواتراً، وفقاً ل»البنتاغون». وازدادت «حلقات العنف» المرتبطة بتنظيمَي «القاعدة» و»داعش»، من 192 في عام 2017، إلى 464 في عام 2018.