العنف أصبح اليوم ظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية وما لبثت رقعته تتسع لتمس كل الفئات العمرية، ولكن يظل الأطفال والنساء أبرز ضحاياه لأنهم يعدون الحلقة الأضعف في المجتمع. ويترك العنف آثارا سلبية على الصحة البدنية والنفسية خاصة لدى الأطفال، لأنه دخل حياتهم في مرحلة مبكرة مازالوا فيها في طور النمو وبناء الشخصية. ممارسة العنف ضد الأطفال أبشع تصرف يمكن أن يؤتيه إنسان في سن الرشد، وقد أثبتت دراسة طبية أن الأشخاص الذين تنتابهم حالات من القلق والاكتئاب وكثير من الأمراض العضوية هم أصلا أناس تعرضوا لممارسات عنف في مرحلة الصغر، وهي المتهم الأول وراء ما يعانونه من أمراض واختلال في التوازن النفسي لديهم في السنوات التالية. وأجرى باحثون اجتماعيون بجامعة واشنطن تحليلا ودراسة لبيانات تم تجميعها من أكثر من عشر دول حول العالم، حيث عكفوا على تحليل الاضطرابات النفسية التي يُعاني منها الأطفال ومشاعر القلق والاكتئاب التي تنتابهم، فكشفت النتائج أن مشاعر القلق ونوبات الاكتئاب كانت مرتبطة مباشرة بالآلام المزمنة، التي تتمظهر في أمراض مثل هشاشة العظام، وآلام الظهر والرقبة، بالإضافة إلى كثرة التعرُّض للصداع الحاد. العنف سيتواصل في المستقبل في ظل ظواهر أخرى كالفقر والنزاعات المسلحة واستنادا إلى إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن 40 مليون طفل في عمر أقل من 15 سنة يُعانون من سوء المعاملة والإهمال، ويحتاجون إلى رعاية صحية واجتماعية، كما أوضح مسح أُجري في مصر أن 37 في المئة من الأطفال يفيدون بأن آباءهم ضربوهم أو قيدوهم، وأن 26 في المئة أبلغوا عن إصابات ناجمة عن التعنيف مثل الكسور أو فقدان الوعي أو إعاقة مستديمة. أما في الهند فقد أبلغت 36 في المئة من الأمهات الهنديات الباحثين القائمين بالمسح، بأنهن ضربن أطفالهن باستعمال أداة ما خلال الأشهر الستة الماضية، وأفادت 10 في المئة أنهن ركلن أطفالهن، و29 في المئة أنهن جذبن أطفالهن من شعورهن، و28 في المئة أنهن ضربن أطفالهن بقبضة اليد، و3 في المئة أنهن عاقبن أطفالهن بوضع الشطة الحمراء في أفواههم. من جانب آخر أوضحت دراسة أُجريت في الولاياتالمتحدة الأميركية عام 2010، أن خمسة في المئة من الآباء الذين تناولهم البحث اعترفوا بأنهم يؤدبون أطفالهم من خلال واحدة أو أكثر من الطرق التالية: رمي الطفل بشيء ما، الركل، الضرب، التهديد بسكين أو مسدس. وتشير إحصائيات حديثة لشرطة جنوب أفريقيا، إلى أن21 ألف حالة اغتصاب للأطفال أو اعتداء عليهم تم الإبلاغ عنها، وقد ارتكبت ضد صغار في السن حتى في سن تسعة أشهر، ووفقا للتقديرات فإن واحدة فقط من كل 36 حالة اغتصاب يتم الإبلاغ عنها.