نستقبل يوم الخميس المقبل فاتح السنة الميلادية الجديدة 2015، مودعين سنة 2014، التي كانت حافلة بالقضايا والإشكاليات على المستوى الصحي، سواء ببلادنا أو على المستوى العالمي، إذ كنا في مواجهة بعض الفاشيات الوبائية على غرار دول العالم ، كما هو الحال بالنسبة لفيروس الايبولا ، الذي مازال يرخي بظلاله المميتة على العديد من الدول، والذي حصد ، وفقا لآخر الإحصائيات، ما مجموعه 7588 ضحية، وهو الفيروس الذي تجندت السلطات الصحية المغربية للتعامل معه بالجدية والحزم المطلوبين، منذ 7 أبريل من سنة 2014 حين بدأ الاشتغال على المخطط الوطني، وهو ما مكّن لحدّ الساعة من تفادي انتقال العدوى إلى داخل المغرب، شأنه في ذلك شأن "الكورونا فيروس" الذي تم تتبعه ومراقبته على المستوى الوطني منذ سنة 2012 . في حين عاش المغاربة مجموعة من التحديات الصحية التي أرخت بظلالها السوداوية على يومياتهم. اختلالات صحية بالجملة، مقابل مجهودات بذلت لم تصل إلى ما كان متوخى منها، كغياب خريطة صحية، وتعثر نظام المساعدة الطبية "راميد" الذي لم يلمس المستفيدون منه نجاعته، في حين حرم منه آخرون بفعل الطبيعة الميكانيكية الجامدة التي تم الاستناد إليها في انتقاء المستفيدين من عدمهم، بالإضافة إلى إشكالية وفيات النساء الحوامل والأطفال دون سن الخامسة، وذلك على الرغم من مصادقة المغرب وانخراطه في برامج على المستوى العالمي المتعلقة بتحقيق أهداف الألفية الإنمائية، إذ ظلت الصور الصادمة تتقاطر من كل حدب وصوب، نتيجة لأخطاء بشرية بفعل غياب الوازع المهني/الأخلاقي عند البعض، أو لافتقار المرافق الصحية للتجهيزات الضرورية، الأمر الذي جعل منها مجرد هياكل جامدة بدون روح عملية، ومن بينها غياب، بل وحتى انعدام حافظات للمواليد الخدج ومن يولدون في وضعية صحية عسيرة، مما يؤدي إلى الوفاة أو يكون الآباء مطالبين بالتوجه صوب المصحات الخاصة لاطاقة لهم بتكلفتها، هذه المصحات التي عرف موضوعها جدالا كبيرا بفعل قانون فتح رأس مالها أمام المستثمرين الذي لقي معارضة واسعة، لكن صادق عليه مجلس النواب ، دونما حتى انتظار رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تم طلب رأيه في الموضوع! إشكاليات عرفتها الساحة الصحية المغربية، ومن بينها كذلك مشكل السمنة الذي لاتقف تبعاته عند ما هو صحي وإنما تتجاوزه إلى ما هو اقتصادي واجتماعي، والتي بلغت كلفتها على المستوى الوطني هاته السنة 24 مليار درهم، تنضاف إليها كلفة وتبعات أمراض من قبيل التوحد، دون إغفال ممارسات شائنة من قبيل المزاولة غير الشرعية لمهنة طب الأسنان، والتداوي بالأعشاب الطبية التي أضحت موضة إعلامية، ومشكل الممرضين، والجدال الذي رافق إحداث جامعات خاصة للصحة وإفراغ كليات الطب والصيدلة والمراكز الاستشفائية الجامعية من الأساتذة، في ظل النقص الكبير في عدد الأطر الطبية، وغيرها من المواضيع ذات الطابع الاستعجالي التي تتطلب تدخلا ناجعا من وزارة الصحة، بمؤازرة من قبل باقي المتدخلين ، بحثا عن حلول عملية، وليس بالتغاضي او برفع شعارات غير قابلة للتطبيق! البروفسور الحسين الوردي، وزير الصحة وفيات النساء الحوامل والأطفال تجسد الحقيقة المرة للمعاناة في الوسطين الحضري والقروي ألقى الحسين الوردي وزير الصحة ، خلال لقاء تواصلي بين مسؤولي الإدارة المركزية ومسؤولي الإدارة اللاممركزة، ممثلة في مديري الجهات الصحية ومندوبي العمالات والأقاليم، كلمة اعتبرتها مصادر صحية، «ذات طابع نقدي للقطاع»، نورد هنا بعض ما تضمنته : «لم تمر سنة ، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، دون أن تكون هذه الوزارة قد حققت مكسبا أو مكاسب مهمة على مستوى تقريب الخدمات الصحية من المواطنين ، سواء من حيث الضبط والتقنين أو من حيث توسيع العرض أو من حيث التكوين والتأطير أو من حيث تسهيل الولوج إلى الدواء. لكن، في المقابل وللأسف، لم نلمس وقع هذه المجهودات الاستثنائية على حياة المواطنين وخاصة المعوزين منهم. وإذا كان هناك من مثال صارخ يجب أن نسوقه في هذا الاتجاه، فلن نجد أكثر أو أقل من إشكالية وفيات الأطفال والأمهات والتعامل مع هذه الإشكالية سواء داخل شبكة العلاجات الصحية الأساسية أو داخل الشبكة الاستشفائية. وإن لم يكن أي واحد منا متيقنا من جدية هذا الاستنتاج المؤلم، فعليه أن يتصفح يوميا الجرائد ومواقع التواصل ليدرك وقع وفداحة الظاهرة، رغم بعض المغالطات التي يتم تداولها من بعض المناوئين لمجهودات الوزارة. لكن النتيجة تبقى هي عندما يلقى مولود أو امرأة حامل حتفهما إما أمام مدخل مؤسسة صحية عمومية أو داخلها أو يرفض قبولهما لأتفه الأسباب. فعين العقل تقتضي أن يتم التعامل بسلاسة وبحكمة مع الحالات التي تعرض على دور الولادة، علما بأن هؤلاء النساء الحوامل يقطعن مسافات طوال وفي ظروف مجالية ومعيشية قاسية للوصول إلى بر الأمان بالنسبة إليهن: ألا وهو المركز الصحي. فكيفما كانت نوعية المجهودات التي تبذلها الوزارة، فإنها تبقى دون جدوى أمام ما تطالعنا به وسائل والإعلام التي تجسد الحقيقة المرة التي يعاني منها المواطنون والنساء الحوامل على الخصوص، سواء في الوسط الحضري أو القروي أو المناطق الأقل تغطية، ناهيك عن انتقادات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية. إنه لَمُخز أن تُلصق بهذه الوزارة ومسؤوليها أرذل عبارات التهاون والتلاعب وانعدام المسؤولية رغم البرامج المخصصة لصحة الأم والطفل ورغم الالتزام الذي قطعه المغرب على نفسه في أفق تحقيق أهداف الألفية للتنمية. فما هي يا ترى قيمة ونجاعة الوسائل والآليات التي وضعتها أو التي توظفها المصالح الصحية الجهوية والإقليمية للحد من هذه الآفة والتقليل من مخاطر الصور النمطية التي تُلصق دائما بهذه الوزارة وتُلحق ضررا بالمجهودات التي تقوم بها؟ وليست وفيات الأمهات والأطفال وحدها موطن عتابنا ومصدر قلقنا وانزعاجنا؛ بل إن من بين المسببات المباشرة وغير المباشرة في حدوثها ، هي الطامة الكبرى التي لا يمكن السكوت عنها أو الارتياح لعواقبها. ويتعلق الأمر هنا بالغيابات غير المبررة أو حتى المبررة منها والتي تفتقر إلى الوازع الخلقي عندما تداس بها أبسط أخلاقيات المهنة. إن استفحال ظاهرة غياب الأطباء عن مقرات عملهم، وهي ظاهرة شائنة تقشعر منها نفوس المواطنين، ساهمت بقسط كبير في تردي الخدمات الصحية في مؤسساتنا الصحية. وليعلم الجميع أن الوزارة لن تبقى، من هنا فصاعدا، مكتوفة الأيدي طالما أن الجسم الصحي الوطني يعاني كثيرا من تبعاتها. كما لن نتسامح مع المسؤولين الذين يتساهلون أو يتسترون عليها في إطار من المحاباة والمجاملة. فكل المهنيين سواسية أمام الواجبات، كما أنهم سواسية أمام الحقوق ، خاصة وأن الوزارة لم تتأخر يوما ما في الإنصات والاستجابة، قدر المستطاع، لطلبات الشغيلة الصحية. فليتحمل كل واحد منا، إذن، مسؤوليته. إن التقصير في أداء الواجب والتقاعس في تحمل المسؤولية يفتح الباب على مصراعيه لكثير من التجاوزات ، وخاصة عندما ترفع فئة من المهنيين التحدي في وجه الإدارة، وهذا الأمر سيتم التصدي له بكل عزم وإرادة وفي إطار التطبيق الصحيح للقانون والأعراف الإدارية». الجيلالي حازم، مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي بلغ عدد المستفيدين من نظام التأمين الإجباري الصحي 8 ملايين شخص الوكالة الوطنية للتأمين الصحي توصلت ب 349 شكاية في 2014 وحسمت في 292 اختارت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي شهر دجنبر لتعقد الدورة الرابعة عشرة لمجلسها الإداري، وذلك قبل توديعها لسنة 2014، والتي جعلت من هذا الموعد الذي انعقد يوم الاربعاء 17 دجنبر، مناسبة للمصادقة على محضر الدورة الثالثة عشرة للمجلس التي انعقدت في شهر يونيو الفارط، وتقديم التقرير السنوي العام لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض برسم سنة 2013، إضافة إلى عرض أهم المؤشرات والإنجازات والتوصيات الخاصة بالوكالة، فضلا عن تقديم نتائج أنشطتها برسم الفترة الممتدة ما بين أكتوبر 2013 ونونبر 2014، وذلك على ضوء برنامج العمل المصادق عليه خلال الدورة الثانية عشرة للمجلس. اللقاء شكّل ، كذلك، مناسبة لتقديم الميزانية البرمجية خلال الفترة ما بين 2015-2017، وكذا ميزانية الوكالة لسنة 2015، بالإضافة إلى البت في ملفات الثالث المؤدى المقدمة، من قبل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، خارج الآجال القانونية لتقديم طلب استرجاع المصاريف، وعرض برنامج العمل لتنزيل التصنيف الموحد للأعمال الطبية. كما تم الإعلان عن العديد من الأرقام، ومن بينها استفادة 8 ملايين مستفيد من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، 5.1 ملايين منهم ينتمون إلى القطاع الخاص، مقابل 2.9 مليون هم من القطاع العام، مع تسجيل معدل سنوي للارتفاع يقدر بنسبة 6.8 في المئة، وذلك ما بين سنة 2006 و 2013 . من جهة أخرى توزعت مداخيل هذا النظام ما بين 8.6 ملايير درهم، وهي عبارة عن اشتراكات ومساهمات المنخرطين خلال سنة 2013، نسبة 52 في المئة منها هي من القطاع العام، علما بأن عدد المؤمنين بالقطاع الخاص تبلغ نسبته 66 في المئة مقارنة ب 34 في المئة للقطاع العام، إضافة إلى مبلغ 7.8 ملايير درهم هي اشتراكات ومساهمات المأجورين النشيطين خلال ذات السنة، في حين بلغت اشتراكات أصحاب المعاشات 774 مليون درهم، وذلك بتطور سنوي للاشتراكات والمساهمات بمعدل 9.1 في المئة ما بين 2006 و 2013 . في حين أن المصاريف التي تهمّ نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ، بلغت خلال سنة 2013 ما مجموعه 5.5 ملايير درهم، 32.3 في المئة من هذه النفقات تم توجيهها للأدوية، 30.2 في المئة هي موجهة لمرضى القصور الكلوي في مرحلة نهائية، 20.4 في المئة هي لمن يعانون من أورام سرطانية خبيثة، 10.2 في المئة كانت من نصيب مرضى داء السكري، على أن عدد المعنيين بالأمر قد بلغ 213 ألف و 914 شخصا. المجلس الإداري الذي ودّعت به الوكالة السنة الجارية، شكل مناسبة ، كذلك ، لتسليط الضوء على أولويات الوكالة، والتي تتمثل بالأساس في تعزيز الإجراءات بهدف توسيع استفادة المؤمنين، وذلك بخفض المبلغ الباقي تحمله، وتوسيع لائحة الأدوية والمستلزمات الطبية، مع الحفاظ على التوازنات المالية، بالإضافة إلى توسيع التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ليشمل باقي الفئات من المستقلين والمهن الحرة و لطلبة والأصول. وجدير بالذكر أن الوكالة هي منكبّة حاليا على تجديد الاتفاقيات الوطنية والتي تعتبر حجر الزاوية لتأطير وضبط العلاقات بين الفاعلين في حقل التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وفي هذا السياق ، اعتمدت الوكالة مقاربة جماعية و تشاركية مع جميع المتدخلين، التي انطلقت بتنسيق مع الهيئات المدبرة أولا لتحديد إمكانيات تحمل الأنظمة للإجراءات المرتقبة من الناحية المالية، ثم دراسة مطالب مقدمي العلاجات، قبل الشروع في المفاوضات. من جهة أخرى، تعمل الوكالة على تعديل الترسانة القانونية حتى تتمكن من الاضطلاع بمهامها ، كالعمل على تجانس الأنظمة وإصلاح الحكامة، سواء المتعلقة بالتغطية الصحية أو بالوكالة في حد ذاتها، أو تعزيز مراقبة احترام التعريفة المراقبة التقنية و الطبية. وفي إطار مهمة التحكيم التي تضطلع الوكالة بها وذلك لحل النزاعات التي يمكن ان تحصل بين مختلف المتدخلين في نظام التأمين الاجباري الأساسي عن المرض، تتوصل الوكالة باستمرار بالعديد من الشكايات من مختلف الهيئات وتتم دراستها والحسم فيها طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، إذ توصلت الوكالة خلال سنة 2014 ، بأكثر من 349 شكاية، تم الحسم في 292 منها ومازالت 51 حالة قيد الدرس، في حين هناك 6 ملفات غير مكتملة . أما في ما يخص دليل الأدوية ولائحة المستلزمات الطبية المعوض عنها، فقد قامت الوكالة بإدراج ما مجموعه 225 دواء جنيسا، و 32 دواء أصليا في لائحة الأدوية المعوض عنها، كما تم خفض أسعار عشرة مستلزمات طبية تستخدم في جراحة القلب والأوعية الدموية، كما تم اقتراح سحب 14 تسمية دولية موزعة على 76 دواء من لائحة الأدوية المعوض عنها لعدم كفاية خدمتها الطبية المقدمة. ويظل الهدف من كل هذه الإجراءات ، حماية المؤمنين وضمان احترام المقتضيات القانونية والاتفاقيات الوطنية، وكذلك تحديد الاختلالات والصعوبات المتعلقة بتطبيقها من أجل تطوير وتعزيز آليات ضبط نظام التأمين الاجباري الأساسي عن المرض.