مأساة إنسانية تحدث في مغرب الألفية الثالثة، وتحديدا بتراب دوار خاضع لنفوذ جماعة مولاي عبد الله، بإقليم الجديدة. شاب في مقتبل العمر يقضي حوالي 10 سنوات رهن الاحتجاز، داخل غرفة مظلمة ومحكمة الإغلاق بقفل من الخارج. ولعل الحيوانات والبهائم التي تعيش في إسطبل، أوفر حظا وأحسن حالا من هذا الكائن البشري، الذي سلب منه أعز الناس كرامته وإرادته وإنسانيته. هذا الشاب، حكمت عليه أسرته أن يعيش، زهرة عمره وعنفوان شبابه رهن الاحتجاز القسري. ولو أنه لم يفتضح أمره، لظل محتجزا، ولعاش إلى أن يقضي نحبه في ظروف لاإنسانية. المأساة تفجرت مساء يوم الجمعة، عندما عمد سكان من الدوار إلى التبليغ عن هذا «الأمر الرهيب»، ما استنفر السلطات الدركية والمحلية، حيث هرعوا في حدود الساعة ال6 مساء إلى البيت الكائن بالدوار المستهدف بالتدخل، للتأكد من حقيقة الوشاية، من خلال القيام بعملية التفتيش. وقد رفض رب الأسرة السماح للسلطات بالقيام بما يلزم، وطلب منهم العودة في اليوم الموالي (السبت). لكنهم أشهروا في وجهه تعليمات الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة، والتي تبررها من الوجهتين القانونية والواقعية، مقتضيات قانون المسطرة الجنائية. وما أن ولج ممثلو السلطات إلى الغرفة المظلمة والمقفلة، حتى اختنقوا جراء الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من داخلها، قبل أن تهتز قلوبهم، عند إضاءتها بمصباح، على وقع منظر لاإنساني غير مألوف .. إنسان عار من ملابسه، كما وضعته أمه، وممدد أرضا على جانبه الأيمن. بنيته الجسمانية نحيلة، ولون بشرته المتسخة شاحب، وشعر رأسه طويل، على غرار لحيته، ويزن بالكاد أقل من 30 كيلوغراما. وقد عمد المتدخلون لدى السلطات العمومية إلى نقله إلى المركز الاستشفائي الإقليمي بالجديدة، حيث تلقى العلاجات الأولية قبل تنظيفه وقص شعره. وحسب مصادر من المستشفى، فإن الممرضين كلما حاولوا تثبيته في وضعية مريحة على السرير، ليناولوه الطعام، إلا وعاد إلى وضعه الأصلي الذي اعتاد عليه جسمه ونفسيته طيلة فترة احتجازه، داخل الغرفة المظلمة وبالمناسبة، فقد كان أفراد أسرته قطعوا أي احتكاك أو اتصال مباشر معه داخل معتقله القسري، حيث كانوا يرمون إليه بالطعام على غرار الكلاب. ولم يسبق أن عرضوه على طبيب معالج. إلا أن الغريب في أمر هذا الشاب أنه يبدو في كامل قواه العقلية والنفسية. حيث كان يجيب عن جميع الأسئلة والاستفسارات، بشكل موضوعي ومنطقي، وبالتعبير باستعمال أسلوب سلس، وجمل صحيحة، دقيقة ومركزة، يحسن تركيبها من الناحية النحوية واللغوية، ويراعي في محتواها المطلوب منه. وجراء انفجار هذه النازلة، عمدت الضابطة القضائية لدى الفرقة الترابية للدرك الملكي بسيدي بوزيد إلى إيقاف رب الأسرة، والد الشاب المحتجز، لإخضاعه للبحث، وإحالته من ثمة على النيابة العامة المختصة.