يحمل انهيار أسعار النفط في العالم إيجابيات وسلبيات للمغرب، ومنها تراجع فاتورة النفط التي تثقل كاهله وفي الوقت ذاته احتمال تراجع المساعدات الخليجية مستقبلا وكذلك عدم الاستفادة من السوق الروسية تصديرا وسياحية وهي التي كان يراهن عليها كثيرا. ويشهد العالم تراجعا كبيرا في أسعار النفط، فقد انخفض البرميل دون 60 دولار بعدما كان منتصف السنة في حدود 120 دولار. ولا يمكن اعتبار هذا الانخفاض مجرد تقلبات السوق لأن النفط لم ينخفض عندما كانت الأزمة الاقتصادية في الغرب على أشدها منذ سنوات، علما أن الغرب هو المستورد والمستهلك الأول للطاقة.ويجري الحديث عن مؤامرة أمريكية- سعودية لضرب اقتصاديات دول تعتمد أساسا على صادراتها من الطاقة مثل روسيا وإيران. أطراف أمريكية تعترف بطريقة أو أخرى بهذه السياسة، والرئيس الروسي فلادمير بوتين لم ينف الاتهامات الموجهة للرياض بنهج هذه السياسة. وانخفاض سعر النفط يؤثر على اقتصاديات العالم أجمع بحكم الاعتماد على الطاقة. ويعتبر المغرب من الدول التي ستتأثر إيجابا ولكن في الوقت ذاته يحمل سلبيات بسبب تشعب اقتصاديات الدول وتفاعلها مع اقتصاد دول أخرى. ويحمل انخفاض النفط إيجابيات للاقتصاد المغربي، فهو سيخفف من ثقل فاتورة النفط، وتفيد معطيات مكتب الصرف باحتمال تراجع الفاتورة بقرابة 30% خلال 2014 مقارنة مع 2013، وسيكون الأثر الحقيقي خلال سنة 2015 لأن النفط يتم التفاهم حول شرائه بشهور من قبل. وهذا يعني أن النفط الذي يصل الآن الى المغرب قد جرى شراؤه في الصيف وبأسعار الصيف. وإذا بقيت أسعار النفط في وضعها الحالي، ففاتورة سنة 2015 ستكون بأقل 50% من سنة 2013. وسيخفف تراجع فاتورة النفط من تمويل الدولة لصندوق المقاصة لتوازن أسعار النفط. وقد يساهم هذا ما بين 0،6% الى 0،8% من النمو الاقتصادي، لأنه سيقلل من تكلفة الإنتاج مقابل الرفع من هامش الربح.لكن تراجع فاتورة النفط ستكون أقل من المنتظر سنة 2015، فمن جهة، قيمة الدولار ترتفع مقابل الدرهم، فجرت العادة كلما انخفض سعر النفط يرتفع الدولار. وسيكون المغرب مضطرا الى التخفيض من قيمة الدرهم بسبب التراجع التدريجي لعملة اليورو التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي، هذا الأخير أكبر شريك اقتصادي للمغرب. وقد أكد والي بنك المغرب جواهري احتمال تخفيض قيمة الدرهم. وفي باب السلبيات، بدأت الدول الخليجية التي تعتبر من أكبر المانحين للمغرب تعاني ماليتها من تراجع النفط، فالسعودية ستعاني من عجز يبلغ قيمة 39 مليار دولار السنة المقبلة. وهذا سيدفعها لا محالة من التقليل من المساعدات المالية المقررة للمغرب ولكن دون إلغائها. وتعتبر الحالة الروسية خاصة جدا. فالمغرب يراهن على السوق الروسية للرفع من صادراته الزراعية خاصة في ظل ارتفاع الإنتاج الفلاحي وفي ظل مقاطعة موسكو للبضائع الفلاحية الأوروبية. وبدأت الأزمة تحد من واردات روسيا من العالم وأوقفت انفتاح السوق الروسية على المغرب.