الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم تعهد بن كيران بالانخراط فيها في التصريح الحكومي ل 2012

تعتبر سنة 2014 سنة حبلى بالأحداث الصحية، التي عرفت استمرارا للاختلالات والتعثرات بالنسبة لصحة المغاربة، التي ظلت رهينة التصريحات الرسمية الافتراضية، مقابل غياب الفعالية على مستوى أرض الواقع، لتبقى بذلك مؤجلة في انتظار هل سيتم التعاطي معها بنظرة أخرى واقعية في 2015 ، أم سيظل الوضع كما هو عليه، سيما أن هذا التخلف الصحي هو ليس وليد اليوم، بل ورد تشخيصه ضمن التصريح الحكومي لرئيس الحكومة عبد الاله بن كيران بعد تشكيل حكومته، والذي هو تعاقد مع المواطنين وتعهد بتنفيذه، إذ من بين ما ورد فيه سيما في المجال الصحي، نجد على أن الحكومة تعهدت بتجويد القطاع وحسن الاستقبال، وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للعموم بشكل عادل يضمن الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية الأساسية، وبصفة خاصة في الولادة والمستعجلات، مع العمل على تدعيم شبكة العلاجات الأساسية خاصة في الوسط القروي، وتسطير خريطة صحية قائمة على توزيع عادل بين الجهات والمجالات، إضافة إلى الرفع من عدد مهنيي القطاع ووضع شروط تحفيزية لتشجيع التعاقد مع أطباء القطاع الخاص لسد الخصاص، فضلا عن وضع نظام يقظة صحية فعال في مواجهة الأوبئة والأمراض السارية والاعتناء بالأمراض المزمنة، وكذا توفير العناية الصحية للفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخاصة.
البنك الدولي يفضح فساد المؤسسات الصحية
خلافا لما تعهد به رئيس الحكومة وعكس تعهدات زميله وزير الصحة حول تخليق الممارسة المهنية بالمرافق الصحية العمومية، فإن واقع الحال يؤكد عكس ذلك، ولم يعد الأمر مقتصرا على الشكايات المصرح بها والموضوعة بالمصالح المختصة في هذا الصدد، أو على الأشرطة المسجلة خلسة المتداولة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي الفاضحة للفساد، إنما أضحى ما يقع بمستشفياتنا فضيحة دولية، الكل بإمكانه الاطلاع على بعض من تفاصيلها، وفي هذا الصدد أصدر البنك الدولي تقريرا أكد فيه على أن خدمات الرعاية الصحية العامة هي من أكثر القطاعات تضررا بالفساد في المغرب، مشيرا إلى أن البحوث شددت على أن عددا من المواطنين استخدموا الرشاوى لضمان الحصول على علاج أفضل، وتفادي الوقوف في الطوابير، والحصول على المعلومات الأساسية، فضلا عن وجود عاملين في المجال الصحي يكتبون فواتير مزورة ويصدرون شهادات ووصفات طبية غير صحيحة، مضيفا بأن سوء الإدارة العامة هو السبب العام لتفشي الفساد في إدارة المستشفيات والعاملين وبيئة عملهم، الأمر الذي لا يساهم على تحفيز الموظفين لتحسين أدائهم، فيما يرى المواطنون أن حقهم في الرعاية الصحية المجانية منتهك مع وقوف الفساد في طريقهم.
وفي السياق ذاته أكد البنك الدولي على أنه يساعد المغرب على تدعيم إدارته للموارد العامة عبر قرض لسياسات التنمية، ويساند إصلاحات قطاع الصحة عبر نظام جديد لتحسين الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية في المناطق الريفية في تسع مناطق بالمغرب، وسيساند هذا النظام تحديدا نشر مسابقات الجودة وآليات معالجة المظالم.
موارد بشرية وبنيات عاجزة عن تلبية الطلبات الصحية
أكدت عدة تقارير على أن عدد المستشفيات في المغرب لايتجاوز 141 مستشفى، من بينها 39 مستشفى متخصص و 102 مستشفى عام، تستنزف قرابة 70 في المئة من ميزانية وزارة الصحة المتمثلة في 5 في المئة، هذا في الوقت الذي وصلت فيه الطاقة الإيوائية بالمستشفيات العمومية إلى 27326 سريرا، التي استمرت في الاستحواذ على نسبة مهمة من الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الاستشفائية بأكثر من 77 في المئة من الطاقة الإجمالية، إذ وصل مؤشر عدد السكان لكل سرير استشفائي إلى 912 نسمة لكل سرير بالقطاعين العام والخاص.
وعلاوة على ضعف البنيات التحتية، سجل أحد هاته التقارير عجزا مهولا في الموارد البشرية، إذ يوجد طبيب واحد فقط لكل 1630 مواطنا، وممرض لكل 1109 شخص في القطاع العام، في حين تتمركز نسبة 45 في المئة من الأطر الطبية في محور الرباط والدار البيضاء فقط، بينما يبتعد أزيد من ربع سكان القرى على الأقل بعشرة كيلومترات عن أول مركز صحي، كما أن أزيد من 200 مؤسسة صحية استشفائية ووقائية مغلقة بسبب غياب الأطر الطبية والتمريضية.
وتشكل الاستشارات المتخصصة المقدمة بصفة خارجية ومصالح المستعجلات، البوابتين الرئيسيتين لقبول المرضى بالمستشفيات العمومية، ولم تتجاوز نسبة التغطية بهذه الخدمات 7 في المئة، وهي نسبة متدنية تُعزى إلى الخصاص الكبير في عدد الأطباء الاخصائيين، إذ أن 12 إقليما من أصل 83 لا تتوفر على اختصاصات القرب الخمسة، كما أن تحليل مؤشرات تسيير المستشفيات أبرز مدى عدم قدرة مستهلكي العلاجات على أداء المستحقات الواجبة عليهم إزاء المستشفيات.
استمرار أعطاب الصحة النفسية والعقلية
وحدها 83 مؤسسة علاجية في المغرب توفر الاستشارة الطبية النفسية والعقلية، أي ما يمثل 0.25 في المئة من المؤسسات الصحية الأساسية، مقابل 0.61 في المئة على الصعيد الدولي، ولاتتجاوز الطاقة الاستيعابية في مجال الصحة النفسية والعقلية 30 وحدة استشفائية بمجموع 2043 سريرا، أي أن الكثافة السريرية للصحة العقلية تبلغ 6.3 أسرة لكل 100 ألف، في حين لاتوجد بجهة وادي الذهب لكويرة وجهة كلميم السمارة، أية بنية للطب النفسي والعقلي.
الإحصائيات الرسمية تشير كذلك إلى أن عدد أطباء الأمراض النفسية والعقلية يبلغ 273 طبيبا، بمعدل 0.85 لكل 100 ألف نسمة، أما عدد الممرضين فيبلغ 783 ممرضا، بمعدل 2.43 ممرضا، في حين أن الأخصائيين في علم النفس بالمغرب لايتجاوز عددهم 18 أخصائيا، بمعدل 0.04 أخصائي لكل 100 ألف نسمة، بينما لاتتجاوز الأدوية التي تقتنى من طرف الوزارة، والتي تخص الأمراض النفسية والعقلية، نسبة 2 في المئة من ميزانية الأدوية لوزارة الصحة، هذا في الوقت الذي توصي منظمة الصحة العالمية بتخصيص 5 في المئة من ميزانية وزارات الصحة لاقتناء هذا النوع من الأدوية.
أما المرضى المصابون بأمراض نفسية وعقلية، فإن المعطيات الرسمية لوزارة الصحة قد أبانت أن مرض الاكتئاب يصيب 26.5 في المئة من المغاربة، أي ما يعادل 5 ملايين و533 مغربيا، بينما يعاني 200 ألف من اضطراب انفصامي، ويشكو 3 في المئة من مرض نفسي نتيجة للإفراط في تناول المخدرات، و2.8 مصابون بالإدمان عليها، في حين أن 2 في المئة هم مرضى نفسيون بسبب تناول الكحول بشكل غير سوي، و1.4 في المئة مدمنون على الخمر، وهي العوامل التي تؤدي إلى رفع مؤشرات هاته الأمراض في أوساط المغاربة، والتي تتفاقم حدتها يوما عن يوم.
هروب جماعي من الوظيفة العمومية بالصحة
لا يتجاوز عدد الأساتذة الأطباء اليوم بالمركز الإستشفائي الجامعي ابن رشد وكلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء 230 أستاذا، وذلك بفعل تواصل نزيف الاستقالات في صفوف الأساتذة نتيجة لعوامل متعددة أبرزها ظروف العمل المزرية بالقطاع الخاص، المنع الأولي لقرار مزاولة الأساتذة للعمل بالقطاع الخاص بمعدل يومين في الأسبوع ثم التراجع عنه، وكذا مسلسل إنشاء كليات الطب الخاصة وما تقدمه من إغراءات في هذا الصدد، وهو الرقم الذي يؤكد على فقر الصحة العمومية بالعاصمة الاقتصادية وينذر بعواقب وخيمة لها تداعيات شتى على صحة المواطنين.
أعداد الاستقالات تفاوتت خلال المواسم الثلاثة الفارطة، إذ في موسم 2011 /2012 استقال 13 أستاذا طبيبا، وخلال موسم 2012 / 2013 استقال 25 أستاذا، وفي موسم 2013 / 2014 بلغ عدد الاستقالات 21 استقالة، أما خلال شهر شتنبر الفارط، الذي يعد أول شهور الموسم الجديد، فقد سجلت لحدّ الساعة 8 استقالات، مما يبين وبشكل جلي أن الوضع الصحي بالدارالبيضاء يعاني اعتلالا كبيرا، وهو عنوان على استمرار نفس النزيف؟
خصاص/عجز ستستقبل به وزارة الصحة سنة 2015، علما بأنها أكدت على أن عددا كبيرا من المناصب المالية يضيع في نهاية كل سنة بسبب الاختيارات الشخصية لبعض الأطباء والممرضين، مشيرة إلى أنه في سنة 2014، تم فتح 1400 منصب لتوظيف الممرضين المجازين من الدولة الدرجة الثانية بمختلف التخصصات وقد بقي منها 281 منصبا شاغرا، كما تم فتح 225 منصبا لتوظيف الأطباء العامين بقي منها 103 مناصب، مضيفة بأنه وحتى لاتضيع هذه المناصب، فقد قررت في مطلع سنة 2015، الإعلان عن مباريات جهوية لتوظيف الأطباء والممرضين عبر استخدام المناصب المالية المتبقية برسم سنة 2014 والتي يبلغ عددها 384 منصبا. إلا أنه وحتى لو تم بالفعل توظيف هذا العدد من الأطر الطبية وشبه الطبية إلا أن البون يظل شاسعا والخصاص صارخا، لايمكن معه تلبية الطلبات الصحية للمواطنين المتزايدة.
الاستثمار في المصحات الخاصة لغير الأطباء واستمرار الجدل
رغم الجدل الذي رافق مشروع القانون رقم 131-13 المتعلق بممارسة مهنة الطب والانتقادات الحادة التي طالته، والتي تشدد على أن هذا القانون الذي سيفسح المجال أمام القطاع الخاص من أجل الاستثمار في المصحات الخاصة بعد أن كان الاستثمار في هذه المصحات حكرا على الأطباء، هو سيفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمار التجاري في الصحة و إخضاع صحة المواطنين للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري، وهو ما يتعارض مع كل الضوابط والأخلاقيات المؤسسة للممارسة
الطبية، وحق المواطنين في الحماية من المخاطر المرضية، وحقهم في الولوج للعلاجات الضرورية بشكل متكافئ و عادل اجتماعيا ومجاليا و بدون تمييز، إلا أن الدفع به قدما تم بوتيرة متسارعة بدون انتظار حتى المصادقة عليه في البرلمان، بعد الشروع في اقتناء مصحات خاصة ومختبرات من طر مستثمرين دفعوا بأطباء في الواجهة وتواروا هم خلف الستار؟
المثير للاستغراب أيضا وهو ما ينذر بسنة ستعرف مزيدا من الأخذ والرد بخصوص هذا القانون، هو المصادقة عليه في الغرفة الأولى، في الوقت الذي طلب مجلس النواب رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، الذي قدم بالفعل ملاحظاته بعد سلسلة من الجلسات والمشاورات، ومن بينها على سبيل المثال، ضرورة تشديد المراقبة على المستثمرين في المصحات الخاصة، وأن يضمن عرض العلاجات الطبية بطريقة عادلة بين جميع الجهات، على اعتبار أنه هناك جهات في المغرب تعاني من نقص حاد في الخدمات الصحية، وبأن يضع الاستثمار الخاص في المصحات المريض في صلب انشغالاته وألا يشتغل بمنطق تجاري محض، موصيا بضرورة أن تقوم وزارة الصحة بتعزيز هيئات مراقبة مؤسسات العلاج لدى وزارة الصحة والهيئة الوطنية للأطباء، وذلك من خلال تمكينها من الموارد المالية والبشرية الضرورية من أجل قيامها بمهامها على أحسن وجه، مقترحا خلق سلطة عمومية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية تتكفل بتحديد الآلية المعيارية والترخيص للمؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص.
هذا في الوقت الذي اتسعت فيه الجبهة الرافضة لهذا القانون الذي سيزيد من إفراغ المؤسسات الصحية العمومية، فضلا عن التداعيات الأخرى المسجلة، ويرتكز بعض المنتقدين في طرحهم، على سبيل المثال لا الحصر، على الفصل 31 من الدستور الذي ينص صراحة على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، الحماية الاجتماعية و التغطية الصحية، و التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة، إضافة إلى المادة 2 من مسودة مشروع القانون نفسه التي تؤكد على أن الطب مهنة لا يجوز بأي حال من الأحوال و بأي صفة من الصفات أن تمارس باعتبارها نشاطا تجاريا، و هو ما يعتبرونه يتعارض مع ما جاء في المادة 58 من نفس المشروع، بإعطاء حق حيازة المصحات الخاصة للشركات التجارية.
استمرار وفيات الأطفال والأمهات ضدا عن المخططات
أن ينخرط المغرب خلال سنة 2012 في برنامج «المساءلة» للمنظمة العالمية للصحة، الذي يهدف إلى مواكبة الدول في برامجها لتخفيض وفيات الأمهات والأطفال، وذلك عبر مساءلة مجموعة من الإجراءات والمؤشرات الرامية إلى تسريع خفض الوفيات، وأن تسطر الحكومة مخططا تسريع خفض وفيات الأمهات والمواليد 2012-2016، وأن تضع وزارة الصحة الاستراتيجيات والبرامج «النظرية» التي تعنى بصحة الأم والأطفال دون السن الخامسة، والتي تشدد على ضرورة تحسين مستوى الولوجية إلى المؤسسات العلاجية، وأن يؤكد وزير الصحة وقبله رئيس الحكومة بن كيران انخراط وزارة الصحة ومن خلالها الحكومة المغربية في مسار لخفض معدل وفيات الأمهات إلى 60 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 82 في المئة بالمقارنة مع سنة 1990، وتقليص معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 23 وفاة لكل 1000 ولادة حية، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 70 في المئة بالمقارنة مع نفس السنة، وكذا تقليص معدل وفيات المواليد الجدد إلى 14 وفاة لكل 1000 ولادة حية، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 35 في المئة، أخذا بعين الاعتبار أننا على عتبة اقتراب نهاية العد العكسي لبلوغ أهداف الألفية الإنمائية في أفق 2015 واستحضار الهدفين 4 و5 على وجه الخصوص في هذا الصدد، وكذا التوصيات المنبثقة عن اللجنة الخاصة بالإعلام والمساءلة في ما يخص صحة الأم والطفل، فغن واقع الأشياء يعاكس كل التصريحات والبرامج، بالنظر إلى استمرار وفيات النساء الحوامل ليس فقط في القرى والمداشر وإنما حتى في كبريات المدن بما فيها العاصمة الاقتصادية، وهو ما أقرّه وزير الصحة ووزارته تودع سنة 2014 مستقبلة سنة 2015، راميا باللائمة على العنصر البشري ممثلا في بعض المهنيين؟
اتهام رفضه فاعلون في مجال الصحة ونقابيون الذين اعتبروا بان تصريحات وزير الصحة تحاول أن تجعل من العنصر البشري شمّاعة ليعلق عليها فشل السياسات الصحية هو أمر غير مقبول ومرفوض بالمطلق، مشددين على أنها تصريحات تتناقض في تحديد أسباب فشل النظام الصحي، وبانها تحضر لمرحلة قادمة يتم فيها إعداد الرأي العام لاستقدام الأطباء الأجانب، متوقفين عند غياب الوسائل العلمية والأجهزة الطبية الضرورية الواجب توفرها في المؤسسات الصحية لعلاج المرضى، والعدد غير الكافي للموارد البشرية، وهو ما يؤشر على أن سنة 2015 ستكون موعدا آخرا، قد يظل فيه الحق في الصحة والحياة مجرد شعار مرفوع حتى إشعار آخر، في ظل استمرار السياسات الترقيعية التي يذهب ضحيتها المواطنون!
نظام لليقظة الصحية بين قوسين
من دون شك أن نظام اليقظة الصحية الذي يعمل به المغرب قد أتبث نجاحه لحدّ الساعة، بشكل نسبي، في التعامل مع الفاشيات الوبائية التي عرفها العالم، ومن بينها، أنفلونزا الخنازير، الكورونا فيروس، والايبولا الذي ما يزال يوقع الضحايا ويصطاد الأرواح، وهو النظام المتقدم مقارنة بدول أخرى كتلك التي عرفت جائحة بفعل الايبولا، إلا أنه ومع ذلك يؤكد المتخصصون على أن سنة 2015 يجب أن تكون سنة لإعادة النظر في هطا النظام لكون العديد من الثغرات تعتريه، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة في حال وقوع فاشيات وبائية أخرى غير متوقعة، بالنظر إلى أنها لاتقوم بإعطاء إشارات وإنما تظهر فتجتاح الدول بشكل سريع، وهي الخطوة المطلوبة وبشكل ملحّ واستعجالي لتعزيز اليقظة وضمانا لاحتياطات أوسع، تأخذ بعين الاعتبار النقائص والاختلالات المسجلة في النظام الحالي المعمول به.
السلّ «يهزم» حكومة بن كيران
توفر المغرب على برنامج وطني لمكافحة داء السل منذ نهاية سنوات السبعينات، واعتماد استراتيجيات متجددة في محاربة هذا الداء وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، آخرها في 2006 والتي حملت اسم « السل قف»، وقبلها?»كفى من السل»، واستراتيجية العلاج القصير الأمد تحت الإشراف المباشر لمهنيي الصحة «الدوتس»، لم تنجح في التقليص من نسب الإصابة بهذا الداء الفتاك وبلوغ النسبة التي تم الإعلان عنها غير ما مرة من طرف المسؤول الأول عن وزارة الصحة، إذ يتذكر المهنيون في مجال الصحة والمتتبعون المداخلتان الإنشائيتان الحالمتان الورديتان اللتان وردتا على لسان كل من وزير الصحة الحسين الوردي، والوزير المنتدب المكلف بالتكوين المهني عبد العظيم الكروج باسم قطاع التربية الوطنية، خلال اليوم الدراسي الذي نظم في 2014 تخليدا لليوم العالمي لمكافحة داء السل، تحت شعار»جميعا من أجل القضاء على السل»، وحدد له محور الهجرة واستراتيجية محاربة السل، واللتان أقرّتا بعجز ضمني لمواجهة داء السل بالمغرب، إذ لم تتجاوز نسبة معدل الانخفاض السنوي للداء 3 في المئة عوض 6 في المئة التي تم التهليل لها مرارا وتكرارا؟
عجز مردّه عدة أسباب مرتبطة بالأساس بتداخل العوامل المساعدة على انتشار الداء، ومنها ظروف السكن وارتباطها بحضور تهوية جيدة، وتوفر أشعة الشمس من عدمه، ونظام التغذية ... بالإضافة إلى ضعف وتيرة الكشف والتشخيص المبكرين، والانقطاع عن إتمام العلاج، مما يجعل من هذه العوامل الصحية منها والاقتصادية والاجتماعية، أسبابا رئيسية في استمرار تسجيل معدلات مرتفعة للإصابة بالسل، سيما بالمدن الكبرى والأحياء الهامشية التي تعرف نسبة كثافة عالية من المواطنين، والتي ترتفع فيها معدلات الهشاشة والإقصاء الاجتماعي والعوز، ويكفي أن نعلم بأنه سنويا تسجل نسبة تفوق 80 في المئة من الحالات الجديدة لكل مئة ألف نسمة، وهي النسب التي ترتفع بشكل أكبر في أحياء بمدينة كالدارالبيضاء، والتي يشكل فيها الشباب رقما مهما، إذ تتراوح أعمار المصابين ما بين 15 و 45 سنة، 58 في المئة منهم هم من الذكور.? بالمقابل ينتشر السل المقاوم للأدوية بنسبة 0.5 في المئة عند الحالات الجديدة، و 12.2 في المئة بين الحالات التي سبق علاجها، وتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 200 حالة للسل المقاوم للأدوية في المغرب. هذا في الوقت الذي ترتفع نسب الإصابة في أوساط المعتقلين داخل السجون، الذين هم عرضة للإصابة بداء السل، بمعدل 13 مرة أكثر، مقارنة بالأشخاص في وضعية أخرى، نظرا لوضعية المركبات السجنية وظروف «العيش» داخل زنازنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.