يعاني قرابة 48 بالمائة من المغاربة من اطراب نفسي وذلك حسب معطيات وزارة الصحة التي توصلت إليها إثر البحث الميداني الذي أنجزته في الفترة 2003-2006 والذي خص عينة من المواطنين من 15 سنة فما فوق، وتتوزع هذه الاضطرابات النفسية على أشكال متنوعة، إذ أن 26.5 بالمائة من المغرب يعانون من الاكتئاب و 5.6 في المائة يعانون الأمراض الذهانية، و6.3 في المائة يعانون الرهاب الاجتماعي، و6.6 في المائة من المغاربة يعانون الوسواس القهري، وما يعادل 200 ألف مغربي يعانون من أمراض الفصام، تتطلب 70 بالمائة من هذه الحالات أي ما يعادل 140 ألف مواطنا علاجا استشفائيا في فترة ما. كما أن 300 الف شخص يعانون من الإدمان على الكحول وما يناهز 600 ألف شخص مدمنون على المخدرات. مقابل هذه الوضعية ، فإن وزارة الصحة لا تتوفر على بنية تحتية وموارد بشرية تستوعب المصابين بهذه الأمراض النفسية والعقلية وتقدم لهم العلاج الضروري كما ان القطاع الخاص ما زال ضعيفا إذ ان القانون لا يشجع على الاستثمار في مجال الصحة العقلية والنفسية بل يضع عراقيل في طريقه. يعترف البروفيسور الحسين الوردي وزير الصحة في كل مناسبة يطرح فيها موضوع الأمراض العقلية والنفسية بوجود خصاصا كبير في هذا القطاع وبإهمال يطال المرضى الذي حالفهم الحظ ووجدوا سريرا في احد المستشفيات، فرغم أن المشاهدة الميدانية والبحث الذي أنجزته وزارة الصحة تكشف عن أعداد مهمة للمصابين بالأمراض النفسية والعقلية والأشخاص الذين يعانون من الإدمان على المخدرات والكحول، إلا أن مستشفيات الممكلة لا تستطيع أسرتها استقبال سوى 2234 مريضا، يتوزعون على 4 مراكز جامعية تتوفر على 636 سريرا و 6 مستشفيات مختصة توفر 825 سريرا و 20 مصلحة مدمجة بالمستشفيات العمومية توفر 737 سريرا 4 منها أي 120 سريرا غير مشغلة لكونها لا تتوفر على موارد بشرية، في الوقت الذي يتوفر فيه 80 مركزا صحيا فقط من بين أزيد من 2500 مركزا على استشارات الصحة النفسية. وإذا كانت المعدل العالمي للكثافة السريرية ينص على توفير 4.36 سرير لكل 10 آلاف نسمة فإن المغرب لا يزال بعيدا على هذا المعدل إذ إنه حاليا لا يوفر سوى أقل من سرير أي 0.78 لكل 10 آلاف نسمة، والأسرة المتوفرة حاليا ورغم هزالتها كميا وكيفيا إلا أنه ليست بالضرورة محجوزة للمرضى. ولا يجد 600 ألف مغربي يعانون من الإدمان على المخدرات و 300 ألف شخص يعانون من الإدمان على الكحول، فرصا للعلاج بالنظر للخصاص المهول في هذا المجال سواء على مستوى الأسرة المتوفرة او الموارد البشرية المؤهلة والمتخصصة في هذا المجال، فالعرض الصحي المغربي لا يوفر سوى مصلحتين سريريتين متخصصتين في علاج الإدمان بمركزي الدارالبيضاء وسلا ولا توفران سوى 32 سريرا، في حين تعتمد 4 مراكز لعلاج الإدمان بكل من وجدة والرباط والناظوروطنجة على فرق للتدخل عن قرب للوقاية من أضرار الإدمان. وينتظر إنشاء 3 مراكز مماثلة بشراكة مع مؤسسة مؤسسة محمد الخامس للتضامن بكل من مراكشوتطوانوالناظور. الموارد البشرية ضعيفة في القطاع العام والخاص يتوفر المغرب على 197 طبيبا نفسانيا يشتغلون في القطاع العمومي وهو رقم ضعيف بالنظر إلى المعدل العالمي، إذ يفترض حسب المعايير الدولية أن يتوفر 3.66 طبيبا مختصا لكل 100 ألف نسمة في حين لا يوفر المغرب سوى أقل من مختص أي 0.63 لكل مائة ألف نسمة، ومدينة كبيرة من حجم مدينة أكادير تتوفر على طبيب واحد ل 70 ألف نسمة، كما أن العديد من المؤسسات الاستشفائية لا تتوفر سوى على طبيب واحد للأمراض العقلية بالرغم من أن هذه المؤسسات تضم عددا كبيرا من الأسرة، وهو مانجده في الأقسام الخاصة بالأمراض العقلية في كل من آسفي 300 ألف نسمة، والعيون 185 ألف نسمة، وتارودانت 170 ألف نسمة، وخريبكة ووارزازات 60 ألف نسمة، ومستشفى تطوان 320 ألف نسمة. ويعزو العاملون في الميدان هذا العدد الهزيل إلى عدم إقبال الأطباء على التخصص في الطب العقلي والنفسي إذ لا يتخرج سنويا سوى ما بين 7 و 10 اطبا متخصصين، الدكتور فاطمة أصواب رئيسة مصلحة الأمراض العقلية في وزارة الصحة تفسر هذا الوضع بما أسمته «الوصم الإجتماعي» إذ يرفض الطلبة الأطباء التخصص في هذا المجال رغم توفر مناصب مالية خوفا من نظرة المجتمع التي تنتقص من العاملين في هذا الميدان وأيضا المصابين بالامراض العقلية والنفسية. أما فيما يخص الممرضون المختصون، يوجد 753 ممرضا وممرضة أي 2.44 ممرض لكل 100 الف نسمة وهذا رقم بعيد عن المعدل العالمي الذي يوصي بتوفير 12.97 ممرض مختص لكل 100 ألف نسمة، الممرضون المغاربة المختصون في الامراض العقلية والنفسية يطالبون في كل مناسبة بوضع نظام أساسي يحدد مهامهم ويفر لهم الحماية خاصة وأن عددا منهم يتعرضون لاعتداءات من طرف المرضى الذين تجتاحهم حالات هيجان وعنف. أما القطاع الخاص فإنه لا يوفر سوى 131 طبيبا للأمراض العقلية ومصحة واحدة متخصصة في معالجة الإضطرابات العقلية، وكشف تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول الصحة العقلية في المغرب أن القطاع الخاصة بالإضافة لكونه ضعيف على مستوى الموارد البشرية ولا يمكنه تغطية القصور الذي يعاني منه القطاع العام فإنه يعاني من عدة مشاكل منها ارتفاع كلفة الاستشارة الطبية والاستشفاء والعلاج وطول مدة العلاج، وهزالة أو انعدام التعويض عن تكاليف علاج الأمراض العقلية من طرف صناديق الضمان الاجتماعي او شركات التأمين، كما ان القانون يشكل عقبة في وجه الاستثمار في المصحات المتخصصة في الأمراض العقلية إذ يلزمها بالتوفر على غرفة عمليات قبل منح الترخيص لها رغم أن مصحات طب الامراض العقلية ليست في حاجة إلى جناح العمليات. أين باقي المرضى؟ إذا كان العرض الصحي الرسمي يقول بأنه يوفر 2234 سريرا للمرضى المصابين بأمراض نفسية وعقلية، إلا أن 120 من هذه الأسرة والتي تتبع لمصالح مدمجة في مستشفيات الناظورتيزنيتالدارالبيضاء الحي المحمدي، سيدي قاسم غير مشغلة بالنظر إلى عدم وجود موارد بشرية، كما أنه توجد أسرة شاغرة في باقي المستشفيات والمصالح بسبب نفس السبب ضعف التجهيزات والموارد البشرية، فأين يذهب الآلاف من المرضى الآخرون والذين لم يحالفهم الحظ لحجز سرير في مستشفى عمومي. تقول الإحصائيات إن ما يفوق 2000 شخص من المرضى نفسانيا وعقيلا متواجدين داخل السجون، 500 منهم في سجن عكاشة بالدارالبيضاء هؤلاء يتناولون أدوية بشكل مستمر، وبعضهم مدان بعقوبات طويلة بعد أارتكابهم جرائم قتل أو اغتصاب. كما أن 25 بالمائة من السجناء معتقلون في قضايا ذات علاقة باستهلاك وترويج المخدرات، وذلك حسب ما اعلنه المندوب السامي للسجون ما يشير إلى أن هذه الفئة تعاني من الإدمان على المخدرات، الأضرحة بدورها تشكل ملاذا للمرضى العقليين والنفسيين في غياب عرض صحي يعتني بهم ويحتضنهم، وضريح «بويا عمر» المعروف وطنيا يأوي لوحده أزيد من 1200 نزيل مقيدون بالسلاسل وفي وضعية لا إنسانية. بينما يهيم باقي المرضى في شوارع المملكة، وتكتفي السلطات بإخفائهم في مراكز الإيواء في كل زيارة رسمية ثم يتم الإفراج عنهم. وعود الوردي للمرضى العقليين وأسرهم في الفترة 2012-2016 سن قانون جديد للصحة النفسية يضمن حقوق المرضى ( تعديل ظهير 1959) توفير الأدوية الأساسية في مستشفيات الأمراض النفسية والرعاية الصحية الاساسية: ضمان استفادة 150 ألف مريضا سنويا بالمجان في مرافق الرعاية الصحية وزيادة خدمات الرعاية الصحية للمرضى في مستشفيات الامراض النفسية بنسبة 20 بالمائة سنويا مع ضمان المجانية لمستفيدي نظام راميد مراجعة القائمة الوطنية للأدوية الأساسية. تدراك الخصاص المسجل في الأسرة بهدف توفير ما يناهز 800 سرير وتعزيز القدرة الايوائية الوطنية للانتقال من 2234 سريرا إلى 3 آلاف قبل نهاية سنة 2016 وذلك بإنهاء مشروع إنشاء 4 مستشفيات جهوية متخصصة يضم كل منها 120 سريرا وإحداث 22 مصلحةلمعالجة الأمراضص العقلية والنفسية بالمستشفيات المتعددة الاختصاصات. رفع نسبة الطاقة الاستيعابية للأسرة إلى 1 لكل 10 آلاف مقابل 0.78 حاليا رفع نسبة الكثافة الأطباء الاختصاصيين إلى 1 لكل 100 ألف مقابل 0.63 بالمائة حاليا بغلاف مالي 70 مليون درهم إتمام بناء 3 مراكزلمعالجة الإدمان بشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن في حدود 2014 بكل من تطوانومراكشوالناظوروأكادير وفاس والحسيمة مع توسيع الخدمات في 4 مراكز في حدود 2016 في كل من طنجةالعرائشالقصر الكبير وشفشاون. التكوين لصالح 30 طبيب نفسي. تكوين 200 ممرض متخصص في الطب النفسي سنويا تكوين 10 أطباء نفسيين متخصصين في السنة تكوين أطباء متخصصين في طب الإدمان