التزم محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، بأن كل درهم إضافي سيتم تحصيله نتيجة توسيع الوعاء الضريبي سيقابله تخفيض في نسب الضرائب الأساسية، إضافة إلى الرفع من الاعتمادات المخصصة للقطاعات الإجتماعية. وقال وزير المالية والاقتصاد، في افتتاح المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات المنعقدة بالصخيرات، أن الرهان الأساسي للإصلاح الضريبي هو توسيع الوعاءالضريبي، مشيرا إلى أن النظام الحالي غير منصف وغير متوازن. وأشار بنشعبون إلى أن كل أجير يساهم في مداخيل الضريبة على الدخل بنسبة أكبر خمس مرات من مساهمات أرباب المهن الحرة والمقاولين المهنيين. وقال إن الإصلاح يجب أن يفعل مبدأ “نفس مقدار الضريبة عن نفس مقدار الأجر”. وكشف بنشعبون أن الضريبة على أرباح الشركات والضريبة على القيمة المضافة تعاني من نفس الاختلالات، إذ أن عددا قليلا جدا من الشركات يؤدي الجزء الأكبر من الضرائب. وأوضح على سبيل المثال أن ثلثي المقاولات تصرح بعجز مزمن في حساباتها، وأن 150 شركة فقط تساهم ب 50 في المائة من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة. بدوره أكد الشامي أن الرأي الذي أصدره المجلس حول الإصلاح الضريبي تضمن توصية مماثلة للالتزام الذي عبر عنه وزير الاقتصاد والمالية بتوجيه المحاصيل الجبائية الإضافية المتأتية من توسيع الفرشة الضريبية نحو تخفيض نسب الضرائب ودعم النفقات الإجتماعية. وقال الشامي “أوصينا بتخصيص ثلث هذه الحصيلة الإضافية لتخفيض الضرائب وثلثها لتعزيز النفقات الإجتماعية وثلثها لدعم ميزانية الدولة”. وأوضح الشامي أن الرأي الذي أصدره المجلس يوم 28 مارس الأخير، نتيجة سنة من العمل، وشاركت فيه كل القوى الحية في البلاد وصوتت عليه بالإجماع في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يتضمن مجموعة هامة من التوصيات التي يمكن للحكومة أن تأخذها دون تحفظ اعتبارا لدور المجلس وتركيبته التي تشمل كل الفاعلين، والتي تعكس إجماعا وتوافقا وطنيا. ومن أبرز توصيات المجلس في هذا الصدد “استكمال الترسانة القانونية المنظمة للمجال الجبائي بنظام أكثر عدلا وأكثر إنصافا للضريبة على الذمة المالية (الثروة)”، وذلك من أجل إرساء الشعور بالإنصاف، استنتاجا إلى المبدأ الدستوري الذي ينص على أنه “على الجميع أن يتحمل، كل قدر استطاعته، التكاليف العمومية”. وميز المجلس في توصيته بين الثروة المنتجة المولدة للدخل والخاضعة للضريبة، وبين الثروة غير المنتجة والتي تشكل عبئا على المجتمع. ودعا في هذا الإطار، إلى تضريب الثروة غير المنتجة، كالعقارات غير المستعملة في الدورة الاقتصادية. و انتقد المجلس في تقريره هيمنة اقتصاد الريع واللجوء بكثرة إلى منح الامتيازات من أجل تنمية الأنشطة الاقتصادية، مما يؤدي إلى انعدام النجاعة وضعف القيمة المضافة ويساهم بالتالي في استمرار التفاوتات الاجتماعية والمجالية والتركيز القوي الذي يطبع الاقتصاد، ويتجلى ذلك في العدد المحدود للمقاولات، والتي تولد ثروة وطنية تتسم بدورها بالمحدودية. من جانبه، دعا رئيس الباطرونا صلاح الدين مزوار جميع الفاعلين إلى التحلي بالشجاعة السياسية في تدبير هذا الإصلاح الضريبي. وطالب مزوار بعدم الاعتماد على المقاربة الضريبة المحضة في إعداد الإصلاح، دون استحضار المقاربة السوسيولوجية للتسيج المقاولاتي المغربي، محدرا من أن ذلك يسيعد إنتاج نفس الإخفاقات السابقة،كما دعا مزوار الأحزاب السياسية المغربية إلى إعلان إلتزامها لمواكبة الإصلاح الذي ستتمخض عنه أشغال هذه المناظرة. وحضر المناظرة رؤساء الأحزاب السياسية ورؤساء الجهات والمجالس المنتخبة والتنظيمات المهنية والنقابات ومصالح الإدارات العمومية والبرلمانيين، وعدد من الدبلوماسيين والمنظمات الدولية. ويرتقب أن تخرج المناظرة بتوصيات واقتراحات تشكل أرضية لقانون إطار للجبايات المركزية والمحلية، بهدف تأطير إصلاح جبائي شامل يمتد تنفيذه على مدى الخمسة أعوام القادمة.