بإيجابية عالية، اختتمت أمس السبت 4 ماي 2019 بالصخيرات أشغال المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات. وخلصت الأشغال على الإجماع حول مبادئ وتوصيات، كان دفع وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، في كلمته الافتتاحية يوم الجمعة 3 ماي 2019، إلى تحقيق التوافق حولها بما يؤطر الإصلاح الجبائي المنشود . وكما هو متوقع، فقد اختتمت أشغال المناظرة، التي حملت شعار "العدالة الجبائية" ببلورة مجموعة من التوصيات، سيتم أخذها بعين الاعتبار في صياغة مشروع قانون الإطار المتعلق ببرمجة مختلف مراحل إصلاح النظام الجبائي كما أكد ذلك الوزير الوصي على القطاع الاقتصادي والمالي محمد بنشعبون. وقد ارتكزت المقترحات المقدمة في ختام المناظرة بشكل عام حول أربعة محاور تهم المبادئ الأساسية والعقلنة الاقتصادية والانسجام والشمولية والحكامة الجيدة . و جدد الوزير بنشعبون، في كلمته الختامية أول أمس السبت، التأكيد على أن مشروع القانون الإطار المستقبلي المتعلق ببرمجة مختلف مراحل إصلاح النظام الجبائي سيشكل مرجعا لقوانين المالية للسنوات الخمس المقبلة. وأوضح الوزير، الذي أشاد بجودة النقاش والأفكار، أنه "بعد تجميع كل الأفكار الجيدة التي طُرحت خلال المناظرة الوطنية، سنشرع على الفور في إعداد مشروع القانون الإطار الذي سيمنح شكلا ومعنى لهذه الأشغال ونتائجها، وبالتالي سيشكل مرجعا لقوانين المالية للسنوات الخمس المقبلة". وأبرز بنشعبون إلى اتخاذ جملة من الإجراءات، على ضوء مخرجات المناظرة، التي ستؤثر بشكل كبير في الإصلاح الجبائي. إذ لقت، على سبيل المثال إلى "إعادة تنظيم احتساب الضريبة على الدخل بالموازاة مع توسيع قاعدة هذه الضريبة وتحسين حصة الضريبة على الدخل المهني من أجل دعم مواطنينا ذوي الدخل المنخفض والطبقات المتوسطة". وشدد بنشعبون، كذلك، على ضرورة تكريس حيادية الضريبة على القيمة المضافة من خلال حذف تأثير المصدم الجبائي، وزيادة المعدل الهامشي للأنشطة الاقتصادية المحمية وتوحيد الأنظمة التفضيلية المطبقة على التصدير، والمناطق الحرة للتصدير وفي مدينة الدارالبيضاء المالية. وأثار بنشعبون تجميع وتبسيط الضريبة على الدخل والضريبة المهنية في إطار مساهمة مهنية موحدة للأنشطة ذات الدخل المنخفض التي تعني فئة صغار التجار والصناع التقليديين. إذ أبرز الوزير أهمية تبسيط الضرائب المحلية وملاءمة أسسها الضريبية وإجراءاتها مع جبايات الدولة، لا سيما بالنسبة للضريبة المهنية. وشدد، في هذا السياق، على أهمية دمج جبايات الدولة والضرائب المحلية وشبه المالية في قانون ضريبي عام واحد، وتعزيز حقوق دافعي الضرائب لتحقيق التوازن بين الحقوق والالتزامات. ونبه بنشعبون إلى أهمية تعزيز جهود تحديث الإدارة الضريبية، حيث قال "أخذت علما بالطلب القوي المعبر عنه بخصوص تخفيض المعدلات الهامشية للضريبة على الشركات بالنسبة لبعض القطاعات من أجل إحداث دينامية في خلق فرص الشغل وتعزيز الابتكار". هذه هي التوصيات، التي انبثقت عن أشغال المناظرة * احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للملزمين. * إدراج القانون الضريبي في القواعد العامة للقانون. * المساواة أمام الضريبة. * الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية. * الإنصاف الضريبي (تكريس مبدأ الدخل العام، توسيع نطاق الضريبة على القيمة المضافة لتشمل جميع الأنشطة الاقتصادية من خلال تحويل تلك الموجودة خارج نطاق التضريب إلى إعفاءات أو إخضاعها لسعر صفر إن اقتضت الضرورة ذلك، وتوحيد قواعد الوعاء، وتوحيد وملاءمة المعالجة الجبائية لزائد القيمة العقارية). *واجب الشفافية والحق في المعلومة. * الأمن القانوني للملزم. *توازن الحقوق بين الملزم والإدارة. * تطابق القواعد المحاسبية والضريبية. * تجميع جميع الضرائب والرسوم في نفس المدونة. * ترشيد التحفيزات الضريبية. * إعادة توزيع فعالة عبر الضريبة. * تقوية التماسك الاجتماعي. - المراجعة العامة للجبايات المحلية. *مراجعة الأسعار والطرق الجزافية لتحديد الضرائب. * إدماج القطاع غر المهيكل. * توحيد وضمان انسجام قواعد الوعاء (الأسس، المعدلات، الإسقاطات والخصوم). * مقاربات جديدة من أجل انخراط أكبر في الضريبة. *مواصلة جهود التحديث ونزع الطابع المادي. *سيولة العمليات بين الأنظمة المعلوماتية للإدارات. *مكافحة الفساد. *إحداث مجلس وطني للاقتطاعات الضريبية. سياق والهدف من المناظرة تندرج المناظرة، التي نظمت تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، في سياق التفكير القائم حول بلورة نموذج تنموي جديد أكثر شمولية ودينامية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والترابي والبيئي. وتوخت المناظرة تحديد معالم نظام جبائي وطني جديد يكون أكثر إنصافا وتنافسية وأفضل أداء يستوعب المبادئ العالمية للحكامة الجيدة، وذلك في إطار تفكير جماعي ومقاربة تشاورية. ومن المتوقع أن تسفر المناظرة عن إعداد مشروع قانون إطار يحدد المبادئ ويضع برنامجاً للإصلاح على مدى خمس سنوات، ابتداءً من 2020، برؤية شمولية تستهدف مختلف أنواع الجبايات، سواء على مستوى الدولة أو الجماعات الترابية أو الرسوم شبه الضريبية. وفي إطار الإعداد لأشغال المناظرة، فقد جرى تشكيل لجنة علمية خاصة، ترأسها الوزير الأسبق للاقتصاد محمد برادة، و14 مجموعة عمل موضوعاتية؛ كما تم تجميع حوالي 120 مقترحاً من مختلف الهيئات السياسية والدستورية والنقابية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.