شيعت جموع غفيرة، عصر أول أمس، المرحوم المناضل المقاوم محمد بنحمو الكاملي إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء بالدارالبيضاء، بحضور العديد من قادة المقاومة وجيش التحرير، يتقدمهم مصطفى لكثيري، المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، كما حضر جنازة الراحل أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: عبد الكريم بنعتيق، عضو المكتب السياسي والوزيرالمنتدب المكلف بالمغاربة المقيمون بالخارج وشؤون الهجرة، عبد الحميد جماهري، محمد محب، حنان رحاب، عبد المقصود الراشدي بالإضافة إلى أعضاء المجلس الوطني والعديد من مناضلي الأحزاب السياسية والنقابية والجمعوية والحقوقية والمقاومة وياسين المنصوري، مدير المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد). وأبن مصطفى لكثيري المرحوم، مستعرضا مناقبه وخصاله وما تميز به من نكران للذات والتمسك بالمبادئ حتى داخل السجن وأثناء فترات عصيبة من تاريخ المغرب. ورزئت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، يوم الأربعاء 25 شعبان 1440 الموافق لفاتح ماي 2019، في فقدان المقاوم المرحوم محمد بن حمو الكاملي، أحد الأعلام البارزة في صفوف أسرة المقاومة وجيش التحرير الذي بصم بأياديه البيضاء وأعماله الجليلة وتضحياته الجسام تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية وعودة الملك الشرعي من المنفى. ازداد المشمول بعفو الله محمد بن حمو الكاملي سنة 1936م، بدوار الدحامنة بقبيلة الغليميين بأولاد سعيد بدائرة برشيد بإقليم سطات. تلقى الفقيد المبرور تعليمه الأولي بالكتاب القرآني، حيث حفظ القرآن الكريم وتربى تربية دينية سمحة ونشأ تنشئة وطنية مشبعة بالغيرة الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء إليه. وفي أعقاب الأحداث والمحطات التاريخية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء بدرب الكبير وكراج علال وبنمسيك في 7 و8 أبريل 1947 وفي 7 و 8 دجنبر 1952 في الانتفاضة الشعبية التضامنية مع الشعب التونسي الشقيق إثر اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد، خاض غمار الكفاح الوطني ومسار التنظيم الفدائي بمدينة الدارالبيضاء، مهد المقاومة والفداء، وانغمر غداة نفي بطل التحرير والاستقلال، جلالة المغفور له محمد الخامس في 20 غشت 1953 في ملحمة ثورة الملك والشعب من خلال تكوين نواة خلية للمقاومة بمعية رفيقيه على درب المقاومة، المقاومين إدريس بن بوبكر وجناح بنعاشر. وقد قام بعدة أعمال فدائية جريئة وكانت أشهرها عملية بوسكورة، اعتقل على إثرها في شهر غشت 1955م، وتعرض لتعذيب شديد في مركز الدرك ببوسكورة ثم في مخفر الشرطة بالمعاريف، واستغرق الاستنطاق معه حوالي شهر كامل قبل أن ينقل إلى السجن المدني غبيلة بالدارالبيضاء، لكنه استطاع في نهاية شهر مارس من سنة 1956م، الفرار من السجن متخفيا في برميل القمامة. التحق بعد ذلك بمدينة الخميسات، حيث انضم إلى فرقة جيش التحرير بقيادة محمد بنميلودي ومعه نخبة من رموز العمل المسلح أمثال محمد بن البقال وجناح بنعاشير وغيرهم من الذين تلقوا تدريباً بتطوان بجنان الرهوني. تدرج في سلم المسؤوليات بمنطقة مراكش إلى الأطلس من قائد الطليعة إلى قائد الرحى، عبر عدد كبير من المراكز في تكلفت وأنركي وزاوية أحنصال وأيت اعتاب وأيت محمد وتنانت وكوسر. ويشهد له جميع من عرفه بصفاء سريرته وحسن سيرته ونبل أخلاقه وسمو مقاصده ولطف معشره وصدق رفقته. وقد ظل وفيا للعهد، ثابتا على المبدأ ملتزما بالمبادئ والقناعات التي حملها خاصة بعد التحاقه بصفوف الحركة الاتحادية مقتنعا بمبادئه لإرساء عدالة اجتماعية، ونتيجة لذلك سيتعرض لكل أصناف التعذيب والاعتقال لكنه خرج من هذه المحنة شامخا قوي الجانب ليبدأ مرحلة جديدة في مسار النضال الديمقراطي إلى جانب إخوانه . ونظرا للأعمال البطولية التي قام بها، ووفاء واعترافا بخدماته المبرورة وأياديه البيضاء في سبيل الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، حظي بشرف الإنعام المولوي السامي عليه بوسام ملكي شريف، أنعم به عليه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة تخليد اليوم الوطني للمقاومة في 18 يونيو 2005، كما حظي بشرف التكريم من لدن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير رفقة صفوة من المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمدينة الدارالبيضاء بمناسبة تخليد اليوم الوطني للمقاومة في 18 يونيو 2002. وتشرف بتحمل مسؤولية عضو باللجنة الاستشارية العلمية المنضوية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. وكان رحمة الله عليه طيلة مساره الجهادي والنضالي الطويل مثال الوطني الغيور والمقاوم الجسور والرجل المتواضع الملتزم والمتفاني في خدمة قيم الوطنية الحقة والمثل العليا والمقدسات الدينية والوطنية. وكانت حياته رحمة الله عليه حافلة بجليل العطاءات وجسيم التضحيات والأعمال الصالحات. رحم الله الفقيد وإنا لله وإنا إليه راجعون.