عشر مداخلات في ثلاث جلسات علمية و تكريم ل «الإعلام».. بخنيفرة نظم المجلس العلمي المحلي لخنيفرة النسخة 13 لملتقاه السنوي حول الحديث النبوي الشريف الذي تم ربطه هذه السنة ب «سؤال المنهج في الفهم والتنزيل»، وذلك على مدى يومي 23 و24 مارس 2019، بقاعتي عمالة الإقليم وغرفة التجارة والصناعة والخدمات، وشمل برنامجه ثلاث جلسات علمية بمشاركة عدد من الباحثين والعلماء والأساتذة الجامعيين، وتكريم بعض القيمين الدينيين وعدد من التلاميذ المتفوقين في الامتحانات الجهوية لموسم 2017/ 2018، مع توزيع جوائز رمزية على الفائزين في مسابقات حفظ الحديث النبوي الشريف، وموازاة مع ذلك تم تنظيم ندوات ومحاضرات بثمانية مساجد على مستوى الإقليم، قبل تتويج البرنامج بإقامة حفل رمزي على شرف عدد من الإعلاميين المحليين. افتتاح أشغال الملتقى تم بحضور الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، الذي أشاد بالملتقى، منطلقا من وصف إقليمخنيفرة ب «الأصيل والرائع الذي لا يتوقف أهله عن حركيتهم النهضوية»، داعيا إلى المزيد من «الاهتمام بعلم الحديث النبوي الشريف في مغرب تود أمته دائما أن تنهض بقوة وهي التي حافظت، طيلة مراحلها التاريخية، على وجودها ومميزاتها وتفاصيلها، ولا تزال، بنفس خطى أسلافها، منذ المولى إدريس الأول، معبأة برجالها ونسائها لبناء وطنها». وفي ذات السياق، ذكر محمد يسف بالمقولة التي تقول «إن الحكماء لا يتكلمون كثيرا حتى يخطؤون قليلا ويعملون كثيرا»، سائلا الله تعالى أن «يكثر العقلاء والحكماء»، محذرا من «الفتاوى الفردية التي تصدر عن البعض وتخلق البلبلة الفتنة ولو كانت مجرد رأي شخصي»، مجددا تثمينه لدور وجهود المجالس العلمية، ومؤكدا أن هذه المجالس «ليست بدعة في المغرب، بل كانت تسمى ب «مشيخة العلماء» التي كان الناس يعودون إليها في شؤون حياتهم ومعاملاتهم وعباداتهم» . وبعد كلمتي رؤساء المجلسين البلدي والإقليمي ومجموعة الأطلس للجماعات، تقدم رئيس المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، د. المصطفى زمهنى، بكلمة أوضح من خلالها دلالة الملتقى، لما للحديث النبوي من عناية واهتمام كبيرين لدى عموم المسلمين، وما يؤدى منه كأمانة ومسؤولية وتبليغ، وما يحتاجه من حرص وضبط ودقة والتزام وحقيقة، ومن «منهجية كفيلة بصد كل محاولات الاختراق والتحريف»، من حيث أن «منهج علم الحديث حاضر في الفقه للاستدلال والنظر، وفي التفسير وظيفة ومنهجا للتثبت من الأخبار والمرويات، وفي علم التاريخ في توثيق الأحداث ومعرفة الصحيح والزائف منها»، خاصة في عصر يتسم بزخم المعلومات والثورة الإعلامية. وحسب المتحدث «فإن الأمر يزداد خطورة لما تتيحه بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل من نشر «قد لا يسعى بعض أصحابه إلا أن يذكر اسمه ويرى مكانه، بينما يسعى آخرون، مع سبق الإصرار، إلى أن يجدوا طريقا إلى عقول وقلوب من قلت بضاعتهم في العلم والثقافة لإضعاف قيمة مصادر الشريعة ومصداقيتها»، يقابله «انحراف في الفهم بالتصدر للكلام فيه من غير امتلاك أدوات الفهم والاستنباط الصحيحين، وبتحميل الأحاديث ما لا تحتمل من التأويل، بعيدا عن مقصدها وسبب ورودها، فاجتمع بذلك الانحراف في التأصيل وفي الفهم والتنزيل». وتميز الملتقى بثلاث جلسات علمية ضمت 10 مداخلات، هي «معالم المنهج النقدي التي اعتمدها الإمام مالك لتمييز ما يتعبد به من الأخبار»، لرئيس المجلس العلمي المحلي للعرائش، ذ. إدريس بن الضاوية، «منهج المدرسة المالكية في التعامل مع الحديث النبوي الشريف: تقييد المباح نموذجا»، لرئيس المجلس العلمي المحلي لسيدي قاسم، ذ. عبد اللطيف الميموني، «فهم السنة وتنزيلها على مقتضى التصرفات النبوية»، لرئيس المجلس العلمي لبني ملال، ذ. سعيد شبار، «أثر الحديث النبوي الشريف في إصلاح واقع الأمة» للجامعي بكلية الشريعة بفاس، ذ. إدريس الخرشافي، «أهمية تقصي المرويات وجمع أحاديث الموضوع في فقه الحديث»، لعضو المجلس العلمي المحلي لبني ملال، ذة. عائشة شهيد. كما توزعت باقي المداخلات على مواضيع «قواعد فقه الحديث وضوابطه من خلال رياض الإفهام للإمام تاج الدين الفاكهاني»، لرئيس المجلس العلمي المحلي لإفران، ذ. عبد الحق يدير، «أثر السياق اللغوي في فهم الحديث»، لرئيس المجلس العلمي المحلي للفقيه بن صالح، ذ. محمد ند عبدالله، «رد الحديث من جهة المتن وتطبيقاته في قضايا المرأة» للباحثة في الدراسات القرآنية وقضايا المرأة والأسرة والقيم، ذ. مونية الطراز، «الحديث النبوي الشريف وفقه المآل»، لرئيس المجلس العلمي المحلي للجديدة، ذ. عبد المجيب محيب، «رعاية الملل والمقاصد في التعامل مع السنة النبوية وتطبيقاته الفقهية»، لرئيس المجلس العلمي المحلي لسيدي سليمان، ذ. محيي الدين البقالي. وعلى منوال تقليده السنوي، يعمل المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، بالموازاة مع ملتقاه السنوي، على تنظيم حفل على شرف فئة من فئات المجتمع، حيث اختار هذه السنة إقامة حفل رمزي على شرف بعض الإعلاميين المحليين، في شخص عدد منهم، وتميز بفقرات دينية مختلفة، وبمشاركة الشاعرات مالكة حبرشيد، نعيمة قصباوي وخديجة بوعلي، وقد افتتحه رئيس المجلس العلمي المحلي، د. المصطفى زمهنى، بكلمة اعتبر فيها الالتفاتة لرجال الإعلام مبادرة ل «بعث ما ينبغي من رسائل الاعتراف بهذه الشريحة المجتمعية بالنظر لما للإعلام من دور منذ السلف الصالح الذي كانت فيه وسيلة من وسائل نشر القيم، وتحقيق الإنساني»، إلى جانب كون الحديث النبوي الشريف يعتمد في أساسه على الخبر»، منوها بأهمية الإعلام كأمانة ومسؤولية في ترشيد رواية الخبر في زمن اشتدت فيه الإشاعة، وداعيا إلى ضرورة التعاون من أجل الحقيقة. و أبرزت كلمة الإعلاميين أن تكريم الإعلام «يدل على رموز ودلالات كبيرة، بالنظر لما ترسخه المبادرة من قيم الاعتراف ورد الاعتبار لمهنة المتاعب»، مشيرة إلى «مدى عمق الحقل الإعلامي وحاجته لروح المعركة الصلبة في سبيل الدفاع عن المواقف بصدق وأمانة، والمساهمة في تحقيق التغيير والتحول الديمقراطي، وحق الإنسان في التنمية والصحة والتعليم والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وفي التعبير والتظاهر السلمي والعيش الكريم»، وأنه «بقدر ما يحاول الإعلامي الحر نبذ التطرف والكراهية والإرهاب والتعصب والظلم والحيف، فهو يحب السلام والاعتدال والحق الإنساني والحياة الكريمة والعيش المشترك والوطن الذي نريده جميعا»، مؤكدة أن الإعلام «يجب أن تكون له مساحة من الحرية والحق في الولوج إلى المعلومة كما هو منصوص عليها دستوريا ودوليا»، والجميع اليوم «يدرك كم أن المدَّ اللامحدود لوسائل التواصل الحديثة، هدم كل الحدود أمام تناقل الأخبار والمعلومات، حتى أضحى الإعلام عنصرا أساسيا في المعادلات الراهنة ومعيارا له وزنه في قياس تطور الديمقراطية والحقوق»، كما توقفت الكلمة عند ما وصفته ب «واقع التضييق على حرية التعبير والصحافة»، داعية ضيوف المجلس العلمي إلى «مساعدة الإعلام الحر في إعلاء صوت الحق والعدل والمساواة والكرامة، ومناهضة الحيف والتمييز والفساد والتطرف»، وذلك «طالما أن الحاجة لخطاب ديني راق أصبحت ملحة جدا، وطالما أن باب الاجتهاد والتنوير من اختصاص العلماء الأجلاء ممن هم أدرى بعبث العابثين وعشوائية تجار الدين».