عبر محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى عن إحساسه بالسعادة تغمره وهو يشرف بزيارة مدينة خنيفرة التي هي قاعدة قبائل زيان، هذه القبائل وما تحمل من معاني وقيم وأخلاق وتاريخ وما مثلته عبر عصور التاريخ من حضور قوي في هذا الوطن منافحة عنه وارتباطا بهويتهم فيه واعتزازا بانتمائهم إليه. وأضاف يسف خلال افتتاحه لأشغال الملتقى الثاني عشر للحديث النبوي الشريف الذي ينظمه المجلس العلمي المحلي لخنيفرة بتعاون مع عمالة الإقليم والمجلس الإقليمي يوم السبت الماضي 28 أبريل 2018 بمقر عمالة إقليمخنيفرة، (أضاف) أنه عندما تذكر هذه القبائل الزيانية تتداعى أمام أعيننا شخصيات ورموز ملأت الأسماع والأبصار في عصرها ومثلت هذه القبائل تمثيلا مشرفا للمغرب كله ولهذه القبائل بصفة خاصة.
وقال يسف "من منا لا يذكر رجالات هذه القبائل وقد وقفوا بصمود وإباء أمام كل من أراء سوء بهذا البلد، فهم يمثلون بحق أسود الأطلس في هذا البلد، فما أكثر العلماء الذين أنبثهم زيان، واستحضر من هؤلاء أبي القاسم الزياني، الفقيه والوزير والسفير والأديب"، مؤكدا أنه ينبغي للذي يزور خنيفرة أن يدرك أنه ليس أمام مدينة عادية بل هو في مدينة شامخة مثقلة بالتاريخ والعطاء.
وحيى الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى المجلس العلمي المحلي لخنيفرة على اختياره لهذا الموضوع "السنة النبوية وجهود المغاربة في خدمتها و الدود عنها"، فكل الملتقيات السابقة اشتغلت على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو اختيار موفق ركز على الأصل الثاني من ديننا الحنيف وهو السنة النبوية، سيما ونحن نعيش فترة من التاريخ نحس أن هناك تحرش كبير وعدوانية كبيرة بسنة المصطفى وحديثه صلى الله عليه وسلم، فتنبري خنيفرة لرفع لواء سنة المصطفى الكريم. وطالب يسف من المجلس العلمي المحلي لخنيفرة وأعضائه بجمع كتاب عن المحدثين في المغرب منذ أن أشرقت شمس الإسلام على هذا البلد، لأن علماء المغاربة كانوا يرحلون إلى المشرق لتعلم هذه العلوم. كما طالب بتوسيع قاعدة العلماء لأجل نهضة إصلاحية حقيقية من أجل القيم الخالدة التي هي أساس المجتمع، منطلقا من وصف إقليمخنيفرة بالرحم الذي أنجب العديد من العلماء والمفكرين والمثقفين. ومن جهته عبر الأستاذ المصطفى زمهنى، رئيس المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، عن سعادة المجلس وهو يعقد ملتقاه السنوي في نسخته الثانية عشرة، ورحب بالجميع في حاضرة زيان الشامخة شموخ جبال الأطلس وشكر كل من ساهم من قريب أو بعيد في إخراج هذه التظاهرة العلمية إلى حيز الوجود وفي طليعة هؤلاء فضيلة الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى وعامل صاحب الجلالة على إقليمخنيفرة ورؤساء المجالس الإقليمية والبلدية ومجموعة جماعات الأطلس والسلطات المحلية والأمنية والشؤون الإسلامية. وقال زمهنى إن اصطفاء المجلس العلمي المحلي لخنيفرة لهذا الموضوع: "السنة النبوية وجهود المغاربة في خدمتها والدود عنها" إنما يروم بيان جملة أمور منها: إبراز مكانة السنة النبوية الشريفة ومنزلتها في حياة الناس باعتبارها وحدة قياسية تقاس بها الأقوال والأعمال، وتشكل التجربة من خلال سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم التجربة الكاملة المتكاملة التي تعتبر مرجعا بالنسبة للمسلمين وبمثابة الميزان الذي على أساسه نقيس الأفكار والمناهج والتوجهات.
وأضاف رئيس المجلس العلمي المحلي لخنيفرة أن المجلس يروم من خلال الاهتمام بهذا الموضوع أن يبين أن السنة النبوية تمتلك من الحلول ومن المفاتيح ما من شأنه أن تسهم في تسديد المنظومة التدبيرية للمجتمع وتوجيه حياة الناس الوجهة السليمة ، و أن يكون للعلماء كلام في النقاش الذي تعرفه الساحة الفكرية عموما، لأن القرآن والسنة أقران، والطعن في أحدهما هو طعن في الآخر، بالإضافة إلى السعي لتحقيق هدف أساس هو أن المغرب كان دار حديث وأن علماءنا كانوا مبرزين في مجالاتهم وأسهموا في هذا الحديث النبوي الشريف حتى أضحى المغرب قبلة للعلماء من مختلف الأماكن يقصدونه للنهل من كثير علمهم وجميل معرفتهم.
وأكد زمهنى أن الله قيض لهذا البلد شيئا لم يعطه أحد من البلدان الأخرى، وهو داخل في بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل المغرب وهي إمارة المؤمنين التي تحمي الملة والدين وتجمع بين متطلبات الدنيا ومتطلبات الدين في انسجام تام وتناغم كبير بما يحقق الأمن الروحي لأهلنا وقومنا وبما يساهم في ثقافة التعاون والسلم والتعاضد لخدمة الكلمة السواء وهي خدمة الصالح العام. ومن جانبه عبر صالح أوغبال، رئيس المجلس الإقليميلخنيفرة عن دواعي الغبطة والسرور للالتقاء جميعا في هذه المناسبة الكريمة لحضور أشغال اليوم الثالث للملتقى الثاني عشرة للحديث النبوي الشريف، كما وجه عبارات التقدير و الاحترام لأخينا وزميلنا رئيس المجلس العلمي المحلي بخنيفرة على مجهوداته المتواصلة وإسهاماته القيمة لإنجاح هذه الملتقيات وتقريب ساكنة الإقليم من مواضيع مهمة وغنية، كما اغتنم المناسبة للترحيب بجميع الحضور. وقال أوغبال إن الله قد شرف المغاربة بنعمة الإسلام منذ أن وصل إليهم من المشرق عن طريق قادة الفتح الإسلامي،عقبة بن نافح ثم حسان بن النعمان وموسى بن نصير. ليزدهر مع تأسيس حفيد الرسول الشريف إدريس بن عبد الله دولة الأدارسة ، وأن المغاربة كانوا منذ اعتناقهم للإسلام حريصين أشد الحرص على نقل السيرة النبوية الشريف جيلا بعد جيل بطرقها الصحيحة الواضحة واتبعوها وحافظوا على مناهجها سليمة باعتبارها مصدر التشريع الثاني في الإسلام، كما حرصت السلالات الشريفة التي سادت المغرب الأقصى على تبليغها بشكلها صحيح أثناء نشرهم الإسلام في وسط وغرب إفريقيا والي أوربا عندما كانت الأندلس تابعة لدولة المغرب الأقصى. وأشار رئيس المجلس الإقليميلخنيفرة إلى أن أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس سبط الرسول صار على ذلك المنوال، حيث ظل وفيا لنهج أسلافه الميامين الصالحين يقدم خدمات جليلة للإسلام والمسلمين وأصبح بلدنا قبلة ومدرسة رائدة يحج إليها كل من أراد أن يستلهم ويستنبط من تعاليم الدين السمحة القائمة على الوسطية والاعتدال وفقا للمذهب المالكي، مؤكدا أن علماء المغرب الأجلاء لازالوا جادين مجتهدين يشرحون السنة النبوية ويعملون على ربط الأمة الإسلامية بهدي النبي وبيان مدى ارتباطها بالقرآن الكريم ويخدمونها بأعمالهم ودراساتهم وأنشأوا لها المدارس والمعاهد بتوجيهات من أمير المؤمنين. وأضاف أن موضوع هذا الملتقى من الأهمية بمكان وينطوي على دلالات، مفاهيم ومقاصد متعددة وسيسلط الضوء على السنة النبوية الشريفة من زوايا متعددة ستبرزها وتقاربها مداخلات ثلة من الأساتذة والباحثين والمتخصصين. وفي ذات السياق نوه إبراهيم أعبا رئيس المجلس البلدي لخنيفرة، بعد الترحيب بجميع الضيوف، بهذا الملتقى الذي يعتبر سنة حميدة ينظمها المجلس العلمي المحلي كل سنة والتي يهدف من خلاله تنوير الرأي العام ، وتوعية المواطنات والمواطنين وإشاعة روح الطمأنينة وصيانة العقيدة والفكر ونشر القيم الحميدة وتحصين البلاد من الفتن وأبرز أن مثل هذه اللقاءات العلمية لاشك أنها تبرز أهمية الدين الإسلامي الذي أساسه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والذي على منهجه تم تشكيل كيان الشخصية المغربية المتميزة وتحصين الإنسان من الزلل والانحراف. وقال أعبا إن اختيار المجلس العلمي المحلي لخنيفرة لموضوع: " السنة النبوية وجهود المغارة في خدمتها والذود عنها " لهذا الملتقى المبارك، له دلالته الهامة من حيث تعزيز مكانة السنة النبوية في النفوس والذود عنها، سيما وأنها بين الحين والآخر تتعرض لهجمات التشكيك من لدن طائفة قليلة البضاعة لا تمتلك أدوات البحث والمعرفة. وأشار رئيس المجلس البلدي لخنيفرة إلى أن وعي المؤسسة العلمية لخنيفرة بخطورة حمل أمانة هذا العلم ومسؤولية حفظه من معاول الهدم والنقض وحملات التشكيك وحركات الطعن لهي لبنة حميدة تنضاف إلى الملاحم البطولية والجهادية التي عرفت بها المنطقة تحريرا للبلاد وصيانة لوحدتها وأمنها واستقرارها. أما حسن العلاوي رئيس مجموعة جماعات الأطلس بخنيفرة، فقد نوه بمجهودات المجلس العلمي المحلي الذي ما فتئ يقوم بأنشطة مختلفة ومتنوعة من شأنها أن تحقق الأمن الروحي للمواطنات والمواطنين. وركز العلاوي على أهمية التكامل الوظيفي بين مختلف مؤسسات الدولة من أجل تحقيق التنمية المنشودة التي نادى بها صاحب الجلالة وهي تنمية الإنسان، كما استحضر الدور الريادي الذي يقوم به المغرب بقيادة الملك محمد السادس في العمق الإفريقي اعتمادا على الجانب الديني. والتمس العلاوي من الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى وعامل الإقليم وباقي الفعاليات التعاون من أجل بناء مركب ديني يليق بساكنة خنيفرة خصوصا وأن أحد المحسنين تبرع ببقعة أرضية وسط المدينة لفائدة ذلك. و أشاد عبد الرحيم مسكور، المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية بجهة بني ملالخنيفرة، بهذه السنة الحميدة التي دأب المجلس العلمي المحلي النشيط لخنيفرة من خلاها على جمع ثلة من علماء هذا البلد وأساتذته وباحثيه لنظر في أمور الدين وشحذ الهمم خدمة للشأن الديني في هذا البلد الأمين، وخدمة للصالح العام في وطننا العزيز. وأكد مسكور أن علماء هذا البلد منذ أن أشرقت أنوار الإسلام فيه كانت عنايتهم بالحديث النبوي عناية مهمة ، استرخصوا فيها أعمارهم ومتاعهم وأموالهم ، ولا أدل على ذلك من شد الرحال إلى المشرق للبحث عن الأسانيد العالية للحديث النبوي الشريف؛ مضيفا أن المتصفح لتصانيف علماء المغرب في مجال الحديث والسنة النبوي الشريفة يجد هذا الاهتمام الكبير الذي لم يكن فقط منصبا على حواضر المغرب بل امتد إلى جميع ربوعه وقراه وبواديه، ولا أدل على ذلك من عناية الزوايا بالمغرب بالسنة النبوية والحديث رواية ودراية ومدارسة. واستعرض المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية لجهة بني ملالخنيفرة نماذج من أولئك الذين يخصصون جزءا مهما من الأعشار والعطايا التي تقدم لزواياهم لجلب المصنفات والكتب من المشرق ومنهم محمد ناصر الدرعي وأبي سالم العياشي، وأضاف أن من أمراء وملوك المغرب من كان محدثا أمثال سيدي محمد بن عبد الله الذي ألف كتبا في الحديث النبوي الشريف. وأبرز الدكتور مسكور أن عناية المغاربة بالسنة النبوية الشريفة هي من منطلق محبتهم إلى للجناب النبوي الشريف، هذه المحبة التي تلهج بها ألسنتهم في المناسبات وفي حياتهم اليومية باللغة العربية والأمازيغية، وهي تأتي أيضا انطلاقا من إحساس أهل المغرب بما هو على عاتقهم من واجب الذود عن السنة النبوية وحمايتها من كل تشكيك. وفي ختام مداخلات الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، جددت سعيدة الفقير، منسقة لجنة الدراسات والأبحاث التابعة للمجلس العلمي المحلي لخنيفرة باسم اللجنة المنظمة الترحيب بجميع ضيوف الملتقى في نسخته الثانية عشر والذي يروم إبراز جهود المغاربة في حماية السنة النبوية من التشويه والتنقيص الصادرين من الجاهلين والغالين والمبطلين، سواء كانوا من خارج الدين الساعين إلى هدم أركانه وأصوله، أو المتطفلين المحسوبين على الإسلام ممن استسهل لجهله وتهوره الحديث في علم الحديث، فأوغل في بحره بغير رفق، واندفع في عبابه بكل حمق، طامعا أن يرى مكانه ويذكر اسمه، فما ناله إلا صيت زائف مسروق من وهم المصفقين، وإحراج إفحام من العلماء. يذكر أن الجلسة الافتتاحية لأشغال الملتقى الثاني عشر للحديث النبوي الشريف بالقاعة حضره إلى جانب الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى الدكتور محمد يسف ٬ عامل صاحب الجلالة على إقليمخنيفرة و رؤساء المجالس العلمية و رئيس المجلس الإقليميلخنيفرة ورئيس المجلس البلدي ورئيس مجموعة جماعات الاطلس بخنيفرة والمندوب الجهوي للشؤون الاسلامية لجهة بني ملالخنيفرة و المندوب الاقليمي للشؤون الاسلامية بخنيفرة ورؤساء المصالح الخارجية للإقليم وعلماء المدينة ووعاظها ومرشديها و أئمتها ومؤطريها وبعض فعاليات المجتمع المدني ورجال الإعلام الوطني و المحلي. وكانت هذه الجلسة الافتتاحية مناسبة لتكريم مجموعة من الشخصيات التي كان لها إسهام مهم في الحقل الديني بخنيفرة من الأئمة والمؤذنين والمحسنين و كذا توزيع الجوائز على الفائزين والفائزات في مسابقات في الحديث النبوي الشريف. ويسعى المجلس العلمي المحلي لإقليمخنيفرة من وراء تنظيم هذا الملتقى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها : بيان مكانة السنة النبوية باعتبارها مصدرا ثانيا من مصادر التشريع الإسلامي؛ بيان علاقة السنة النبوية بالقرآن الكريم، إبراز خصوصيات علماء المغرب في تعاملهم مع السنة النبوية حفظا وشرحا واستنباطا؛ ودفع الشبه وحملات التشكيك التي تسعى إلى التنقيص من أهمية هذا الأصل ...