حملت الأيدي نصف الرجل إلى القبر،فالحادثة التي وقعت على مشارف المدينة حيرت الباحثين عن جواب للنصف الثاني المختفي، يقال إن الواقعة حدثت بالليل.كانت السيارة تحمل جنودا متجهين إلى ثكنتهم، بعد حضورهم مراسيم دفن رجل مهم في مدينة الخوف. سميت مدينة الخوف لأن بها مدنيا واحدا وبقرة وكلبا،استطاعوا أن يتحدوا الرجل الذي كان حيا، قبل أن يموت بسبب ضحكة أطلقتها شجرة في وجهه، هو الذي لم يستطع أحد أن يضحك أمامه، استفزته شجرة قيل إنه استقدمها من إسبانيا، لما كان في فيلق من جنود الإستعمار. قرر الكلب الذي جاء إلى المدينة، أن يبقى فيها رغم أنه بعيد عن إخوته، أما البقرة فكقربان له، أحضرها فلاح أيام الجفاف، وأطلقها في المرج المجاور للثكنة، أما المدني الوحيد، فقد كان سجينا، في سجن أبي الرجل المهم، سجن لأنه كان يغني للعمال والفلاحين، أغنية سمعها في المذياع، ورغم أن معنى الأغنية بسيط، ويتحدث عن بدوي، فقد اعتقل، ولما خرج من السجن قال للرجل الذي نتحدث عنه: سأبقى هنا، سأحرس الكلب وأسرح البقرة ! النصف الثاني تأخر البحث عنه، ويقال إنه ليس مهما، فهو ليس سوى النصف الأسفل، الذي يحتوي كل نفايات الجسد : البطن، والمؤخرة والأعضاء التناسلية والرجلين، ليس كالنصف الأعلى، حيث اللسان، والذي يشترط فيه أن يكون عربيا ليجيب عن أسئلة الملكين ، وفيه العينان اللتان يجب أن تغضا رموشهما كلما مرت سيئة أمامهما، وفيه القلب الذي يجب أن ينبض، وينبض خاصة إذا كان أمام ولي الأمر، وفيه العقل، وهنا الآفة، العقل يتحكم في اللسان، والعينين والقلب، وإليه يجب أن تعود الأعضاء العلوية، لكي يريها طريقها ويشرح صدرها للآتي ! في المقبرة حار الناس في النصف المحمول، كيف سندفن نصفا، فإذا استيقظ في اللحد، ولم يجد نصفه الآخر، ماذا سيقول عنا نحن الذين دفناه، لقد كان كاملا، ونصفه الأسفل هو الأهم بالنسبة إليه، فكل حركة كان يقوم بها كان لأسفله دور كبير في حدوثها، وحتى وهو يتعرض لهذا المصير، فالسبب الحقيقي في ذلك يعود لرجليه، فقد كان ينتظرعودة جثمان الرجل المهم، ليراه وهو يدخل مدينة الخوف، ولأن خوفه كان كبيرا، فقد ترك نصفه على الإسفلت، وحيى الرجل بنصفه الأعلى، بقلبه وعينييه وعقله . لم يرد أحد أن يلصق أسباب الموت بسيارة الجند، لهذا قيل: إن لسان الرجل النصف ، تحدث الى نصفه المفقود، قال: إنه تخلص من نصفه الأسفل، احتراما لنصفه الأعلى، حتى لا يدخل مقابر مدينة الخوف بنفايات جسد : رجل وبقرة وكلب!