“ارتأيت في دجنبر 1952، أن أسافر إلى الرباط لبحث سبل الاتصال بجريدة "العلم" وتأمين وصول مراسلاتي التي تغطي ما يقع في الجنوب من أحداث. وقد تصادف هذا مع حدث اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد، ففوجئت باضطراب الأجواء…، قفلت عائدا إلى قريتي لأتعرض للاعتقال صحبة مسؤولين آخرين من حزب الاستقلال” بهذه العبارات بصم المقاوم الكبير محمد بنسعيد على الإعلامي فيه. حيث قال عبد الحميد جماهري إن الإعلامي في الأستاذ بنسعيد جزء لا يتجزأ من انخراطه الوطني، والذي تناولت شهادات عديدة جوانبه بالتمحيص والقراءة، عشية يوم السبت الماضي بمسرح محمد السادس. وكان حضور وازن على موعد، مع أستاذ التاريخ أبوطه بياض والأستاذة لطيفة البوحسيني، وعبد الحميد جماهري، عن كوكبة الإعلاميين، بإدارة فطنة وذكية للشاعر والإعلامي والروائي ياسين عدنان. ونقلت هسبريس بقلم عبد الإله شبل، الأجواء الغنية التي رافقت اللقاء، بحيث كتبت أن المداخلات والقراءات، تعددت لكن أصحابها، وهم من مشارب مختلفة، أجمعوا على أن الرجل استطاع من خلال مذكراته أن يبصم طابع المصداقية، الذي يتميز به على سيرته الذاتية، أو بالأحرى “شهادته” عن فترة من تاريخ المغرب. الإعلامي والشاعر، ياسين عدنان، قال في كلمة له خلال حفل تقديم الجزء الأول من مذكرات المناضل اليساري محمد بنسعيد آيت إيدر، المعنونة ب”هكذا تكلم محمد بنسعيد..”، إن الكتاب “رصد لتحولات بلد وشهادة على العصر”، مضيفا: “مصداقية الشهادة من مصداقية صاحبها، وآيت إيدر نموذج للتصالح التام مع الذات”. وأشار ياسين عدنان، في اللقاء الذي نظم بمسرح محمد السادس في الدارالبيضاء، إلى أن “جزءا من مذكرات بنسعيد كانت تُفصح عن تواضع الرجل الذي يُفحم القارئ، فالرجل لا ينسب الفضل إلى نفسه، كما يفعل بعض من يستغلون الشهادات لتلميع الصورة وتصفية الحساب”، مضيفا أن هذا الكتاب “يتعلق بشهادة تاريخية مقترحة على قارئها بضمير المتكلم”، و”سيرة ذات مساهمة في صناعة تحولات التاريخ، وهي رصد لتحولات بلد وشهادة على العصر”. واعتبر مقدم برنامج “ببيت ياسين”، على قناة “الغد”، أنه “حين يمر الفعل التاريخي والعطاء التاريخي إلى كتاب، فهو يضمن لنا نوعا من الحفظ النبيل لذاكرة المستقبل الذي يشغلنا جميعا”. من جهتها، قالت الناشطة الحقوقية لطيفة البوحسيني إن “آيت إيدر رجل لا يختلف اثنان حول صدقه، ومن هنا تعد شهادته ذات قيمة عالية”. وعرجت البوحسيني، في شهادتها، على مسار المقاوم ومؤسس حزب الاشتراكي الموحد، من قلب سوس إلى الدارالبيضاء والجزائر، وصولا إلى باريس، مضيفة “كان لهذا الرجل أن يعيش على إيقاع الرحلة، وفِي مختلف محطات التاريخ ظل وفيا لواحدة من القيم، هي قيمة الصدق”. وأوضحت الناشطة الحقوقية أن هذا الكتاب “شهادة خاصة لرجل عايش الكثير من الأحداث، فيما بعض الشهادات تتميز بالصمت في بعض القضايا، وتغلّط القارئ حول أدوار شخوصها، مما يفرض الحذر في التعامل معها”. أما القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، الصحافي عبد الحميد الجماهري، فتحدث خلال مداخلته عن “آيت إيدر الإعلامي”، مشيرا إلى أنه من خلال مساره يتضح بكونه كانت له علاقة قوية بالإعلام. وأوضح الجماهري، في هذا الصدد، أن الصحافة ستكون حاضنة لمسيرة تحول بنسعيد، الذي عرج على مجلة “أنفاس” وجريدة “أنوال”، مضيفا: “أَي مجد للصحافة يمكن أن تدعيه، فنحن مدينون للمهنة بأنها أغرت بنسعيد بدخولها”. وتابع القيادي في “حزب الوردة” كلامه في حق آيت إيدر قائلا: “لم يكن الإعلام شيئا طارئا عليه، فيا زملائي في مهنة المتاعب، ذهبت المتاعب مع بنسعيد وبقيت لنا المهنة”. من جهته، أعلن القيادي اليساري محمد بنسعيد آيت إيدر عن نداء للوحدة المغاربية، أطلقه المركز الذي يحمل اسمه، داعيا الفاعلين والمفكرين والفنانين والإعلاميين والمثقفين بالدول المغاربية إلى التوقيع عليه. وأوضح آيت إيدر أن هذه المبادرة تؤكد العمل على بلورة حل مغاربي بشكل موحد ومتوافق عليه، بمساندة كل الحركات الشعبية المغاربية الهادفة إلى تحقيق الكرامة والعدالة. وأعلن مؤسس حزب الاشتراكي الموحد، من خلال هذه المبادرة، المساندة المطلقة لإرادة الشعب الجزائري، داعيا إلى الحفاظ على سلمية الحراك، الذي تشهده البلاد هذه الأيام ضد استمرار عبد العزيز بوتفليقة على رأس الجهورية. وناشد قيدوم اليساريين، من خلال المبادرة التي أطلقها، كل الفاعلين بالاطلاع على النداء المغاربي والتوقيع عليه “حتى تنطلق بسلام مسيرة بناء المغرب الكبير”. عن «هسبريس»