عُقدت عصر يوم الخميس الماضي جلسة عامة تحت عنوان «العقل العربي ونظرية المؤامرة»، وأسباب انتشار فكرة المؤامرة في الفكر السياسي العربي. شارك فيها أستاذ كلية الآداب والعلوم الإنسانية في المحمدية - المغرب الأستاذ سعيد المغربي، والكاتب السياسي الدكتور عبد الحميد الأنصاري، الرئيس والمدير العام لدراغومان بارتنرزل الأستاذ علي الخضيري، وأستاذ كلية الآداب والعلوم الإنسانية في المحمدية- المغرب مراد زوين، وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية مسعود الضاهر، وأدارتها الإعلامية في قناة سكاي نيوز عربية إيمان لحرش. بداية تحدّث الأستاذ سعيد المغربي عن بدايات المؤامرة لدى الإنسان، مؤكّداً أنها تبدأ مع الأصدقاء، ثم تنتقل إلى المدينة، الدول، ثم إلى جبهات خارجية. ورأى أن هناك من يعتمد على نظرية المؤامرة كبرهان على جبروته والاستحواذ على السلطة، وهناك الكثير من المؤامرات تأتي نتيجة الإقصاء أو الجريمة السياسية. وأكّد أن هناك الكثير من التجارب في العالم العربي هي ضحية الجهل والتخلّف السياسي والاجتماعي والقهر، نتيجة لغياب الديمقراطية التي هي من أهمّ روافد الاستقرار والتنمية الشاملة. بعد ذلك تحدث عبد الحميد الأنصاري، فاعتبر أن المؤامرة الحقيقية هي مؤامرتنا على أنفسنا، شارحاً ظاهرة العقل العربي وارتباطه بفكرة المؤامرة. ولفت إلى وجود سمات إيجابية تميّز العقل العربي عن غيره، كما أن هناك سمات سلبية وأوهام تتحكّم بالعقل العربي، وتحتلّ مساحات من عقل الجماهير. ولخّص الانصاري أهم الأوهام التي تسهم في انتشار ظاهرة المؤامرة، ومنها سهولة تفسير الشواهد التاريخية والعامل النفسي الذي يبرّر الضعف بالمؤامرة. من جهته، تمنى الأستاذ علي الخضيري على العرب أن ينسوا فكرة المؤامرة ويركزوا على مصالحهم المشتركة، مؤكداً أن ليس هناك مؤامرة أميركية أدت إلى كارثة في العراق بل عدم فهم الأميركيين للمنطقة وثقافاتها، من هنا يجب العمل على حل هذه المشكلة من دون ملامة الآخر. وقسّم الأستاذ مراد زوين محور الجلسة إلى قسمين، العقل الذي ربطه بالثقافة، ونظرية المؤامرة المتعلق بالسياسة. وأكّد أن ليس هناك عقل واحد، بل هناك عقل العامة وعقل الخاصة، وفي حين لا يمكن التحدث عن عقل كوني عربي، نجد أن العقل أثّر في بدايات الحضارة الغربية. واعتبر زوين أن نظرية المؤامرة مصطلح جديد لم يكن في تراثنا، بل كان هناك الحيلة والخدعة. وقدّم تعريفاً بسيطاً لنظرية المؤامرة، معتبراً أنها تبرير للإخفاقات الداخلية، ومحاولة تحميلها للآخر، مشيراً إلى أن هذه النظرية ظهرت بعد نشوء الدولة القطرية. وأكد أن التكامل بداية لوحدة عربية، لكنه لن يتحقّق إلّا بعد الخروج من نظرية المؤامرة، وهذا لن يتحقق إلّا من خلال أربع ثورات هي الديمقراطية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية. وربط الأستاذ مسعود الضاهر نظرية المؤامرة التي تسيطر على العقل العربي، بالموقع الجغرافي للعالم العربي، وتاريخه. وأوضح أن الرقعة الجغرافية للعالم العربي، هي أرض الحضارات والديانات، وهي الأكثر حيوية في تاريخ العالم، وزاد تأثيرها بعد اكتشاف النفط والغاز، ولهذا بدأت التدخلات الأجنبية فيها. وختم الضاهر بأننا أمام تحدّ غربي كنا نسبقه حضارياً ثم استوعب الغرب ثقافتنا فأصبح متقدّماً علين، معتبراً أنه لا بديل للرد على هذا التحدّي إلّا من خلال الحضارة، والعرب لديهم كل الإمكانات للخروج من الظلام، وليس المستقبل خلفهم بل أمامهم.