قد تخسر رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التصويت في البرلمان، حول مشروع الاِتفاق الذي اقترحته،بخصوص خروج بريطانيا من الاِتحاد الأوروبي، حيث تشير العديد من المعطيات إلى ذلك، الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه، لإعادة النظر في ما سمي «البريكسيت»، وكذا إمكانية الإطاحة بالحكومة المحافظة الحالية، مما قد يؤدي إلى تنظيم اِنتخابات جديدة. ومن المعلوم أن أغلبية البريطانيين صوتت، سنة 2016 ، لصالح “البريكسيت”، أي مغادرة بريطانيا للاِتحاد الأوروبي، غير أَن عملية المفاوضات مع الاِتحاد الأوروبي، أظهرت الصعوبات الكبيرة في تطبيق هذا الخروج،لذلك يبدو أن أغلبية البرلمان غير مقتنعة بالاِتفاق الذي تقترحه ماي، الأمر الذي يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى شرعية البرلمان، في مراجعة نتائج الاِستفتاء. فبالإضافة إلى كل القضايا العملية المعقدة، ذات الطبيعة الاِقتصادية والاِجتماعية، التي أثارها “البريكسيت”، فإن المعضلة الكبرى التي أثارت كذلك الجدل في بريطانيا، هي مشكلة التعارض الذي يمكن أن يحصل بين الديمقراطية المباشرة، المتمثّلة في الاِستفتاء الشعبي، والمواقف والمصالح التي يعبر عنها البرلمانيون. وقد نشرت صحيفة “الفاينانشال تايمز” بهذا الشأن تحليلاً مثيراً للسلوك الاِنتخابي لاستفتاء الخروج من الاِتحاد الأوروبي. وجاء في الصحيفة بهذا الصدد، أن آراء المواطنين كانت مختلفة، بحسب توزيعهم الديموغرافي ومستواهم التعليمي،فأغلبية المواطنين في إنجلترا وويلز صوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أما في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية، فأغلبيتهم صوتت لصالح البقاء في الاتحاد، وأن المدن الكبرى في اِنجلترا – ومنها لندن – صوتت بأغلبيتها لصالح البقاء في دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم خسروا أمام أولئك الذين صوتوا في البلدات والمناطق الريفية. وبينما صوت الشباب لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، صوت المسنون لصالح الخروج، وصوت الميسورون، الذين تلقوا تعليما جامعيا، لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي،أما أولئك الأقل حظاً في التعليم، فصوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد. لذلك، فإنه من المنتظر أن تثير معضلة “البريكسيت”، قضايا هامة حول الممارسة الديمقراطية، مع الإشارة إلى الحملة التي قادها أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي، كانت معززة بالمال والإمكانات الكبرى، التي استعملت في الدعاية، خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.