يُستفاد من تصريح ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس الوفد المغربي إلى الجولة الأولى من محادثات جنيف (5-6 دجنبر 2018)، حول مخارج النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، من جانب، وتصريحات هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء، قبل انطلاق الجولة، وبعد انتهاء أشغالها، من جانب آخر، أن هذه الجولة من المحادثات قد جرت في مناخ يدعو إلى التفاؤل في مقاربة موضوع النزاع، وذلك على مستويين هامين: I/ على مستوى دبلوماسي، حيث تمت المحادثات في «أجواء جيدة جداً» – وفق توصيف الوزير –، قد يكرس، مستقبلاً، نهجاً بناءً في مسلسل الحوار المسؤول، والتفاوض المنتج. لكن لم يفت الوزير أن يشدد على أن جودة الأجواء لا تكفي وحدها بل «يجب أن تترجم الأجواء الجيدة إلى إرادة حقيقية لتغيير هذا الوضع»، محذراً من أن «الزخم سيخبو في غياب الإرادة السياسية». وفي نفس السياق التفاؤلي، صرح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، الذي هيأ وأشرف على أشغال هذه الجولة الأولى من المحادثات، بأن الأخيرة – شكلت «خطوة مهمة نحو مسلسل سياسي متجدد لمستقبل الصحراء». II/ على مستوى سياسي، عكسه تصريح هورست كوهلر، قبل انطلاق جولة المحادثات بجنيف أعلن فيه، ولأول مرة في تاريخ ملف نزاع الصحراء المغربية، أن «الجميع سواسية أمام النزاع»، وهي صيغة دبلوماسية للتأكيد على مسؤولية الجزائر التي تشكل طرفاً أساسياً في النزاع، ولم تكن في يوم من الأيام «مراقباً دولياً» فيه بحكم «الجوار». ويشكل هذان المستويان، السياسي والدبلوماسي لجولة جنيف، بعضاً من تجليات المرجعية الأممية التي باتت معتمدة في مقاربة النزاع منذ سنة 2007، وهي المرجعية التي رسخها القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي. 1 – في المرجعية الأممية لنزاع الصحراء المغربية: إن قراءة مدققة لنص القرار الأممي الأخير (2440/31 أكتوبر 2018) حول نزاع الصحراء المغربية، سواء في شق حيثياته أو في شق مقراراته، لتنضح بمدلولات لافتة، صريحة أو مضمرة. I/ فيما يتعلق بالمدلولات الصريحة، فتحملها الفقرتان الثانية (2) والسابعة (7)، بصفة خاصة، من نص القرار الأممي. وتشي توليفة (Synthèse) الدلالات الصريحة بأمرين بالغي الأهمية: أولهما، إعادة التأكيد الأممي على أطراف النزاع بالانخراط في «حل سياسي واقعي، براجماتيكي، دائم» على قاعدة «التوافق»، ودعوة البلدان المجاورة إلى «الإتيان بمساعي هامة، نشيطة لهذا المسلسل» (الفقرة رقم 2 من نص القرار). ثانيهما، مطالبة البوليساريو بالاحترام التام للالتزامات التي أخذتها لدى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، في موضوع بئر لحلو وتيفاريتي والمنطقة العازلة ب «الكَراكَرات» (الفقرة 7 من نص القرار). (انظر ص: 7)