اختتمت الجمعة الأخيرة أشغال الدورة ال 11 للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية المنظم على مدى ثلاثة أيام حول موضوع «الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات كل المهاجرين من أجل التنمية»، بالتأكيد على الدور الريادي الذي يلعبه المغرب في تدبير تدفقات الهجرة على الصعيد العالمي بشكل عام، لاسيما في إفريقيا وفي الفضاء الأورومتوسطي. ونجحت فعاليات الدورة ال 11 للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية، المنعقدة قبيل المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، الذي تحتضنه مدينة مراكش يومي 10 و11 دجنبر الجاري، على العلاقة الوطيدة القائمة بين تنقل الأشخاص ومؤهلات التنمية سواء بالنسبة لبلدان الأصل، أو العبور، أو الاستقبال. كما أبرز المنتدى، الذي عرف مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من الحكومتين المغربية والألمانية ووزراء ونائبي وزراء من جميع مناطق العالم، وكذا العديد من أصحاب القرار والمختصين يمثلون 135 دولة عضو بالأممالمتحدة، والمجتمع المدني والقطاع الخاص ومنظمات أخرى معنية بقضاياالهجرة، على الروابط القائمة بين المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، والميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة و منظمة ومنتظمة. ويتضمن الميثاق ثلاثة أجزاء وعشرة مبادئ توجيهية و23 هدفاً، ويقدم الجزء الأول من الميثاق لمحة عامة عن الشراكة الدولية لإدارة عمليات الهجرة، حيث لا يمكن لأي دولة أن تدّعي تسوية هذه القضية بمفردها، أما الجزء الثاني، وهو أكثر عملية، فيشير إلى الطرق التي يجب اتباعها لتجنب عملية الهجرة القسرية أو غير المنتظمة من خلال تحديد إطار لها، كما يهدف إلى الإبلاغ عن الأوضاع التي تدفع المهاجرين إلى المغادرة، من خلال تبادل المعطيات والمعلومات، ومكافحة الهجرة غير النظامية، عن طريق تعزيز الأمن على الحدود، والإشارة إلى عناصر الهجرة الآمنة والمُنظّمة وتجهيز تدابير للاندماج وسياسات للتنمية في بلدان المنشأ ودول اللجوء، كما يدعو الميثاق لاتخاذ إجراءات للأمن وللحماية والإنقاذ في دول العبور، بما في ذلك تسهيلات الاتصالات. وسوف يؤدي تنفيذ الالتزامات الطوعية المُتخذة من قبل الدول المُوَقِّعة، في حال وُجدت، إلى مؤتمر مراجعة كل أربع سنوات، لمراجعة التجارب وممارسات مختلف الجهات الفاعلة. وشدد المشاركون في أشغال الدورة ال 11 للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على ضرورة التركيز على الهجرة كرافعة للتنمية الاقتصادية والحضارية الدولية وضرورة تقنينها وتنظيمها للحد من انعكاساتها السلبية، خاصة المآسي التي يعيشها المهاجرون موضحين أن تدبير مسألة الهجرة رهين بتوحيد جهود البلدان لتحقيق الأهداف المنشودة في هذا المجال، وأكدوا على أن الدول بمفردها لا يمكنها أن تتجاوز المعضلات المرتبطة بظاهرة الهجرة، مشددة على أهمية انخراط المجتمع الدولي برمته من أجل الوصول إلى حلول ترضي الجميع. ويعد اختيار المغرب تكريسا للسياسة الإنسانية للهجرةالتي أطلقها جلالة الملك محمد السادس سنة 2013، والتي سمحت بتسوية أوضاع المهاجرين من جنوب الصحراء، ترسيخا لقيم السخاء وكرم الضيافة والتضامن مع البلدان الإفريقية. يشار إلى أن المنتدى العالمي المعني بالهجرة والتنمية، قدأنشأته الأممالمتحدة في عام 2007 ليكون فضاء غير رسمي وغير ملزم وطوعي وقادته الحكومات لإجراء مناقشات رفيعة المستوى بشأن السياسات والتحديات والفرص التي تتيحها "العلاقة بين الهجرة والتنمية". وأكد مشاركون من وكالات الأممالمتحدة المختلفة ومنظمات المجمتع المدني والمنظمات غير حكومية، أنه ليس بمقدور أي بلد بمفرده على مواجهة التحديات التي تطرحها هذه الظاهرة، مشددين على أهمية انخراط المجتمع الدولي برمته من أجل الوصول إلى حلول ترضي الجميع لتجاوز المعضلات المرتبطة بظاهرة الهجرة. وشدد المشاركون طيلة أيام أشغال الدورة ال 11 للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على ضرورة التعاون وإرساء مقاربة إقليمية ودولية مشتركة من أجل التدبير الجيد للهجرة وتبني مقاربات وحلول جديدة، لمعالجة الإشكاليات المرتبطة بمجال الهجرة، موضحين أن تدبير مسألة الهجرة رهين بتضافر جهود كافة البلدان، سواء بلدان منشأ الهجرة أو العبور أو الإقامة. وتم خلال هذا المنتدى، تحليل ودراسة مساهمة المنتدى في الحوار العالمي، ووضع سياسات في مجال الهجرة والتنمية، ويقترح إجراء جرد للنجاحات والتحديات التي عرفها المنتدى خلال العشر سنوات الأخيرة في ما يخص الهجرة والتنمية، وذلك بتعبئة فريق من الخبراء. وتعتبر الرئاسة المشتركة لألمانيا والمغرب مبادرة فريدة لثلاثة أسباب على الأقل، ذلك لأن طبيعة الرئاسة المشتركة تضع شركاء الشمال والجنوب على قدم المساواة في تدبير النقاشات حول الانشغالات المشتركة المتعلقة بالهجرة، ثم لأنه وللمرة الأولى، قامت هاتان الحكومتان بوضع أهداف واضحة ومركزة للمنتدى العالمي، حول الهجرة والتنمية على مدى عامين، كما أعطت الحكومتان في السنوات الأخيرة المثال من خلال تطبيق سياسات استشرافية للهجرة على مستوى بلديهما. وقد أولت العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم اهتماما كبيرا لتحقيق أقصى ما يمكن من إيجابيات الهجرة، عبر العديد من الشراكات الدولية، لضمان هجرة مفيدة للجميع. وتمثل الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية بين ألمانيا والمغرب مثالا حديثا لهذه المقاربة الإيجابية. وعمل المنتدى على تنظيم ثلاث ورشات عمل موضوعاتية سنة 2018 حول مواضيع "الهجرة وأجندة 2030" (18 و19 أبريل في الرباط)، "هجرة اليد العاملة" (3 ماي بجنيف)، وأخيرا "الأطفال والشباب في سياق الهجرة" (21 و22 يونيو بأكادير). بالإضافة إلى ذلك، تمت برمجة أربع تظاهرات موازية أيضا بالتعاون مع شركاء دوليين مختلفين في إطار مواضيع الهجرة والتنمية القروية: تعزيز الشراكة الانتقالية (26 مارس في نيويورك)، تظاهرة موازية للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على هامش المنتدى السياسي الرفيع المستوى لعام 2018 (13 يوليوز في نيويورك)، وأخيرا حوار حول تنفيذ إطار الحكامة العالمية الجديد للهجرة (4 شتنبر في جنيف…