حقوق النساء بين المكتسبات القانونية والاكراهات الثقافية في جو نضالي حماسي، غصت قاعة الاجتماعات بغرفة الصناعة والتجارة والخدمات بجموع النساء الوافدات من مختلف أحياء المدينة، بالإضافة إلى مناضلات اتحاديات من فاس والحاجب وأزرو أبين إلا أن يشاركن أخواتهن المناضلات بمكناس لحظة تميز الفعل النضالي، الهادف المنظم من طرف الكتابة الإقليمية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات بمكناس، والمؤطر من طرف عضوتي المكتب السياسي الأختين أمينة أوشلح وخدوج السلالي التي تتحمل في الآن نفسه مسؤولية الكتابة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات. كلمة الافتتاح، التي ألقاها الأخ اينفى محمد الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، استهلها بقراءة الفاتحة على أرواح المناضلين والمناضلات الاتحاديات، الذين واللائي غادرونا إلى دار البقاء وعلى رأسهم المرحوم الأخ إبراهيم لمساعدي. بعد ذلك، عبر الأخ الكاتب الإقليمي عن تقديره لمبادرة الكتابة الإقليمية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، متمنيا للأخوات كامل التوفيق والنجاح بمسارهم التنظيمي والتأطيري والتواصلي بحكم أهمية القطاع النسائي ومحوريته التنظيمية أفقيا وعموديا. كلمة الأخت رتيبة الراية منسقة اللجنة التحضيرية وعضوة المجلس الوطني، أشادت فيها بالمجهودات التنظيمية الجبارة التي بذلت من طرف عضوات المكتب الإقليمي للقطاع النسائي للوصول إلى محطة التأسيس والإرساء، برغم كل الصعوبات والإكراهات، وبرغم ثقل تحمل المسؤولية، حيث بإصرارهن ونضالهن حققن هدفهن، وأعطين للقطاع صرخة ميلاد جديدة تجسدت اليوم في هذا اللقاء الحاشد المعبر عن الوعي العميق، من طرف الحاضرات من مختلف الأعمار بضرورة الإنصات بنون النسوة للفعل النضالي النسائي بهدف الإقرار بأن الحركة النسائية الاتحادية لم تولد من العدم، بل ولدت في بوثقة الانصهار النضالي خلال سنوات الجمر. وما تشريف الأختين المناضلتين أمينة أوشلح وخدوج السلالي المشهود بنضالهما وطنيا ودوليا، إلا دليل على أهمية الحدث ورمزيته السياسية والتنظيمية، باعتباره أول نشاط ينظم بعد مخاض التأسيس قبل أشهر قليلة، معتبرة أن الحضور المكثف للنساء الاتحاديات اليوم، يعتبر مقدمة لانطلاقة واعدة تحمل داخلها وهج الأمل والإيمان بالقضية النسائية. المرأة ودورها في الإسهام في التنمية كلمة الكاتبة الإقليمية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات بمكناس الأخت نزهة حارشلي، استهلتها بشكر الحضور والترحيب باسمهن، وباسم المناضلتين على الواجهة السياسية والحقوقية والجمعوية الأختين أمينة أوشلح وخدوج السلالي، مؤكدة أن الجمع بين هاتين المناضلتين في ذكرى اليوم الوطني للمرأة واليوم العالمي للفتاة، لهو خير دليل على أنهن في المسار الصحيح،باعتبار الرمزية التنظيمية والتأطيرية والنضالية لهن وبفعل ما قدمتا من تضحيات جسام للقضية النسائية والحركة التقدمية الديمقراطية بالمغرب، معتبرة لحظة الاحتفال التي نحييها جميعا اليوم كنساء واعيات ومؤمنات بغد أفضل لوضعهن داخل المجتمع، لم تأت من فراغ بل تحققت عبر مسار نضالي عناوينه الكبرى تتجسد في التضحية والنضال والأناة والنبل والصمود والتحدي والإصرار والمكابدة والعطاء لنصل اليوم إلى لحظة الإقرار بمكانة المرأة ودورها في الإسهام في التنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية بالمغرب، مشيرة إلى أن مسار إحقاق حقوق المرأة كاملة،تعترضه العديد من الصعوبات والإشكالات المرتبطة بالنظرة التشييئية للمرأة وبفعل الفكر الرجعي الظلامي المتحجر. مذكرة في سياق مداخلتها بأن الحركة النسائية التقدمية ستشق طريقها بإصرار نحو غد أفضل حامل لكل الآمال المحققة للمساواة والمناصفة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية، مشيرة في ختام كلمتها إلى أن الكتابة الإقليمية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، ستعمل تنظيميا على الرفع من منسوب الوعي السياسي والثقافي والحقوقي لدى المنخرطات، ولدى أوسع الفئات النسائية إقليميا لكسر قيود التخلف، ولمحاصرة الفكر الرجعي المتحجر فكرا وممارسة. مداخلة الأخت أمينة أوشلح، عضو المكتب السياسي، استهلتها بتثمين المجهودات التنظيمية المبذولة من طرف كل الاخوات بمكناس، اللواتي استطعن بنضاليتهن العالية إنجاح أول نشاط لهن بصمن فيه على مقدرتهن النضالية والتنظيمية، برغم جنينية الجهاز المسؤول قطاعيا، معتبرة أن تزامن الحدث مع تاريخ إرساء مدونة الأسرة، له دلالاته السياسية والتنظيمية والنضالية، بحكم الحمولة الحقوقية للحدث، وانعكاسه على واقع وحاضر ومستقبل الأسر المغربية، التي تتطلع إلى غد محقق للعدالة والمساواة، ومرسخ للاستقرار الاجتماعي،معتبرة أن وجود الفعاليات الشبابية والجمعوية، يؤكد على انفتاح الحزب على الطاقات الواعدة، التي تعتبر أمل المستقبل، فاختيار الشعار الذي ينعقد في إطاره هذا النشاط الهام، والذي يطرح تساؤلا عميقا حول حقوق النساء ومكتسباتهم القانونية والاكراهات المرتبطة بالثقافة المحافظة الرجعية، التي تقاوم انفتاح وتحرر المرأة من براثن القهر والتخلف، المفروض عليها قسرا، بفعل التكلس والتحجر الفكري، وبفعل الفهم الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي السمحة، معتبرة أن الحديث والغوص في موضوع تحرر المرأة، يطرح العديد من الإشكالات الفكرية على المستوى الاجرائي والعملي، بحكم اختلاف الرؤى والمواقع والتوجهات داخل دوائر صنع القرار، مما يعرقل الإرساء الفعلي للقوانين المدسترة ، مما يعد تحديا للرهان الأساسي تجاه أهم القضايا المرتبطة بتطور المجتمع وتقدمه، مشيرة إلى أن تاريخ الحركة النسائيةالمغربية، يجرنا مباشرة إلى طرح العديد من التساؤلات المرتبطة بواقع المرأة وتطور مسارها النضالي المطلبي من خلال نضالات جمعيات المجتمع المدني، الحاملة للقضية النسائية بمعية ومساندة الصف التقدمي المناصر فكريا وإيدلوجيا وتنظيميا وثقافيا للقضية ضدا على واقع الإقصاء والتهميش الممنهج إيديولوجيا، والذي ترتبت عنه كل أنواع الاستغلال والتبخيس المجحف للمرأة في العديد من القضايا المرتبطة بالشغل والكرامة والعدالة والحق الضامن للمساواة اقتصاديا وثقافيا ، معتبرة أن المتغيرات الاجتماعية التي أحدثتها الثورة التكنولوجية إعلاميا، مكنت من امتلاك المعلومة والاطلاع على الاحداث والقضايا، التي تعتبر محور التقاء العديد من المبادرات والحركات وطنيا ودوليا، مما حتم استثمارها على كل المستويات، باعتبارها رهانا استراتيجيا مرسخا لأسس الكرامة والحرية والتقدم، الشيء الذي تبناه الاتحاد الاشتراكي عبر مساره التاريخي، من خلال إرساء وفسح المجال للمناضلات الاتحاديات لتأسيس إطارهن التنظيمي المسهم في بلورة الوعي الجماعي بالقضية النسائية واستثمار التحولات الاجتماعية التي ساهمت في إرساء وتطور حركية القطاع النسائي الاتحادي، من خلال تأسيس المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات التي أعطت وهجا وتميزا تنظيميا مكن من الإسهام في التحولات التي طالت وضعية المرأة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، مؤكدة على أن قضية المرأة ليست قضية مستقلة بل هي في عمق التحولات التي تطال المجتمع برمته. تشريح الوضع النسائي مشيرة إلى أن الاتحاد الاشتراكي كان دائما مناصرا للقضايا النسائية عبر التطور والصراع الذي صاحب النضال الديمقراطي وطنيا، مما يسر ومهد الطريق أمام الإقرار بالعديد من القرارات والقوانين التي دسترت من خلال دستور 2011 عبر الإقرار بدعم إدماج المرأة في التنمية لتصبح فاعلا في البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، تماشيا مع كل المواثيق الوضعية وكذا مع ما ترسيه تعاليم ديننا الحنيف من مساواة وإنصاف وإقرار بالعدل وتكافؤ للفرص، مؤكدة على أن طرح التحرر بصيغة المفرد لا يمكن أن يحقق التطلعات المشروعة للنساء باعتبارأن التحرر لن يتجسد إلا ضمن قيم المجتمع وأسسه وقواعده الأخلاقية، بحيث إنه ليس تحررا مطلقا يقفز على الثوابت الاجتماعية والأسرية، مذكرة في نهاية عرضها بأهم المحطات التي عرفها الاتحاد الاشتراكي، والتي كان من أبرزها محطة المؤتمر الاستثنائي للحزب سنة 1975 التي جسدت تحولا جذريا في مسار الحزب من خلال طرح قضيتين أساسيتين همتا القضية الوطنية عبر إرساء النضال الديمقراطي وتبني القضية النسائية تنظيميا، من خلال تشريح الوضع النسائي القائم على المستوى التحليلي والمطلبي ومن خلال رصد كل التحولات السياسية والاجتماعية التي عاشها المغرب، حيث تم خلال تلك الفترة طرح العديد من المطالب النسائية التي طالت الجانب القانوني والصحي والتعليمي والاجتماعي، مما شكل منعطفا أساسيا في تطور الحركة الاتحادية النسائية، عبر إرساء قطاع نسائي اتحادي واعتباره رافد من الروافد التنظيمية للحزب، مما أهله إلى تصدر الريادة في مجال دعم القضية النسائية وطنيا ودوليا وقد ختمت الأخت أمينة اوشلح عرضها، بتثمين لحظات اللقاء، شاكرة للأخوات مجهوداتهن النضالية والتأطيرية والتواصلية. الأخت خدوج السلاسي عضوة المكتب السياسي والكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، استهلت عرضها بتثمين لحظة اللقاء، والشد على أيدي المناضلات المنتصرات والمناضلين المنتصرين للقضية النسائية إقليميا وقطاعيا بمدينة مكناس، مذكرة بشرف إرساء وغرس بذرة الكتابة الإقليمية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات بمعية الأخ الكاتب الإقليمي للحزب، معتبرة أن تنوع الحضور من أجيال سنوات الرصاص إلى الجيل الحاضر، يؤكد على أن حزب القوات الشعبية يشق طريقه بإصرار، وفي الاتجاه الصحيح. وأنه برغم كل الهزات والتآمر والتضييق، سيظل الاتحاد الاشتراكي حاملا لمشعل التحرر والديمقراطية والاشتراكية، مؤكدة في مدخل عرضها السياسي أنه في الوقت الذي يتم فيه خروج بعض القوانين إلى حيز التطبيق كقانون محاربة العنف وقانون العاملات، يتم تعطل تنزيل وتفعيل النصوص التطبيقية، مما يعد إخلالا مرتبطا بعدم احترام الالتزامات أولا، وضعف وعدم الملاءمة مع مستجدات القوانين ثانيا، الشيء الذي أدى حتما إلى عدم التساوق مع النص الدستوري في جانبه المتعلق بالمساواة، مما يكرس عمليا العديد من الخروقات والتراجعات والتجاوزات، التي تحتم على الحركة النسائية بمختلف تلويناتها التصدي لهاخصوصا مع تصاعد المد المحافظ، معتبرة أنه بعد مرور 14 سنة على قانون الأسرة، أصبح حتميا إرساء مراجعة شاملة لفصوله، لاعتبارات عدة، أهمها عدم الملاءمة مع المستجدات والتحولات الطارئة بالمجتمع، وتسجيل العديد من الفراغات التي كشفها التنزيل الميداني، بالإضافة إلى التعارض مع العديد من الاتفاقيات الدولية التي كان المغرب طرفا فيها، مما أدى إلى شرود بين آليات التنزيل والفهم والتأويل والاجتهاد، خصوصا في القضايا المتعلقة بتزويج القاصرات والتعدد والمساواة وتنامي ظواهر العنف المركب ضد النساء في العديد من المجالات، مما يعد إخلالا بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ينتج عنه تكسير مبدأ التضامن والتعايش داخل الأسرة التي تعتبر النواة الأولى للمجتمع. واعتبرت أن إحدى الواجهات النضالية اليوم، تتجسد في مواجهة المد الثقافي الموازي المبخس للنص، والمعطل لتطبيقه، مما يطبع مع كل الانزلاقات والتجاوزات ويشرعنها، مؤكدة على ضرورة امتداد النضال الواعي والملتزم بالقضية النسائية إلى كل الحقول الثقافية والسياسية والفكرية والحقوقية لتحقيق قيمة الكائن البشري بصيغة المؤنث، مشددة على ان الصراع سيظل قائما بين قوى التحرر وقوى الحجر الموظفة للمعتقد الديني بصورة تحرف المفهوم القدسي له وتستغله وفق الخلفيات المؤطرة لتوجهاتها ولأجنداتها السياسية، كما أشارت في معرض تدخلها إلى تقرير الخمسينية الذي رصد اختلالات النماذج التنموية السابقة بالمغرب، متوقفة عند الاختلالات الثلاثة العميقة، التي تعوق المجال التنموي بالمغرب، والتي حددتها في قضايا النساء وتعثر السياسة الحكومية تجاه المدرسة العمومية وغياب استراتيجية تنموية واضحة الأهداف بالنسبة للبادية المغربية، مؤكدة ان المقاربة المندمجة لهذا الثلاثي المأزوم، هي المدخل الأوحد والحقيقي لإعادة ترتيب الأولويات وفق منظور متكامل يقطع مع سياسة الارتجال والترقيع وهدر الزمن، معتبرة ان الركائز الثلاث السالفة الذكر، يمكنها أن تشكل أولى خطوات القطع مع سياسات الريع والانتهازية والوصولية، معتبرة أن تجدد انتعاش الوعي بضرورة النضال من أجل التمكين الاقتصادي للنساء ووقف كل أشكال التمييز عبر مجالات الضغط والترافع والتدافع من خلال إرساء وتقوية الدعامات القانونية الضامنة للعدالة الاقتصادية والثقافية والسياسية وفق مقاربة دامجة للمساواة والنوع في مجال السياسات العمومية ،التي تأخذ بعين الاعتبار مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية المرتبطة بتدبير السياسات العمومية لتحقيق الأهداف المنتظرة، عبر تحديث البنيات المجتمعية والتي تتطلب فعلا ثقافيا جريئا لمواجهة معوقات الحداثة وطروحات المقاربات المؤسسة على أرضيات الفكر المحافظ ، مؤكدة في طروحاتها على أن مساحة الفعل من أجل مجتمع الحداثة والتنمية والتقدم، تستوعب كل المبادرات التي تعلو على اللون السياسي والظرفية الانتخابية، معتبرة أن البنية المفاهيمية للديمقراطية والاشتراكية، ترتكز على محددي العدالة والمساواة، باعتبارهما محور النضال الديمقراطي المرتكز على قوة الإقناع والطرح والمبادرة لتحقيق التغيرات السياسية المنتظرة، مؤكدة أن حل معضلاتنا الاجتماعية، يعتبر أساسا لخلخلة المياه الراكدة، للتوجه نحو المستقبل عن طريق فعل نضالي متميز، تتملكه وتدافع عنه القوى الحية الحاملة لهم الانعتاق والتحرر والتقدم، مثمنة في نهاية مداخلتها الاعتزاز بالطاقات الشابة المؤمنة بالتغيير الهادئ عبر تملك آليات الحوار والنقاش الهادف المسؤول الممهد لتوسيع مساحة الفعل الديمقراطي وطنيا ،والتي عبرت من خلال مداخلاتها عن فهم وتملك كبيرين للقضايا التي تأخذ باهتمام الرأي العام الوطني.