أكد محمد عبد الرحمان برادة، الرئيس المدير العام السابق لمجموعة «سابريس» للنشر والتوزيع، أن الأزمة التي تعيشها الصحافة الورقية في المغرب أعمق من التي تعيشها مثيلتها في أماكن أخرى، مبرزا أن ذلك يعكسه «اندحار الأرقام، وهشاشة الانتشار، وصعوبة الانتقال إلى ما تفرضه الحداثة الرقمية والوسائل الحديثة للاتصال والتواصل». محمد عبد الرحمان برادة، الذي كان يتحدث في لقاء مفتوح نظمته معه بتاونات جريدة «صدى تاونات «، بمناسبة احتفالها بالذكرى ال24 لصدورها، أشار إلى أن «ما نعيشه من ثورة لا نهاية لسلبياتها لن ينجو من إعصارها إلا من وُهب قوة الاستمرار وكفاءة التأقلم مع تطورات المجتمع ومتطلبات القراء على قلتهم»، مشيرا إلى أن ذلك «يبعث على الإحباط والتشاؤم في وقت الحاجة ماسة لتلعب الصحافة دورها الطبيعي في مواجهة التطورات وتحقيق الارتقاء المنشود». «الصحافة الجهوية هي النوع القابل للاستمرار، لأنها قريبة من هموم المواطن، ومن قرائها، لصيقة بنشاط محيطها، مدركة لمشاكل ساكنتها وطموح منطقتها»، يؤكد برادة، الذي أبرز أن الصحافة الورقية «لم ترق إلى مستوى الجيل الجديد من الصحافة، المتمثل في الصحافة الإلكترونية المعاصرة»، ومؤكدا أنه «لضمان الاستمرار، لا بد من التكامل بين الورقي والرقمي، كما فعلت ذلك كبريات الصحف في العالم». وأوضح برادة أن شركة «سابريس»، التي تأسست سنة 1977 لكسر احتكار التوزيع الذي كانت تتولاه شركة أجنبية، «شكلت الحلقة المتممة للعمل الصحافي وقنطرة التواصل بين الصحافي والقارئ»، مبرزا أنها اختارت، في تلك الفترة، شعار «جريدة لكل مواطن»، في مرحلة قال عنها المتحدث ذاته إنها «كانت تعرف تغلغلا استعماريا على المستوى الثقافي، وكان من الصعب للغاية التجرؤ على إصدار جريدة أو منافسة شركة أجنبية للتوزيع».»كان للصحافة دور تربوي وسياسي وثقافي، وكانت لها قناعات، ولهذا كانت لها مصداقية جعلتها تحظى بالإقبال»، يقول محمد برادة، موضحا أنه «بدون مصداقية لا يمكن للصحافة أن تنجح ولو وفرت لها الإمكانيات الضخمة»، ومشيرا إلى أن «سابريس شكلت مؤسسة وطنية على شكل تعاونية تضم مختلف الناشرين المغاربة، وكان هدفها الأسمى إيصال الجريدة إلى أبعد نقطة بالبلاد». وعبر ضيف «صدى تاونات»، الذي تم الاحتفاء به خلال هذه المناسبة، عن تحفظه على الظروف التي أحاطت بإنشاء المجلس الوطني للصحافة والقوانين المنظمة له، مشيرا إلى أنه «في بعض الدول لا وجود لوزارة الإعلام مع وجود مجلس للإعلام»، ومضيفا في هذا الصدد: «الصحافيون يقومون بتأطير أنفسهم، ويعرفون أكثر مهنتهم، ولا يمكن للوزارة أن ترشدهم إلى ما يجب فعله. ودور المجلس، إذا حسنت النوايا وصدقت المسالك التي وضعت له، سيكون مهما، وسيساهم في إعطاء الصحافة إمكانيات جديدة لتستمر». يذكر أن هذا اللقاء، الذي تميز بتكريم محمد عبد الرحمان برادة، إلى جانب وجوه إعلامية أخرى على رأسها روح الصحافي الراحل العربي المساري، تميز بتقديم عدد من الشهادات في حق برادة، أجمعت على أن مؤسس «سابريس» أعطى الكثير لحقل الإعلام بالمغرب، وساهم، من خلال التوزيع، في دمقرطة ووصول الصحيفة إلى القارئ بمختلف أرجاء البلاد