اتسمت أشغال «المجلس الوطني» لِ»الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، في دورته الأخيرة، بمقاربة عميقة للتحديات التي تواجهها البلاد، كما تميزت برؤية رصينة للرهانات التي تسائلها، وبمسؤولية وطنية لدور القوى الوطنية، الديمقراطية، التقدمية، وفي صدارتها «الاتحاد الاشتراكي»، في اختراق جدار التحديات القائمة، واقتحام فضاء الرهانات الماثلة. ولئن تميزت مداولات «المجلس الوطني» بتحليل دقيق لأوضاع البلاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وباستحضار واعٍ للأولويات الوطنية، تفاعلاً مع نبض الشارع، وتجاوباً مع المبادئ والقيم التي تحكم نضال «الاتحاد الاشتراكي» عبر مساره النضالي الطويل، باعتباره قوة دفع تقدمية، يسارية، اجتماعية-ديمقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع، والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية – لئن اتسمت مداولات» المجلس الوطني» بكل ما تستحقه أوضاع البلاد من جدية متناهية في التحليل، ومسؤولية عالية في التوجه، فلأن مشروع التقرير السياسي الذي تقدم به الكاتب الأول للحزب أمام «المجلس الوطني» وضع أعضاء الحزب وأنصاره وجماهيره أمام التحديات العظام التي تواجهها البلاد على كافة الأصعدة، السياسية والاجتماعية والمؤسساتية، كما وضعهم في صُلب المسؤوليات الوطنية والتاريخية التي تطرحها عليهم دقة الظرف الوطني، ومأزومية الحال الاجتماعي، وتهافتات الحقل الحزبي الوطني. 1/ ومن نافل القول التذكير – في هذا الصدد – بما بات يكتسي طابع البداهة والرتابة في الخطابات السياسية والاجتماعية، بل في تقارير مؤسسات الحكامة في البلاد، وهي خطابات وتقارير تُفصّل طابع الأزمة الاجتماعية التي تزداد تفاقماً، بالرغم من الجهود التي تبدلها السلطات العمومية للتخفيف من آثارها. وفي هذا المضمار، فإن أوضاع الفقر والهشاشة التي تعاني منها قطاعات واسعة من الشعب في البوادي والحواضر، وحالة اليأس والقنوط التي تسكن فئات الشباب في ظل أوضاع البطالة، وعجوزات التكوين، واستمرارية التفارق والتباعد بين التكوين وسوق الشغل، ونقائص التغطية الاجتماعية التي تسائل الصحة العمومية بالبلاد، سواء على مستوى بنياتها المؤسساتية، أو على مستوى خريطة انتشارها مجالياً، وإشكالية تجويد المدرسة العمومية، التي تشكل مناط التعليم الأساسي الذي يشكل بدوره الأرضية الصلبة لنظام تربوي-تعليمي وطني، يبلور مقتضيات العِقد الدستوري، ويرسي مقومات انخراط أجيال المستقبل في منظومة التحولات التكنولوجية المتسارعة، عبر تأهيل قدراتهم ومهاراتهم على التجدد والتغير والتكيف مع التحديات المذهلة للتكنولوجيات الجديدة، كما يعزز أسس الانفتاح الفكري واللغوي المنضبط.