تعمل جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر على تعطيل مسار المفاوضات بشأن حلّ النزاع الصحراويّ وذلك بإطلاق دعوات عدائية قوامها حمل السلاح ضدّ المغرب، وتستغل ميليشيات الانفصاليّين الأوضاع المتدهورة في تندوف لتهريب السلاح إلى المجموعات الإرهابية والدفع بمقاتليها إلى الانخراط في التنظيمات الجهادية. ونقلت جريدة «أخبار اليوم» المغربية عن صحافي أسباني، تصريحات لكريستوفر روس، أفاد من خلالها، وفي سابقة من نوعها، أن تزايد دعوات مؤيّدي البوليساريو في تندوف لحمل السلاح ضدّ المغرب تؤكد «ميلا لديهم ليصبحوا إرهابيين متطرفين». وأكّد وسيط نزاع الصحراء المغربية، أن «جبهة البوليساريو تعيش أحلك ظروفها، في ظل ضغط قوي من سكان مخيمات تندوف الذين يطالبون بنتائج المفاوضات مع المغرب». وقد نشر هذه التصريحات الصحافي الأسباني إغناسيو سامبرويرو، الذي كشف عن «اطلاعه على وثائق وتسريبات» تخص لقاء كريستوفر روس مع سفراء غربيين ينتمون لمجموعة أصدقاء الصحراء، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية وأسبانيا وفرنسا وإنجلترا وروسيا. وسبق للمغرب أن حذّر قبل سنوات من انضمام سكان مخيمات تندوف إلى تنظيم القاعدة، الناشط في الصحراء الأفريقية الكبرى، داعيا المجتمع الدولي إلى مراقبة الأوضاع في تندوف خاصة في ظل تحول البوليساريو تدريجيا إلى منظمة داعمة للإرهاب. يشار إلى أن محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون في المغرب، أكد في تصريحات سابقة أن الجماعات الإرهابية التي تنشط بمنطقة الساحل والصحراء أصبحت مناصرة لدعاة الانفصال، وأن ما لا يقل عن 100 عضو من البوليساريو ينتمون للقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا. ويرى مراقبون أنّ البوليساريو المدعومة من قبل الجزائر تتواطأ مع الجهاديّين وتستنجد بهم كي تعطّل مسار الحوار في قضية الصحراء المغربية. هذا ودعا تقرير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب التابع لمجموعة التفكير الأمريكية، «بوتوماك إنستيتيوت فور بوليسي ستاديز»، في بداية السنة الحالية إلى تفكيك ميليشيات البوليساريو وإطلاق سراح المحتجزين في مخيمات تندوف، التي أصبحت «مجالا خصبا» لمجندي القاعدة والتهريب بجميع أشكاله. وقال مدير المركز، يوناه ألكسندر، إن «المجموعة الدولية أصبحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى العمل على إحصاء سكان مخيمات تندوف»، مبرزا أن هذه المخيمات تمثل «تهديدا للأمن الإقليمي، لكونها أصبحت مجالا خصبا لتجنيد الإرهابيين والمهربين». وحذّرت الدراسة، التي تناولت واقع التهديدات الإرهابية بشمال أفريقيا والساحل، من أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وجماعات إقليمية متطرفة أخرى تبحث عن «استغلال الوضع بهذه المخيمات التي تخضع لمراقبة البوليساريو للقيام بحملات تجنيد مكثفة». وفي هذا الصدد، أكدت على ضرورة التحرك الفوري لمواجهة «التهديدات المتنامية للتطرف» بمخيمات تندوف، كما تشهد على ذلك خلاصات أحد التقارير المقدمة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والذي وصف فيها المخيمات ب»قنبلة موقوتة» حقيقية. يذكر أن الرباط اقترحت في خطوة وصفها المراقبون، بالجريئة، حكما ذاتيا موسعا لإقليم الصحراء الغربية، ويقترح الحكم الذاتي الموسع، نقل صلاحيات واسعة في خطوة غير مسبوقة من مركز الدولة المغربية في الرباط، إلى «حكومة محلية منتخبة في الصحراء»، مع ضمان «تمثيل للسكان في البرلمان المحلي، لكل القبائل المكونة» للمجتمع الصحراوي. ورفضت البوليساريو مقترح الحكم الذاتي، مواصلة مطالبها بانفصال الصحراء المغربية لتأسيس «دولة مستقلة» ممّا تسبب في تصاعد الأزمة السياسية. التنظيمات الجهادية تعمل على تجنيد الصحراويين في تندوف بمعية البوليساريو وأمام تصاعد وتيرة الأحداث في مخيمات تندوف وانخراط الانفصاليّين ضمن أجنحة وكتائب التنظيمات الجهادية، أكد العديد من نشطاء المجتمع المدني بالمغرب ومؤيدي مقترح الحكم الذاتي، أن جبهة البوليساريو الانفصالية تتعامل مع الجهاديين وذلك بتهريب السلاح من مخيمات تندوف نحو معاقل متشددي تنظيم القاعدة. وعبروا عن قلقهم حيال انعدام الأمن المتنامي في المنطقة نتيجة الروابط «الإرهابية» و»ذات الطبيعة العسكرية» القائمة بين ميليشيات البوليساريو والمجموعات المتشددة بالمنطقة الصحراوية. وفي هذا السياق، ندد الصحافي الأسباني، خوسي ماريا جيل كاري، في تصريحات صحفية سابقة ب»تحركات البوليساريو، التي تعرض المنطقة على حد قوله، ل»تهديدات خطيرة وغير متوقعة». وقال إن «النزاع المفتعل حول الصحراء أضحى مشكلا يهم الأمن الدولي»، مشيرا إلى أن من شأن عدم تسوية هذا الخلاف التأثير على الاستقرار بالمنطقة المغاربية. واعتبر خبراء أمنيون أن الجزائر مسؤولة عما يحصل على أراضيها من تواطؤ بين انفصاليّي تندوف والمجموعات الجهادية ومن حالات انتهاك حقوق الإنسان المرتكبة في حق السكان الصحراويين. وشدّدوا على أنه «بموجب مبادئ القانون الدولي، تكون الدولة مسؤولة عن جميع الأعمال المرتكبة على ترابها وعن كل الأشخاص الذين يعيشون بها أو تابعين لنفوذها الترابي»، ومن هذا المنطلق فإنه يجب على الدولة المحتضنة للبوليساريو أي الجزائر، الإجابة أمام مجلس الأمن على الأعمال التي تهدد السلم الإقليمي.