أكدت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية٬ في مقال بتوقيع المختص في شؤون المنطقة المغاربية تيري أوبيرلي٬ والقناة التلفزية "فرانس 24"٬ الجمعة٬ تورط عناصر من البوليساريو في معارك طاحنة شمال مالي سقط فيها٬ يوم 23 فبراير٬ أكثر من 43 قتيلا في صفوف المتطرفين واعتقال على الأقل عنصر واحد من "البوليساريو". وحسب "لوفيغارو"٬ فقد قتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي٬ الجزائري أبو زيد و43 إرهابيا (من مختلف الجنسيات) فيما أصيب آخرون بحروق خطيرة خلال اشتباكات عنيفة للجيش الفرنسي مدعوما بجنود تشاديين في منطقة تيغرغار الجبلية شمال مدينة كيدال. وأشارت "لوفيغارو" وقناة "فرانس 24"٬ استنادا إلى مسؤولين بالحركة الوطنية لتحرير أزواد - الطوارق التي يساند مقاتلوها القوات الفرنسية الخاصة في إطار عملية سيرفال٬ إلى أن العملية انتهت باعتقال سبعة من الإرهابيين منهم بالخصوص "جزائري وموريتاني وعنصر ينتمي إلى صفوف البوليساريو". وبحسب معطيات المخابرات الفرنسية فإن مجموعات صغيرة من الرجال، في حدود 40 أو 60 إلى 300 مائة رجل وصلت إلى تمبكتو وغاوا خلال شهر أكتوبر، وغالبية هذه المجموعات ناطقون بالحسانية، وهي العربية الدارجة التي يتحدثها "البيظان" في موريتانيا، والأقاليم الصحراوية، وأزواد. وأكدت صحيفة مالية تسمى "الفجر لوب" في تقرير لها، أن مقاتلي البوليساريو جاؤوا بأعداد كبيرة إلى شمال مالي حيث وضعوا خدماتهم رهن إشارة الجهاديين المسلحين. وأضافت الصحيفة أنه تم مشاهدة العشرات من العناصر في بعض المدن الكبرى خاصة كيدال وغاو وتمبكتو، كما يوجد آخرون في طريقهم إلى مالي عبر الجزائر. وأشارت الصحيفة إلى أن الانفصاليين الذين ترعاهم الجزائر ثبت ضلوعهم في الأزمة المالية منذ مدة، خاصة من خلال بيع المساعدات الدولية التي توجهها المنظمات الدولية لفائدة سكان تندوف في شمال مالي. وقالت مجلة "جون أفريك" إن مقالا حول صلات البوليساريو بالجهاديين "في برقية نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية في 21 أكتوبر ، وتقارير أخرى، تتحدث عن انتقال قيادات من جبهة البوليساريو إلى شمال مالي". وقالت الصحيفة، "إنه لا محمد عبد العزيز ولا داعميه الجزائريين بات بإمكانهم الوقوف في وجه فيروس السلفية الجهادية الذي بدأ يتسرب في مخيمات اللاجئين في تيندوف، فلم يستطع نظام البوليساريو توقيف عدد كبير من شباب المخيمات الخارجين عن القانون والمغادرين نحو منفاهم الاختياري، بلا رجعة، في متاهات الصحراء المالية للقيام بالجهاد". وأبرز فرانسوا سودان٬ في افتتاحية في "جون أفريك" بعنوان "عاصفة الصحراء" أن الوضعية غير المستقرة التي توجد عليها مخيمات تندوف والدوافع التي تدفع "هؤلاء الجهاديين الجدد على درب الحرب٬ وهي ذات الدوافع التي تحرك المهاجرين غير الشرعيين الذين يحشرون في القوارب على البحر الأبيض المتوسط : البؤس الاجتماعي٬ وأمل العيش في الجنة الموعودة". وسبق أن حذر تقرير أصدرته مجموعة التفكير الأمريكية "كارنيغي إندومنت" من أن المصالح المشتركة والتواطؤ الواضح بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي و"البوليساريو" تعتبر محركا لتنظيم إرهابي ستكون له انعكاسات "لا حصر لها" على استقرار وأمن المنطقة. وأوضح التقرير أن "الفروع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تعمل بإصرار على تقوية علاقاتها بتجار المخدرات في مخيمات تندوف، الذين تغلغلوا فيها على نطاق واسع من خلال تجنيد شباب يشعر بالإحباط". وأبرز التقرير أن "تورط شباب صحراويين في تهريب المخدرات بالمنطقة أضحى حقيقة مثيرة للقلق"، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب "يعانون من تنامي عزلتهم اجتماعيا وغياب التوجيه، ولا يتوفرون على أي أفق". وحذر معد التقرير "أنور بوخارس" من النشاط الإجرامي المتزايد والتوترات الاجتماعية في مخيمات تندوف التي تشكل بذلك تهديدا آخر على الاستقرار والأمن في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل ككل. وأكد أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومختلف شبكات الاتجار في المخدرات تتغذى من النزاعات الإقليمية. ودعا تقرير "كارنيغي إندومنت" إلى إيجاد حل للنزاع حول الصحراء من خلال تحفيز الأطراف على التفاوض بشأن تسوية تركز على الحاضر والمستقبل. وأكد في هذا السياق أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل أرضية جيدة للتفاوض لحل هذا النزاع الإقليمي.