كان من الممكن أن لا تستجيب المركزيات النقابية التي دعت إلى الإضراب الوطني العام يوم 29 أكتوبر الماضي، لدعوة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران اليوم 13 نونبر 2014، للاجتماع في إطار اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد بمقر رئاسة الحكومة ، لكن المبدئي لدى سائر النقابات في العالم هو الحوار والتفاوض من أجل الوصول إلى نتائج مع أصحاب القرار. والأكيد أن هذه المركزيات التي وجهت رسائل واضحة من خلال الإضراب العام الوطني للحكومة، ومن خلال إضراباتها القطاعية، قد استحضرت المصلحة العليا للبلاد وجعلتها فوق كل اعتبار، بالرغم من أنها غير متفقة على جدول أعمال اللقاء. وكان من المنطقي والضروري بعد نجاح الإضراب بشكل سلمي وحضاري، أن تستدعى رئاسة الحكومة النقابات من أجل الحوار في الملف المطلبي الذي تقدمت به هذه النقابات خاصة أن موعد هذا اللقاء اليوم قد مر عليه أسبوعان. ومن الواضح أن رئاسة الحكومة قد تعاملت مع الأمر مرة ثانية بشكل سياسوي، حيث كان تروج قبل إضراب 29 أكتوبر أن سببه الرئيسي هو ملف التقاعد، بالرغم من أن مسؤولي النقابات كلهم أوضحوا وأكدوا من خلال تصريحات لهم، أن هناك جملة من المطالب الأساسية والمستعجلة وفي مقدمتها الحريات النقابية وتدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمأجورين، والمركزيات كذلك سبق لها أن وجهت مراسلات لرئاسة الحكومة حول ملفها المطلبي الذي لا يحتمل التجزيء ولا الانتقائية، لذلك فهي متشبثة بالتفاوض حول كل مضامينه. النقابات ركزت في تحليلها للأوضاع على عزمها حضور اجتماع اللجنة قطعا للطريق على كافة محاولات عزل المركزيات عن القضايا الرئيسية للأجراء، وحرصا منها على مصالح الشغيلة المرتبطة بتدبير ملف التقاعد وكذا لطرح كافة قضايا الملف المطلبي الملح. وعليه دعت رئيس الحكومة إلى تغليب مصلحة الوطن والتحلي بما يقتضيه الوضع المتأزم من مسؤولية وفتح الحوار الاجتماعي، بناء على ما ورد في المذكرات المطلبية في كافة مراحل التنازع الحاد بين الجهاز التنفيذي والمركزيات النقابية الرئيسية. وتتلخص مطالب المركزيات النقابية في تحسين الدخل والأجور والتعويضات وتفعيل بنود اتفاق 26 أبريل 2011 ، الحريات النقابية وإلغاء الفصل 288، و تبني مقاربة تشاركية في ملف التقاعد، تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور، الزيادة في معاشات التقاعد، فضلا عن فتح مفاوضات قطاعية، احترام القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها مدونة الشغل، تطوير الحماية الاجتماعية. وكل المركزيات النقابية تعتبر، عكس التوجه الحكومي، أن ملف التقاعد لا يشكل سوى نقطة ضمن باقي النقط المدرجة في ملفها المطلبي، ولم يكن وحده الدافع إلى خوضها إضراب يوم 29 أكتوبر 2014. لذلك فهي تعتبر الدعوة إلى اجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد محاولة تجزيئية لملفها المطلبي.