تشكل هيئة الممرضين والقابلات وتقنيي الصحة, غالبية موظفي الصحة في جل الأنظمة الصحة ومنها النظام الصحي المغربي. والاهتمام بها هو من صميم الاهتمام بالقطاع الصحي. أولى الأوليات في المغرب الآن هي مطابقة دبلوم الدولة في التمريض مع شهادة الإجازة ودبلوم السلك الثاني مع الماستر علميا وإداريا ، لهذه الأسباب: أولا: الملاءمة مع توصيات منظمة الصحة العالمية ومجلس التمريض الدولي بخصوص الكوادر التمريضية التي يجب أن تكون كافية ومحفزة ومكونة بشكل جيد وعلى أساس نظام تعليم جامعي. ثانيا: اللحاق بركب الدول الغربية ودول أخرى عربية وافريقية في نفس مستوى المغرب كالجزائر ومصر وتونس، لكنها متفوقة علينا في مجال الصحة والتمريض. ثالثا: التزام الحكومة باتفاقياتها مع الهيئات النقابية في الحوار الاجتماعي من خلال اتفاق 05 يوليوز وما بعده. وهي اتفاقات حملت توقيعات كل من وزير المالية ووزير الصحة ووزير الوظيفة العمومية. رابعا: الاستجابة لمطالب اجتماعية بتطوير النظام الصحي، وهو لن يتأتى بطبيعة الحال إلا بالاعتناء بالكوادر الحالية وضمان تكافؤ الفرص. هذا التكافؤ لا يعني حسب المعايير العالمية غير توفير الفرص أمامها لتطوير مسارها المهني وتعزيز التكوين الأساسي والتكوين المستمر، لا أن نقلل الفرص ونغلق عليها جميع الأبواب كما حدث مؤخرا. خامسا: الاستجابة لمطالب فئوية للممرضين التي تبلورت من خلال هيئاتها النقابية والجمعوية، وكذا الاحتجاجات والعرائض التي شارك فيها الطلبة الممرضون. سادسا: البناء على الممارسات الفضلى والتجارب السابقة والتي أثبتت نجاحها، خصوصا ما تعلق بمشروع التكوين في الماستر الذي أنجزته الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية بشراكة مع وزارة الصحة وشركائنا من كندا. سابعا: الإجازة العلمية ستصبح واقعا بعد سنتين، حيث من المنتظر أن يتخرج الفوج الأول من الجيل الجديد من المعاهد العليا لمهن التمريض والتقنيات الصحية. ثامنا: معالجة أثار خطأ سابق في سياسات قطاع الصحة استمر عشر سنوات، حيث صنفت معاهد تكوين الأطر في الميدان الصحي التي كانت تخرج الممرضين ضمن المعاهد العليا غير التابعة للتعليم العالي، دون أن يصاحب ذلك ملاءمة للقانون المنظم لهاته المعاهد مع القانون 00.01 المنظم للتعليم العالي. تاسعا: إنصاف فئة الممرضين، حيث تظل هي الوحيدة ضمن فئات الوظيفة العمومية غير المصنفة في السلم العاشر رغم تحصيلها على دبلوم BAC+3، وكذلك باعتبار الظلم البين الذي يلحقها من جراء نسبة الناجحين في امتحان الكفاءة المهنية بالمقارنة مع فئات صحية أخرى تنجح بنسب 100%، كما لا ننسى أنها لم تعد تستفيد من الترقية بالشهادة لا مباشرة ولا بالمباراة كما يجري حاليا بالنسبة لفئة الأساتذة. عاشرا: الاعتراف بعطاءات أجيال من القابلات والممرضات والممرضين، حيث ساهمت القابلات في التقليص من نسبة وفيات الأطفال والأمهات عند الولادة، وعمل الممرض المتنقل l?infirmier itinérant في تلقيح أطفال المغاربة والقضاء على العديد من الأمراض والأوبئة ونشر الثقافة الصحية، وممرضي التخدير والإنعاش في اجتناب الآلام وإنقاذ الحياة، والمساعدات الاجتماعيات في مكافحة العنف ضد النساء، وتقنيي المحافظة على البيئة الذين هزموا الكوليرا وباقي الأوبئة المتنقلة وجعلوا المغاربة يشربون مياه نقية ويتناولون أغذية في ظروف أكثر صحية، وبالتالي تحسين المؤشرات الصحية وتصعيد رتبة المغرب في سلم التنمية البشرية. حادي عشر: تحفيز أطر التمريض سيكون له بالتأكيد انعكاس إيجابي على مردودية قطاع الصحة، وبالتالي تنمية المجتمع ورفاه الناس، وهو على كل حال تحفيز ذو نفس حقوقي، حيث يشترط الحق في العمل الحق في أجرة كافية والحق في برامج تدريب مهني وتقني، أي أن يحصل العامل الصحي في مجال التمريض والتقنيات الصحية على مكافأة عادلة عن الخدمات التي يقوم بها للمساهمة في رفاهية الآخرين. على العموم، نحن كمجتمع مدني نطمح أن تكون القوى العاملة في الصحة مكونة جيدا ومتوفرة ومحفزة. هذا الهدف لم يعد خيارا بل ضرورة أمام التحولات الوبائية والاجتماعية التي يعرفها العالم (ايبولا مثلا). ولم يبق أمام الحكومة المغربية غير سنتين للوفاء بالتزاماتها أمام الممرضين خاصة والمواطنين عامة، وإن غدا لناظره لقريب. * نائب رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية