هو فنان من طراز خاص، وكأن أمه نذرته منذ الولادة للفن فعشق الغناء حتى الجنون، وكرس له الوقت والجهد كآيات إخلاص، وسخر له ذكاءه النافذ، وثقافته المتنوعة، وقدرته البارعة على التجدد، إنه عبد الوهاب الدكالي صاحب الصوت الرقيق المفعم بالإحساس الصادق، القادر على التلون في التعبير فينقلك من غير أن تشعر إلى عالم علوي، يحلق بك في أجوائه الساحرة، ويسبح بك في فضائه الروحاني، ما أروعه وهو يترنم بلسان الشاعر محمد الطنجاوي: إني فرشت لك الورود إلى الغدير الحالم وقطفت من حمر الخدود شذى غرامي الهائم وتصحبه في غنائه عادة كلمات ينتقيها بدقة فائقة لشعراء وزجالين مهرة، وعلى رأس القائمة يشمخ أحمد الطيب العلج صانع الكلمة المتأنقة المهذبة، والذي جمعته به رحلة طويلة من التعاون تمخضت عن خالدات تتجاوز الزمن مثل (ما أنا إلا بشر – كتعجبني – أديني معاك – الليل والنجوم – حكاية هوى – النظرة فتناها …)، ثم التقى الدكالي بعبد الرحمان العلمي فقدم معه قطعا نالت نصيبها من الشهرة والنجاح مثل (رجانا في لله – أنا الصحراوي …) لينفتح الدكالي على زجليات محمد الباتولي وعمر التلباني وبهذا شق لنفسه طريقا جديدا انتبه فيه للقضايا الاجتماعية والإنسانية فقدم (كان يا ما كان – منبرناص – سوق البشرية – الله حي – اغتصاب…). ويتزخرف صوت عبد الوهاب الدكالي بأسلوبه الخاص في التلحين، فألحانه مغربية صميمة، ولكنها تنفتح على الموسيقى الشرقية والغربية على السواء، وألحانه أيضا متماسكة ومنسجمة مع روح الكلمات، ونابعة من تفاعله الوجداني مع الكلمة، مما يعطيها طابع الجمال ويقربها من وجدان الناس. ويكفيه فخرا أن أغنية (ما أنا إلا بشر) رددها الكثيرون من المغنيين قديما وحديثا، داخل المغرب وخارجه (صباح – إسماعيل احمد – أمينة إدريس – علي الحجار – رجاء بلمليح – نادية أيوب – حميد الزهير …) وها هي تحفته الثانية الموقعة من طرف الزجال حسن المفتي (مرسول الحب ) تطير هي الأخرى في الآفاق شرقا وغربا فيرددها الكثيرون. وإذا أضفنا إلى كل هذا سبقه الزمني للأغنية الخفيفة، وغناءه بالفرنسية، ووضعه للموسيقى التصويرية لعدة أفلام مثل (ليلة القتل لنبيل لحلو)، ومشاركته كممثل في السينما والمسرح والتلفيزيون، وممارسته لهواية الرسم، فنحن نخلص إلى أن هذا الفنان حالة خاصة تستوجب الدراسة والبحث، كما أن تاريخ الأغنية المغربية لا يمكنه أن يقفز على هذا الاسم.