عديدة هي المناسبات التي صارت مرادفا بالنسبة إلى المؤسسات البنكية، لفرصة جديدة لاستقطاب أكبر عدد من الزبناء الراغبين في الحصول على قروض استهلاك تتراوح قيمتها بين خمسة آلاف و15 ألف درهم، وقد تصل في أقصى الحالات إلى 60 ألف درهم، بالنسبة إلى شركات تابعة للبنوك، لكنها تختص فقط في القروض الصغرى. فمع اقتراب إحدى المناسبات التي يكثر فيها الإنفاق، سواء تعلق الأمر بالدخول المدرسي، أو عيد الأضحى، أو العطلة الصيفية، تدخل الوكالات البنكية، غمار سباق من نوع آخر. سباق تحرص فيه على استعمال كافة وسائل الاتصال الممكنة من أجل الدعاية لعروضها الخاصة، حيث تؤثث يافطات تخص ذلك الشوارع والأزقة، يصعب على العين أن تخطئها، وتسيل لعاب كل من يمر بضائقة مالية بسبب العروض الخاصة التي تتيحها المؤسسات البنكية للزبائن في هذه الفترة، والتي يتصدر الموظفون قائمتهم. عروض وحملات دعائية، تكاد لا تختلف طبيعتها بين مؤسسة بنكية وأخرى في مثل هذه المناسبات، كما أن نسبة فوائد مثل هذه القروض لا تختلف كثيرا بين مؤسسة بنكية وأخرى. فئة الموظفين، تعتبر الفئة الأكثر حظا، التي تستفيد من أكبر قدر ممكن من الامتيازات التي تمنحها البنوك وشركات القروض الصغرى، في كل ما يتعلق بقروض السكن أو الاستهلاك عموما. وذلك راجع بالأساس إلى كون هذه الفئة، هي الأقل خطرا بالنسبة إلى المؤسسة البنكية من حيث التملص من تسديد القرض، على اعتبار أن الموظف يتوصل براتبه الشهري بانتظام وفي الوقت ذاته، علاوة على إمكانية اقتطاع القيمة النقدية للأقساط الشهرية، مباشرة من المنبع، ويتم حذفها من راتب الموظف طيلة مدة تسديد القرض. وعلاوة على وضع الامتياز الذي يحظى به الموظف فإن كافة المؤسسات العمومية، والوزارات، وقعت شراكات مع المؤسسات البنكية، تمكن الموظفين لديها من الاستفادة من منتوجات وخدمات بنكية بشروط تفضيلية، من قبيل تخفيض نسبة الفائدة مثلا على القرض، أو حذف رسوم ملفات طلبات القروض، وأحيانا هما معا، فضلا عن إمكانية تأجيل انطلاق تسديد الأقساط، شهورا بعد استلام قيمة القرض. وقد شرعت البنوك قبل بداية العطلة الصيفية ، في تنويع العروض الائتمانية الموجهة لتلبية الطلب حيث تشهد هذه الفترة ذروة الإنفاق والاستهلاك، من خلال تخفيض معدلات الفائدة على القروض بشكل مهم، إذ راجعت البنوك تعريفة خدماتها الائتمانية، بالاستفادة من خفض معدل الفائدة الرئيسي من قبل بنك المغرب في وقت سابق، وتحسن مستوى السيولة لدى البنوك، يتعلق الأمر بجميع أنواع القروض، بما في ذلك القروض الاستهلاكية، التي تطورت بزائد 2.3 % خلال الفصل الأول من السنة الجارية، رغم تراجع إجمالي القروض البنكية إلى 700 مليار درهم خلال هذه الفترة.وتعول البنوك على تخفيض معدل الفائدة لتحسين مؤشراتها الجديدة، ورفع وتيرة منح القروض. رمضان يلهب المنافسة بين شركات القروض كثفت شركات التمويل حملاتها الإشهارية خلال فترة عيد الاضحى، من أجل استقطاب مزيد من الزبناء، إذ غالبا ما تلجأ الأسر إلى شركات التمويل من أجل تمويل النفقات الإضافية التي تتطلبها مثل هذه المناسبة. فهناك بعض العروض التي تقدم قروضا من أجل تمويل مصاريف العيد والعطلة الصيفية، وبعض الشركات اجتهدت لتقديم عروض تجلب اهتمام الراغبين في القروض، من قبيل تقديم قرض موحد من أجل تغطية مصاريف متعددة، مثل قضاء العطلة وتغطية نفقات عيد الاضحى والدخول المدرسي، وتقدم شركات أخرى، بشراكة مع جهات أخرى، للزبناء الراغبين في الاقتراض قسيمة شراء تصل إلى 1000 درهم وتعفيهم من مصاريف الملف أو هما معا أو المشاركة في الفوز بقسيمة عمرة او السفر الى الخارج. وتختلف العروض وتتنوع من خلال الملصقات الإشهارية المنتصبة في مختلف الشوارع. وهناك شركات تركز على الموظفين في القطاع العام، وأخرى تستهدف، من خلال عروضها، كافة الأجراء من أجل الظفر بزبون. وتعرف مقرات شركات القروض إقبالا متزايدا خلال هذه الاسابيع التي تسبق عيد الاضحى والدخول المدرسي ، إذ تصبح مكتظة بالزبائن الراغبين في الحصول على القروض. وتشير مصادر بإحدى شركات التمويل، إلى أن عيد الاضحى يعد مناسبة للشركات لكسب أقساط من السوق. وتتوقع المصادر ذاتها أن يعرف حجم القروض الاستهلاكية خلال هذا العيد تحسنا، إذ تقبل العديد من الأسر المغربية على شركات التمويل من أجل تدبر الموارد المالية لتغطية نفقات العيد وإذا كان ذلك أمرا لا مفر منه بالنسبة إلى جل الأسر، فإن اللجوء إلى القروض من هذه المؤسسات يصبح ضروريا، مادام الأجر وحده لن يسد النفقات غير العادية التي تتطلبها المناسبة كما أن التسهيلات التي تقدمها شركات القروض في ظل المنافسة الشرسة في ما بينها لجلب الزبائن، ساهمت في إغراء العديد من الأشخاص، وهكذا وبعد أن كانت الأسر تلجأ إلى العائلة، أو الأصدقاء للاقتراض، أصبحت تفضل اللجوء إلى مثل هذه الشركات تجنبا لأي إحراج. وتشير الإحصائيات التي أعلنت عنها الجمعية المهنية لشركات التمويل إلى أن إجمالي قروض الاستهلاك وصلت خلال، السنة الماضية، إلى أزيد من 42 مليار درهم، ما يمثل أزيد من 38 %، من إجمالي القروض الذي قدمتها شركات التمويل بمختلف أصنافها، إذ وصل المجموع إلى 149 مليارا و700 مليون درهم. الأسر المغربية بين كماشة القروض الاستهلاكية وعجز الميزانيات المتهالكة شركات القروض التي تعددت الوانها وأصنافها صارت تقدم عروضا مغرية مستعينة بالإعلانات الإشهارية لفتح شهية الأسر وخاصة ذات الدخل المحدود، مستغلة الوضع الاقتصادي الهش وتوالي المناسبات الدينية والعطل الرسمية لتعمل على توسيع أشكال الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة جدا تماشيا والمقولة السالف الذكر. فمع توالي المناسبات وأمام ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمواد الأساسية التي تتطلب ميزانيات استثنائية، بدءًا بالعطلة الصيفية، ومرورا بعيد الاضحى وانتهاء بالموسم الدراسي، خصوصًا لدى الطبقتين الفقيرة وحتى المتوسطة، والتي تمثل الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي، تلجأ غالبية الأسر خلال هذه الفترة إلى الاقتراض من أجل سد العجز في الميزانية المتهالكة أصلا، وهي الوضعية التي تساهم في زيادة أرباح شركات القروض. إذ تجد هذه الأسر نفسها مضطرة للجوء إلى القروض الاستهلاكية لتحقيق نوع من التوازن بين ضعف مقدرتها الشرائية وغلاء الحياة اليومية، وذلك تعويضا عن نقص الأجور وغلاء الحياة اليومية، وصعوبة مواجهة مصاريف ضرورية على الخصوص في مجال التعليم والتطبيب والمواسم الدينية كعيد الأضحى. وفي المقابل نجد بعض الأسر، تركب عقول أطفالها الصغار وأبناءها الشباب، لتعمل جاهدة على توفير كل وسائل الرعاية لهم إلى حد «تدليعهم»، وهنا يقف الآباء والأمهات مكتوفي الأيادي أمام قلة ذات اليد ليصطدموا بواقع مر غير الذي ألفوه أول مرة، مما يفقدهم القدرة على التكيف مع بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية التي فرضها عليهم أبناءهم ليجدوا أنفسهم مضطرين إلى تغليب مصلحة أبنائهم على مصلحتهم الشخصية، والسير قدما لتحقيق احلامهم وطموحاتهم دون مراعاة لدخلهم المادي المحدود، عبر رصد ميزانيات خاصة لتغطية مصاريف خارجة عن الاساسي حيث تنقلب حياتهم رأسا على عقب ما أن يصطدموا بالمناسبات الدينية والعطلة الصيفية والدخول المدرسي، التي ستزيد من حساباتهم طبعا، وتدخلهم نفقا مسدودا، ليسلكوا بعدها الطريق الأقرب نحو السقوط في شباك شركات التمويل كفريسة سهلة المنال، هذه الأخيرة التي تفتح لهم أحضانها وتعمد الشركات طريقة احترافية في إعلاناتها، التي تكون غاليا مغرية ومحفزة بهدف إغراق الزبون بالديون لأقصى مدة ممكنة وبفوائد مرتفعة، أهمها إدماج مجموع ديونه في قرض واحد بدعوى أن ذلك سيخفض الأقساط الشهرية، والحال أن تخفيض الأقساط الشهرية لن يتأت في أغلب الحالات إلا من خلال إطالة مدة سداد الدين التي ما تنتهي مدته حتى ينتهي عمر صاحبها بعد مغادرته للعمل عبر مسلك الإحالة على التقاعد. قروض السكن والاستهلاك في أدنى مستوياتها منذ 8 سنوات في سابقة أولى خلال السنوات الثماني الأخيرة سجلت النسب المطبقة على قروض السكن وقروض الاستهلاك انخفاضا سالبا بالنسبة للبنوك وموجبا بالنسبة للأسر والمستهلكين بصفة عامة بمن فيهم المقاولات، وذلك خلال الربع الأول من السنة الجارية، الشيء الذي جعل من هذا الانخفاض يكون هو الأكبر والأهم ليس على مدار المدة الزمنية، أي السنوات الثماني الماضية، وإنما على صعيد نسبة الانخفاض ذاتها. حيث أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2017، بلغ معدل نسب الفائدة المطبقة من طرف المؤسسات البنكية على قروض السكن نسبة 5.59 في المائة، ما يعني تراجعا بواقع 17 نقطة أساس، وهي أدنى نسبة سجلت منذ سنة 2008، كما أكد أن معدل نسب فائدة قروض الاستهلاك سجل بدوره تراجعا ليستقر عند ما يقارب 7 في المائة وبالضبط عند 6.91 في المائة أي بانخفاض قدره 21 نقطة أساس. واستنادا إلى تفاصيل تقرير بنك المغرب الخاص بالأشهر الثلاثة الأولى من 2017 ، أي الربع الأول من السنة، فإن متوسط معدل الفائدة المطبق على قروض الاستهلاك انخفض بنسبة 0.21 نقطة مقارنة بالفصل السابق الممتد من أكتوبر إلى دجنبر 2016 وبنسبة 0.35 نقطة على امتداد السنة، أي على امتداد مارس 2016 ومارس 2017. وفيما يتعلق بقروض السكن فقد تأكد تراجع معدل الفائدة المطبق على هذه القروض مقارنة بالربع الأخير من سنة 2016 (أكتوبر ونونبر ودجنبر)، بواقع 0.17 نقطة كما تراجع مقارنة بالسنة الماضية الممتدة من مارس 2016 إلى مارس 2017 بواقع 0.39 نقطة. وشدد المصدر على أن الوضعية الحالية لقروض السكن والاستهلاك يفسرها تراجع المخاطر المسجلة على قروض الأسر والمستهلكين بصفة عامة مما يعني تراجع نسبة الديون التي تعاني من المخاطر منذ بداية سنة 2017. واستنادا إلى نفس التقرير فإن جاري قروض الاستهلاك المخصصة للمستهلكين الذاتيين، أي الأشخاص، وعلى المغاربة المقيمين بالخارج سجل ارتفاعا بنسبة 6 في المائة. من جانبه أكد البحث الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط حول واقع الأسر في ارتباطه بالظرفية الاقتصادية، أن انعدام الثقة لدى غالبية الأسر المغربية 78 (في المائة) أو تشاؤمها حول مستوى المعيشة خلال السنة المقبلة، خصوصا ما تعلق بالمداخيل المالية التي ترتبط بارتفاع الأسعار وفقدان مناصب الشغل وانعدام فرصه، (أكد) تدهور تصورات المغاربة ب6,1 نقاط مقارنة بالفصل السابق وب5,4 نقاط مقارنة بنفس الفترة من سنة 2015، مسجلة بذلك المستوى الأكثر تشاؤما منذ 2008 وهو التخوف الذي يفسره انخفاض النسب على القروض بضرورة عدم الإقبال على هذه القروض بالرغم من انخفاض الفوائد عليها.ارتباطا بذلك سجل بنك المغرب أن القروض البنكية حققت زيادة بنسبة 2ر1 في المائة خلال شهر يناير الماضي، وذلك بعد أن ارتفعت بنسبة 8ر2 في المائة في شهر دجنبر 2015. وكان بنك المغرب، في نشرته الشهرية الخاصة بالظرفية الاقتصادية والمالية لشهر يناير الماضي، أفاد أن تباطؤ وتيرة ارتفاع القروض البنكية يعكس أساسا انخفاض وتيرة نمو القروض ذات الطبيعة المالية إلى 6ر4 في المائة خلال شهر يناير بعد انخفاضها بنسبة 6ر20 في المائة في دجنبر، وكذا وتيرة القروض العقارية إلى 1ر1 في المائة بعد انخفاضها بواقع 7ر1 في المائة. وارتفعت قروض التجهيز بنسبة 6ر0 في المائة بعد أن سجلت انخفاضا بنسبة 3ر0 في المائة خلال شهر دجنبر، فيما سجلت قروض الاستهلاك نموا بنسبة 3ر5 في المائة بعد ارتفاعها بنسبة 9ر4 في المائة خلال الشهر الأخير من السنة الماضية. وبالنسبة للتسهيلات المقدمة للخزينة تراجعت وتيرة انخفاضها من 5ر4 إلى 3ر4 في المائة خلال شهر يناير، حسب المصدر ذاته. وبحسب القطاعات المؤسساتية، ارتفعت القروض الممنوحة للقطاع الخاص بنسبة 8ر0 في المائة مقابل 3ر0 في المائة خلال شهر دجنبر، مقابل تراجع وتيرة انخفاض القروض المخصصة للشركات غير المالية الخاصة من 3ر2 إلى 4ر1 في المائة وقروض الأسر إلى 5ر3 في المائة بعد نسبة 7ر3 في المائة. وعلى أساس شهري، تراجعت القروض البنكية بنسبة 6ر2 في المائة، ما يعكس انخفاض القروض ذات الطبيعة المالية الممنوحة أساسا لمؤسسات التسيير عن طريق التوظيفات الجماعية للقيم المنقولة غير النقدية بنسبة 2ر16، وبشكل أقل تراجع تسهيلات الخزينة بنسبة 1ر2 في المائة وقروض التجهيزات بنسبة 2ر0 في المائة. وفي ما يتعلق بالقروض العقارية، فقد استقرت تقريبا في نفس مستوى الشهر السابق، نتيجة انخفاض القروض الممنوحة للإنعاش العقاري بنسبة 3ر0 في المائة وارتفاع القروض الممنوحة للسكن بنسبة 3ر0 في المائة غول القروض الاستهلاكية يتهدد المغاربة الجمعية المهنية لشركات التمويل تؤكد أن240 ألف موظف استفادوا من قرض استهلاكي أو أكثر، وأن أزيد من 80 ألف موظف يعيشون بأجرة أقل من 500 درهم. وبفعل الديون؛ نصف عدد الذين شملهم بحث للجمعية لا يتبقى لهم من أجرهم إلا أقل من 2000 درهم. نسبة القروض الخطرة ترتفع بالنسبة لشريحة الذين لهم أقل من 3000 درهم. معطيات تبين خطورة هذا التوجه نحو قروض الاستهلاك الذي يؤدي في آخر المطاف إلى المديونية المفرطة، والدخول في دائرة مفرغة، وبموازاة ذلك ينم ارتفاع ظاهرة القروض عن استهلاك اصطناعي، لا يعكس حقيقة الأوضاع، وهو ما يثير أكثر من سؤال حول هذه الظاهرة التي أدخلت الكثير من الأسر في منعرجات خطيرة بسبب الاستدانة إلى حد الإفراط، وعجز هذه الأخيرة عن التسديد، وإن كانت لها بعض المزايا بسبب الأوضاع الراهنة المتمثلة أساسا في ارتفاع الأسعار المتواصل، وتجميد الأجور؛ إلا أن هذه المزايا تنقلب في غالب الأحيان إلى كابوس يومي يعيشه المقترض وأسرته إلى حد التأثير السلبي على حياته…التقت التجديد بحالات لنساء حولت القروض حياتهن إلى جحيم .. ندم ورغبة في التراجع.. لكن من يأخذ بيدهن لفك الحصار الذي وضعتهم فيه الشركات المعنية. حالات كانت ضحية شركات القرض وإدمان الاستهلاك، وجدت نفسها بين عشية وضحاها في وضعية المديونية المفرطة، وهنا تأتي ضرورة توفر البلد على آليات لمعالجة هذه الظاهرة وعلى قوانين صارمة لحماية الأشخاص من أنفسهم أولا ثم من جشع مؤسسات القرض ثانيا. ثلث الأسر المغربية تقترض لمواجهة مصاريفها لا تتعدى نسبة الأسر التي يمكنها الادخار من دخولها في المغرب 7.1% من الإجمالي، حسب بحث للمندوبية السامية للتخطيط، التي يعود إليها توفير البيانات حول الاقتصاد المغربي. وأظهرت الدراسة التي أعدتها المندوبية، أخيراً، عن أوضاع الأسر المغربية، أن نسبة 35.1% منها صرحت أنها تقترض من أجل تغطية نفقاتها، وتشير إلى أن 83.7% من الأسر التي استطلعت المندوبية رأيها في الربع الثاني من العام الجاري، أنها لن تستطيع الادخار في ال 12 شهراً المقبلة، فيما بدا أن 16.3% متفائلة عن قدرتها على الادخار. وتذهب الفدرالية المغربية لحقوق المستهلك، إلى أن ضعف القدرة الشرائية يفضي بالأسر للاقتراض، هذا ما يبرر في تصوره انتشار شركات القروض الصغيرة. وأكد مسؤولي الفدرالية المغربية لحقوق المستهلك، غير مرة على دعوتهم إلى حظر الإعلانات التي تغري الأسر بالاقتراض، خصوصاً أن الأسر تستسهل اللجوء إلى جمعيات وشركات القروض، لا سيما الصغيرة منها، حيث تجد نفسها، في الأخير، متورطة في فخ الاقتراض من أجل الوفاء بقروض حان موعد سدادها. وسجلت مديونية الأسر في العقد الأخيرة قفزة قوية، حيث انتقلت تلك التي تهم السكن والاستهلاك، من 9 مليارات دولار إلى 27 مليار دولار.وأظهرت الدراسة، أن مديونية الأسر تراجعت، في العام الماضي، بفعل تباطؤ القروض الموجهة إليها في حدود 5%، بعدما حققت في الثلاثة أعوام الأخيرة ارتفاعاً في حدود 9%. وأضحت الأسر، حسب ما يتجلى من قراءة التقرير الذي نشره بنك المغرب، أخيراً، أكثر حذراً في إقبالها على الاقتراض في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. صرف المغاربة أكثر من 900 مليار سنتيم كقروض للاستهلاك في 2015. وحسب إحصائيات الجمعية المهنية لشركات التمويل فقد وزعت شركات القروض، خلال التسعة شهور الأولى من السنة الماضية، نحو 900 مليار سنتيم، ما بين قروض شخصية وأخرى خاصة بالسيارات. وخلال الحملات الترويجية، تقترح الشركات والبنوك نسب فائدة ابتداء من 5 في المائة بالنسبة للقرض الشخصي و7.5 في المائة لقرض السيارة، لكنها بالمقابل تخفي من وراء هذه النسب المغرية مصاريف الملف. تحذيرات المحللين الاقتصاديين من جهتها لم تبرح تحذيرات كثيرة أطلقها عدد من المحللين من عواقب زيادة القروض المقدمة من البنوك وشركات التمويل للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل في المغرب، خلال الأعوام الأخيرة تخوفا من عدم القدرة على السداد، خاصة في ظل شبح التضخم الذي بدأ يخيم على المغرب واضطرار البنك المركزي إلى رفع الفائدة. وفي ظل غياب العدد الكافي لجمعيات حماية المستهلك، انتقد المحللون باستمرار تشجيع البنوك لعملائها على الاقتراض دون توعيتهم بالمخاطر والعواقب ففي أحيان كثيرة يفاجئ عدد كبير من الموظفين باقتطاعات من رواتبهم لصالح شركات القروض، وحينما يستفسرون عن الأمر يجدوا أن ثمة أوراقا قامت على أساسها جهة العمل باقتطاعات الرواتب، وعندما يقوم الموظفون بالتشكيك في صحة هذه الأوراق تطلب منهم جهة عملهم اللجوء إلى القضاء واستصدار حكم للبراءة من هذا القرض الذي سيظل يدفعون أقساطه من رواتبهم لحين استصدار قرار من المحكمة لصالحهم. إن شركات القروض لم تكن لتجد مجالا خصبا للانتشار، لولا المناخ العام المشحون بالمتطلبات، والعادات المغربية التي وصلت درجة التباهي والزهو، وفي ظل انعدام القانون الخاص بحماية المستهلك، يبقى المواطن يتجرع مرارة وتبعات القروض التي قد توصله إلى ما لا يحمد عقباه، إنه بالفعل الموت البطيء للقروض اللعينة. على سبيل الختم أي موت هذا الذي صار يتهدد سكينة واستقرار المواطنين ، ويرهن مصيرهم المادي والاجتماعي في قبضته الحديدية مستغلا أزماتهم المادية، وارتفاع الأسعار ونهم متطلبات الحياة اليومية، التي أصبح كل شيء فيها ضروريا ولاغنى عنه؟ حتى تلك التي صنفت إلى عهد قريب في خانة الكماليات صارت اليوم بديهية الحضور والاستعمال، والحالة هاته يعجز المواطنون على تلبية جميع متطلبات أسرهم مهما كان حجم الأجر الشهري الذي يتقاضونه، فما بالنا والضعفاء الأجراء وذوو الدخل المحدود إنه شبح القروض الذي طوقنا وأحكم قبضته علينا وجعلنا بين النارين والحلين الذين أحلاهما مر.