«إن آفة حارتنا النسيان»، عبارة يقولها الكاتب والناقد السينمائي حسن نرايس في كثير من الأحيان عن وجوه فنية مغربية غابت عن الساحة الفنية أو بالأحرى تم تغييبها لأسباب نجهلها أو فقط نتعمد ذلك. هذه العبارة تذكرنا بوجه فني طاله النسيان في مرحلة أرذل العمر، والذي تنكرت المؤسسات الثقافية لعطاءاته الفنية و الإبداعية التي تواصلت على امتداد أكثر من نصف قرن، والذي يعتبر من أعمدة المسرح و رائد من الرواد الذين ناضلوا بشكر كبير وساهموا في تطور الحركة المسرحية بالمغرب. إنه أحمد الصعري، الأستاذ السابق بالمعهد البلدي للموسيقى والمسرح بالدار البيضاء، الذي بدأ مساره الفني في سن مبكرة من خلال التحاقه بفرقة المعمورة التي كانت تضم الطيب الصديقي، وأحمد الطيب لعلج، ومحمد عفيفي وعبد الصمد الكنفاوي ومحمد الحبشي وغيرهم من رواد المسرح المغربي، بحيث يعتبر الصعري أحد مؤسسي النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، ومن الذين أكدوا على ضرورة توفير بطاقة الفنان ووضع قانون الفنان والمهن الفنية والتغطية الصحية للفنان. كل هذا النضال و الكفاح من أجل غد أفضل لم يشفع له عند مرضه و إصابته بشلل نصفي. يكفي أن نشاهد الفنان المسرحي صلاح الدين بن موسى يقول في إحدى حفلات تكريم الصعري، وهو يذرف الدموع « نحن خاطئون لأننا لم نقدم له ما قدم للفن.. جميع الفنانين المغاربة مدينون لأحمد الصعري..» كي نخجل من أنفسنا ونحن نراه يصارع المرض وحيداً. ألم يحن الوقت كي تتدخل الوزارة الوصية عن القطاع لإنقاذ الصعري؟ هل سيتم إهماله كما أهمل العديد من الرواد قبله ؟ اتقوا لله في الصعري، فهو الذاكرة الحية للمسرح المغربي منذ البدايات وحتى الألفية الثالثة، ويعتبر بمثابة أرشيف حي للمسرح المغربي، حيث يعتبر من القلائل القادرين على تصحيح المعلومات والتواريخ بالنسبة للباحثين في المجال المسرحي بالمغرب.