مَرّةً أخرى يتدهور الوضع في العراق، بعد المظاهرات الشعبية، التي شهدتها مدن الجنوب، وخاصة البصرة، حيث خرج آلاف الناس، للاحتجاج على معاناتها اليومية، المتمثّلة في الغلاء والبطالة والحاجة للماء والكهرباء، في بلد تصل فيه الحرارة إلى 50 درجة، وقد امتدت المظاهرات إلى كل مدن الجنوب، ذات الأغلبية الشيعية، وأدت إلى سقوط خمسة قتلى من المدنيين، وعدد كبير من الجرحى، بعدما تدخلت قوات الأمن، لحماية بعض المرافق العامة ومعامل النفط. وما تميزت به هذه المظاهرات، هو الهجوم على مقرات الأحزاب والميليشيات، خاصة تلك المرتبطة بحزب الدعوة، الحاكم، والميليشيات المرتبطة بإيران، في رسالة واضحة لرفض النظام الطائفي، الذي فرضه الاحتلال الأمريكي، بدعم إيراني وتواطؤ شيعي عراقي، والذي عجز لحد الآن، عن توفير الاستقرار وتأمين ظروف كريمة للمواطن العراقي. وقد عاش العراق، منذ الغزو الأمريكي، وحٓلّ حزب البعث، والتدمير المنهجي لمؤسسات الدولة، أزمات متوالية، تمثلت في المواجهات الطائفية، التي أدت إلى موت عدد كبير من العراقيين، وزرعت الكراهية والتنافر بين أبناء الشعب الواحد، الذي كان النظام العراقي، السابق، قادرا على توحيده في ظل دولة غير طائفية. وقد هيمنت الطوائف الشيعية، بمساندة إيران، على مرافق ومؤسسات الدولة العراقية، لتكرس بذلك الانقسامات الطائفية، التي عجزت عن إعادة بناء الدولة العراقية، بل إن هذا الوضع خلق كل شروط تنامي الفساد، الذي يعتبر اليوم، أكبر مرض مستشر في الجسد العراقي، وهو ما يفسر الاحتجاجات المتواصلة، والتي بدأت في المناطق السنية، سنتي 2012-2013 ، وتم قمعها بشدة، لتظهر بعدها «داعش»، التي مازالت خلاياها النائمة، تتربص، رغم القضاء على تنظيمها العسكري، حسب العديد من التقارير. اليوم، تواجه الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية، احتجاجات شيعية، ضد الوضع الذي وصل إليه العراق، بسبب التقاطب الطائفي، الذي يحتاج إلى مراجعة شاملة، لأن هذا البلد، شهد تطورا كبيرا، قبل التكالب الأجنبي ضده، لأنه كان موحداً ومناهضا لآفة الطائفية.