ابتدأت القصة سنة 1984، حين غامر المهاجر المغربي إلى الديار الألمانية، السيد الحسن الجزولي، بالإستثمار ببلده المغرب، هو الذي تشبع بتربية سلوكية تعاونية وإيجابية، على مدى سنوات عمله الناجحة والطويلة ببلاد بافاريا. لقد قرر بناء عمارة، على مساحة 200 متر مربع، بحي سباتة بالدار البيضاء، خصصها للسكن الخاص بالعمال غير المتزوجين، في ما يشبه "فندقا خدماتيا للقرب"، مع فتح مقهى كبيرة أسفل العمارة، في احترام تام لكل المساطر القانونية والإدارية والضريبية. ولقد سلخ منه ذلك المشروع الكبير، أكثر من 20 سنة، تطلبت تطويرات وإصلاحات وتجديدات متواصلة، ليصل إلى المستوى الخدماتي المنظم الذي أصبح عليه سنة 2011، بميزانية استثمارية إجمالية تجاوزت 500 مليون سنتيم. وهو المشروع الذي خلق 11 منصب شغل قار ودائم و5 مناصب شغل غير مباشرة (دون إغفال دوره في مساعدة غير مباشرة لخلق فرص شغل للعشرات من قاطني غرف تلك الإقامة، ضمن محيط حي سباتة، الذين جميعهم من أصول أمازيغية سوسية). كان السيد الحسن الجزولي، مثل أغلب المشاريع المماثلة، في حاجة إلى حفر بئرين للتوفر على حاجيات مائية للتنظيف، فتقدم، كما يفرض القانون ذلك، بطلب إلى الجماعة الترابية المحلية، التي مكنته من الترخيص بفضل التزامه بكل الشروط الصحية والبيئية والقانونية لذلك. وبقي الأمر كذلك، حتى قررت الإدارة الترابية المحلية للمقاطعة 17 اسباتة، من باشا وقائد وخليفة ، ردم البئرين بدون أي سند قانوني. وهو الأمر الذي تم يوم 5 أبريل 2016، بحضور مفوض قضائي سجل في محضر معاينته المجردة، "أن ممثلي السلطة المحلية بتلك المقاطعة نفذوا الأمر بدون تقديم أي وثيقة قانونية تجيز لهم ذلك، صادرة عن حكم قضائي أو جهة مخولة قانونا بذلك". مثلما حضر مندوب عن المديرية الجهوية للتجهيز للحوض المائي بنسليمان الذي تتبع له ترابيا تلك المنطقة، في كل ما يتعلق بقرار حفر الآبار، وحين سئل بدوره من قبل المفوض القضائي إن كان يتوفر على حكم أو قرار إداري يبرر إقدام السلطات المحلية على ردم وإغلاق البئرين، فكان جوابه "إنه حضر بناء على تعليمات". السؤال، في النازلة، تأسيسا على الروح الجديدة لإصلاح العدالة بالمغرب، كما عبر عنها السيد عبد النبوي، رئيس النيابة العامة بالمغرب، هو: متى كانت تنفذ القرارات فقط بالتعليمات؟. ومن الذي خول للباشا والقائد والخليفة وأعوان السلطة المحلية بمقاطعة اسباتة تنفيذ تلك التعليمات؟ وما مصدرها؟. المثير أكثر، أن ذات السلطات المحلية بالمقاطعة 17 اسباتة، ستبادر ، في قرارات غريبة، إلى رفض منح أي من قاطني تلك العمارة أية وثيقة إدارية للحصول على جوازات السفر أو شهادات السكنى، وأنها بادرت خلال انتخابات 2015 و 2016، إلى التشطيب عليهم كلهم دفعة واحدة من اللوائح الإنتخابية المحلية. فيما تسلمهم المصالح الأمنية شهادات السكنى التي تسمح لهم بالحصول على بطاقة التعريف الوطنية. وتزداد الإثارة، حين نجد أن السيد الحسن الجزولي، قد التزم بكل ما طلبته منه في إرسالية إدارية مديرية وكالة الحوض المائي لأبي رقراق الشاوية ببنسليمان، تأسيسا على مراسلة من رئيس المنطقة الحضرية 17 اسباتة، المحددة في الشروط الآتية: – موافقة شركة ليدك – شهادة خبرة جيو تقنية – تصميم وتحديد موقع الثقب – شهادة خبرة للعقار تؤكد سلامته جراء إحداث ثقبين (للبئرين) – تصميم الخرسانة المسلمة لجميع المستويات – تصميم موقعي. ولقد تم ذلك كله، يوم 17 أكتوبر 2016، حيث سلم المهاجر المغربي، الذي غامر بالإستثمار في بلده المغرب، تلك الوثائق إلى الجهات المعنية، التي أحالتها بدورها في مراسلة تحت الرقم 7784/ 2016، على رئيس المنطقة الحضرية 17 المعنية. إلى اليوم، المشروع متوقف، خسارات المواطن المغربي المهاجر متواصلة، موقف السلطات المحلية هو هو، بدون أي سند قانوني أو حكم أو قرار إداري، بل فقط بمجرد "تعليمات". هذا كله حمل السيد الجزولي على رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية المختصة، التي لم تصدر حكمها بعد في النازلة. فهل سينتصر القضاء للحق والعدل والإنهاء مع منطق "التعليمات"، بما ينصف مواطنا مغربيا مهاجرا، كل ذنبه أنه غامر بالإستثمار في بلده، بعد سنوات طويلة من الجهد والعمل بألمانيا، في احترام كامل للشروط القانونية المعمول بها. ذلك هو الأمل الذي لا يزال يسكن خاطر ووجدان هذا المواطن المغربي.