ن أول وهلة، يبدو الكتاب كأنه محور مسرحية « نسيان « في عرضها ما قبل الأول، بمدينة القنيطرة. فهو ( أي الكتاب ) أول ما يظهر على الخشبة تحت دائرة ضوء صغيرة، و هو يُرقَن على الآلة الكاتبة ( رواية الجديدة « امرأة النسيان « ). تسافر المسرحية بالمتلقي من الكتاب إلى الكاتب و الشخوص و الأحداث و حدود التماس بين الواقع و الخيال، عبر مشاهد سلسة و ممتعة، لا تترك لك فرصة الإحساس بالرتابة أو الملل، مع أن الأمر يتعلق بمغامرة فنية راهنت على الكتاب و الكتابة كمادة أساسية لفرجتها الجدية، و استطاعت أن تجلب اهتمام و شوق الجمهور الذي تفاعل معها لمدة تزيد عن ساعة و نصف، و يمكن القول بدون تردد أن العرض كان ناجحا بنسبة كبيرة. مسرحية « نسيان « التي ألفها السيناريست و الكاتب المسرحي عبد الإله بنهدار ضمن مشروع تحويل الرواية المغربية إلى مسرح، مشتغلا بشكل موفق على روايتي الروائي و الكاتب المغربي الكبير محمد برادة: « لعبة النسيان « و « امرأة للنسيان «، و أخرجها باقتدار المسرحي مسعود بوحسين، تؤشر من خلال هذا العرض على فرجة مسرحية ممتعة و متميزة سيتأكد الجمهور الواسع من جودتها في العروض القادمة. في رواية « لعبة النسيان « للروائي الدكتور محمد برادة ترد شخصية « فاء باء « شخصية عابرة، لكنها في روايته الثانية امرأة النسيان تصبح « فاء باء « بطلة رئيسة إذ عبرها تمرر عدة رسائل فكرية و ثقافية و سياسية عن جيل الستينيات و السبعينيات، و من خلال الرواتين اختار الكاتب لمسرحيته هاته اسم « نسيان» إنها شخصية منفتحة و متحررة إلى أبعد الحدود، تابعت دراستها في باريس، ثم انتهى بها مسارها لأن تصبح حبيسة نفسها في معزبة ( كارصورنيير ) بساحة فيردان بالدار البيضاء، و قد تغيرت نظرتها للحياة تغييرا جذريا عما كانت عليه في مرحلة الشباب، و بعد قراءتها لعبة النسيان طلبت من صديقتها أضواء أن تبحث لها عن كاتب الرواية لتصارحه بأن كل ما جاء في روايته يعنيها هي بالذات والصفات. أحداث متشابكة و مصائر شخصيات متباينة نعيشها في قالب فني يجمع بين المتعة و الإفادة مع ممثلات و ممثلين من خيرة الوجوه الفنية في بلادنا و مخرج عارف أدق التفاصيل عن علاقة الممثلين بالخشبة و ما تحتوي عليه من تقنيات وأدوات تجعل الفرجة مضمونة. المسرحية من تأليف عبد الإله بنهدار و إخراج الدكتور مسعود بوحسين و تشخيص : حسنة طمطاوي، حسن مكيات ، عبد الله شكيري، نزهة عبروق و سارة عبد الوهاب الادريسي، المخرج المساعد عزيز الخلوفي. تجدر الإشارة إلى أن هذا العرض هو العرض ما قبل الأول الذي احتضنه المركز الثقافي بالقنيطرة مساء أول أمس الاثنين، وهو من إبداع فرقة المسرح المفتوح بدعم من وزارة الثقافة و الاتصال – قطاع الثقافة – قدم في إطار التوطين المسرحي موسم 2018، حضرته نيابة عن الروائي محمد برادة أخته الاستاذة نزهة برادة كما تابعه أعضاء لجنة الدعم . و قد سبق العرض حفل توقيع كتاب « قريبا من الخشبات بعيدا منها « للمسرحي المغربي الدكتور عبد الواحد عزري، قدمه باستفاضة الاعلامي و المسرحي المتميز الحسين الشعبي، بينما أدارت اللقاء الشاعرة والإعلامية فتيحة نوحو و سط حشد من المتتبعين و المهتمين بالمسرح وخصوصا الشباب منهم، وهذه بادرة حسنة تحسب لجمعية المسرح المفتوح لاختيارها هذا الفضاء كي يكون فضاء للفن والثقافة والورشات المتعلقة بفنون الدراما عموما .