انتقدت الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش الوضعية التي تعيشها المنظومة الصحية ببلادنا، التي وصفتها بالمزرية، منبهة إلى العبء الذي يثقل كاهل القطاع الصحي الذي يستفحل يوما عن يوم، مبرزة أن الخصاص على مستوى الموارد البشرية مهول ويحدّ من أي مجهود في هذا الصدد، بالنظر إلى أن عدد مهنيي الصحة من أطباء وممرضين لا يتجاوز 96 ألف موظف، هذا في الوقت الذي تؤكد فيه آخر المعطيات الصادرة عن وزارة الصحة على أن هناك 1.51 مهنيا لكل 100 ألف نسمة، بينما تؤكد منظمة الصحة العالمية على ضرورة توفير 4.45 مهنيا لكل 100 ألف مواطن، وهو ما يجعل الخصاص محددا في 118 ألف مهني للصحة، دون الحديث عن أعطاب أخرى من قبيل استمرار النقص في الولوج إلى العلاجات وضعف جودة الخدمات الصحية مقارنة بتزايد انتظارات المواطنين بشكل متسارع وملح؟ ونبّهت الجمعية إلى الضغط الكبير الممارس على مهنيي الصحة، وذلك انطلاقا من الأرقام الرسمية التي تفيد بارتفاع نسبة المستفيدين من العلاج ب 50 في المئة، وارتفاق المستشفيات بنسبة 80 في المئة، والاستشفاء ب 61 في المئة، إضافة إلى الاستشارة الطبية التي ارتفعت بنسبة 78 في المئة، بالرغم من الخصاص المهول في الموارد البشرية، الأمر يطرح سؤال الجودة وتبعات هذا الضغط على العلاقة بين المهنيين والمواطنين على حدّ سواء، وكان دافعا لإصابة عدد من مهنيي الصحة بالاكتئاب بل وأدى إلى الانتحار في حالات بعينها. عزيز يومكي، رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش، أكد في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» أن في ظل هذا الوضع المعتل، يعاني الممرض «البنّاج» الأمرّين أثناء قيامه بواجبه، وهو يضطر إلى الانتقال بين المصالح المختلفة لتقديم المساعدة والإسعافات وبين المستشفيات لتأمين نقل الحالات الحرجة، فضلا عمن تدخلاته بقاعات الجراحة والإنعاش، في ظل غياب قانون منظم لمهن التمريض بشكل عام، وتخصص التخدير على وجه التحديد. وشدّد عزيز على أن القانون 43.13 هو غير مفعّل ويفتقد لمراسيم تطبيقية واضحة، التي من شأنها رفع كل لبس وغموض للقيام بالمهام، وألا تدع مجالا للشكل أو الاجتهاد أو الارتجالية، وتوضح حدود العلاقة بين الأطباء المتخصصين والممرضين المختصين في مجال التخدير والإنعاش. وشدّد رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش على كون القطاع بشكل عام هو يعيش وضعية ركود تتميز بعدم تجاوب الوزارة الوصية مع مطالب الشغيلة، ومحاولة الاحتفاظ بالوضع القائم الذي لا يلبي طموحاتها ومطالبها، مع استمرار مجموعة من الهفوات والمشاكل والعراقيل التي تخلق عراقيل للمهنيين أثناء ممارساتهم المهنية، مؤكدا على أن القانون الذي صدر في 2017، المشار إليه آنفا، يجب ألا يظل على وضعيته الحالية، موضحا في هذا الصدد أن البيان الذي أصدرته الجمعية جاء لدق ناقوس الخطر ولفت الانتباه إلى ما يعاينه ممرضو التخدير والإنعاش، داعيا وزارة الصحة إلى تحمل مسؤوليتها لوضع الإطار القانوني للعمل، والاهتمام بالنقل الصحي الذي يعتبر نقطة سوداء، والعمل على تخصيص تعويض عنه وتوفير الشروط الدنيا للقيام به، إلى جانب الرفع من التعويض عن الأخطار في إطار الإنصاف وإحقاق العدالة الأجرية بين الفئات، وجعل التكوين المستمر حقا واقعيا بتعميم الاستفادة منه، وإشراك الجمعيات المهنية في الإعداد للدورات التكوينية التي تراعي انتظارات المهنيين، إضافة إلى إصدار مراسيم تطبيقية للقانون 43.13 وإخراج الهيئة الوطنية للممرضين وتقنيي الصحة وعدد من التدابير الإجرائية الأخرى للنهوض بهذا القطاع الحيوي والحساس.