بداية ما هو تعليقكم على وضع قطاع الصحة اليوم، وما هي أبرز الإشكالات التي يعانيها؟ يعاني قطاع الصحة بالمغرب بشكل عام، من مشاكل كثيرة ومتنوعة على مستوى المنظومة ككل، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر، تقادم البنايات، تدني نوعية العلاج، النقص الملحوظ في بعض الأدوية والعقاقير، ظروف العمل الصعبة وعلى رأسها مشكل غياب الأمن، الاكتظاظ سيما في مصالح المستعجلات، وقاعات العناية المركزة، تدني شروط النظافة مع تفويت بعض الخدمات لشركات خاصة لا تحترم دفاتر التحملات، البطء في المواعيد مما ينتج عنه ظهور مضاعفات عند المرضى، وارتفاع كلفة الاستشفاء وطولها. أعطاب ينضاف إليها كذلك النقص والعطالة في أجهزة التشخيص والعلاج، التوزيع غير العادل للمؤسسات الصحية، المغادرة الطوعية للأطباء وأساتذة الطب نحو القطاع الخاص، مما أثر بشكل سلبي على الخدمات الصحية لضعف التكوين والتأطير ...، وضعف الموارد البشرية مما يؤدي إلى تدني جودة الخدمات الصحية سواء الطبية أو شبه الطبية أو الإدارية على حد سواء. هل من تأثير لكل هذا على قطاع التخدير والإنعاش؟ انطلاقا من هذا الواقع الصعب للقطاع الصحي، لا يمكن لمجال التخدير والإنعاش إلا أن يكون جد متأثر بكل العوامل السلبية السالف ذكرها، وأن يكون بذلك محطّ انتقادات واسعة من طرف المهنيين والمواطنين، خاصة إذا أضفنا إلى كل ما سبق النقص الملحوظ في عدد المهنيين، سواء في صفوف الأطباء أو الممرضين المختصين في التخدير والإنعاش. كم يبلغ عدد الأطباء والممرضين المزاولين لهذا التخصص؟ يبلغ عدد أطباء التخدير في القطاع العام الممارسين خارج المراكز الاستشفائية الجامعية الخمس، 174 طبيبا مقابل 276 طبيب تخدير يزاولون في القطاع الخاص، وهو ما يعكس حجم التفاوت الكبير، أما بالنسبة للممرضين في مجال التخدير، فيصل عدد الممارسين في القطاع العام خارج المستشفيات الجامعية إلى 1110 ممرض، وفقا لمعطيات وزارة الصحة 2013. ما الذي يمكن أن يُستشفّ من ذلك؟ أن التغطية الصحية على مستوى الأطباء هي غير شاملة، وغير كافية على مستوى الممرضين، بحيث تبقى المستشفيات المحلية تشتغل بالاعتماد على ممرضي التخدير، مما يجعلهم تحت ضغط كبير ومخاطر متعددة ومسؤولية جسيمة، وهنا أغتنم هذه الفرصة لأوجه إليهم تحية تقدير واحترام، فإذا كان من المنطقي والواجب أن يعمل الممرض في مجال التخدير والإنعاش إلى جانب طبيب من نفس التخصص، فإنه يضطر أحيانا، أي الممرض، للقيام بنفس الدور لوحده، مما يضاعف الضغط والمعاناة، وهذه إشكالية تعاني منها وزارة الصحة إذ لم تستطع بعد تحقيق تغطية شاملة وطنيا في مجال التخدير والإنعاش، علما أن مهنة التخدير والإنعاش مهنة محفوفة بالمخاطر والتعقيدات والمضاعفات والمفاجآت، وتتطلب بذلك اليقظة والحذر والحيطة والكفاءة والنجاعة في التدخل لردع المخاطر. ما هي مطالبكم كجمعية في هذا الصدد؟ الجمعية المغربية لممرضي التخدير والانعاش، أخذا بعين الاعتبار لخصوصية المهنة والظروف الصعبة التي تمارس فيها، فخي تلتمس من وزير الصحة تدارك الأمر، وذلك بتمكين الممرضين من الاستفادة من التكوين المستمر، ووضع وتسطير برامج لهذا الغرض تواكب التطورات الحاصلة في المجال، خاصة على مستوى التكوين والدراسة، وظهور تقنيات جديدة، وتوصيات محينة صادرة عن جمعيات علمية ذات صيت عالمي. كما تطالب الجمعية بالاعتراف بأن هذه المهنة تستحق التحفيز وذلك بإقرار تعويضات تليق وحجم المسؤوليات المنوطة بهذه الفئة من الممرضين وردّ الاعتبار لهم. كما تجب الإشارة إلى أنه وإلى جانب كل المعيقات والإكراهات السالفة الذكر، فإن هناك عاملا آخرا يعتبر بدوره مساهما في تأزيم واقع المهنة، وهو الفراغ القانوني، فلا يعقل أن تمارس مهنة التخدير وفقا لقانون 1960 على المستوى الشبه الطبي، ومن هنا تتضح ضرورة إطلاق سراح القانون 13-43 المنظم لمهن التمريض، وتحريره من الرفوف التي يرتكن فيها منذ وقت طويل، إذ وعلى الرغم من أن الوزارة تعبر عن النية في إخراجه إلى حيز الوجود إلا انه لم يحظ بالأولوية المطلوبة. كما نطالب كجمعية بالإسراع بإخراج هيئة الممرضين إلى حيز الواقع حتى نستطيع الاشتغال على مرجع المهن والكفاءات الذي سيعيد الأمل والاعتبار إلى المهنيين، من خلال تحديد المهام، والمسؤوليات، والأدوار، ورفع اللبس والغموض. نظمتم مطلع السنة الجارية مؤتمرا بمراكش، ما هي أبرز خلاصاته؟ بالفعل عقدنا أيام 21.22.23 يناير الفارط المؤتمر الوطني السنوي التاسع والعشرون للتخدير والإنعاش، الذي شكّل فرصة لتطوير المعارف والكفاءات وتبادل التجارب والخبرات، من خلال عروض ومحاضرات وورشات عمل قيّمة، وفي هذا السياق لا بد أن أنوه بهذا الحدث الذي عرف نجاحا غير مسبوق، لكون عدد المشاركين تجاوز 650 مشاركا، إضافة إلى نوعية العروض والمواضيع التي تم تناولها، كما أصدر ولأول مرة مرجع للتخدير والإنعاش الذي يتضمن معايير الممارسة. وفي هذا الإطار أتوجه بالشكر إلى البروفسور غسان الأديب، رئيس الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش، وفريقه على الجهود الضخمة والتضحيات الكبيرة التي بذلوها من أجل إنجاح هذا اللقاء العلمي الهام، الذي تميز كذلك بحضور وزير الصحة، للوقوف على قدرات ممرضي البنج العلمية والتأطيرية وكفاءاتهم العالية. *رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والانعاش