شكلت لحظة تكريم أسماء روائية مغربية وعربية، أقوى لحظات حفل افتتاح ملتقى أكادير الخامس للرواية الذي انطلقت فعالياته أول أمس الخميس 3 ماي الجاري، حيث احتفى المهرجان، في دورته الخامسة التي اختار موضوع «تمازج الفنون في الرواية» محورا لها بعد أن اشتغل على تيمات الفضاء والحب والحرية والفانتاستيك في دوراته الأربع السابقة، احتفى بالرواية المغربية في شخص الروائيين محمد الأشعري وعبد الكريم جويطي والروائية فاتحة مرشيد، ثم الروائية العراقية المتمردة المقيمة بباريس عالية ممدوح. الروائي ووزير الثقافة الأسبق محمد الاشعري، صاحب «القوس والفراشة ثلاث ليال»، «علبة الاسماء» و…اعتبر في كلمة عميقة بالمناسبة، أن الرواية كانت وستظل مفتاحا لفهم الشعوب والحياة المشتركة لهذه الشعوب لأنها تفيد أكثر مما تفيد الدراسات السوسيولوجية، باعتبارها المكان الذي تتبادل فيه الأفكار والمواقف والأخيلة والأحلام، داعيا الحضور إلى استحضار المكتوب بدل الأسماء لأن المكتوب هو ما يخلده التاريخ، وأضاف الأشعري أن كتابة الرواية لا تعني الهروب من الواقع والعالم بل إنها تعدد هذا العالم باعتبارها تقترح على القارئ حيوات متعددة. بدورها اعتبرت صاحبة « حبات النفتالين»، و «الغُلامة» و»الأجنبية»، و»حب براغماتي» الروائية العراقية عالية ممدوح في كلمتها أن العمل الإبداعي هو الوحيد القادر على إنقاذ العمل السياسي وإسناده معتبرة فعل الكتابة مهما، وكاشفة أن مقامها لفترة طويلة بالمغرب قبل الهجرة إلى باريس، فتح وعيها على التعدد وثقافة الاختلاف التي تسود بالمغرب، الشيء الذي وظفته في كتاباتها الروائية. واعتبرت عالية ممدوح تكريمها بالمغرب، لحظة فارقة في مسارها الروائي الطويل هي التي تعودت على النسيان والتنكر لكونها كاتبة مزعجة وصادمة ومحرضة على التغيير. الخبير في طباع «المغاربة» عبد الكريم جويطي، وصاحب «كتيبة الخراب» والموريلا الصفراء» و….استحضر في كلمته بمناسبة التكريم كتاب وأدباء القرى والجبال والمفازات الكبرى الذين يقاومون ويصرون على الخيال والحلم، وعلى إضافة مساحة لغوية وخيالية لهذه البلاد، مضيفا أن الرواية تساهم في جعلنا شعبا قادرا على الخيال الذي يمنحنا وحده شجاعة التفكير في المستقبل. الروائية والشاعرة فاتحة مرشيد، صاحبة «الملهمات»، «مخالب المتعة»، و»الحق في الرحيل» و»لحظات لاغير» …، ثمنت في كلمتها القصيرة إصرار رابطة أدباء الجنوب على الاستمرار في هذا العرف الثقافي، معتبرة أن الملتقى يعيد الاعتبار لما ينتصر لجوهر الإنسان، وأن الإبداع هو ما يسمو بنا إلى أعلى مدارج إنسانيتنا، مؤكدة أن لحظة التكريم تجعلنا نلمس البعد الإنساني لذواتنا من خلال اعتراف الآخر بنا، دون أن تنسى الإشارة إلى دور القارئ الذي اعتبرته الملهم والمحفز الأول على الإبداع. وكان حفل الافتتاح قد شهد عرض أشرطة مصورة تستعرض مسار الملتقى منذ دوراته الأولى، والضيوف الروائيين الذين أثثوا هذه الدورات بالإضافة إلى أشرطة عن الروائيين المحتفى بهم وبهن، كما ألقيت خلاله كلمات ممثل المجلس البلدي للمدينة وعميد كلية الآداب ابن زهر الحاضنة لهذا المهرجان، وجمعية سوس ماسة للتنمية الثقافية والتي أجمعت كلها على أهمية الرافد الثقافي في العملية التنموية، وعلى الحاجة الملحة اليوم للاحتفاء بالثقافة والأدب، مثمنة دور رابطة أدباء الجنوب في الحفاظ على هذا الإرث والذاكرة الثقافية للجهة والتي اعتبر رئيسها الروائي عبد العزيز الراشدي في كلمته أن العودة إلى القراءة من باب الرواية أضحت مطلبا ملحا لاحتواء العنف الذي يسم عالم اليوم، عنف تتعدد واجهاته والتي تبقى أخطرها اليوم ما تشكله الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي من استلاب وتدمير للإبداع الخلاق. ولإيمان الرابطة بدور الإبداع في وقف زحف التصحر الإنساني ومقاومة عبثية العالم، أعلنت الرابطة في حفل افتتاحها، عن تنظيم مسابقة الأركانة للرواية موجهة للمبدعين المغاربة والعرب في مجال الرواية من أجل ترسيخ فعل القراءة في مجتمع اتسعت فيه الهوة بين القراء والكِتاب والكُتاب.