كتب الأستاذ المغربي، المراكشي، عبد الصمد بلكبير هذه المقالة/ المناقشة، منذ أسابيع، للرد على بعض من ما نشر من آراء للدكتور سعد الدين العثماني، التي جاءت في كلمته الخاصة بذكرى رحيل الدكتور الخطيب. وبعثها لإحدى اليوميات المغربيات، التي ماطلت في نشرها، قبل أن تقرر عدم النشر (وهذا حقها التحريري، الذي يترجم التزامها السياسي مع كل ما يندرج في الحركة الإسلامية، رغم ادعائها الدائم، كل مساء، أنها مستقلة). فقرر بعثها ليومية «أخبار اليوم»، التي تحولت بالواضح إلى لسان حال حزب العدالة والتنمية، لكن الباحث المغربي، الأستاذ الجامعي، سيصدم بتصرف أفظع، حين قررت إدارة تحرير تلك الجريدة، نشر مقاله، لكن بما تراه يستحق النشر. أي أنها، تعاملت مع الأستاذ بلكبير كقارئ بعث مقالته بالبريد، فقررت تشذيبه وإلغاء كل ما يتعلق بالحقيقة التاريخية لسيرة الزعيم علال الفاسي، وسيرة الزعيم الإتحادي عبد الرحيم بوعبيد، وكل ما سيبرز المكانة التاريخية للفكر الإشتراكي بالمغرب. فقط، لأنه لا يروق لها. فمارست بذلك وصاية غير أخلاقية على رأي لأستاذ جامعي، ليس نكرة في مجال البحث الأكاديمي بالمغرب وبالعالم العربي (لم تكلف نفسها حتى بالإتصال به لإخباره واستئذانه)، من باب أنها تؤمن ببعض الحقيقة وتكفر بالبعض الآخر منها. بالتالي، إنصافا للأستاذ عبد الصمد بلكبير، وفضحا لأسلوب الوصاية الفكرية وقلة الشجاعة الأدبية، التي تفضح «أخبار اليوم» لسان حال حزب العدالة والتنمية، نعيد هنا نشر تلك المقالة/ المناقشة كاملة، حتى تكون مادة لنقاش عمومي، وأيضا عنوانا على أسلوب الحركات الإسلامية وصحافتها، التي تمارس الوصاية على الحقيقة، حين لا تكون في صالح أجندتها الإستراتيجية للإستبداد بالرأي. «الاتحاد الاشتراكي» باب البلاغة،حسب الموروث التراثي، هو مراعاة الكلام لمقتضى الحال،وهو الأمر الذي أصر السيد العثماني على مخالفته، بل ومعاكسته،لقد خذلته الخطابة أو خانها بمناسبة كلمته»الترحمية « في ذكرى وفاة « الزعيم « عبد الكريم الخطيب في مقبرة الشهداء بالرباط، وذلك بحضور رئيس الحكومة الذي أنصت صامتا لخطاب نشاز على جميع المستويات:المقبرة- مناسبة الترحم - الشهر الفضيل - غزة وحزب أضحى في الحكم لا في المعارضة،ويفترض منه الإيجابية في الخطاب واستهداف التجميع لا التفرقة والتنفير (؟!) تحدث العثماني في « السياسة « وهو غلو في الخلط عظيم,إذ المناسبة شرط ولسنا في مناسبة تأبين, بل تذكر وترحم .. تحدث في القضايا التالية: 1- في «التاريخ العسكري للفقيد ودوره في جيش التحرير» والذي لم يتأسس حتى انحل، بمؤامرات لم يكن الخطيب بعيدا عن أهم حلقاتها ألا وهو حله، ما مثل تنفيذا لأوفاق «إكس ليبان « وتخذيلا لشقه الجزائري، وثورة مضادة .. 2- أما عن دوره في الوقوف ضدا على خطر سيادة نظام الحزب الواحد في مطلع»الاستقلال «(؟!) ف : أ- لم يكن ثمة نزاع حول السيادة، أصلا لقد كان الإجماع الوطني منعقدا على الملك والملكية، بل إن الذي ناضل من أجل ذلك، كان هو « حزب الاستقلال» نفسه لا غيره(؟!) . ب- لم يكن ثمة سوى حزبين شعبيين وشرعيين في مطلع « الاستقلال» والباقي صناعة، إن من قبل الاستعمار القديم، أو الجديد المتحالف مع أطراف رجعية من المخزن. ت-لقد كان من الحق الديمقراطي للحزبين العتيدين زمنئذ (الاستقلال والشورى) أن يحكما، بالتحالف أو بالتنافس والتناوب، وهو ماحصل في جميع البلاد المشابهة، إلا المغرب الذي نجحت فيه « الثورة المضادة» ضدا عليهما وعلى الشعب، وهو الأمر الذي مانزال نعاني من عواقبه على جميع المستويات. ث- كان شرط ذلك، اصطناع العنف بين الحزبين وذلك من قبل مخترقين أمنيين لهما، وهذا هو الأرجح، وإحالة المسؤولية على «حزب الاستقلال» وحده، هو خطاب المخابرات ،التي كانت ما تزال بعد فرنسية في مغرب « الاستقلال» عهدئد. ج- المفروض في قائد مسؤول ،أن يحترم مقتضيات « الإجماع « الذي قضى في توصيات « هيأة الانصاف « بإحالة الموضوع جملة على المؤرخين .. ومن تم تفكيكه كلغم قابل للتوظيف في انفجارات ايديولوجية وسياسية ضدا على حاضر ومستقبل الانتقال الديمقراطي، و الذي يتحمل حزبه مسؤولية انجاز حلقة هامة من حلقاته التي نرجو لها أن تكون خاتمة للانتقال نحو « التحول الديمقراطي». ح- وعلى سبيل التذكير، فإن قانون «الحريات العامة» صدر من قبل حكومة استقلالية (1958) وهو يعتبر في حينه، وعالميا، أفضل قانون يضمن الحريات الديمقراطية وفي المقدمة منها «التعددية» إياها(؟!). خ- وللأسف فإن «الحركة الشعبية» إياها لم تتأسس في شروط إغناء التعددية،بل إفسادها،لقد كان تأسيسها، المظهر الأول لتدخل الإدارة (الاستعمارية ماتزال) في الشأن المدني الحزبي و النقابي بعد « الاستقلال «. 3- شجاعة الفقيد في استقبال « الاسلاميين « في « الحركة الشعبية الديمقراطية « والحقيقة: أ- أنكم توجهتم قبله نحو الزعيم عبد لله إبراهيم، غير أنه اشترط ماهو مبدئي تنظيميا: الالتحاق الفردي بالاتحاد لا الجماعي ..وأمور أخرى .. وأيضا وقع التوجه نحو « حزب الاستقلال « . ب- التوجه نحو «الحركة» إذن كان تاليا، إذن اضطراريا... و القرائن عديدة، على أن هذا الحل كان «مخرجا» ملائما للإدارة، أكثر منه للحركة الإسلامية ... إذ لو لم يتحكم الاستعجال والإرضاء، لكان حل» الالتحاق بالاتحاد الوطني ق.ش»، أوفق تاريخيا وعلى جميع المستويات، ولكنا اليوم في شروط مختلفة تماما، سواء بالنسبة لمصير اليسار أو للمصير «الإسلامي» أو المصير الوطني وانتقاله الديمقراطي المنشود والمتعثر مايزال .. ت- وبالمناسبة فلقد كنتم شخصيا من امتنع عن الالتحاق بحكومة الانتقال التوافقي الأولي (1998) وعندما اقتصر الحزب على «المساندة النقدية» رفضتم التمثيل في ديوان وزيرها الأول فأي مساندة تلك بدون حوار يسمح به ذلك التواجد (؟!) وكيف يحق للحزب اليوم أن يلوم «الاتحاد.ش « على امتناعه في مشاركتكم الحكومة (؟!) ونتيجة تدبيركم نعاينها ونعاني من عواقبها : سريالية الخريطتين السياسيتين في الحكومة وفي المعارضة فمن المسؤول(؟!) ومن يجب في حقه النقد، لو لم تربك أخطاء الماضي الرئيس الحالي للحكومة، لكانت «الكتلة» قد استأنفت حضورها بها في «جيل جديد» من الإصلاحات، ولتغير ميزان القوى لمصلحة استئناف الانتقال بالزخم الإسلامي، ولكان خطاب ابن كيران وسلوكه السياسي، غير أحواله الدفاعية الراهنة، كيف لا، وقد اضطر للتحالف مع من لا مصلحة لهم في «انتقال» أو في تنمية أو في ديمقراطية .. بل ومن سبق لحزبكم أن أدانهم في قضايا «أخلاقية» فضلا عن السياسة (؟!). [رأيي مع ذلك ، أنه كان على الاتحاد الاشتراكي، أن يترفع ويلتحق، خاصة وأن مبرر الاستمرارية في حكومة « جطو» بعد الانحراف عن «المنهجية الديمقراطية « يصدق أكثر مع حزب حظي بالتزكية الشعبية انتخابيا، وهذا الخطأ في التدبير السياسي، هو مايقسر بقية الأخطاء التنظيمية المتراكمة وغيرها ... ويصح العكس أيضا] . 4- وتحدث «الخطيب» حول خطر «ديكتاتورية» الماركسيين المغاربة بعيد الاستقلال (؟) ودور الخطيب في درئه (؟!) . أ- هو لا شك يخلط هنا بين الماركسية والشيوعية والحال أن الأولى معرفة حديثة تدعي المنهجية العلمية وتلتزم بممارسة الثورة، في حين أن الشيوعية عريقة الوجود في التاريخ وفي جميع الديانات، ولذلك يمكن أن تكون ماركسيا دون أن تكون ملتزما في حزب، في حين لايتصور شيوعي خارج حزب شيوعي. ب- برنامج وتحليلات ومواقف وإمكانيات «الحزب الشيوعي» المغربي كانت معروفة،بل والأممية التي كان ينتمي إليها، لقد ساهم الحزب في معركة التحرر الوطني من الاستعمار وبعد « الاستقلال» التزم ببرنامج استكمال التحرير الوطني، وعندما منع (قضائيا) من قبل الاستعمار الجديد وحلفاؤه،لم يجد «خطيبا» يناهض ذلك بدعوى الدفاع عن «التعددية» المدعاة (؟) ت- أما إذا كان المقصود بالماركسيين هو يسار حزب الاستقلال أو ربما الشهيد المهدي خاصة، فلعلمك: ت.1-إذا استثنينا العروي الشاب، ونسبيا عبد الله ابراهيم، فإنه لم يكون أحد من الزعماء أولئك،وقد كانوا بعد شبابا أغرارا فكريا، يعرف الكثير عن الماركسية فضلا من تبنيها، وهي علم صعب المراس ويحتاج إلى بعض تفرغ ، لم يكن نضالهم الوطني، واعتقالاتهم المتعاقبة تسمح به. ت.2- لقد كانت الحركة الوطنية (والنقابية منها خاصة ) أميل في علاقاتها الخارجية إلى أمريكا منها إلى الاتحاد السوفياتي أو الأممية الاشتراكية وأحزابها. ولقد كان روزفلت في « أنفا» أول من أشار على الملك والحركة الوطنية، بالانتقال من معركة « الإصلاح « إلى معركة « المطالبة بالاستقلال والديمقراطية». وعندما تأسست المقاومة، فإن القواعد العسكرية الأمريكية هي من كان يسرب إليها بعض الأسلحة. وعندما استقلت الحركة النقابية بنفسها عن (T.g.c) ارتبطت أمميا بالتنظيم النقابي الدولي «الحر».المرتبط ب « بالسيئة « ولهذا السبب بالذات اغتيل الشهيد «فرحات حشاد» ومن تم خلفه « اليساري « المحجوب بن الصديق في المحافظة على نفس العلاقة،والقيام بنفس الدور،والذي ماتزال النقابتان تلتزمان القيام به، وخاصة منها التونسية كما اتضح مؤخرا بمناسبة «الربيع» إياه. ت.3-ولعلمك أيضا، فلقد عرض الأمريكان على المهدي في تطوان(1958) دعمه في انقلاب، ورفض، كما هو مفترض في رجل مبادئ ،استشهد من أجلها وبسببها. 5-تم توقف الخطيب عند مسألة الصحراء،ولخصها باعتبارها منتوجا للحرب الباردة وهو خطاب رسمي وايديولوجي مغلوط: 1-لقد كان الملك الراحل استمرارا في سياسته الخارجية لأبيه ولجده الحسن 1 والقائمة على التوازن ، بله استثمار الصراعات الدولية لمصلحة تأخير استعمار المغرب، ثم للتعجيل باستقلاله (أمريكا-فرنسا) ومن ثم (الحرب الباردة)،حيث لاحظنا: 2-علاقته التجارية المتينة مع ألذ أعداء أمريكا (كوبا) بسبب السكر خاصة. 3-الزيارة التاريخية والشهيرة للمرحوم الحسن إلى موسكو. 4- 60% من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة صوت فيها المغرب مع الاتحاد السوفياتي( د. إدريس الجبلي). 5-إن أوربا تحالف دوغول-كول كانت أميل للتوافق الاستراتيجي مع أوربا الشرقية، منها إلى التحالف الاستراتيجي الأطلسي مع أمريكا، والمغرب أوربي في سياسته الخارجية غالبا. 6-والأهم، ما وصف في حينه (الثمانينيات) باتفاقية القرن بين المغرب والاتحاد السوفياتي والذي كان بمقايضة ( مقتل الدولار والسوق المالي) فوسفاط وحوامض المغرب ببناء سلسلة سدود وظيفية ومندمجة على نهر سبو (عشرات) مايسمح بالكثير:تسهيل التجميع/ تقريب السقي/توليد الطاقة/بحيرات متعددة/ الصيد النهري/السياحة النهرية ... وتغيير المناخ، وحوربت خارجيا ومن قبل عملائهم بالداخل ... في سياق الحرب الاستعمارية ضدا على الاتحاد السوفياتي. [تعتبر المقايضة، أعدل تبادل تجاري دولي، في مقابل الاستغلال الفاحش للشعوب والدول المستضعفة عن طريق ... «التبادل غير المتكافئ» والظالم بينها مع الدول الاستعمارية.من يستطيع اليوم اقتراف هذا «الجرم» في نظر الأطلسي،وذلك بعد هزيمة « الاتحاد السوفياتي» والتي ساهم فيها « الاسلام السياسي» ( الرأسمالي) إياه]. ب-أما الجزائر نفسها، فلم تكن سوفياتية بحال، إلا على مستوى التسليح والتكوين العسكري ،وهو الأمر المستمر حتى يومه, وإلا فإن علاقاتها الفرنسية هي في مثانة العلاقات المغربية الفرنسية. وذلك لأسباب لا حصر لعددها في الحالتين .. ت- إن المصطنع الحقيقي لمسألة الصحراء، هو الامبريالية الأمريكية ،وذلك منذ ارتباطها العضوي مع اسبانيا فرانكو،ومن تم تهديدها المصالح الأوربية في المنطقة، باصطناع دويلة في الصحراء.ثم المبادرة المغربية - الاوربية بالمسيرة ومحكمة لاهاي والأمم المتحدة ... وحتى ارتهانها (الصحراء) باحالة النزاع إلى « مجلس أمنهم» .. وجميع ذلك في مقابل بؤس وعي ومصالح النخبة الفرنكوفونية في البلدين.( وعجز وتهافت راعيتهما) واستمرارا استفادتهما من وضع لا تخسر فيه سوى الشعوب، وإلا فمن يمنع اليوم تنفيذ 34 اتفاقا «للاتحاد المغاربي» هل هو الاتحاد السوفياتي من قبره؟أم هو المخططات الأمريكية التي تقضي بتفكيك كيانات الدول القائمة ، وأحرى السماح بتكتلها واستقوائها، يستحيل على أمريكا الامبريالية أن تسمح لبلد مثل المغرب له تاريخ امبراطوري معروف، أن تكون له 3500 كلم شواطئ على بحرين، ومليون كلم2 في البحر، وصحراء لاحد لمنافعها الاقتصادية والاجتماعية والافريقية ... الخ:( ومابال سبتة ومليلية والجزر ... أيضا وبالمناسبة وقد أضحينا نحمي أمنيا وتجاريا استعمارهما، فيا أمة ..؟! ). 6- ولأن المناسبة شرط ،ومناخ الإرهاب «الداعشي» مخيم على السياسة في العالم، فلقد كان على خطاب المقبرة المسيس، أن يقف عند ذلك بالأحرى وأن يضيئ المعتم في تاريخه المغربي، وخاصة منه حدث اغتيال الشهيد عمر بن جلون، ومن تم إدانته من جهة، وتبرئة من يستحق التبرئة، ممن لم يحتاطوا في حينه، في علاقاتهم بمن تورطوا في الاغتيال. 7- «وثالثة الأثافي « في الانزلاق الخطابي، كانت تلميحه العابر إلى ما يفهم منه سوء العلاقة أو المعاملة، من قبل اليسار (يقصد الجديد هذه المرة) مع الزعيم علال الفاسي وهو يقصد غالبا حدث الحي الجامعي بمدينة فاس في الموسم الجامعي 1966-1967 وعلى سبيل التوضيح نقول: أ- لقد منع الطلبة في إطار نقابتهم (أوطم) محاضرة الزعيم فعلا وأساء البعض السلوك معه، غير أن الخلاف لم يكن لا مع الزعيم بصفته الفكرية والسياسية ولا بالأحرى مع موضوع المحاضرة وإنما مع إطارها المنظم والذي كان ومايزال، يعكس «تعددية» النظام الذي يقصد بها التفتيت والاستضعاف وليس الحرية والإغناء، حصل ذلك حزبيا وسياسيا، فما بالك بالعمل النقابي، والذي شرطه الوحدة والذي يعتبر فيه «التعدد» جريمة في حق الطلاب كما في حق الطبقة العاملة وغيرها من الهيئات النقابية، وللأسف فحزب «العدالة والتنمية» ساهم في ظل قيادة العثماني في اقتراف هذه الجريرة (؟!). دليل ذلك، أنه في الموسم الجامعي التالي ،وقد كنت المسؤول النقابي عن فرع فاس تكرر نفس أمر المنع، وفاوضت الزعيم شخصيا، واقترحت عليه الاختيار بين تنظيمها باسم (أوطم) أو طلبة كلية الشريعة أو أساتذتها أو إدارتها .. إلا مايسمى ب «الاتحاد العام للطلبة» واختار إطار الكلية، وتمت المحاضرة وكانت حول «نظرية التطور عند الراغب « الاصبهاني « : (كتاب النشأتين). وتشرفت بحضورها والاستفادة منها ،وأنا بصدد إعادة نشرها بعد العثور عليها مؤخرا في المؤسسة العلمية التي تحمل إسمه. ب- منذ نبه العروي إلى البعد الوطني لزعامة علال،وأن تحجيمه في مستوى حزب، هو ظلم له ولزعامته المستحقة، انتبه اليسار الجديد، ومنذ بدايات تأسيسه إلى أهمية الرجل ماضيا وراهنا بل إن المرحوم» بوعبيد حمامة» كان يشبهه بالزعيم» من يات من « في علاقة الحزب الشيوعي الصيني به. ت- وفي جميع مراحل تأسيس ومسيرة « الكتلة الوطنية» ساهم اليساريون في الحضور والنقاش والمساندة النقدية. [وبالمناسبة فلقد كان أخبرني المرحوم عبد الله إبراهيم بأن من جملة شروط تأسيس الكتلة اتفاق الزعيمين على حل كل من الاتحاديين الاستقلاليين العمالي والطلابي، والعودة إلى الوحدة النقابية في القطاعين الحاسمين في أي إصلاح أو انتقال ديمقراطي، وكان الهدف الأبعد من إجهاض الرهان على الكتلة الأولى، هو ذلك بالضبط، ولقد أثبتت التجربة أنه لا انتقال بدون الطبقة العاملة استراتيجيا والطلاب تاكتيكيا، وفي الحالتين ضرورة وحدتهما النقابية ] . ث-وفي مرافعتي خلال محاكمة (1976) كان أهم ما أكدت عليه، أننا كيسار، لا نعتبر أنفسنا قطيعة سياسية، بل استمرارا مبدعا للحركتين الوطنية ثم اليسارية المؤسسة للنضال الديمقراطي الوطني، وسميت بعض رموزهما والذين كان من بينهم علال الفاسي. ج-ولقد أتيحت لي المشاركة في الذكرى السنوية لوفاة الزعيم (الرباط 1978) وكانت مناسبة لجملة توضيحات ومعلومات ومواقف، كان من أهمها اقتراحي أن تتم الذكريات السنوية المقبلة في إطار أوسع وأشمل من حزب الاستقلال، لأن الزعيم هو مثل جميع الرموز من أمثاله، أضحى جزءا من ذاكرة الجميع، ويجب لذلك أن يكون مكونا من مكونات خيال الجميع ومستقبله ولبنة في صرح التكتل. ح- وأثر تأسيس « منظمة العمل الديمقراطي ، الشعبي، وفي أول لقاء لها مشترك مع قيادة الاتحاد الاشتراكي.كان أهم ماطرحناه على الزعيم عبد الرحيم بوعبيد، وأصغى إليه جيدا وبادر إليه مباشرة،هو إعادة تجربة التكتل مع « حزب الاستقلال» ... وكانت «الكتلة الديمقراطية» التي يعرف الجميع أفضالها على النضالين الاجتماعي والديمقراطي وطنيا. د- ثم ما دلالة هذه المفارقة الصارخة حسب المثل المغربي : «أصحاب العزاء سكتوا والمعزين يستمرون في العويل» فالزعيم والحزب وصحافته ... دفنوا الموضوع منذ حينه وحتى اليوم (ما عدا شباط) وهو من هو حتى بالنسبة للعلاقة مع حزب العدالة، فأي معنى لهذا التقاطع، حتى لانقول التطابق ؟التنقيب في الماضي المشترك يفترض أن يتوجه نحو ماهو مضيئ منه ومفيد، لدعم مانحن بصدده من «انتقال» يقتضي تكتيل جميع الديمقراطيين، لا لحظات العتمة والتصادم ، والتي قد تكون مدبرة ... أو هي وليدة وعي متأخر وقع تجاوزه. ذ-والأهم من كل ماسبق، هو مايمكن اعتباره « انتحال صفة « وانتزاعها عن سبق اصرار من أصحابها، فهل إسلام الفطرة والجماعة واسلام النصوص القرآنية و السنة والسلف الصالح ... هو أقرب إلى التأويل الرأسمالي اليوم أم الاشتراكي؟ لنر إلى جواب علال في المسألة. لن نعود إلى « النقد الذاتي» الذي تحفظت بورجوازية الحزب عن تبنيه، ولا إلى وثيقة « التعادلية (11 يناير 1963) التي تخلى عنها الحزب ( ولم يتبنها بعد تيار «لاهوادة» ولا منطق له بغير ذلك؟) عنها ولا إلى قصيدته التاريخية «الأرض لمن يحرثها» (وهي بالمناسبة التي استعملت ضدا عليه من قبل مندسين، لا يساريين في حدث فاس ،عندما ردد أحدهم أو بعضهم عبارة «السيارة لمن يسوقها») . سنقتصر على نص واحد، مقالته "نشأة الفكر الإسلامي الحديث" (مجلة "الايمان،أبريل 1965 ) حيث يستعرض الرائد علال مسيرة ما كان يسميه"السلفية الجديدة" ونقف عند فقرة - مرحلة، يضع لها العنوان الدال التالي: "جمال الدين الفيلسوف الاشتراكي " ولذلك فهو يعتبره "مجدد العصر بحق" محيلا بذلك على الحديث المعروف، ومبرر ذلك حسب المقالة، هو تركيز الأفغاني على مناهضة الاستعمار (محمد عبده والسلفية المعاصرة) وعلى البعد الاجتماعي للاسلام وعنايته بالمجموع بدل الفرد "واعتبار سلامة الأمة أهم من سلامة المسلم" ووقوفه عند مظاهر وأخطار التغلغل الأجنبي أكثر من البدع، وأحرى نصر طائفة على أخرى "إذ الطوائف لا تختلف في مقاصدها الدينية "واختلافاتها حدثت لدواع سياسية اندثرت,ودعوته إلى ملاءمة الدين بالعلم الذي هو اليوم منتوج الغرب. ثم يضع عنوانا آخر أكثر دلالة عن الأفغاني معتبرا إياه: "اشتراكي قبل الثورة الروسية" وهذه بعض عباراته فيه: -السلفية دعت للاشتراكية من أول يوم من بروزها. -"الاشتراكية في الاسلام" ملتحمة مع الدين الاسلامي، ملتصقة في خلق أهله ،منذ كانوا أهل بداوة وجاهلية. -أول من عمل بالاشتراكية بعد التدين بالاسلام، هم أكابر الخلفاء من الصحابة وأعظم المحرضين على العمل بالاشتراكية هم كذلك من أكابر الصحابة أيضا. -الاشتراكية في الاسلام هي خير كافل لجعلها نافعة مفيدة،ممكنا الأخذ بها، لأن الكتاب الكريم،وهو القرآن، أشار إليها بأدلة كثيرة منها ... -وهكذا نرى قوانين لاشتراكية المعقولة في القرآن تترى (= تبرز) ويتحدث عن الإخاء الذي عقده المصطفى (ص) بين الأنصار والمهاجرين، كتجسيد عملي للاشتراكية. أكرر القول: إن إشتراكية الاسلام ، هي عين الحق، والحق أحق أن يتبع. وتحت عنوان آخر دال جدا في هذا الصدد:الاستعمار أجهض فكرة الاشتراكية الاسلامية. يسجل دور الاستعمار في خلق "مجموعة من المسلمين تدعوا إلى متابعة الغرب في جميع أفكاره " ونظموا التعليم على الطريقة التي تضمن لهم وجود (يقصد سيادة) عناصر مستغربة. إذن, فهنالك اسلام استعماري صنعته مدرسة الاستعمار لمحاربة الاسلام الحقيقي والذي هو اشتراكي . وأخيرا ،وفي عنوان أكثر دلالة "دعوة الثورات العربية إلى الاشتراكية الاسلامية". يقول : "وليس من الصدفة أن تكون الاشتراكية العربية في مصر (يقصد الناصرية) مؤمنة ومهتمة بالعودة إلى الاسلام النقي (بعد الاصطدام مع الإخوان تغير الموقف السياسي طبعا) ولا أن يكون علماء الأزهر في مقدمة من يساندونها وينصرونها" [معروف أن علماء الأزهر في القرن 19 بعد تدارسهم خلاصات كتاب "رأسمال" صادقوا عليها واعتبروها موافقة لصحيح الشريعة (أنور عبد المالك ) ]. بل إن الزعيم يذهب أبعد في الموقف من الثورة الجزائرية ،ولم يعتبرها "سوفياتية " وأحرى ضحية ل " الحرب الباردة" إياها يقول :" وليس من الصدفة كذلك ،أن يعلن ابن بلة في الجزائر ،وهو رئيس دولة اشتراكية وتقدميه،أنه يريد العودة إلى منبع الاسلام،أليست الجزائر متأثرة هي الأخرى بروح جمال الدين ودعوة ابن باديس (وليس "الاتحاد السوفياتي") وهو موقف جاء بعد "حرب الرمال"63" التي كانت الأخطر في صدام الادارتين الفرنكفونيتين .. وهو يبرر للغرب اشتراكيته اللائكية يقول "لقد اتضح للجميع الآن، أنه إذا تطور الغرب إلى الاشتراكية بغير دين، فلأن ظروف الغرب تبرر ذلك( يقصد فساد الكنيسة ) أما العالم الاسلامي ،فيجب أن لايحيد عن الخط الذي وضعه فيه الرسول الأمين" يقصد الاشتراكية( أو اللائكية) المؤمنة. وأخيرا وتحت عنوان صريح: اشتراكية الاسلام وهو بالمناسبة عنوان كتاب الإخواني السوري "مصطفى السباعي" والذي كان البوابة التي أطل منها عبد الناصر على الاشتراكية واقتنع بها وتبنتها الثورة المصرية (1956) بعد أربعة أعوام من الارتباك والتخبط البورجوازي"وذلك عندما كان الإخوان "مسلمين" وكان القوميون "يساريين" حججه في ذلك عديدة، أهمها "مبدأ التضامن العام" في الاسلام: 1- مسؤولية الجماعة عن جياعها و"جعل ذلك مسؤولية جنائية "بل" أباح الاسلام للجائع أن يقاتل من بيده المال ويمنعه" ويضيف خبرا مهما:" وقد اعتمدت مدونة الأحوال الشخصية المغربية (كان رئيس لجنة تحضيرها) في باب النفقات هذا الحكم ،فأوجبت النفقة على من أضر به الجوع للجميع " ونفهم هنا بعض أسرار المراجعة الأخيرة للمدونة (؟!) . 2-و"قد رفض الاسلام مبدأ تكديس الأموال،ووجود فئة خاصة (رأسمالية) تمتاز بوفرة ثرائها مقابل جماعة أخرى فقيرة (...) وأوضح ذلك القرآن بقوله "كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم" (الحشر 7 ) أي حتى لا يصبح المال متداولا فقط بين أغنيائكم،ويحرم منه فقراؤكم". يستنتج المفكر المناضل دليلا على :" أن الدولة تملك أن تصرف مدخولاتها على الصفة التي ترى فيها حفظا للتوازن بين فئات الأمة " ويضيف " ولأجل منع هذا الاحتكار للثروة،منع الاسلام الربا " ويشرح " وهو رأسمال البنكي،الذي يحتكر عمليا دواليب الأعمال،ويجعل فائض القيمة لحساب المال،لا للعمل". ويتحدث الزعيم عن الزكوات وعن توزيع الأعطيات، وعن الضمان الاجتماعي في نموذجه العمري." الذي يعطي للرجل على قدر جهاده،وللرجل على قدر حاجته كما قال" وعن الضريبة حيث " سلك المسلمون مسلك التصاعد" ومنع الاحتكار " المحتكر ملعون" (سنن ابن ماجة) " والأهم موقفه التقييدي من الملكية الخاصة المباحة والتي حصرها " في غير مايتوقف عليه الجميع، فلا ملك لأحد على الماء (عذبا أو بحرا) والكلأ والحطب وكل ماهو موزون، وهي المعادن والوقود والسوائل والغابات والمراعي العامة). ويختم باستخلاص " وقد ترك الاسلام للمسلمين طرق تنظيم الحكم وتوزيع الثروة بحسب الزمان والمكان " أ.ه . ترى من هم الأولى بعلال ؟ من هم أشياعه حقا؟ من يحافظون اليوم على إرثه ورمزيته؟ ومن الأحق بالدفاع عنه، عندما يحتاج تراثه إلى دفاع؟من صاحب الصفة،ومن منتحلها؟ [ملاحظة: يركز علال في تاريخه " للفكر الاسلامي الحديث " على الأفغاني أكثر من محمد عبده، بل وعلى حسابه.ولهذا الصنيع منه دلالات،فهذا الأخير هو بالنسبة للأفغاني "مثبط الهمم" ذلك لأنه اختار " التوافق " مع الاستعمار عوض مواجهته .وهو لذلك جذر "الاسلامية " الرأسمالية المعاصرة ( لاحسن البنا) وبعض الليبراليين واليساريين العرب "مدرسة العروي في المغرب مثلا ". إنه لا علاقة للأسف بين التأويل الرأسمالي للإسلام (السياسي الراهن)،وبين تراثه السلفي: وسيطه وحديثه ،ولا بالأحرى مع التأويل الاشتراكي العلالي. [ كان المرحوم عبد الرحيم بوعبيد يرد على منكري البعد الاشتراكي في الاسلام بدعوى عدم التنصيص عليها (= الاشتراكية) في نصوصه التأسيسية بالقول :وكذلك هو الأمر بالنسبة للرأسمالية،فهي أيضا لا وجود لها في نصوصه]. "القرآن حمال أوجه" كما قال الإمام علي.والأمر صراع اجتماعي - ايديولوجي بين تأويلات، هي في حقيقتها سياسية لا دينية. إن التأويل السياسي الرأسمالي للاسلام ،هو ما سمح بتوظيفه ضدا على الأنظمة الاشتراكية جميعا، لمصلحة السيادة شبه المطلقة للاستعمار( الأمريكي خاصة ) وأضر لذلك بقضايا جميع الشعوب و في المقدمة منها الشعب الفلسطيني والأراضي المقدسة المحتلة .. بل إن بعضه اليوم، أضحى غارقا في استراتيجية الفوضى العارمة، ضدا على جميع الكيانات الوطنية القائمة:اقتصادها ومجتمعاتها وأمنها وجيوشها ...،وليس وحسب شبه الاشتراكية منها (العراق وليبيا وسوريا). هذا الخطاب " النشاز" يخيف، خاصة بتزامنه مع تهديد الكونجرس الأمريكي للاتحاد الروسي بالنكوص نحو " الحرب الباردة" حيث المستنقع الإيديولوجي بالكذب والتزوير والبهتان والتآمر، يعوض وضوح الاختلاف السياسي الديناميكي المفتوح على صراعات تتخللها توافقات وتحالفات وتقاطعات ومساومات ... وليس حرب معتقدات وأوهام وأغاليط (؟!). المفروض أن الحركة الإسلامية في المغرب قد تجاوزت " أساطيرها المؤسسة" وبنت مركبها،واجتازت النهر، واكتسبت ثقة الشعب، وأضحت قائدة في البرلمان وللحكومة، وذلك كان خاصة بفضل " وطنيتها " التي حمتها (في الجزائر وتونس أيضا) من الأخطاء القاتلة لإخوان المشرق، يجب تكريس ذلك وتنميته، بخطاب توحيدي لا تنفيري، إيجابي لا سلبي، مستقبلي لا ماضوي. إن استثمار الموت والاستعبار بالموتى، يجب أن يكونا لمصلحة الحاضر والمستقبل وإلا فيكون النهي الأول للرسول (ص) عنه أولى بالاتباع. لقد بذلت جهود مخلصة وجبارة في حوار وتعاون الرافدين الإسلامي والقومي، ولعل هذا هو الاستثناء المغربي الملموس والوحيد، مقارنة إلى تصادمهما في جميع الأقطار العربية ونتائج ذلك الإيجابية، ماثلة أمامنا في الحكومة القائمة، لقد قضى الكثيرون ممن أسسوا لذلك الإنجاز العظيم والرائع (الجابري-البصري- جسوس - المودن ... والشيخ ياسين) والأحياء ليسوا قلة،ولقد كان من بينهم السيد العثماني نفسه، و تم ذلك منذ المنطلق، استدراكا للخطأ التأسيسي والتآمري المعروف (اغتيال الشهيد عمر) ولذلك فلم يكن بدون معنى في هذا الصدد أنني كنت من تجرأ على طبع مجلة "الفرقان" في "مطبعة قرطبة" ( 1985 ، قبل أن تبرز قطر في الصورة ) والوقائع اللآحقة، ومن قبل الطرفين، لا حصر لعددها ولا اسهاماتها ... ولذلك فإن الانتصار الانتخابي للعدالة، كان أيضا منتوج كل ذلك التراكم من الحوار والتعاون ... فلا يجوز لذلك إضاعة المكتسبات بخفة وانفعال غير محسوبين، بل على العكس، فالمفترض هو تكريس جميع ذلك والمحافظة عليه، والمشترك فيه كثير، وإلا فستكون الرجعية والاستعمار المتربصين، هما المستفيدان،وبعض القرائن بدأت تترى للأسف، فأصدقاء "العدالة"، وداعمو التجربة من خارجها ... أخذوا يتراجعون، أو بالأقل يتوقفون عن الدعم تباعا،ومثل ذلك الخطاب، قد يضاعف أعدادهم ،وهذا ليس من مصلحة أحد من الديمقراطيين، اسلاميين كانوا أم ليبراليين أم يساريين، فلا تعطوا "الحجة" لخصومكم وأعدائنا، عليكم. كنا نظن أن مثل هذه المحاولات للاستئثار بالذاكرة ،ومحاولات تجييرها لمصالح حزبية وغير وطنية، ترتبط بنمط الاستعمار القديم وأدواته الاستشراقية،غير أنه لم يفلح،وقامت لذلك الحركات السلفية والوطنية بالرد عليه بنجاعة.غير أن الاستعمار الجديد يكرر المحاولة اليوم وذلك بواسطة استشراق جديد، أضحى مكشوفا (برنار لويس مثلا). فهل انعكس التوافق الاستراتيجي الانتهازي الراهن معه، على هذا البعد الثقافي أيضا (؟) وذلك من قبل من يعتبرون أنفسهم استمرارا لذلك الرعيل السلفي المؤسس(؟). لا يمكن للتوافق (المؤقت بطبيعته) أن ينوب عن التحالف الاستراتيجي المفروض بين جميع الوطنيين والديمقراطيين العرب والمسلمين،والخبرة الملموسة تؤكد ذلك،فهاهي ذي تحالفات الحلف الأطلسي - الصهيوني والرجعي تتفكك تباعا.وهاهي ذي رموزه تتساقط ، بمن في ذلك مؤسسة داعش باعترافها (كلنتون) والتي دنست مدينة الرجال السبعة،وسقط معها من دعاها، ووحده اردوغان مستمر وذلك خاصة، بإرادة جميع الدول المحيطة به بمن في ذلك إيران(50 مليار دولار مبادلات) وسوريا (15 مليون علوي تركي) ولأكراد وروسيا... الخ ذلك لأن بدائله في تركيا أسوأ منه. إن الأهم والأصعب من بلوغ السلطة،أو بالأقل المشاركة فيها،هو الحفاظ عليها، ما يعني الحفاظ على ثقة الشعب،وهي غير ممكنة دون التمسك بجمرة المبادئ، وعدم التعاون، وأحرى التطابق، مع الاستعمار،وأحرى إذا كان همجيا أمريكيا. إن ترسيخ مكتسبات الحاضر والتطلع نحو المستقبل،لا يمكن أن يتحققا بالاجهاز على منجزات الماضي و تبخيس تضحيات أحزابه ونقاباته ورموزه، العدمية التاريخية هي إعدام للحاضر والمستقبل،وحده الاعتراف بالرواد،والاعتراف المتبادل، والتعاون الأخوي والتشبث بالموضوعية والوطنية في العلاقة مع المشترك السياسي الوطني المؤسس، سيكون مفيدا لإنجاح الانتقال، أما الاشتغال: بمنطق أن " الاسلام يجب ما قبله " و" تجهيل " ماقبل الحركات الاسلامية .. فهو خطأ في التقدير جسيم جدا، ذلك لأنه أصلا، خطأ في التأويل، إذ الاسلام وليد الجاهلية،بقدر ما كان قطيعة،" خيركم في الجاهلية خيركم في الاسلام " وأشياء أخرى ... لنؤكد إذن على ما يوحدنا،ولنترك قضايا الخلاف التاريخية للحوار وللعلماء والمؤرخين وللزمن .. أما التشكيك والغمز واللمز، فلا يستفيد منه إلا أعداء الوطن وأعداء التجربة الديمقراطية الفتية ماتزال. إنه لا تبنى السياسة الراشدة على ردود الأفعال،وأحرى إذا كانت من قبل " سفهاء " وحزب الاستقلال في يومه، لا علاقة له بأمسه، ولا يهمكم من ضل عن الانتقال،إذا اهتديتم أنتم إليه وفي جميع الأحوال،فإن ما أنتم، بصدده، والوطن عموما،هو منتوج مجهودات وتضحيات الجميع،فعليكم لذلك أن تحافظوا عليه لأجل الجميع وفي مصلحة الجميع. أخطر عواقب العدميات جميعا ،هو على الشباب ،وذلك بتيئيسه وإبعاده من تم عن الانشغال بالعمل العام الوطني، وهذه اليوم إرادة الغرب في هجومه الثقافي-الإعلامي على تاريخ مجتمعاتنا وإدارات دولنا ورموزهم جميعا، بحيث" يرمون الطفل مع الغسيل"، لأن الطفل هو المقصود بالرمي لا الغسيل. لو أن هذا الخطاب ورد من المشرق، لقلنا مرارة التجربة، أما و نحن في المغارب حيث مازال الرهان على النجاح واردا، فعندئذ نعتبره نشازا و " شعرة في عجين" فعسى أن نكون قد أزلنا الشعرة، واستمر عجين الانتقال يختمر ... [بالمناسبة أتوجه إلى جميع من يعنيهم حفظ وترميم واستثمار الذاكرة الوطنية المناضلة أشخاصا كانوا أو مؤسسات مختصة أو مهتمة، أن ينتفضوا لهذه المهمة، عوض انشغالهم أو حتى سباتهم ... ذلك لأن حروب الراهن والمستقبل هي على هذا المستوى، والذي لا يستطيع أن ينوب عنهم فيها أحد غيرهم،وهي مهمة علمية ولكنها نضالية أيضا وبالأحرى]. الآن تعمق فهمي لنهي الرسول ( ص) ابتداء عن زيارة القبور ( قبل تراجعه) ذلك لأنها كانت من بقايا الوثنية ( =عبادة الموتى ) في اليهودية المحرفة، والاسلام اليوم، كما كان حاله بالأمس مع " الإسرائيليات ، معرض لحملة تهويد خطيرة، شاملة وممنهجة، وما الإرهاب المتأسلم ، سوى مظهرها الأبرز، وإلا فكيف يستقيم منطق الحوار و " التوافق " في المغرب، ويشجع العنف الهمجي والعدوان الأطلسي - الصهيوني في غيره من البلاد الممانعة والمقاومة للاستعمار و للتبعية للسوق الرأسمالية الاستعمارية (؟!). " لنقل خيرا أو لنصمت"، ونصيحتي " والدين النصيحة" لمن تورطوا في " التوافق" مع الأطلسي، بدل التحالف مع اخوانهم الوطنيين والقوميين، كما كان المنتظر والهدف من تأسيس " المؤتمر القومي - الإسلامي" أن يعتذروا لتلك الشعوب المنكوبة أو يصمتوا. ترى هل يتعلق الأمر في كل هذه التوضيحات ، بعدم معرفة فقط، أم بغرض ايديولوجي وهوى سياسي مغلوط، والهوى يعمي ويصم، بل وقد يقتل أيضا (؟!) . خاتمة: لا علاقة لهذا الرد الخاص، بالموقف من تجربة الإخوان، في استئناف "الانتقال" الذي يباشرونه في شروط مختلة وطنيا وعربيا ودوليا. خاصة وقد خذلوا من قبل من كان ينتظر منهم الدعم والمساندة. مازال الرجاء قائما في إنجاح " الصمود" وهذا أقصى الممكن والمنشود، فكل سلاح حكومة وشخص بنكيران هو حق النقض (الفيتو) ولعل هذا الوضع يعم غيره في مستويات الإدارة السياسية للدولة. خاصة في مواجهة الابتزاز الأجنبي على مستويات عدة (وشبح "الربيع" الأطلسي إياه، مايزال بعد يهدد المغارب) (؟!) نحن في مرحلة دفاع ( لا هجوم ) عن : المكتسبات الاجتماعية/الصحراء/الهوية واللغة العربية/القطاع العام. والبنكي منه خاصة/الصناديق الاجتماعية/تعليم وطني علمي مجاني/وصحة عمومية/ وقف رفع الأسعار عن الكادحين/ ... / وهيأة مستقلة ونزيهة للاشراف على جميع أنواع الانتخابات .. 6