كتاب ممتع، مشوق، هذا السفر الأتوبيوغرافي، "عين الشعير" الذي أصدره الإطار السامي السابق في وزارة المالية الأستاذ محمد محروك، والذي يسرد فيه، بلغة فرنسية سلسة جميلة أهم مراحل حياته: من الطفولة الفقيرة في قرية منسية، مهمشة، بالجنوب الشرقي المغربي، إلى الرباطفتازة ثم بروكسيل وتونس، فالعاصمة المغربية كإطار برئاسة الحكومة. الكتاب في 344 صفحة، من القطع المتوسط، صادر، هذه الأيام (2018)، عن "مطبعة أبي رقراق للطباعة والنشر"، بلوحة للغلاف من إنجاز الفنان التشكيلي إبراهيم العامري. ومحمد محروك من مواليد بلدة "عين الشعير" (حوالي 60 كلم غرب بوعرفة) بإقليم فيكيك، سنة 1953. تلقى التعليم الابتدائي بقرية مولده وبالرباط، والتعليمَ الإعدادي وجزءا من التعليم الثانوي بالرباط أيضا. اضطرته ظروف أسرته إلى الالتحاق بمدرسة المعلمين بالرباط ولما يتم التعليم الثانوي. اشتغل معلما بإحدى المجموعات المدرسية القروية بإقليم تازة ثم بمدرسة بتمارة. ولما نال شهادة البكالوريا كمرشح حر، التحق بالمركز التربوي الجهوي بالقنيطرة، ليعين أستاذا للتعليم الإعدادي. اشتغل أيضا بمعهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، وتابع الدراسة الحرة في الاقتصاد. عاد للتدريس بالثانوي، قبل أن يجتاز مباراة الالتحاق بالمفتشية العامة للمالية، فشغل منصب مفتش المالية فمستشار اقتصادي بالسفارة المغربية ببروكسيل، ثم ممثل المغرب في مجلس إدارة البنك الإفريقي للتنمية بتونس، ليكلف بعد ذلك بمهمة في رئاسة الحكومة المغربية، ويحال على المعاش سنة 2016. لا يكتفي محمد محروك بسرد مراحل حياته هذه وإنما يتوقف، بين الفينة والأخرى لبلورة مجموعة من التأملات والأفكار والمواقف في كثير من القضايا العامة المهمة: كالتربية والعلاقات والدين والأسرة والمجتمع والإدارة والاقتصاد وما إلى ذلك… من فصول الكتاب: الخطوات الأولى الحذرة في قرية شبه صحراوية، المعجزة: الإغارة على العاصمة، في قلب مهنة التدريس، الغطس في عالم المالية، الرحلة إلى قلب أوروبا، المغامرات الإفريقية. التقاعد.. الدين.. الأسرة.. هشاشة الكائن… يفتتح المؤلف فصول كتابه السيرذاتي وأبوابه بمقولات واقتباسات من مجموعة من الكتاب والفلاسفة والسياسيين أمثال: فكتور هيجو وألبير ميمي ومونتيني وألان وباشلار وماحي بنبين وسانتإكزوبري وسقراط وإزوب ويوربيديس وأوفيد وديغول وجون كندي ويوليوس نيريري…