الأكيد أن الموسم الدراسي الجديد والذي سينطلق رسميا الأربعاء بجميع الأسلاك, سيكون ساخنا بكل المقاييس, بالنظر لمجموعة من الاعتبارات. فالسنة الدراسية تنطلق مع تشييع «جثمان البرنامج الاستعجالي لإنقاذ التعليم» والذي أعلن رسميا فشله بعد ان استنفد توقيته والميزانية الباهظة لتمويله من دون نتائج تذكر. ينطلق الموسم الدراسي مع بداية الحديث عن المجلس الأعلى للتعليم والنقاش الدائر حول تشكيله وهيكلته والمتدخلين فيه. تبدأ الدراسة في ظل الجدل القائم حول المذكرات أو القرارات الوزارية الصادرة بشأن التدابير المتخذة هذه السنة, ولعل تلك الأكثر إثارة للجدل مايرتبط بالتعويض عن الاشتغال بالمناطق النائية والقرار الوزاري بمنع رجال التعليم العمومي من الاشتغال في المؤسسات الخصوصية. انطلاق الموسم الدراسي لهذه السنة يتم في مرحلة دقيقة، حيث تم الإعلان رسميا عن فشل السياسات السابقة للمنظومة التعليمية ببلادنا. ولعل الإشارة القوية التي تضمنها الخطاب الملكي ليوم 20غشت تكفي للإعلان رسميا عن انطلاق ورش جديد وفق مقاربات حديثة لإصلاح المنظومة التعليمية ببلادنا، اعتبرها المتتبعون خارطة طريق للتعليم ببلادنا, حيث أكد الخطاب الملكي أن الإصلاح المنشود لا يقتصر في تغيير البرامج أو إضافة مواد أو حذف أخرى، وإنما المطلوب هو التغيير الذي يمس منطق التكوين وأهدافه، وذلك بإضفاء دلالات جديدة على عمل المُدرس، فضلا عن تحويل المدرسة من شحن الذاكرة ومراقبة المعارف إلى صقل الحس النقدي وتنمية الذكاء للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل. لقد مرت عقود كان المسؤولون يختزلون إشكالية التعليم في المقاربة العددية الجافة، يتحدثون عن عدد الملتحقين بأسلاك التدريس، عن نسبة التأطير، عن عدد الحجرات, ويقدم الوزير أرقاما وبيانات حول عدد المسجلين ونسب الناجحين، ولا يوضح المسؤول ولو مرة واحدة نوعية التعليم الذي يتلقاه الحاصل على شهادة الباكلوريا أو الابتدائية، فهنا لا نقيّم الشهادات ولا الحاصلين عليها، وليس لنا أدوات أصلا لتقييمها, فماذا يعني أن يحصل تلميذ على الباكلوريا؟ النقطة هنا ليست هي أداة التقييم، بل التكوين. لقد طالب الملك بالإسراع في تفعيل مقتضيات الدستور بخصوص المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في صيغته الجديدة، على أن تساهم هذه الهيئة في إنجاح هذا التحول الجوهري والمصيري . الدخول المدرسي لهذه السنة يأتي في سياق جد حساس، فالخطاب الملكي الذي حسم النقاش بضرورة الإسراع بإحداث إصلاح شمولي في القطاع، جاء بعد أن تسربت المعطيات الصادمة عن الوضع التعليمي ببلادنا، والتي رسمت صورة سوداوية تطلبت الإعلان عن فشل المخطط الاستعجالي، والدعوة لاعتماد مقاربات بديلة وموضوعية لإنقاذ مستقبل التعليم ببلادنا. ومن جهة أخرى وفي تقرير صادر عن معهد «اليونسكو» للإحصاءات، تم رسم صورة سوداوية عن الوضع التعليمي بالمغرب، حيث أكد على أن المغرب يحتل مراتب متأخرة في أغلب المؤشرات مقارنة مع دول عربية وإفريقية عديدة، حيث كشف عن أرقام صادمة حول الواقع التعليمي بالمغرب، بحيث أن نسبة 10 في المائة من الأطفال الذين بلغوا السن المخولة لهم للالتحاق بالتعليم الابتدائي، لم يلتحقوا بالمدرسة سنة 2009، فيما حققت تونس نسبة 100 في المائة من التمدرس. هكذا إذن تتكشف أمامنا الملامح الكبرى لدخول مدرسي وجامعي ساخن، والأكيد أنه لن يمر هادئا هذه السنة, فقد بدأت بوادر التوتر تظهر قبل أسابيع من انطلاق الموسم الجديد، لكن الأكيد أن ورش اصلاح التعليم انطلق لكن في أي اتجاه ,ذلك ماستبينه الأيام القادمة.. أرقام صادمة عن قطاع استراتيجي - 99 مدرسة ابتدائية من أصل 373 مدرسة كانت مبرمجة ضمن المخطط . - 30 ألف أستاذ وأستاذة معدل الخصاص لحد الآن . - 10 في المائة من الأطفال لا يلتحقون بالمدرسة. - 34.5 في المائة فقط نسبة الالتحاق بالثانوي. - 36 ألف خريج فقط في المغرب من شعب العلوم والتكنولوجيا. - 42 ألف مغربي يتابعون مسارهم الدراسي خارج أرض الوطن. - 44 في المائة نسبة الأمية عند الكبار فوق 15 سنة . - 10في المائة فقط من طلاب المغرب يستفيدون من خدمات الأحياء الجامعية . - أول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب هم الفتيات بنسبة 58.4 % وأطفال البادية بنسبة 80 % - ظاهرة التكرار تزداد كل سنة بنسبة عالية 13% في السلك الابتدائي، و17% في الثانوي مع نسبة مرتفعة تتجاوز نسبة 30% في الثالث الإعدادي والسنة الثانية من البكالوريا. - 9 آلاف قاعة تدريس غير صالحة تماما للممارسة التربوية عبر التراب الوطني. - 60% من المدارس الموجودة بالبوادي غير مرتبطة بشبكة الكهرباء. - أكثر من 75% من هذه المؤسسات غير مرتبطة بشبكة الماء الصالح للشرب. - 80% منها لاتوجد بها مرافق صحية ( المراحيض). - المغرب بحاجة إلى 260 مؤسسة اعدادية سنويًا. تنامي ظاهرة الاكتظاظ حيث يسجل ما يفوق 41 تلميذا في القسم الواحد. تكلفة باهظة لبرنامج فاشل 3300 مليار سنتيم تكلفة البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم و 60 مليون دولار قرض من البنك الدولي للحكومة المغربية لتنفيذ «المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم», برنامج كان يتضمن إنشاء 320 مؤسسة ثانوية وإدماج حوالي 8300 أستاذ على ثلاث مراحل إلى حدود سنة 2011 كما كان يتوخى إنشاء 671 مؤسسة إعدادية جديدة، ثلثا العدد في العالم القروي، وإدماج حوالي 19206 رجل تعليم إعدادي خلال الثلاث سنوات إلى حدود سنة 2011 وتشييد كذلك أزيد من 425 مؤسسة داخلية, ولم يتحقق ذلك الطموح بالرغم من الاعتمادات المالية المخصصة له. والواقع أن قطاع التعليم بحاجة إلى 12 ألفا و343 إطار تربوي، منها 8500 يحتاجها التعليم الثانوي التأهيلي لوحده, بحيث سيحال نحو 30 في المائة من رجال التعليم على التقاعد خلال السنوات القليلة المقبلة, في حين أن 16 ألفا هو مجموع الخصاص في الأطر الإدارية التربوية، من حراس عامين وملحقين تربويين ونظار ومديرين. ويتوقع أن ترتفع نسبة الخصاص في صفوف رجال التعليم إلى 30 في المائة، بحلول السنة الدراسية 2015/2016 فقط وهو ما يتعارض مع مقاصد تعميم التعليم وتوسيع عدد المتعلمين، ومن أبرز الجهات التي تعاني من الخصاص تأتي في مقدمتها جهة سوس ماسة درعة، تليها في الترتيب جهة تادلة أزيلال، ثم تازة تاونات الحسيمة، تليها جهة مكناس تافيلالت، ثم جهة طنجةتطوان. ولم تسلم بعض الجهات التي كانت تشكو من الفائض في الأطر التربوية من الخصاص، حيث بدأت تشكو بدورها من هذه الظاهرة، منها جهة الدارالبيضاء الكبرى، وجهة الرباطسلا، وكذلك جهة الغرب الشراردة بني احسن. تدابير جديدة لموسم ساخن تميز الدخول المدرسي لموسم 2012- 2013 الذي ينطلق فعليا الأربعاء المقبل بالسلك الابتدائي والخميس الذي يليه بسلكي الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي, باتخاذ عدد من القرارات الجديدة من طرف وزارة التربية الوطنية. فقد قررت الوزارة في مذكرة أصدرتها مؤخرا اعتماد توقيت يومي جديد في سلك التعليم الابتدائي بالمجال الحضري, حيث ستنطلق الحصة الدراسية من الساعة الثامنة إلى الساعة الثانية عشرة ومن الثانية بعد الزوال إلى الرابعة والنصف, وذلك أيام الاثنين والثلاثاء والخميس، فيما ستلغى الفترة الزوالية من يوم الأربعاء وستمتد فترة ما بعد الزوال يوم الجمعة من الساعة الثانية والنصف إلى الساعة الخامسة. ونصت المذكرة أيضا على اعتماد توقيت خاص بالوسط القروي يراعي الظروف المناخية والجغرافية والمسافة بين المدرسة والمناطق السكنية وتوفر الحجرات الكافية. ومن بين أهم مستجدات الدخول المدرسي لهذا العام صدور مقرر لوزارة التربية الوطنية يقضي بوقف الترخيص مؤقتا لأطر هيئة التدريس بالقيام بساعات إضافية بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي. وفي ما يتعلق بتسجيل التلاميذ وأسعار الكتب المدرسية فقد قررت الوزارة فتح عملية التسجيل وإعادة التسجيل منذ بداية الأسبوع الجاري وإلى غاية يومه السبت في وجه التلميذات والتلاميذ الذين لم يتمكنوا من التسجيل خلال فترة التسجيل الأولى (يوليوز 2012). كما مددت فترة استخلاص واجبات التسجيل إلى غاية متم شهر نونبر المقبل «مراعاة للظروف المادية لبعض الأسر وتشجيعا على التمدرس» حسب الوزارة. وأكدت بشأن أسعار الكتب أن أثمنة مجموع الكتب المدرسية المقررة بالتعليم الابتدائي تتراوح ما بين 41 درهما في المستوى الأول و117,90 درهم في المستوى السادس فيما تتراوح أثمنة مجموع الكتب المدرسية المقررة بالتعليم الثانوي الإعدادي ما بين 129,55 درهما لمستوى السنة الأولى إعدادي (سبعة كتب) و 158,95 درهما لمستوى السنة الثالثة إعدادي (ثمانية كتب). أما ثمن مجموع الكتب المدرسية المقررة في التعليم الثانوي التأهيلي فلا يتعدى, حسب الوزارة, 305,30 دراهم في الجذوع المشتركة و 554 درهما في السنة الأولى من سلك البكالوريا و595,80 درهما في السنة الثانية من السلك نفسه.