كلمة مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، التي نظمت اللقاء، بالتعاون مع عمالة إقليمتارودانت والجماعة الحضرية للمدينة، ألقاها الكاتب العام للمؤسسة عبد الكريم الزرقطوني، التي أكد فيها اعتزاز أعضاء المؤسسة بتنظيم هذه المحطة المتميزة الخاصة (المحطة 6 بين المحطات الثمانية المقررة من قبلها إحياء لتخصيص سنة 2014 سنة الملك الوطني محمد الخامس، في أفق الذكرى 60 لعودة جلالته إلى عرشه منتصرا بالإستقلال). معتبرة أنها «تحية تقدير وامتنان من إخوانكم داخل مؤسستنا لكل سكان مدينة تارودانت المجاهدة، ولكل وطنييها الأبرار الذين استرخصوا حياتهم دفاعا عن المصلحة العليا للبلاد وعن سيادتها وعن استقلالها. وفي كل ذلك، سجلت المدينة أروع دروس الإباء والشموخ ضد الاستعمار وأذنابه بالمنطقة، بعد أن اختارت طريق الجهاد والوفاء والتضحية عنوانا لانتمائها الوطني الأصيل .. انتماء تعاقبت فيه أجيال على أجيال، وأسماء على أسماء أجد صعوبة في استحضار كل ملاحمها وكل بطولاتها في هذه العجالة .. أسماء بسطت تأثيراتها على مجالات واسعة خارج النطاق الجغرافي الضيق لمدينة تارودانت ومنطقة سوس، لكي تشمل امتدادات جغرافية واسعة عبر خريطة الوطن. وداخل هذا النهر المتدفق للعطاء الوطني الخالص لمدينة تارودانت، حاضرة كل منطقة سوس، كان رواد العمل الوطني يبتكرون آليات شتى لمواجهة جبروت الاستعمار، آليات جمعت بين العمل السياسي المنظم داخل تنظيمات الحركة الوطنية وداخل أنوية المقاومة وجيش التحرير، ثم داخل التنظيمات الموازية للتأطير الوطني وللتعبئة الجهادية الشاملة ضد مخططات الاستعمار. وعلى رأس هذه المجالات، كانت حقول التربية والتكوين والتعليم مشتلا لتكوين وطنيي المرحلة، سواء داخل المدارس العتيقة التي كانت منتشرة على نطاق واسع داخل منطقة سوس، أم داخل المؤسسات التعليمية الحديثة التي أنشأتها الحركة الوطنية في إطار رؤاها التحررية الواسعة والهادفة إلى تحرير العقول بالعلم وبالمعرفة، استعدادا للمعركة الكبرى ضد سياسة التجهيل التي مارسها الاستعمار في حق أبناء الشعب المغربي. وفي إطار هذا التوجه العام، يندرج مشروع إنشاء معهد محمد الخامس، كمؤسسة تعليمية كبرى، استهدفت من خلالها الحركة الوطنية إسناد عملها التوعوي بخلق إطار ناظم للتربية وللتكوين ولنشر الوعي الوطني بين صفوف الناشئة، وكذلك كان .. فقد تحول المعهد، ومنذ تدشينه من طرف المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، إلى قلعة للتنوير وللمعرفة ولبث الوعي الديني والوطني، تخرجت منه أجيال من الوطنيين من جل جهات البلاد، بل وقصده طلبة من عدة دول إفريقية ومغاربية، وظل معلمة وطنية بارزة وصرحا علميا أصيلا، تستحق مدينة تارودانت أن تفتخر به داخل مجال النضال التحرري الوطني أولا، ثم داخل مجالات الجهاد الأكبر للتربية والتعليم خلال عقود ما بعد رحيل الاستعمار. لم يكن بمقدورنا، ونحن ننظم فعاليات تظاهرة « 2014 : سنة محمد الخامس « تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، عبر مجموعة من مدن المملكة، أن لا نستحضر اسم مدينة تارودانت داخل شبكة المدن المختارة، بل ولا أن نغفل معلمة معهد محمد الخامس، منارة العلم والمعرفة والجهاد، وذاكرة تارودانت التحررية وعنوان انتمائها الحضاري لتربة الوطنية الصادقة والمواطنة الراشدة. أتمنى أن نكون قد وفينا المدينة ومعهدها حقهما في الاعتراف وفي الامتنان، وقبل ذلك هي مناسبة للترحم على أرواح كل وطنيي المدينة وشهدائها الأبرار الذين كتبوا سيرهم بمداد الفخر والتقدير، في إطار المعركة الكبرى التي انخرط فيها المغاربة من أجل الحرية والكرامة، بقيادة الملك البطل المغفور له محمد الخامس طيب لله ثراه».