نشرت جريدة الاتحاد الاشتراكي بالعدد 10818 ليومي السبت والأحد 27/28 شتنبر 2014 مقالا تحت عنوان «مرحبا عند آل بوتفليقة بوجدة» نقلا عن مجلة جون أفريك، وإتماما للفائدة لما نشر في جريدتنا الغراء أدلي بدلوي في الموضوع لكوني عاصرت السيد بوتفليقة في دراسته بوجدة ومعايشته بهذه المدينة الشرقية المناضلة؛ وقد استوقفني ما جاء في المقال بأن أم بوتفليقة المرحومة المنصورية الغزلاوي كانت تشرف على الشطر المخصص للنساء من حمام بوسيف بوجدة لمالكه السيد بوسيف رئيس ودادية الجزائريينبوجدة، وقد ذكرني هذا المقال كذلك بأن السيد عبد العزيز بوتفليقة وهو في ريعان الشباب (بين سنة 1957 و1959) كان يقف في أحد الأركان من هذا الحمام «حمام بوسيف» وكنت وأنا في طريقي إلى ثانوية زيري بن عطية بطريق بودير أجده تقريبا يوميا ظهرا ومساء يقف في ركن من أركان «حمام بوسيف»، وكانت ثانوية زيري بن عطية تضم عددا كبيرا من صفوة الطلبة الجزائريين الذين أصبحوا أطرا كفؤة في بلادهم يحسب لهم ألف حساب في تنمية الجزائر سياسيا واقتصاديا، وكان جل العاملين في التدريس بثانوية زيري بن عطية من هذا القطر الشقيق . وبالنسبة للسيد عبد العزيز بوتفليقة فقد كان يتابع دراسته بثانوية عبد المومن الواقعة بحي سيدي إدريس، وهذا الحي قريب جدا من حمام بوسيف ومنزل العائلة البوتفليقية الواقع بزنقة ندرومة بوجدة؛ كان معروفا عند الوجديين نظرا لمكانة العائلة البوتفليقية عند الوجديين، وعلى ذكر زنقة ندرومة فقد كانت وجدة تغص وقتئذ بالعائلات المنتمية لندرومة، وكان جل هذه العائلات الندرومية تتميز باللون الأشقر (زوعر)، ونظرا لجمال هذا اللون فقد تزوج عدد كبير من الوجديين بالنساء المنتميات لندرومة، ومنذ إغلاق الحدود في وجه المغاربة لم تعد العائلات المرتبطة بالوجديين تتبادل الزيارات كما كانت من قبل، وكان الجزائريون والوجديون يتعايشون كأنهم عائلة واحدة إلى درجة التلاحم العائلي، كما سنرى عندما نتطرق للعائلتين عائلة السيد بنعيسى الجزائري وعائلة السيد البكاي المغربي من خلال برنامج «جاك المرسول» للسيد الطيب الجزائري الذي ما فتئ هذا الأخير يركز على قيام مطمح الشعوب المتواجدة في شمال إفريقيا لتحقيق وحدة المغرب العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . ومنزل السيد بوتفليقة كان تحت إشراف أخيه سعيد بوتفليقة وأخته زهور بوتفليقة وأخوه سعيد هو الذي يساعد أخاه الرئيس بوتفليقة في تسيير دفة الحكم في الآونة الأخيرة، فقد كان هذا المنزل مكترى لأحد المغاربة منذ مدة طويلة فقد طلبت عائلة بوتفليقة من المحكمة بوجدة مراجعة السومة الكرائية لهذا المنزل برفع سومته الكرائية إلى المطلوب ابتدائيا في مقال المراجعة، تقديرا للعائلة البوتفليقية التي كانت معروفة لدى الوجديين كسائر العائلات المحترمة بهذه المدينة، وقد تم إفراغ هذا المنزل لتقوم القنصلية الجزائرية بترميمه وإصلاحه . فبالإضافة إلى ما جاء في المقال من كون عبد العزيز بوتفليقة كان يمثل أدوارا في المسرحيات التي تنظمها المدارس التي كان يتابع بها دراسته، كان يشارك في الأنشطة الموازية التي كانت تقام في النوادي الوجدية، ومازلت أتذكر تدخله في مناقشة عرض الأستاذ المرحوم المجدوبي بوعمامة بنادي المعلمين بوجدة الذي كان موضوعه يتعلق بارتفاع الصداق بوجدة والذي كان يقدر بالملايين وقتئذ، فقد قال السيد عبد العزيز بوتفليقة في تدخله بالحرف: «فبدل أن يقتصر العريس والعروس بطويبلة وكرسيين كما يفعل النصارى، إلا أن الوجديين كانوا يرفعون الصداق إلى الملايين وتجهز العروسة بضعف ذلك لدرجة أن العروسة لم تكن في تجهيزها تقتصر على سداري متوسط بل لابد أن يكون علوه «متر من الصوف» وكان يتباهى بهذا العلو بين العائلات الوجدية ناهيك عن لوازم أخرى مبالغ فيها». وأتذكر جيدا أن هذا العرض حضره المقاوم والمناضل الفذ المرحوم أحمد العربي المدرسي معتقل مولاي الشريف كما حضره الأخ المناضل عبد الرحمان المتوكل أطال الله عمره، ويذكرني هذا المقال كذلك ببرنامج «جاك المرسول» لمنشطه الأستاذ الطيب الجزائري الجنسية بقناة «نسمة» الذي أحييه بالمناسبة على برنامجه الناجح حيث تعرض في الآونة الأخيرة في برنامجه لمواطنين الاول جزائري اسمه بنعيسى ومغربي اسمه البكاي فالمواطنان الشعبيان اللذان ظلا متجاورين كأخوين في وجدة لمدة ست سنوات من سنة 1957 إلى سنة 1963، فبعد غياب دام أكثر من 51 سنة تذكر السيد بنعيسى الجزائري الذي أحيي الشعب الجزائري من خلاله هذا المواطن الشعبي الذي أثنى على المغرب والمغاربة في البرنامج وما قام به المغاربة في وجدة من تضحيات لفائدة الجزائريين والثورة الجزائرية، فأخذ المبادرة لتكريم صديقه «البكاي الوجدي المغربي» عبر البرنامج «جاك المرسول» . وبعد البحث المضني والمتعب الذي تجشمه للحصول على عنوان صديقه البكاي ومكان وجوده ، اهتدى إلى عنوانه بالدار البيضاء فالتقيا بتونس عبر «بلاطو: جاك المرسول» بقناة نسمة، وكان اللقاء حارا وحميميا وكأنهما أخوان حقيقيان بالفعل يكاد هذا يعبر عن تلاحم الشعبين الجزائري والمغربي وقتئذ، فقد عبرا في هذا البرنامج عن علاقة عميقة بين الشعبين الجزائري والمغربي ... ! فأين موقف السيد بوتفليقة الذي ولد وعاش ودرس بوجدة والذي أغلق الحدود في وجه إخوانه المغاربة... ! فرغم المساعي الحميدة التي بذلها ملك البلاد جلالة محمد السادس لفتح الحدود في وجه الشعبين، وبناء صرح المغرب العربي إلا أن السيد عبد العزيز بوتفليقة الوجدي شفاه الله تنكر لإخوانه الوجديين وإخوانه المغاربة، فمتى يتحقق هذا المسعى بفتح الحدود في وجه المغاربة والجزائريين حتى يتحقق التلاحم بين الشعبين من جديد ويتحفق طموحهم في بناء صرح المغرب العربي؟